للقراءة والتحميل: تقديم مفتاح العلوم لأبي يعقوب السكاكي الخوارزمي، د. محمود السيد الدغيم، جريدة الحياة؛ العدد:16252. الصفحة: 21. يوم الأربعاء 21 من رمضان سنة 1428 هـ/ 3 تشرين1/ أكتوبر سنة 2007م

اضغط هنا

Launch in external player

رابط قراءة الموضوع في جريدة الحياة

اضغط هنا

************
مقدمة كتاب: مفتاح العلوم، تأليف: يوسف بن أبي بكر بن محمد، أبو يعقوب السكاكي الخوارزمي
د. محمود السيد الدغيم
*****
وضع السكاكي لكتابه مفتاح العلوم مقدّمة محكمة صاغها بطريقة تدلّ على عبقريته في التأليف، وتمكُّنه من الموضوع الذي طرقه، وهو عالم بشعابه، وما يتفرع عنه، وما يُلحَق به من العلوم بكُلِّياتِها وجُزئياتِها. وما كان ذلك ليحَصل لولا اجتماعُ الذكاء، وعلوّ الهمة والتقوى.
وقد استهلَّ السكاكي كتابه بقول الله عزّ وجلّ:"كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ" صدق الله العظيم. وبعد الآية الكريمة ورد قول المؤلف: "قال الأستاذ الإمام البارع العلامة سراج الملة والدين؛ أبو يعقوب، يوسف بن أبي بكر محمد بن علي السكاكي تغمَّده الله برحمته ورضوانه: أحقّ كلامٍ أن تلهَج به الألسنة. وأنْ لا يُطوى منشورُهُ على توالي الأزمنة. كلامٌ لا يفرغ إلاّ في قالبِ الصدق. ولا يُنسَجُ خبُره إلاّ على منوال الحقّ. فبالحريّ تلقيهِ بالقبول إذا ورَد يقرع الأسماع، وتأبيّهِ أنْ يعلق بذيلٍ مؤدَّاه ريبة إذا حُسِرَ عن وجهه القناعُ. وهو مَدْحُ اللهِ تعالى وحَمْدُهُ بما هو له من الممادح أَزَلاً وأبداً، وبما انخرط في سِلْكِها من الْمَحامِد مُتجدداً.
ثم الصلاةُ والسلام على حبيبه محمد البشير النذير، بالكتاب العربيّ الْمُنِير. الشاهد لِصدْقِ دعواهُ بكمال بلاغته، المعجز لِدهْماءِ الْمَصاقِعِ عن إيراد مُعارَضَتِهِ، إعْجازاً أخرَسَ شقْشَقَةَ كُلّ منطيق. وأظلَمَ طُرُقَ المعارضة، فما وَضَحَ إليها وجْهُ طريقٍ، حتى أعرضوا عن الْمُعارضة بالحروف، على الْمُقارعة بالسّيوف؛ وعن الْمُقاولة باللسان، على الْمُقاتَلَةِ بالسِّنان. بَغْياً منهم وحَسَداً. وعِناداً ولدَداً. ثم على آلهِ وأصحابه الأئمة الأعلام، وأزِمَّةِ الإسلام.
وبعد:
