للقراءة والتحميل: اهتمام العرب والمستعربين بكتاب مفتاح العلوم للسكاكي، د. محمود السيد الدغيم، جريدة الحياة؛ العدد:16254. الصفحة: 21. يوم الجمعة 23 من رمضان سنة 1428 هـ/ 5 تشرين1/ أكتوبر سنة 2007م
Launch in external player |
اهتمام العرب والمستعربين بكتاب مفتاح العلوم للسكاكي الخوارزمي في الماضي والحاضر
د. محمود السيد الدغيم
*****
قراءة الموضوع في جريدة الحياة بصيغة بي دي اف
اضغط هنا
×××
كتاب مفتاح العلوم الذي ألفه أبو يعقوب، يوسف بن أبي بكر محمد بن علي السكاكي الخوارزمي، من الكتب التي خُصِّصَتْ لدراسة علوم اللغة العربية، واستمدّ الكتابُ والكاتبُ مكانةً مرموقةً بين مؤلفي ومؤلَّفات دراسات اللغة العربية، ولاقى الكتابُ قبولاً ورواجاً بين الدارسين والمدرسين من العرب والمستعربين، فدُّرس الكتابُ في المدارس العباسية والمملوكية والعثمانية في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، ولتسهيل فَهْمِ الكتاب على الدارسين قام العلماءُ بشرح كتاب مفتاح العلوم، وتفاوتت الشروح بين المطوَّل والْمُختصَر، وبعضها استوفى الكِتابَ كاملاً، واقتصَرَ البعضُ الآخر على قِسْمٍ من أقسام الكتاب الثلاثة: الصرف، والنحو، والمعاني والبيان وما يُلحقُ بهما.
وصلتنا نسخ من كتاب مفتاح العلوم لأن النُّسّاخَ لم يقصّروا باستساخه جرّاء الإقبال عليه، وتوفُّرُ النسَخِ مَكّن العلماءَ من دراسة الكتاب وتدريسه وشرحه قديماً، كما مكَّن الناشرين واللغويين من تحقيق الكتاب وطباعته في عصر الطباعة.
شُرُوحُ كتاب مفتاح العلوم وحواشيه ومختصراته كثيرة، ضاع بعضُها ولم تصلنا أخباره، ووصلتنا أخبار بعضها، ولكن مخطوطاتها لم تشتهر حيث تلِفتْ أو أُتْلِفَتْ جرّاء ما تعرضتْ له الكتبات من عبث الجاهلين، وحقد الحاقدين، وكانت طامّة المخطوطات العربية والإسلامية حينما اجتاحت العالم الإسلامي جيوش المغول وأهل البدع سنة 656 هـ/ 1258م، وذلك بعد وفاة السكاكي الخوارزمي بثلاثين سنة، ففي تلك الطامّة استُبيحت المكتباتُ في المدارس النظامية الشافعية، وفي المدرسة المستنصرية، وخشي العلماء والطلبة على أنفسهم فأخفوا الكتب مما حرمنا الكثير من علم العلماء وفكر المفكرين، ثم تكررت الطامة على أيدي تيمور لنك وأتباعه، ولاسيما من سنة 803 هـ/ 1400م حينما حرقت قواته مكتبات بلاد الشام، واستمرت فتنته وفتنة أنصاره من أهل الأهواء حتى مات سنة 807 هـ/ 1404م، وامتدت كوارث العِلم والعُلماء والمخطوطات إلى الأندلس حينما حُرِقتْ مخطوطات غرناطة العربية والإسلامية التي جُمِعتْ خِلال ثمان مائة سنة، وأُتلِفت بعد احتلالها سنة 897 هـ/ 1492م، ولم ينجُ منها إلا القليل الذي مازال محفوظا في دير الإسكوريال في إسبانيا، ولاقت مخطوطاتُ الهند مصيرا بائسا بعد احتلالها وذهاب رياح المسلمين فيها، وكذلك مخطوطات البلقان الكبير، ولاسيما أثناء الحرب البوشناقية الصربية الكرواتية، وتعرضت المخطوطات للتلف جراء العوامل الطبيعية من حرارة ورطوبة، وتضافُرُ كلّ هذه العوامل الهدّامة حَرَمَنا الكثيرَ من مُنجزات الحضارة العربية الإسلامية الإنسانية، ومِمّا حُرِمنا منه الكثير من مخطوطات مفتاح العلوم وشروحه ومختصراته.
ورغم الكوارث الطبيعية والاصطناعية التي أحاقت بالمخطوطات العربية والإسلامية في بلاد العرب والعجم، فقد وصلتنا أخبار مفيدة عن كتاب مفتاح العلوم للسكاكي الخوارزمي، كما وصلتنا أخبار تفيد أن وفاة السكاكي الحنفي كانت في سِجْنِ من سجون المغول سنة 626 هـ/ 1228م ودُفنَ في قرية اسمها "آت نام" في أول شهر رجب لأن المغول اجتاحوا بلاد تركستان قبل الوصول إلى بغداد بعدّة عقودٍ من الزمن، وكانوا يغتالون علماء المسلمين غير الموافقين لأهوائهم ونِحلتهم الفاسدة، وقد هرب منهم ياقوت الحموي الذي توفي بنفس العام الذي توفي فيه السكاكي الخوارزمي، ولما سقطت بلاد خوارزم بأيدي المغول قال بعضُ المسلمون: لقد انْهَارَ السدُّ، وأقبل يأجوج ومأجوج.
وأغزر المعلومات التي وصلتنا حول كتاب مفتاح العلوم ذَكَرَها حاجي خليفة في كتاب كشف الظنون، إذ قال: "مفتاح العلوم، للعلامة سراج الدين أبي يعقوب، يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي، المتوفى سنة ست وعشرين وستمائة/ 1228م. أوَّلُه أحق كلام ان تلهجُ به الألسنة (...) وجمعته ثلاثة أقسام، الأول في علم الصرف، الثاني في علم النحو، الثالث في علم المعاني والبيان انتهى. (...) وأورد الكلام في تكملة علم المعاني في فصلين، الأول: في ذِكْرِ الْحَدِّ. والثاني: في الاستدلال، وفيه عِلم العروض.
وقد اعتنى عليه الفضلاء والعلماء بالتشريح والتلخيص، فمِمَّنْ شرحَهُ بالقولِ من أوَّله إلى آخرهِ المولى حسام الدين الخوارزمي، أوله: الحمد لله الذي وفّقَ بعضَ عباده المصطفين الأخيار، الخ.. وفرغ من إتْمامِهِ في أواسطِ مُحرّم سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة/ 1341م، بِجُرجانيّةِ خَوارزم.
وأمّا مَن شرحَ القِسمَ الثالثَ منه فكثيرٌ، امّا الموجودُ فثلاثةٌ، الأوّل شرحُ العلامةِ قُطبِ الدين محمود بن مسعود بن مُصلح الشيرازي المتوفى سنة عشر وسبعمائة، عن ست وثمانين سنة، وهو شرْحٌ مَمْزوجٌ، أوّلُهُ: الحمد لله الذي خصَّصَ نوع الإنسان إلخ..
وشرَحَ القِسمَ الثالث، وقال في آخره: ولئن صَدَقَ الأملُ واستأخرَ الأجَلُ فأنا مُتطلّعٌ وراءَ ذلك إلى الإتيان بمثلِهِ في شرحِ باقي الكتابِ، بلْ إلى إثباتِ حواشٍ على كِتابِ الكشَّافِ، وسَمَّاهُ: مفتاحُ المفتاح.
الثاني: شرْحُ العلامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني، المتوفى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة/ 1389م، وكان فراغُهُ منه في شوال سنة تسع وثمانين وسبعمائة/ 1387م، أوَّلهُ: خَيْرُ خبر يُوضحُ به صدر الكلام إلخ.
الثالث: شرْحُ السَّيِّد الشريف علي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة ست عشرة وثمانمائة/ 1413م، أوّله: نَحمدُكَ اللّهُمَّ على ما هديتنا إليه من دقائق المعاني إلخ.. وهو الْمَوْسُوْمُ بالْمِصباحِ، ألَّفَهُ السّيّد بسمرقند سنة 804هـ/ 1402م، وقد دوَّن حواشيَ هذا الشرح التي علَّقها الشارحُ على وجْهِ الاستقلالِ، وفرغ السّيّد الجرجاني من شرحِ القِسم الثالث بما وراء النهر أواسِطَ شوال سنة ثلاث وثمانمائة/ 1401م.
وفي ظَهْرِ نسْخةٍ من شرْحِ الْمِفتاح: أوَّلُ مَنْ شرَحَهُ شَمسُ الدين المعزي، ثم الشيرازي، ثم ناصر الدين التّرمذي، وكان معاصرا للقطب الشيرازي (ت 710هـ/ 1311م).
ثم نظام الدين، حسن بن محمد الأعرج النيسابوري من علماء رأس الماءة التاسعة (كان حياًّ سنة 728 هـ/ 1328م) أوَّلُهُ: أحقُّ نظام يُستفتَحُ به المرامُ، وأصدقُ مرغوبٍ يُتوَسَّلُ به إلى إلخ..، وهو على ما رأيْتُهُ أنّه ذَكَرَ في أوَّلِهِ، وقال: كتبتُ حواشي على قِسْميّ الصّرف والنّحو من مِفتاح العلوم، ثم عَدَلَ عن كِتابة الحاشية إلى تأليفِ الشَّرح.
ثم حسام الدين الكاتي، ثم القاضي حسام الدين قاضي الروم، ثم عماد الدين يحيى بن أحمد الكاشي المتوفى سنة 745هـ/ أوّلُهُ: أَوْلَى الكلام بأنْ يُسْتَجَحَ منه المرامُ، إلخ.. ذَكَرَ فيه أنّه كَتَبَ أوّلاً رسالةً على حَلِّ المشتبهات والشُّبُهات التي أورَدَها صاحبُ الإيضاح على القسم الثالث، ثُمَّ التَمَسَ منه وَلَدُهُ كَمالُ الدين أن يشرحَهُ تَماماً، فأجابَ. ثم سعد الدين التفتازاني (ت 793هـ/ 1390م)، ثم سيف الدين الأبهري المتوفى في حدود سنة سبعمائة/ 1300م.
ثم مولانا سلطان شاه، وأوّله: الحمد لله الذي تتابعت عوارِفُ كَرَمِهِ؛ إلخ.. وهو شَرْحٌ كشرح السّيد بالقوْلِ؛ قريبٌ منه في الْحجْمِ أيضاً، ثم شرح السّيد الشريف (ت 816هـ/ 1413م) ثم شمس الدين ثم شمس الدين محمد بن مظفر الخلخالي المتوفى سنة خمس وأربعين وسبعمائة/ 1344م، ثم الخطيب اليمني.
وشرحه أيضاً المولى أحمد بن مصطفى المعروف بطاشكُبْري زاده، وكتب حاشيةً على أوائِلِ شَرْحِ السَّيّدِ؛ وتوفى سنة اثنتين وستين وتسعمائة/ 1555م، والمولى محيي الدين محمد بن مصطفى، الْمُحَشِّي، المعروف بشيخ زاده، المتوفى سنة إحدى وخمسين وتسعمائة/ 1544م، وجمال الدين محمد بن أحمد الشريشي المتوفى سنة تسع وستين وسبعمائة/1368م، وابن شيخ العوينه زين الدين علي بن الحسين الموصلي الشافعي المتوفى سنة خمس وخمسين وسبعمائة/ 1354م.
واختصره بدر الدين محمد بن محمد بن مالك الدمشقي المتوفى سنة ست وثمانين وستمائة/ 1287م، وسَمّاه "المصباح في اختصار المفتاح" أوّلُه: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله الخ.. ونظَمَهُ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الضرير المراكشي، ثم شَرَحَه وسَمّاه: ضوء الصباح على ترجيز المصباح، أوّله: الحمد لله وكَفَى، إلخ.. ثم اختصَرَ هذا الْمُختصر بدْرُ الدين محمد بن يعقوب الحموي، المعروف بابن النحوية، وسَمّاه: ضوء المصباح، ثم شرَحَه في مجلدين، وسَمّاه: إسفار الصباح عن ضوء المصباح، وتوفى سنة ثمان عشرة وسبعمائة/ 1414م. وقد قيل: إنّ في إسفار المصباح مواضِعَ غَلَطٍ في التمثيل تقليداً لغيره، واختصره، أيْ: القسم الثالث، المولى حسن المعروف بالْمَعانِيْجِيْ، ورتّبَهُ أحسنَ ترتيب، وتوفى في حدود سنة تسعين وتسعمائة/ 1580م.
ولَخَّصَ القسمَ الثالث شمسُ الدين، جلال الدين، محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني الشافعي، المعروف بخطيب دمشق، المولود سنة 666هـ/ 1268م، والمتوفى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة/ 1339م، وسماه تلخيص المفتاح". وهذا الكتاب مطبوع أكثر من طبعة، ثم اختصر تلخيص المفتاح في كتاب سماه فلاقى قبولاً وانتشر، وطبع أكثر من مرة أيضاً.
وقد سلمت مخطوطات كثيرة من كتاب مفتاح العلوم للسكاكي الخوارزمي، مِمّا يسّر طباعته، فصدرت الطبعة الأولى في كلكُتّا سنة 1231هـ/ 1815م، ثم صدرت طبعة حجرية عن مطبعة الدولة العلية العثمانية في إسطنبول سنة 1317 هـ/ 1899م، وفي نفس السنة صدرت طبعة أخرى
عن المطبعة الأدبية في القاهرة، وصحّحها محمد الزهري الغمراوي، وأنفق على تلك الطبعة أحمد ناجي الجمالي ومحمد زاهد ومحمد أمين الخانجي، وكان متْنُها في 317 صفحة، والمقدمة في صفحتين، وطبع في هامشها كتاب إتمام الدراية لقراء النقاية للسيوطي. ونظراً لكثرة الإقبال على الكتاب صدرت طبعة ثالثة في القاهرة عن المطبعة الميمينية سنة 1318 هـ/ 1900م، ثم أصدرت مطبعة التقدم في القاهرة طبعة سنة سنة 1348 هـ/ 1929م، وصححها محمد كامل الأسيوطي، وهي تقع في 252 صفحة، ومقدمتها في صفحتين، وصورت هذه الطبعة دار الكتب العلمية في بيروت.
ثم صدرت أفضل طبعة عن مطبعة دار الرسالة في بغداد، تحقيق أكرم عثمان يوسف، وهي أطروحة دكتوراه تقع 940 صفحة، ومقدمتها في 100 صفحة، وفهارسها في 32 صفحة شملت المصادر والمراجع والموضوعات. وقد تحدَّثَ المحقق عن مصادر السكاكي، وبيّن أنه اعتمد في قسم النحو على كتاب المفصَّل للزمخشري وكتاب الجمل للجُرجاني. واعتمد في قسم البلاغة على كتاب أسرار البلاغة وكتاب دلائل الإعجاز للجرجاني، وكتاب نهاية الإعجاز للرازي، وكتاب دقائق السحر لرشيد الدين الوطواط، واستخلص قسم العروض والقوافي من كتاب الوافي للتبريزي. وقد اعتمد المحقق على 11 نسخة مخطوطة للكتاب، واعتبر المخطوطة الأم نسخة المتحف العراقي لأنها منقولة عن نسخة المؤلف سنة 703هـ/ 1303م.
****
******
لقراءة القسم الأول
اضغط هنا
*****
لقراءة القسم الثاني
*****
قراءة الموضوع في جريدة الحياة بصيغة بي دي اف
اضغط هنا
×××