للقراءة والاستماع والتحميل : برنامج الشعر والغناء، الحلقة: العاشرة، وهي وهي الثانية من حلقتين حول الشعر المغنى للشاعر السوري الراحل نزار قباني: 2/2 قدمت قبل وفاته
Dr. Mahmoud EL-Saied EL- Doghim, إعداد وتقديم: د. محمود السيد الدغيم
****
في هذه الحلقة قصائد بصوت نزار قباني للاستماع والتحميل، وكذلك قصائده المُغناة. ولكن مع الأسف فقط للمشتركين لا غير
******
برنامج الشعر والغناء
إعداد وتقديم د. محمود السيد الدغيم
هذه الحلقة هي الأولى من حلقتين حول الشعر المغنى للشاعر السوري الراحل نزار قباني ، وهذه الحلقة هي الحلقة : 10 من سلسلة برامج الشعر والغناء، ومدة الحلقة: 45 دقيقة، وبثت هذه الحلقة من راديو سبيكتروم بلندن الساعة الثامنة مساء يوم السبت 18/10/ 1997م، وأعيد بثها أكثر من مرة
وقدمت من هذا البرنامج عدة حلقات من إذاعة ام بي سي اف ام، وبثت من البرنامج ثلاثون حلقة من راديو دوتشي فيلي الاذاعة العربية الألمانية، وبثت عدة حلقات من الإذاعة السودانية ، وبثت بعض الحلقات من الإذاعة التونسية، وقدمت لاتحاد الإذاعات العربية ثلاثون حلقة، وبلغ عدد حلقات هذا البرنامج الأسبوعي مئة وعشر حلقات
***
لاستماع الحلقة وتحميلها
اضغط Nizar-18-10-98-2.ram (10.16 MB) هنا
******
إذا لم تسمعوا الصوت فهذا يعني أن ليس لديكم برنامج ريل بلير، ومع ذلك يمكنكم الاستماع بتشغيل الملف التالي "فلاش" بالضغط على السهم الأبيض وسط المربع الأسود
******
لاستماع الحلقة الأولى
اضغط هنا
******
للاستماع إلى نعوة نزار قباني
******
للاستماع إلى حلقة الشعر والغناء بعد وفاة نزار
اضغط هنا
******
الجريدة: كلمات نزار قباني؛ غناء: ماجدة الرومي
أخرجَ من معطفهِ الجريدة
و عُلبة الثقابِ
و دونَ أن يلاحظَ اقترابي
و دونما اهتمامِ
تناولَ السُكرَ من أمامي
ذوّبَ في الفنجانِ قطعتين
و في دمي ذوّبَ وردتين
لملمّّني
بعثرني
ذوّبني
شربتُ من فنجانهِ
سافرتُ في دخانهِ
و ما عرفتُ أين
كان هُناك جالساً
و لم يكن هُناك
يُطالعُ الأخبار
و كنتُ في جِوارهِ
تأكلني الأفكار
تضربني الأمطار
يا ليتَ هذا الرجلَ
المسكون بالأسرار
قبلَ أن يقرأني
فكّر أن يقرأني
في عيوني
أجملَ الأخبار
و بعدَ لحظتين
و دونَ أن يَراني
و يعرفَ الشوقَ الذي إعتراني
تناولَ المعطفَ من أمامي
و غابَ في الزحام
مُخلّفاً وراءهُ الجريدة
وحيدة مِثلي أنا
وحيدة ....
******
طوق الياسمين
وضحكت لي ...
وظننت انك تعرفين معني سوار الياسمين...
ياتي به رجل اليك ...
ظننت انك تدركين ...
وجلست في ركن ركين تتمشطين ...
وتنقطين العطر من قارورة وتدندنين ...
لحنا فرنسي الرنين ...
لحنا كايامي حزين ...
قدماك في الخف المخصب جدولا من الحنين ...
وقصدت دولاب الملابس تقلعين وترتدين ...
وطلبت مني ان اختار ماذا تلبسين ...
افلي اذن؟ افلي تتجملين ?
ووقفت في دوامة الالوان ملتهب الجبين ...
الاسود المكشوف من كتفيه هل ترتدين ...
لكنه لون حزين ...
لون كايامي حزين ...
ولبسته وربطت طوق الياسمين ...
وظننت انك تعرفين معي سوار الياسمين ...
ياتي به رجل اليك ظننت انك تدركين ...
هذا المساء بحانة صغري رأيتك ترقصين ...
تتكسرين علي زنود المعجبين ...
تتكسرين وتدمدمين ...
في اذن فارسك الامين ...
لحنا فرنسي الرنين ...
لحنا كايامي حزين ...
بداءت اكتشف اليقين ...
وعرفت انك للسوي تتجملين ...
ولهم ترشين العطر وتقلعين وترتدين ...
ولمحت طوق الياسمين ...
في الارض مكتوم الانين ...
كالجثة البيضاء تدفعه جموع الراقصين ...
ويهم فارسك الامين باخذه ...
فتمانعين وتقهقين ...
لاشي يستدعي انحناءك ...
ذاك طوق الياسمين.
******
غداً ...