فإنَّ نَوْعَ الأدبِ نوْعٌ يتفاوت كثرة شعب، وقلّة وصعوبة فنون، وسهولة، وتباعد طرفين، وتدانياً بحسب حَظِّ مُتوليه من سائر العُلوم كَمَالاً ونُقصاناً وكفاء منزلته هُنالك ارتفاعاً وانْحِطاطاً، وقدر مجاله فيها سِعَة وضِيقاً، ولذلك ترى الْمُعتَنين بشأنهِ على مَراتِبَ مُختلفةٍ فمن صاحب أدب تراهُ يرجع منه على نوعٍ أو نوعين لا يستطيع أنْ يتخطّى ذلك، ومن آخر تراهُ يرجع على ما شِئتَ من أنواعٍ مربوطةٍ في مِضمارِ اختلاف، فمن نوع لَيِّن الشّكيمةِ سَلِس المقاد يكفي في اقتياده بعضُ قوَّةٍ، وأدْنَىْ تَمْييز، ومن آخر هو بعيدُ المأخَذِ، نائي المطلَب، رَهِيْن الارتياد بمزيدِ ذكاءٍ، وفضلِ قوَّةِ طَبْعٍ. ومن آخر كالْمَلزُوْزِ في قَرَنٍ، ومن رابع لا يَمْلِك إلاّ بِعُدَدٍ مُتكاثرةٍ، وَأَوْهَاْقٍ مًتضافرةٍ مع فضلٍ إلَهِيٍّ في ضِمن ممارسات كثيرةٍ، ومُراجَعات طويلةٍ؛ لاشتمالِهِ على فنونٍ مُتنافيةِ الأصُولِ، مُتباينةِ الفروع، مُتغايرةِ الْجَنَىْ، ترى مَبنى البعضِ على لَطَاْئِفِ الْمُناسباتِ الْمُستخرَجة بقوَّةِ القرائِحِ والأذهان، وترى مَبْنى البعض على التحقيق الْبَحْتِ، وتَحكيم العَقْل والصرف والتحرُّز عن شوائب الاِحْتمال، ومن آخر رَيِّض لا يرتاضُ إلا بِمشيئةِ خالقِ الخلق.
وقد ضَمَّنْتُ كتابي هذا من أنواعِ الأدبِ دُوْنَ نوْعِ اللغةِ ما رأيْتُهُ لا بُدَّ منه، وهي عِدَّةُ أنواعٍ مُتآخِذةٍ، فأودَعْتُهُ عِلْمَ الصَّرفِ بِتمامِهِ، وإنّه لا يَتِمُّ إلاّ بِعِلم الاشتقاقِ المتنوّع على أنواعِهِ الثلاثة، وقد كَشَفْتُ عنها القِناع.
وَأَوْرَدْتُ عِلْمَ النَّحو بتمامِهِ، وتمامه بعِلْمَيّ الْمَعانِيْ والبيانِ.
ولقد قضيتُ بتوفيقِ اللهِ مِنهُمَا الوَطَرَ، ولما كان تَمامُ عِلم المعاني بعِلْمَيِّ الْحَدِّ والاستدْلالِ، لَمْ أَرَ بُدّاً من التَّسَمُّحِ بِهِمَا، وحين كان التَّدَرُّبُ في عِلْمَيِّ المعاني والبيانِ مَوْقوفاً على مُمارَسَةِ بابِ النظم، وبابِ النَّثْرِ، ورأيتُ صاحِبَ النَّظْمِ يَفتَقِرُ إلى عِلْمَيّ العَروضِ والقوافي ثَنَيْتُ عِنانَ القلَمِ على إيرادِهِمَا.
وما ضَمَّنْتُ جميعَ ذلك كتابِيَ هذا إلاّ بعد مَا مَيَّزْتُ البعضَ عن البعضِ التّمْييزَ الْمُناسِبَ، ولَخَّصْتُ الكلامَ على حَسبِ مُقتضَىْ الْمقام هنُالِكَ ومهَّدْتُ لكلٍّ من ذلك أُصولاً لائِقةً.

وأوردت حُجَجاً مُناسِبةً، وقرَّرتُ ما صادفتُ من آراءِ السَّلَفِ - قدَّس اللهُ أرواحَهم - بِقَدْرِ ما احْتَملتُ مِنَ التقرير مع الإرشادِ على ضُرُوبِ مَباحِث قلَّتْ عِنايةُ السَّلَفِ بِها، وإيْراْدِ لَطائِف مُفتَنَّة ما فَتَقَ أحَدٌ بِها رِتْقَ أُذُنٍ.
وها أنا مُمْلٍ حَواشِيَ جاريةً مَجرى الشَّرْحِ لِلمَواضِع الْمُشكِلَةِ، مُستكشِفَةً عن لَطائِفِ الْمَباحِثِ الْمُهْملةِ، مُطلعةً على مزيدِ تفاصِيلٍ في أَماكِنَ تَمَسُّ الحاجةُ إليها، فاعِلاً ذلك كُلّه عَسَىْ إذا قُيِّضَ في اللَّحْدِ الْمَضْجَعُ أنْ يُدْعَىْ لِي بدَعوةٍ تُسْمَعُ.
هذا، واعلم أنَّ عِلْمَ الأدبِ متى كان الحامِلُ على الخوض فيه مُجرَّدَ الوقوفِ على بعضِ الأوضاع، وشَيءٍ من الاصْطِلاحاتِ فهوَ لَدَيْكَ على طَرَفِ التَّمامِ، أمّا إذا خُضْتَ فيه لِهِمَّةٍ تبعَثُكَ على الاحْتِرَازِ عَن الْخَطَأِ في العربيَّةِ، وسُلوكِ جادَّةِ الصَّوابِ فيها؛ اعتَرَضَ دُونَكِ منهُ أنواعٌ تلقى لأدناها عَرَقَ الْقِرْبَةِ، لاسِيّما إذا انضمَّ على هِمَّتِكَ الشَّغفُ بالتَّلقِيْ لِمُرادِ اللهِ تعالى من كلامِه الذي لا يأتيه الباطلُ من بَيْنَ يديهِ، ولا من خَلْفِهِ، فهُناكَ يَستقبلُكَ مِنها ما لا يبعُدُ أنْ يُرجِعَكَ القَهقرى، وكأنِّي بكَ؛ وليس مَعكَ من هذا العِلْمِ إلا ذِكْر النَّحْوِ واللغة وقد ذهَبَ بك الوهْمُ على أنَّ ما قَرَعَ سَمْعَكَ هو شيءٌ قد أفتَرَّتْ عنه عصبيةُ الصِّناعةِ؛ لا تَحَقُّقَ له، وإلاّ فَمَنْ لِصاحِبِ عِلْمِ الأدبِ بأنواعٍ تعظم تلك العَظَمة؟.
لكنَّكَ إذا اطَّلعتَ على ما نحنُ مُستودعوهُ كِتابنا هذا؛ مُشيرين فيه على ما تَجِبُ الإشارةُ إليه، ولنْ يَتِمَّ لكَ ذلك إلاّ بَعْدَ أنْ ترْكَبَ له مِنَ التَّأمُّلِ كُلَّ صَعْبٍ وذَلُوْلٍ؛ عَلِمْتَ إذْ ذَاكَ أنَّ صَوْغَ الحديثِ ليس إلاّ مِنْ عَيْنِ التَّحقيقِ، وجَوْهَرِ السّدادِ.
ولما كان حالُ نوعِنا هذا ما سَمِعْتُ، ورأيتُ أذكياءَ أهلِ زماني الفاضلين الكامِلِيْ الْفَضْلِ قد طالَ إلِحَاحُهم عَليَّ في أنْ أُصَنِّفَ لهم مُختَصَرا يحظِيهم بأوْفر حَظٍّ منه، وأنْ يكونَ أسلوبُهُ أقرَبَ أُسلوبٍ من فَهْمِ كُلِّ ذَكِيَّ صَنَّفْتُ هذا وضَمِنْتُ لِمَنْ أتقنَهُ أنْ يَنفتِحَ عليه جَميع الْمَطالِبِ العِلمية.
وسَمَّيْتُهُ: "مِفتاحُ العُلوم" وجعلتُ هذا الكتابَ ثلاثةَ أقسامِ: القِسْم الأوَّل في عِلْمِ الصَّرْف، والقِسْم الثاني في عِلْمِ النَّحْوِ، والقِسم الثالث في عِلْمَيِّ المعاني والبيان.
والذي اقتَضَى عِندي هذا هُوَ أنَّ الغرَضَ الأقدَمَ مِن عِلم الأدب؛ لَمَّا كان هو الاحترازُ عن الخطأ في كلامِ العربِ، وأرَدْتُ أنْ أُحَصِّلَ هذا الغرضَ، وأنتَ تعلَمُ أنَّ تَحصِيلَ الْمُمْكِنِ لكَ لا يَتأَتَّىْ بدُونِ معرفةِ جِهاتِ التَّحْصِيلِ واستعمالِها، لا جَرَمَ أنَّا حاوَلْنا أنْ نَتْلُوَ عليكَ في أربعةِ الأنواعِ مُذيَّلة بأنواعٍ أُخَر؛ مِمَّا لا بُدَّ من مَعرِفَتِهِ في غَرَضِكَ لِتَقِفَ عليه ثَمَّ الاستعمال بيدك، وإِنَّما أغْنَتْ هذِه لأنَّ مَثارات الخطأ إذا تَصَفَّحْتَهَا ثلاثةٌ: الْمُفْرَدُ؛ والتَّألِيْفُ؛ وكَوْنُ الْمُرَكَّب مُطابقاً لِمَا يَجِبُ أنْ يُتكَلَّمَ لَهُ، وهذه الأنواعُ بَعْدَ عِلْمِ اللغة هي الْمَرجُوْعُ إليها في كِفاية ذلك مَا لم يَتَخَطَّ على النَّظْمِ، فَعِلْمَا الصَّرْفِ والنَّحْوِ يرجعُ إليهما في الْمُفرَدِ والتأليف، ويرجع على عِلْمَيِّ الْمَعاني والبيان في الأخير، ولما كان عِلْمُ الصَّرْفِ هو الْمَرْجُوعُ إليه في الْمُفرَدِ أو فيما هو في حُكْمِ المفردِ، والنَّحْوُ بالعكس مِن ذلك كما سَتَقِفُ عَلَيْهِ، وأنتَ تعْلَمُ أنَّ المفرَدَ مُتقدِّمٌ على أنْ يُؤلّف، وطِباقُ المؤلّف لِلمعنى مُتأخِرٌ عن نَفْسِ التَّأليفِ لا جَرَمَ أنَّا قدَّمْنا البعْضَ على هذا الوجْهِ وضْعاً، لِنُؤْثِرَ تَرَتُّباً استَحَقَّته طبعاً.
وَهذا حين أنْ نَشرعَ في الكِتابِ فنقولُ وبالله التوفيق:القسْمُ الأولُ: عِلْمُ الصَّرفِ
أما: القسم الأول من الكتاب فمُشتمِل على ثلاثةِ فُصول:
الأول: في بيان حقيقة عِلم الصَّرف، والتنبيهِ على ما يحتاج إليه في تحقيقها. الثاني: في كيفيَّةِ الوُصول إليه.
الثالث: في بيان كونه كافياً لما علق به من الغرض.
وقَبْلَ أنْ نندَفِعَ على سَوْقِ هذه الفصول، فلنذكر شيئاً لا بُدَّ منه في ضَبْطِ الحديثِ فيما نحن بصَدَدِهِ وهو الكَشْفُ عن معنى الكلمة وأنواعِها.
الأقربُ أنْ يُقالَ: الكلمةُ هي اللفظة الموضوعة للمعنى مفردة، والمرادُ بالإفراد أنَّها بمجموعها وُضِعَتْ لذلك المعنى دَفعةً واحدةً، ثم إذا كان معناها مُستقلاً بنفسِه، وغيْرَ مُقترنٍ بأحدِ الأزمنة الثلاثة مثل: عِلْمٍ وَجَهْلٍ؛ سُمِّيَتْ اسْماً، وإذا اقترنتْ مثل: عَلِمَ وجَهِلَ؛ سُمِّيتْ فِعلاً، وإذا كان معناها لا يَستقلُّ بنفسِه مثل: مِنْ وعَنْ؛ سُمِّيْت حَرْفاً، وُيفسَّر الْمُستقلُّ بنفسِهِ على سِبيلِ التقريب والتأنيس بأنه الذي يَتمُّ الجوابُ به كقولِ القائل: زيد؛ في جوابك، إذا قلتَ مَنْ جاء؛ وقرأ؟ إذا قلت: ماذا فعل بخلافه؟ إذا قال: في أو على إذا قلت: أين قرأ، وإذْ قد ذُكِرَ هذا فَلْنَشْرَعْ في الفصْل الأولِ ولْنَشْرَحه"....
******
لقراءة القسم الأول
اضغط هنا
*****
لقراءة القسم الثالث
اضغط هنا
*****

لتحميل الكتاب

اضغط هنا

******



thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
17272555
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة