للقراءة والتحميل: ناصر بوربيرار ينقض أساطير فارسية. د. محمود السيد الدغيم، جريدة الحياة؛ العدد:16259. الصفحة: 21. يوم الأربعاء 28 من رمضان سنة 1428 هـ/ 10 تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2007م

جريدة الحياة: اضغط هنا

رابط بي دي اف بجريدة الحياة

اضغط هنا

*****

الحلقة الثانية من البحث

اضغط هنا

******

زاوية مجالس رمضان في جريدة الحياة: د. محمود السيد الدغيم

اضغط هنا

***

قراءة التاريخ واستقراؤه: 1/2
المؤرخ الايراني ناصر بوربيرار ينقض أساطير القوميين الفرس
د. محمود السيد الدغيم
كلّما تقادمت الوقائعُ التاريخية ازدادتْ فُرص خلْطِ الأساطير بالحقائق، وسببُ ذلك أن طول الزمن يُغَيِّبُ الشواهدَ التاريخية، فيتحوَّلُ التاريخ إلى فولكلور قوامُهُ الأساطيرُ، والأوهام والتخيلات التي تؤجِّجُها الأهواءُ التي تُخصِبُ البِدَعَ والهرطقات والترهات.
ولكن الشواهد التي لا يستطيع مُنكِرٌ أن ينكرها تؤكِّدُ بلا شُبهة أن شِبْهَ جزيرة العرب وبلاد الشام ومابين النهرين ومصر هي الأراضي التي نزلتْ فيها الدياناتُ السماوية الثلاث، وهي أراضي الأنبياء والمرسلين. وهي أفضل بقاع العالم مناخا، وأنقاها هواء، وألذها ماء وغذاء، وذلك بفضل ما حباها الله به من موقع جغرافي في وسط العالم، وخير الأمور أوسطها، لا إفراط ولا تفريط.
وُلِدَتْ الأرقامُ وحروفُ الأبجديات في هذه الأرض، وبها دُوِّنَت الكُتب السماوية، فسُمِّيَتْ أرض الرسالات، ولم يكنْ نزول الرسالات في هذه الأرض المباركة عن عبث، وإنما لكونها مؤهَّلة بِمَن فيها لِحمْلِ الرسالات إلى باقي الأمم المنشرة في أقطار الأرض، فكما أنّ الشمس هي مصدرُ النور، فهذه البلاد هي مهدُ الحضارات.

لقد أثبتت الاكتشافات الآثارية أن حضارة الجزيرة العربية ومصر والشام والعراق هي الأقدم والأرقى بين الحضارات العالمية، أما باقي الأمم المجاورة فكانت تغارُ من سكان هذه المناطق وتحسدُها على ما هو متوفر لها دون غيرها، والغيرة والحسد والطمع هي أسباب نشوء الجرائم والتجاوزات التي حصَلَتْ، ومازالتْ تحصلُ بين بني البشر مُنذ الجريمة الأولى وحتى الآن.
وقد ذُكِرت في القرآن الكريم قصَّة الجريمة الأولى في سورة المائدة في قول الله تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)  لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)  إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29)  فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)  فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) سورة المائدة.
وقد فصَّل المفسرون نبأ هذه الواقعة وما يُبنى عليها من أحكام شرعية، فقال ابن كثير في تفسيره: "يَقُول تَعَالَى مُبَيِّنًا وَخِيم عَاقِبَة الْبَغْي وَالْحَسَد وَالظُّلْم فِي خَبَر اِبْنَيْ آدَم لِصُلْبِهِ - فِي قَوْل الْجُمْهُور- وَهُمَا قَابِيل وَهَابِيل، كَيْف عَدَا أَحَدهمَا عَلَى الآخَر فَقَتَلَهُ بَغْيًا عَلَيْهِ، وَحَسَدًا لَهُ فِيمَا وَهَبَهُ اللَّه مِنْ النِّعْمَة، وَتَقَبُّلِ الْقُرْبَان الَّذِي أَخْلَصَ فِيهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَفَازَ الْمَقْتُول بِوَضْعِ الآثَام وَالدُّخُول إِلَى الْجَنَّة، وَخَابَ الْقَاتِل وَرَجَعَ بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَة فِي الدَّارَيْنِ.