عندما يدخلونَ قلبكَ الجريح يا حبيبي
أ تُراهمْ يقرؤونَ فيه اسمي
ما أجملَ الأسماء نكتُبها بنبضِ قُلوبنا
و لا أطباء ولا جِراح
حبيبي
فقلْ لهمْ حَذاري
و ليَرفِقوا بالأسماءِ و ليترِكوها
كلها هناك قصائدَ حبٍّ
لا يَسدُّها هَمٌ
و لا يُلغيها نسيان
يا كُلها قصائدُ الحبّ الكبير الذي عِشناه
يا كُلها قصائدُ الحبّ الوحيد الذي قُلناه
******
يُسمعني حينَ يُراقصني كلماتٍ ليست كالكلمات
يأخذني من تحـتِ ذراعي يَزرعني بإحدى الغيمات
و المطرُ الأسـودُ في عيني يتساقطُ زخاتٍ زخات
يَحملني معهُ يَحملني لمسـاءِ الوردِ للشُـرفات
و أنا كالطفلةِ في يدهِ كالريشـةِ تَحمِلها النســمات
يُهديني شمسـاً يُهديني صيفاً و قطيع السنونوات
يُخبرني أني تُحفتهُ و أسـاوي ألافَ النجمـات
و بأني كنزٌ و بأني أجملُ ما شـاهدَ من لوحات
يروي أشياءَ تُدوخني تُنسيني المَرقصَ و الخَطوات
كلماتٍ تقلبُ تاريخي تَجعلني امـرأةً في لحظات
يبني لي قصراً من وهمٍ لا أسكنُ فيه سِـوى لحظات
و أعودُ لطاولتي لا شـيءَ معـي إلا كلمات
كلمــاتٍ ليســت كالكلمــات
******
هذه القصيدة ألقاها نزار قباني
في العراق عام 1969 في مهرجان المربد للشعر
وحينها كان يتحدث عن نكسة حرب حزيران سنة 1967م، ويقف موقف اللاجئ إلى العراق
من هول الأحداث حين كان العراق قلب الأمة العربية قبل أن يصادره المحتلون من علوج العجم
******
إفادة في محكمة الشعر
مرحباً يا عراق ..جئتُ أغنيك
وبعضٌ من الغناء بكاء
مرحباً .. مرحباً .. أتعرف وجهاً
حفرته الأيام والانواءُ ؟
أكل الحب من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتها النساء
أنا جرح يمشي على قدميه
وخيولي قد هدها الإعياء
فراح الحسين بعض جراحي
وبصدري من البلا كربلاء
مرحباُ يا عراق .. كيف العباءات
وكيف المها .. وكيف الظباءُ
مرحباً يا عراق .. هل نسيتني
بعد طول سنين سامراء؟
مرحباً يا جسور.. يا نخل ..يا نهر
وأهلاً يا عشب يا أفياء
كيف أحبابنا على ضفة النهر
وكيف البساط والندماء
كان عندي هنا أميرة حب
ثم ضاعت .. أميرتي الحسناء
إن في داخلي عصوراً من الحزن
فهل لي إلى العراق إلتجاء
لم نزل .. لم نزل نمصمص قشراً
وفلسطين خضبتها الدماء..
سقطت في الوحل كل الفصاحات
ومات الخليل.. والفراء
يا حزيران أنت اكبر منا
وأبٌ أنت ما له أبناء ..
لو ملكنا بقية من إباء
لانتخينا لكننا جبناء
ما هو الشعر .. حين يصبح فأراً
كسرة الخبز همه والغذاء
وإذا أصبح المفكر بوقاً
يستوي الفكر عندها والحذاء
يصلب الأنبياء من أجل راي
فلماذا لا يصلب الشعراء
الفدائي وحده.. يكتب الشعر
وكل الذي كتبنا هراء ..
عندما تبدأ البنادق بالعزف
تموت القصائد العصماء
مالنا..مالنا نلوم حزيران
وفي الإثم كلنا شركاء
من هم الأبرياء ؟ نحن جميعاً
حاملو عاره .. ولا إستثناء
البطولات موقف مسرحي
ووجوه الممثلين .. طلاء
وعراقي بينهم كمزاد
كل شار يزيد حين يشاء
وحدويون! والبلاد شظايا
كل جزء من لحمها أجزاء
ماركسيون! والجماهير تشقى
فلماذا لا يشبع الفقراء؟
قرشيون ! ولو رأتهم قريش
لاستجارت من رملها البيداء
لا يمين يجيرنا أو يسار
تحت حد السكين.. نحن سواء
لو قرأنا التارخ..ما ضاعت القدس
وضاعت من قبلها الحمراء
يا فلسطين .. لا تزالين عطشى
وعلى الزيت نامت الصحراء
العباءات .. كلها من حرير
والليالي رخيصة حمراء
يا فلسطين لا تنادي عليهم
فقد تساوى الأموات والأحياء
تل النفط ما بهم من سجايا
ولقد يقتل الثريُّ الثراء
******
إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني
1
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..
ومقصوصة ، كجناح أبيك، هي المفردات
فكيف يغني المغني؟
وقد ملأ الدمع كل الدواه..
وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات..
2
لأي سماء نمد يدينا؟
ولا أحدا في شوارع لندن يبكي علينا..
يهاجمنا الموت من كل صوب..
ويقطعنا مثل صفصافتين
فأذكر، حين أراك، عليا
وتذكر حين تراني ، الحسين
3
أشيلك، يا ولدي ، فوق ظهري
كمئذنة كسرت قطعتين..
وشعرك حقل من القمح تحت المطر..
ورأسك في راحتي وردة دمشقية .. وبقايا قمر
أواجه موتك وحدي..
وأجمع كل ثيابك وحدي
وألثم قمصانك العاطرات..
ورسمك فوق جواز السفر
وأصرخ مثل المجانين وحدي
وكل الوجوه أمامي نحاس
وكل العيون أمامي حجر
فكيف أقاوم سيف الزمان؟
وسيفي انكسر..
4
سأخبركم عن أميري الجميل
سأخبركم عن أميري الجميل
عن المكان مثل المرايا نقاء، ومثل السنابل طولا..
ومثل النخيل..
وكان صديق الخراف الصغيرة، كان صديق العصافير
كان صديق الهديل..
سأخبركم عن بنفسج عينيه..
هل تعرفون زجاج الكنائس؟
هل تعرفون دموع الثريات حين تسيل..
وهل تعرفون نوافير روما؟
وحزن المراكب قبل الرحيل
سأخبركم عنه..
كان كيوسف حسنا.. وكنت أخاف عليه من الذئب
كنت أخاف على شعره الذهبي الطويل
... وأمس أتوا يحملون قميص حبيبي
وقد صبغته دماء الأصيل
فما حيلتي يا قصيدة عمري؟
إذا كنت أنت جميلا..
وحظي جميلا..
5
لماذا الجرائد تغتالني؟
وتشنقني كل يوم بحبل طويل من الذكريات
أحاول أن لا أصدق موتك، كل التقارير كذب،
وكل كلام الأطباء كذب.
وكل الأكاليل فوق ضريحك كذب..
وكل المدامع والحشرجات..
أحاول أن لا أصدق أن الأمير الخرافي توفيق مات..
وأن الجبين المسافر بين الكواكب مات..
وأن الذي كان يقطف من شجر الشمس مات..
وأن الذي كان يخزن ماء البحار بعينيه مات..
فموتك يا ولدي نكتة .. وقد يصبح الموت أقسى النكات
6
أحاول أن لا أصدق . ها أنت تعبر جسر الزمالك،
ها أنت تدخل كالرمح نادي الجزيرة، تلقي على الأصدقاء التحيه،
تمرق مثل الشعاع السماوي بين السحاب وبين المطر..
وها هي شفتك القاهرية، هذا سريرك، هذا مكان
جلوسك، ها هي لوحاتك الرائعات..
وأنت أمامي بدشداشة القطن، تصنع شاي الصباح،
وتسقي الزهور على الشرفات..
أحاول أن لا أصدق عيني..
هنا كتب الطب ما زال فيها بقية أنفاسك الطيبات
وها هو ثوب الطبيب المعلق يحلم بالمجد والأمنيات
فيا نخلة العمر .. كيف أصدق أنك ترحل كالأغنيات
وأن شهادتك الجامعية يوما .. ستصبح صك الوفاه!!
7
أتوفيق..
لو كان للموت طفل، لأدرك ما هو موت البنين
ولو كان للموت عقل..
سألناه كيف يفسر موت البلابل والياسمين
ولو كان للموت قلب .. تردد في ذبح أولادنا الطيبين.
أتوفيق يا ملكي الملامح.. يا قمري الجبين..
صديقات بيروت منتظرات..
رجوعك يا سيد العشق والعاشقين..
فكيف سأكسر أحلامهن؟
وأغرقهن ببحر الذهول
وماذا أقول لهن حبيبات عمرك، ماذا أقول؟
8
أتوفيق ..
إن جسور الزمالك ترقب كل صباح خطاك
وإن الحمام الدمشقي يحمل تحت جناحيه دفء هواك
فيا قرة العين .. كيف وجدت الحياة هناك؟
فهل ستفكر فينا قليلا؟
وترجع في آخر الصيف حتى نراك..
أتوفيق ..
إني جبان أمام رثائك..
فارحم أباك...
******
أسألك الرحيلا
لنفترق قليلا..
لخيرِ هذا الحُبِّ يا حبيبي
وخيرنا..
لنفترق قليلا
لأنني أريدُ أن تزيدَ في محبتي
أريدُ أن تكرهني قليلا
بحقِّ ما لدينا..
من ذِكَرٍ غاليةٍ كانت على كِلَينا..
بحقِّ حُبٍّ رائعٍ..
ما زالَ منقوشاً على فمينا
ما زالَ محفوراً على يدينا..
بحقِّ ما كتبتَهُ.. إليَّ من رسائلِ..
ووجهُكَ المزروعُ مثلَ وردةٍ في داخلي..
وحبكَ الباقي على شَعري على أناملي
بحقِّ ذكرياتنا
وحزننا الجميلِ وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا
أكبرَ من شفاهنا..
بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا
******
أسألكَ الرحيلا
لنفترق أحبابا..
فالطيرُ في كلِّ موسمٍ..
تفارقُ الهضابا..
والشمسُ يا حبيبي..
تكونُ أحلى عندما تحاولُ الغيابا
كُن في حياتي الشكَّ والعذابا
كُن مرَّةً أسطورةً..
كُن مرةً سرابا..
وكُن سؤالاً في فمي
لا يعرفُ الجوابا
من أجلِ حبٍّ رائعٍ
يسكنُ منّا القلبَ والأهدابا
وكي أكونَ دائماً جميلةً
وكي تكونَ أكثر اقترابا
*****
أسألكَ الذهابا..
لنفترق.. ونحنُ عاشقان..
لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان
فمن خلالِ الدمعِ يا حبيبي
أريدُ أن تراني
ومن خلالِ النارِ والدُخانِ
أريدُ أن تراني..
لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي
فقد نسينا
نعمةَ البكاءِ من زمانِ
لنفترق..
كي لا يصيرَ حبُّنا اعتيادا
وشوقنا رمادا..
وتذبلَ الأزهارُ في الأواني..
كُن مطمئنَّ النفسِ يا صغيري
فلم يزَل حُبُّكَ ملء العينِ والضمير
ولم أزل مأخوذةً بحبكَ الكبير
ولم أزل أحلمُ أن تكونَ لي..
يا فارسي أنتَ ويا أميري
لكنني.. لكنني..
أخافُ من عاطفتي
أخافُ من شعوري
أخافُ أن نسأمَ من أشواقنا
أخاف من وِصالنا..
أخافُ من عناقنا..
فباسمِ حبٍّ رائعٍ
أزهرَ كالربيعِ في أعماقنا..
أضاءَ مثلَ الشمسِ في أحداقنا
وباسم أحلى قصةٍ للحبِّ في زماننا
****
أسألك الرحيلا..
حتى يظلَّ حبنا جميلا..
حتى يكون عمرُهُ طويلا..
أسألكَ الرحيلا..
******
قصيدة قارئة الفنجان لنزار قباني
غناء عبدالحليم حافظ
إن كنتَ حبيبي.. ساعِدني
كَي أرحَلَ عَنك..
أو كُنتَ طبيبي.. ساعِدني
كَي أُشفى منك
لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً
ما أحببت
لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً
ما أبحرت..
لو أنِّي أعرفُ خاتمتي
ما كنتُ بَدأت...
***
إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني
أن لا أشتاق
علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق
علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق
علِّمني كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق
***
إن كنتَ قويَّاً.. أخرجني
من هذا اليَمّ..
فأنا لا أعرفُ فنَّ العوم
الموجُ الأزرقُ في عينيك.. يُجرجِرُني نحوَ الأعمق
وأنا ما عندي تجربةٌ
في الحُبِّ .. ولا عندي زَورَق
إن كُنتُ أعزُّ عليكَ فَخُذ بيديّ
فأنا عاشِقَةٌ من رأسي حتَّى قَدَمَيّ
إني أتنفَّسُ تحتَ الماء..
إنّي أغرق..
أغرق..
أغرق..
**
****
كل عام وأنت حبيبتي
قصيدة : أم المعتز ..
1
عندما كانت بيروت تموت بين ذراعي
كسمكة اخترقها رمح
جاءني هاتف من دمشق يقول :
(( أمك ماتت )).
لم أستوعب الكلمات في البدايه
لم أستوعب كيف يمكن أن يموت السمك كله
في وقت واحد ..
كانت هناك مدينة حبيبة تموت .. إسمها بيروت
وكانت هناك أم مدهشة تموت .. إسمها فائزة ..
وكان قدري أن أخرج من موت ..
لأدخل في موت آخر ..
كان قدري أن أسافر بين موتين ..
**
وجهُ قانا..
شاحبٌ كما وجهُ يسوع
وهواءُ البحرِ في نيسانَ،
أمطارُ دماءٍ ودموع...
دخلوا قانا على أجسادِنا
يرفعونَ العلمَ النازيَّ في أرضِ الجنوب ْ
ويعيدونَ فصولَ المحرقة..
هتلرٌ أحرقهم في غرفِ الغاز ِ
وجاؤوا بعدهُ كي يحرقونا
هتلرٌ هجّرهم من شرقِ أوروبا
وهم من أرضِنا هجّرونا
هتلرٌ لم يجدِ الوقتَ لكي يمحقَهمْ
ويريحَ الأرضَ منهم..
فأتوا من بعدهِ كي يمحقونا!!
دخلوا قانا كأفواجِ ذئابٍ جائعة..
يشعلونَ النّار في بيتِ المسيح
ويدوسونَ على ثوبِ الحسين
وعلى أرضِ الجنوب الغالية..
قصفوا الحنطةَ والزيتونَ والتبغَ،
وأصواتَ البلابل...
قصفوا قدموسَ في مركبهِ..
قصفوا البحرَ وأسرابَ النوارس..
قصفوا حتى المشافي والنساءَ المرضعات
وتلاميذَ المدارس.
قصفوا سحرَ الجنوبيّات
واغتالوا بساتينَ العيونِ العسلية!
... ورأينا الدمعَ في جفنِ عليٍّ
وسمعنا صوتهُ وهوَ يصلّي
تحت أمطارِ سماءٍ دامية..
كشفت قانا الستائر...
ورأينا أمريكا ترتدي معطفَ حاخامٍ يهوديٍّ عتيق
وتقودُ المجزرة..
تطلقُ النارَ على أطفالنا دونَ سبب..
وعلى زوجاتنا دونَ سبب
وعلى أشجارنا دونَ سبب
وعلى أفكارنا دونَ سبب
فهل الدستورُ في سيّدة العالم..
بالعبريِّ مكتوبٌ لإذلالِ العرب؟؟
هل على كلِّ رئيسٍ حاكمٍ في أمريكا..
إذا أرادَ الفوزَ في حلمِ الرئاسةِ
قتلَنا، نحنُ العرب؟؟
انتظرنا عربياً واحداً
يسحبُ الخنجرَ من رقبتنا..
انتظرنا هاشمياً واحداً..
انتظرنا قُرشياًَ واحداً..
دونكشوتاًَ واحداً..
قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربهُ..
انتظرنا خالداً أو طارقاً أو عنتره..
فأكلنا ثرثره... وشربنا ثرثره..
أرسلوا فاكساً إلينا.. استلمنا نصَّهُ
بعدَ تقديمِ التعازي.. وانتهاءِ المجزرة!
ما الذي تخشاهُ إسرائيلُ من صرخاتنا؟
ما الذي تخشاهُ من "فاكساتنا"؟
فجهادُ "الفاكسِ" من أبسطِ أنواعِ الجهاد..
هوَ نصٌّ واحدٌ نكتبهُ
لجميعِ الشهداءِ الراحلين
وجميع الشهداءِ القادمين..!
ما الذي تخشاهُ إسرائيلُ من ابن المقفّع؟
وجريرٍ.. والفرزدق..؟
ومن الخنساءِ تلقي شعرها عند بابِ المقبره..
ما الذي تخشاهُ من حرقِ الإطارات..؟
وتوقيعِ البيانات؟ وتحطيمِ المتاجر؟
وهي تدري أننا لم نكُن يوماً ملوكَ الحربِ..
بل كنّا ملوكَ الثرثرة..
ما الذي تخشاهُ من قرقعةِ الطبلِ..
ومن شقِّ الملاءات.. ومن لطمِ الخدود؟
ما الذي تخشاهُ من أخبارِ عادٍ وثمود؟؟
نحنُ في غيبوبةٍ قوميةٍ
ما استلمنا منذُ أيامِ الفتوحاتِ بريداً..
نحنُ شعبٌ من عجين
كلّما تزدادُ إسرائيلُ إرهاباً وقتلاً
نحنُ نزدادُ ارتخاءً.. وبرودا..
وطنٌ يزدادُ ضيقاً
لغةٌ قطريةٌ تزدادُ قبحاً
وحدةٌ خضراءُ تزداد انفصالاً
شجرٌ يزدادُ في الصّيف قعوداً..
وحدودٌ كلّما شاءَ الهوى تمحو حدودا..!
كيفَ إسرائيلُ لا تذبحنا؟
كيفَ لا تلغي هشاماً، وزياداً، والرشيدا؟
وبنو تغلبَ مشغولون في نسوانهم...
وبنو مازنَ مشغولونَ في غلمانهم..
وبنو هاشمَ يرمونَ السّراويلَ على أقدامها..
ويبيحونَ شِفاهاً ونهودا؟؟!
ما الذي تخشاهُ إسرائيلُ من بعضِ العربْ...
بعدما صاروا يهودا؟
لندن في أيار (مايو) 1996 في أعقاب العدوان الإسرائيلي على لبنان
**
تقرير سري جداً من بلاد قمعستان
نزار قباني
--------------
1
لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان..
جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان..
تساقط الفرسان عن سروجهم..
وأُعلنت دويلة الخصيان..
واعتقل المؤذنون في بيوتهم ..
و ألغى الأذان..
جميعهم تضخمت أثداؤهم..
وأصبحوا نسوان..
جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل
وبالرضاعة..
جميعهم قد ذبحوا خيولهم..
وارتهنوا سيوفهم..
وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان..
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما..
صار في الجغرافيا..
يدعى (يهودستان)..
الله .. يا زمان..
2
لم يبق في دفاتر التاريخ
لا سيف ولا حصان
جميعهم قد تركوا نعالهم
وهربوا اموالهم
وخلفوا وراءهم اطفالهم
وانسحبوا الى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخنثوا...
تكحلوا...
تعطروا...
تمايلوا اغصان خيزران
حتى تظن خالدا ... سوزان
ومريما .. مروان
الله ... يا زمان...
3
جميعهم موتى ... ولم يبق سوى لبنان
يلبس في كل صباح كفنا
ويشعل الجنوب اصرارا وعنفوان
جميعهم قد دخلوا جحورهم
واستمتعوا بالمسك, والنساء, والريحان
جميعهم مدجن, مروض, منافق, مزدوج .. جبان
ووحده لبنان
يصفع امريكا بلا هوادة
ويشعل المياه والشطان
في حين الف حاكم مؤمرك
يأخذها بالصدر والاحضان
هل ممكن ان يعقد الانسان صلحا دائما مع الهوان؟
الله ... يا زمان ..
4
هل تعرفون من انا
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
وهذه الدولة ليست نكتة مصرية
او صورة منقولة عن كتب البديع والبيان
فأرض (قمعستان) جاء ذكرها
في معجم البلدان ...
وان من اهم صادراتها
حقائبا جلدية
مصنوعة من جسد الانسان
الله ... يا زمان ...
5
هل تطلبون نبذة صغيرة عن ارض (قمعستان)
تلك التي تمتد من شمال افريقيا
الى بلاد نفطستان
تلك التي تمتد من شواطئ القهر الى شواطئ
القتل
الى شواطئ السحل, الى شواطئ الاحزان ..
وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان
ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة
ويفقأون أعين الأطفال بالوراثه
ويكرهون الورق الابيض, والمداد, والاقلام بالوراثة
واول البنود في دستورها:
يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الانسان
الله ... يا زمان ...
6
هل تعرفون من انا؟
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
مواطن...
يحلم في يوم من الايام ان يصبح في مرتبة الحيوان
مواطن يخاف ان يجلس في المقهى .. لكي
لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان
مواطن ان يخاف ان يقرب زوجته
قبيل ان تراقب المباحث المكان
مواطن انا من شعب قمعستان
اخاف ان ادخل اي مسجد
كي لا يقال اني رجل يمارس الايمان
كي لا يقول المخبر السري:
اني كنت اتلو سورة الرحمن
الله ... يا زمان ...
7
هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟
تلك التي ألّفَهَا.. لحَّنها..
أخرجها الشيطان...
هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟
حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار
والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار
والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار
ورغبة الزوجين في الإنجاب
تحتاج إلى قرار
وشعر من احبها
يمنعه الشرطي أن يطير في الريح
بلا قرار..
8
ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)
حيث الذكور نسخة عن النساء
حيث النساء نسخة من الذكور
حيث التراب يكره البذور
وحيث كل طائر يخاف بقية الطيور
وصاحب القرار يحتاج الى قرار
تلك هي الاحوال في دولة (قمعستان)
الله ... يا زمان ...
9
يا أصدقائي:
إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان
ليس لها شوارع
ليس لها أرصفة
ليس لها نوافذ
ليس لها جدران
ليس بها جرائد
غير التي تطبعها مطابع السلطان
عنوانها؟
أخاف أن أبوح بالعنوان
كل الذي اعرفه
أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي
يرحمه الرحمن...
10
يا اصدقائي :
ما هو الشعر اذا لم يعلن العصيان؟
وما هو الشعر اذا لم يسقط الطغاة ... والطغيان؟
وما هو الشعر اذا لم يحدث الزلزال
في الزمان والمكان؟
وما هو الشعر اذا لم يخلع التاج الذي يلبسه
كسرى انوشروان؟
11
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الملايين التي تجهل حتى الان ما هو النهار
وما هو الفارق بين الغصن والعصفور
وما هو الفارق بين الورد والمنثور
وما هو الفارق بين النهد والرمانة
وما هو الفارق بين البحر والزنزانة
وما هو الفارق بين القمر الاخضر والقرنفلة
وبين حد كلمة شجاعة,
وبين خد المقصلة ...
12
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان
باسم الذين انتزعت اجفانهم
واقتلعت اسنانهم
وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان
باسم الذين ما لهم صوت ...
ولا رأي ...
ولا لسان ...
سأعلن العصيان ...
13
من اجل هذا اعلن العصيان
باسم الجماهير التي تجلس كالابقار
تحت الشاشة الصغيرة
باسم الجماهير التي يسقونها الولاء
بالملاعق الكبيرة
باسم الجماهير التي تركب كالبعير
من مشرق الشمس الى مغربها
تركب كالبعير ...
وما لها من الحقوق غير حق الماء والشعير
وما لها من الطموح غير ان تأخذ للحلاق زوجة الامير
او ابنة الامير ...
او كلبة الامير ...
باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم
وحزمة البرسيم ...
14
يا اصدقاء الشعر:
اني شجر النار, واني كاهن الاشواق
والناطق الرسمي عن خمسين مليونا من العشاق
على يدي ينام اهل الحب والحنين
فمرة اجعلهم حمائما
ومرة اجعلهم اشجار ياسمين
يا اصدقائي ...
انني الجرح الذي يرفض دوما
سلطة السكين ...
15
يا اصدقائي الرائعين:
انا الشفاه للذين ما لهم شفاه
انا العيون للذين ما لهم عيون
انا كتاب البحر للذين ليس يقرأون
انا الكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون
انا كهذا العصر, يا حبيبتي
اواجه الجنون بالجنون
واكسر الاشياء في طفولة
وفي دمي, رائحة الثورة والليمون ...
انا كما عرفتموني دائما
هوايني ان اكسر القانون
انا كما عرفتموني دائما
اكون بالشعر ... وإلا لا أريد أن أكون ...
16
يا اصدقائي:
انتم الشعر الحقيقي
ولا يهم ان يضحك ... او يعبس ...
او ان يغضب السلطان
انتم سلا طيني ...
ومنكم استمد المجد, والقوة , والسلطان ...
قصائدي ممنوعة ...
في المدن التي تنام فوق الملح والحجارة
قصائدي ممنوعة ...
لانها تحمل للانسان عطر الحب, والحضارة
قصائدي مرفوضة ...
لانها لكل بيت تحمل البشارةْ
يا اصدقائي:
اني ما زلت بانتظاركم
لنوقد الشرارةْ ...
**
إغضب !! -نزار قباني
إغضبْ كما تشاءُ..
واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ
حطّم أواني الزّهرِ والمرايا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..
كلُّ ما تقولهُ سواءُ..
فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..
إغضبْ!
فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ
إغضب!
فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..
كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..
فإنَّ قلبي دائماً غفورُ
إغضب!
فلنْ أجيبَ بالتحدّي
فأنتَ طفلٌ عابثٌ..
يملؤهُ الغرورُ..
وكيفَ من صغارها..
تنتقمُ الطيورُ؟
إذهبْ..
إذا يوماً مللتَ منّي..
واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمتُ كبرياءُ
والحزنُ كبرياءُ
إذهبْ..
إذا أتعبكَ البقاءُ..
فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..
وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..
فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..
فأنتَ في حياتيَ الهواءُ..
وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ..
إغضبْ كما تشاءُ
واذهبْ كما تشاءُ
واذهبْ.. متى تشاءُ
لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ
وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ...
***************
قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
إهداء الى كل العشاق في عيدهم
.. عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب،
فكرت كثيرا..
ما الذي تجدي اعترافاتي؟
وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا..
صوروه فوق حيطان المغارات،
وفي أوعية الفخار والطين، قديما
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند..
وفوق الورق البردي في مصر ،
وفوق الرز في الصين..
وأهدوه القرابين، وأهدوه النذورا..
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق.
ترددت كثيرا..
فأنا لست بقسيس،
ولا مارست تعليم التلاميذ،
ولا أؤمن أن الورد..
مضطر لأن يشرح للناس العبيرا..
ما الذي أكتب يا سيدتي؟
إنها تجربتي وحدي..
وتعنيني أنا وحدي..
إنها السيف الذي يثقبني وحدي..
فأزداد مع الموت حضورا..
2
عندما سافرت في بحرك يا سيدتي..
لم أكن أنظر في خارطة البحر،
ولم أحمل معي زورق مطاط..
ولا طوق نجاة..
بل تقدمت إلى نارك كالبوذي..
واخترت المصيرا..
لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور..
عنواني على الشمس..
وأبني فوق نهديك الجسورا..
3
حين أحببتك..
لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا
أصبح جمرا مستديرا..
وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد..
يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذورا..
وبأن السرو قد زاد ارتفاعا..
وبأن العمر قد زاد اتساعا..
وبأن الله ..
قد عاد إلى الأرض أخيرا..
4
حين أحببتك ..
لاحظت بأن الصيف يأتي..
عشر مرات إلينا كل عام..
وبأن القمح ينمو..
عشر مرات لدينا كل يوم
وبأن القمر الهارب من بلدتنا..
جاء يستأجر بيتا وسريرا..
وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون..
قد طاب على العشق كثيرا..
5
حين أحببتك ..
صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى..
ومذاق الخبز أحلى..
وسقوط الثلج أحلى..
ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى..
ولقاء الكف بالكف على أرصفة " الحمراء " أحلى ..
والرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى..
وارتشاف القهوة السوداء..
والتدخين..
والسهرة في المسح ليل السبت..
والرمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع،
واللون النحاسي على ظهرك، من بعد ارتحال الصيف،
أحلى..
والمجلات التي نمنا عليها ..
وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها ..
أصبحت في أفق الذكرى طيورا...
6
حين أحببتك يا سيدتي
طوبوا لي ..
كل أشجار الأناناس بعينيك ..
وآلاف الفدادين على الشمس،
وأعطوني مفاتيح السماوات..
وأهدوني النياشين..
وأهدوني الحريرا
7
عندما حاولت أن أكتب عن حبي ..
تعذبت كثيرا..
إنني في داخل البحر ...
وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه
غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا.
8
ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟
كل ما تذكره ذاكرتي..
أنني استيقظت من نومي صباحا..
لأرى نفسي أميرا ..
*************
لماذا يستبدُّ أبي ؟ نزار قباني
اليوميات
كسطرٍ في جريدتهِ
كأني بعضُ ثروتهِ
وأن أبقى بجانبه
ككرسي بحجرتهِ ..
أيكفي أنني ابنتُهُ
وأني من سلالته
أيُطعمني أبي خبزاً ؟
أيغمرني بنعمتهِ ؟
كفرتُ أنا .. بمال أبي
بلؤلؤهِ .. بفضّتهِ ..
أبي .. لم ينتبه يوماً
إلى جسدي .. وثورتهِ
أبي رجلٌ أنانيّ
مريضٌ في محبّتهِ
مريضٌ في تعصّبهِ
مريضٌ في تعنّتهِ ..
يثورُ . إذا رأى صدري
تمادى في استدارتِهِ
يثورُ إذا رأى رجلاً
يُقرِّبُ من حديقتهِ ...
أبي ..
لن يمنعَ التفَّاحَ عن إكمال دورتهِ
سيأتي ألفُ عصفورٍ
ليسرقَ من حديقتهِ ..
ليسرقَ من حديقتهِ ..
سيأتي ألفُ عصفورٍ
ليسرقَ من حديقتهِ ..
***********
****
************
لا بدَّ من العودة مرةً أخرى إلى الحديث عن دار (مئذنة الشحم) لأنها المفتاح إلى شعري، والمدخل الصحيح إليه.
و بغير الحديث عن هذه الدار تبقى الصورة غير مكتملة، و منتزعة من إطارها.
هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة.
إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ ، و لكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر . . وإنما أظلم دارنا.
و الذين سكنوا دمشق، و تغلغلوا في حاراتها و زواريبها الضيقة، يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون...
بوّابة صغيرة من الخشب تنفتح. و يبدأ الإسراء على الأخضر، و الأحمر، و الليلكيّ، و تبدأ سيمفونية الضوء و الظّل و الرخام.
شجرة النارنج تحتضن ثمارها، و الدالية حامل، و الياسمينة ولدت ألف قمر أبيض و علقتهم على قضبان النوافذ..و أسراب السنونو لا تصطاف إلا عندنا..
أسود الرخام حول البركة الوسطى تملأ فمها بالماء.. و تنفخه.. و تستمر اللعبة المائية ليلاً و نهاراً..لا النوافير تتعب.. و لا ماء دمشق ينتهي..
الورد البلديّ سجَّاد أحمر ممدود تحت أقدامك.. و اللَّيلكَة تمشط شعرها البنفسجي، والشِمشير، و الخبَّيزة، و الشاب الظريف،و المنثور، و الريحان، و الأضاليا.. و ألوف النباتات الدمشقية التي أتذكَّر ألوانها و لا أتذكر أسمائها.. لا تزال تتسلق على أصابعي كلَّما أرت أن أكتب..
القطط الشامِّية النظيفة الممتلئة صحةً و نضارة تصعد إلى مملكة الشمس لتمارس غزلها ورومانتيكيتها بحريّة مطلقة، و حين تعود بعد هجر الحبيب و معها قطيع من صغارها ستجد من يستقبلها و يُطعمها و يكفكف دموعها..
الأدراج الرخاميّة تصعد.. و تصعد..على كيفها.. و الحمائم تهاجر و ترجع على كيفها.. لا أحد يسألها ماذا تفعل؟ و السمكُ الأحمر يسبح على كيفه.. و لا أحد يسأله إلى أين؟
و عشرون صحيفة فُلّ في صحن الدار هي كل ثروة أمي.
كلُّ زّر فّلٍ عندها يساوي صبيّاً من أولادها.. لذاك كلما غافلناها و سرقنا ولداً من أولادها.. بكتْ.. و شكتنا إلى الله..
***
ضمن نطاق هذا الحزام الأخضر.. ولدتُ، وحبوتُ ، و نطقتُ كلماتي الأولى.
كان اصطدامي بالجمال قَدراً يومياً. كنتُ إذا تعثّرتُ أتعثّر بجناح حمامة.. وإذا سقطتُ أسقط على حضن وردة..
هذا البيت الدمشقي الجميل استحوذ على كل مشاعري و أفقدني شهِّية الخروج إلى الزقاق.. كما يفعل الصبيات في كل الحارات.. و من هنا نشأ عندي هذا الحسُّ (البيتوتّي) الذي رافقني في كلّ مراحل حياتي.
إنني أشعر حتى اليوم بنوع من الاكتفاء الذاتي، يجعل التسَّكع على أرصفة الشوارع، واصطياد الذباب في المقاهي المكتظة بالرجال، عملاً ترفضه طبيعتي.
وإذا كان نصف أدباء العالم قد تخرج من أكاديمية المقاهي، فإنني لم أكن من متخرّجيها.
لقد كنت أؤمن أن العمل الأدبي عمل من أعمال العبادة، له طقوسه و مراسمه و طهارته، وكان من الصعب عليَّ أن أفهم كيف يمكن أن يخرج الأدب الجادّ من نرابيش النراجيل، وطقطقة أحجار النرد..
***
طفولتي قضيتها تحت (مظلّة الفيْ و الرطوبة) التي هي بيتنا العتيق في (مئذنة الشحم).
كان هذا البيت هو نهاية حدود العالم عندي، كان الصديق، و الواحة، و المشتى، و المصيف..
أستطيع الآن ، أن أغمض عيني و أعد مسامير أبوابه، و أستعيد آيات القرآن المحفورة على خشب قاعاته.
أستطيع الآن أن أعدّ بلاطاته واحدةً.. واحدة.. و أسماك بركته واحدةً.. واحدة.. و سلالمه الرخاميّة درجةً.. درجة..
أستطيع أن أغمض عيني، و أستعيد، بعد ثلاثيين سنة مجلسَ أبي في صحن الدار، و أمامه فنجان قهوته، و منقله، و علبة تبغه، و جريدته.. و على صفحات الجريدة تساقط كلّ خمس دقائق زهرة ياسمين بيضاء.. كأنها رسالة حبّ قادمة من السماء..
على السجادة الفارسيّة الممدودة على بلاط الدار ذاكرتُ دروسي، و كتبتُ فروضي، و حفظتُ قصائد عمر بن كلثوم، و زهير، و النابغة الذبياني، و طرفة بن العبد..
هذا البيت-المظّلة ترك بصماته واضحة على شعري. تماماً كما تركت غرناطة و قرطبة و إشبيليا بصماتها على الشعر الأندلسي.
القصيدة العربية عندما وصلت إلى إسبانيا كانت مغطّاةً بقشرة كثيفة من الغبار الصحراوي.. و حين دخلتْ منطقة الماء و البرودة في جبال (سييرا نيفادا) و شواطئ نهر الوادي الكبير..
و تغلغلت في بساتين الزيتون و كروم العنب في سهول قرطبة، خلعت ملابسها و ألقت نفسها في الماء.. و من هذا الاصطدام التاريخي بين الظمأ و الريّ..وُلِدَ الشعر الأندلسيّ..
هذا هو تفسيري الوحيد لهذا الإنقلاب الجذريّ في القصيدة العربية حين سافرتْ إلى إسبانيا في القرن السابع.
إنها بكل بساطة دخلتْ إلى قاعة مكيّفة الهواء..
و الموشحات الأندلسية ليست سوى (قصائد مكيفة الهواء)..
و كما حدث للقصيدة العربية في إسبانيا حدث لي، امتلأت طفولتي رطوبة، و امتلأت دفاتري رطوبة، و امتلأت أبجديتي رطوبة..
هذه اللغة الشاميّة التي تتغلغل في مفاصل كلماتي، تعلَّمتها في البيت-المظّلة الذي حدثتكم عنه..
و لقد سافرت كثيراً بعد ذلك، و ابتعدت عن دمشق موظفاً في السلك الدبلوماسي نحو عشرين عاماً و تعلمت لغاتً كثيرة أخرى، إلاَّ أن أبجديتي الدمشقية ظلت متمسكة بأصابعي و حنجرتي، و ثيابي. و ظللتُ ذلك الطفل الذي يحمل في حقيبته كلَّ ما في أحواض دمشق، من نعناعٍ، و فلّ، و ورد بلدي..
إلى كل فنادق العالم التي دخلتُها..حملتُ معي دمشق، و نمت معها على سريرٍ واحد.
***************
أغـاني من كلمات نزار قباني
*****
الأغنيه: غنـاء : ألحـان
بغداد: إلهام المدفعي إلهام المدفعي
إغضب: أصالة نصري حلمي بكر
القدس: لطيفة وكاظم الساهر كاظم الساهر
تلومني الدنيا: لطيفة كاظم الساهر
صباحك سكر: كاظم الساهر كاظم الساهر
هل عندك شك: كاظم الساهر كاظم الساهر
يدك: كاظم الساهر كاظم الساهر
قولي أحبك: كاظم الساهر كاظم الساهر
التحديات: كاظم الساهر كاظم الساهر
أكرهها: كاظم الساهر كاظم الساهر
حبيبتي والمطر: كاظم الساهر كاظم الساهر
كل عام وأنت حبيبتي: كاظم الساهر كاظم الساهر
زيديني عشقاً: كاظم الساهر كاظم الساهر
علمني حبك: كاظم الساهر كاظم الساهر
طوق الياسمين: ماجدة الرومي كاظم الساهر
يا بيروت: ماجدة الرومي جمال سلامة
مع جريدة: ماجدة الرومي جمال سلامة
كلمات: ماجدة الرومي إحسان المنذر
نهر الأحزان: خالد الشيخ خالد الشيخ
قارئة الفنجان: عبد الحليم حافظ محمد الموجي
رسالة من امرأة: فايزة أحمد محمد سلطان
لا تسألوني: فيروز الأخوين رحباني
أصبح عندي بندقية: أم كلثوم محمد عبد الوهاب
للاستماع إلى القصائد المغناة
اضغط هنا
*********
للاستماع والتحميل: قصائد لنزار بصوت نزار
****
تحميل | استماع |
| |||
تحميل | استماع | اسم القصيدة | |||
عينـــاك | |||||
هذي البـلاد | |||||
درس في الحب | |||||
الـقــرار | |||||
التلميـــذ | |||||
عزف منفـرد | |||||
قولـي أحبـك | |||||
يا صديقتـي | |||||
مازلت تسألنـي | |||||
أنا لست مهتما | |||||
أشكوك للسماء | |||||
أنـا رجـل | |||||
إن كنت حبيبي | |||||
زيدينـي عشقا | |||||
حبك يعمـي | |||||
حـب امـرأه | |||||
عندما تبكيـن | |||||
دعينـي أصب | |||||
وفقدت يا وطني | |||||
بيروت والحب | |||||
الحب يا حبيبتي | |||||
إني خيـرتك | |||||
تاريخ ميـلادي | |||||
أحبـــك | |||||
إياك ان تتصوري |
*****
لمشاهدة نزار يلقي قصائده : صوت وصورة