فكما أن الحسد الفردي أدّى إلى ارتكاب جريمة القتل الأولى المنكرة، فإنّ الحسد الجماعيّ بين الشعوب قد أدّى إلى تدمير الحضارات، وتزييف تاريخها في القرون التوالي باعتمادِ نظرية غوبلز مسؤول الدعاية للنازيين الذي قال: "اكذب واكذب حتى تصدق نفسك، ثم اكذب واكذب حتى يصدقك الناس" وهكذا توارى الصدق، وصار الكذبُ سيدَ الأحكام في مجالات صراع الآيديولوجيات العنصرية، ومن هذا المنطلق جرى تزويرُ تاريخ منطقة الحضارات الكبرى في الجزيرة ومصر والشام والعراق، وتمَّ اختراعُ أُمَم متقدّمة حضارية على سكان هذه المناطق حسب ادعاء المزورين الذين اخترعوا نقاءَ العرق الآري، ونقاءَ النسب الهندو-أوروبي وتفوّقه مع أنّ مُخترعي هذه النقاوة لم يستطيعوا إثباتَ نظرياتِهم الوهمية، ومع ذلك أكثروا الضجيج حتى اقتنع بعض البلهاء بتلك الأساطير التي ليس لها ما يدعمها من الإثبابت الوثائقيى التاريخية.
لقد استطاع أعداءُ المنطقة اختراعَ قوميات متعصِّبة تطوِّقُ المنطقة بعدما نفخوا القومية الكُردية وألبسوها لباس الحضارة الميدية الوافدة على المنطقة من الشمال، وألبسوا القومية الفارسية لباس الآرية الغريبة أيضاً، وضمُّوا القوميتين الفارسية والكردية في السلك الهندو- أوروبي لتلتقيان مع المتعصبين الهندوس وهكذا يتشكًّل هلالٌ يمتدُّ من الهند إلى أوروبا، ويختزِنُ كُلَّ دواعي الثأرِ الداعية للانتقام مِن أبناء المنطقة، الذين لا جريمة لهم سوى أنَّهم دافعوا عن بلادهم، وقدَّمُوا للبشرية كلَّ ما هو حضاري قَبْلَ الإسلام وبعْدَ الإسلام.

براهين الباحث الايراني ناصر بوربيرار في نقض التاريخ الفارسي الأسطوري

نادرةٌ هي الدراسات العربية التي تعالج هذه القضايا التاريخية المصيرية بسبب الغيبوبة والانبهار الذي يُسيطر على المثقفين العرب الذين ورِثوا عن دُعاة الاتحاد والترقي الطورانيين مقولةَ "الإفرنجي برنجي" ولكنَّ بقية أبناء الشعوب الشرق أوسطية يرفضون الإفرنجي وكلّ ما هو دخيل، ففي ايران على سبيل المثال تصدَّى المؤرخُ "ناصر بوربيران" لببغاوات الفرس المأخوذين بالنظريات الآرية، ونقَضَ كلَّ ذلك التزييف في ثمانية كُتُب قلَبَت التاريخَ الإيراني "المدرسي" رأساً على عقب، ولم تقُمْ كِتاباتُهُ على الوَهْمِ والسّفسطة بلْ على الوقائع التاريخية، واستقراءِ النصوص القديمةِ المتوفرة على الحجارة والفخار والنقود.

يقوم ناصر بوربيرار بنقض التاريخ الإيراني المزيف، ويشقُّ طريق ثورة تاريخية تعيد الإيرانيين إلى أحضانِ المنطقة، وتجردهم من اللباس الآري المزيَّف الذي ألبسهم إياهُ المستشرقون، وعُملاءُ الخارج خلال القرن العشرين وما قَبْلَهُ، والرّجُل يقارعُ الدليل بالدليل والحجَّة بالحجَّة.
وتتكوَّنُ إحدى السلاسل التاريخية التي كَتَبَها ناصر بوربيران من أربعة كُتُب، عُنوان الكتاب الأول باللغة الفارسية: "تأملي در بنايا تاريخ إيران" أي: تأمل في أسس تاريخ ايران. "دوازده قرن سكوت" أي: 12 قرن من الصمت. ولهذا الكتاب عنوان فرعي هو: "كتاب أول: بر آمدن هخامنشيان" أي: الكتاب الأول: ظهور الاخمينيين. وقد صدر هذا الكتاب عن دار نشر كارنك في طهران.
في هذا الكتاب يفضح الكاتب فترة حكم الاخمينيين والاشكانيين والساسانيين التي استمرت 12 قرنا حتى جاء الاسلام، فحرر المنطقة من شرورهم، ويُبيّنُ المؤرِّخُ بالوثائق التاريخية أن هذه السلالات الثلاث هي سلالات غريبة عن المنطقة جغرافياً، وغريبة عن السكان الاصليين أصلاً ونسباً، ويبين أن 15 شعبا من شعوب المنطقة كانت في نجد ايران، وكان  منهم العرب والعيلاميون والسومريون والآشوريون والميديون، والشعوب التي كانت تقطن جنوب بحر قزوين، كل هؤلاء أَرْسَوْا أُسُسَ الحضارة الإنسانية ، وكانوا يعيشون حياة مُسالمة أنتجتْ حضارات عريقةً حتّي جاء اليهودُ – حسب معلومات التوراة- بقورش الاخمني في القرن السابع قبل الميلاد، ونصّبوه ملكاً، وفرَضُوه علي شعوبِ المنطقة عنوةً، فدَمَّرَ حضاراتهم واستعبدهم، ونفَّذَ جرائمَ ضِدَّ الإنسانية، وملأ المنطقة بالمقابر الجماعية، والأدلَّةُ على ذلك موجودةٌ في لوحات ونقوش برسبوليس الصخرية حسبما يستنتجه من قراءاتها الباحث الايراني ناصر بوربيرار.

 وعنوان الكتاب الثاني من الباحث الايراني ناصر بوربيرار باللغة الفارسية: "بلي بر كذشته برآمدان إسلام" أي: جسر إلى الماضي؛ ظهور الإسلام.

 ويدور الكتاب الثالث حول تكوين الهوية القومية، وظهور الصفوية، أما الكتاب الرابع: فيدور حول نهاية التشرذم، وظهور الجماهير. وهذه الكتب الأربعة مسجلة في المكتبة الوطنية الايرانية تحت الرقم: 9705 – 79م.
******


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
17251702
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة