للقراءة والاستماع والتحميل : برنامج الشعر والغناء، الحلقة: الثانية والعشرون، وهي حول الشعر المغنى لأمير الشعراء أحمد شوقي Dr. Mahmoud EL-Saied EL- Doghim, إعداد وتقديم: د. محمود السيد الدغيم

*****

الحلقة الثانية

اضغط هنا 

****

 برنامج الشعر والغناء
إعداد وتقديم د. محمود السيد الدغيم
هذه الحلقة حول الشعر المغني لأمير الشعراء أحمد شوقي، وهذه الحلقة هي الحلقة : 22 من سلسلة برامج الشعر والغناء، ومدة الحلقة: 45 دقيقة
وبثت هذه الحلقة من راديو سبيكتروم بلندن الساعة الثامنة مساء يوم السبت 31/1/ 1998م، وأعيد بثها أكثر من مرة

وقدمت من هذا البرنامج عدة حلقات من إذاعة ام بي سي اف ام، وبثت من البرنامج ثلاثون حلقة من راديو دوتشي فيلي الاذاعة العربية الألمانية، وبثت عدة حلقات من الإذاعة السودانية ، وبثت بعض الحلقات من الإذاعة التونسية، وقدمت لاتحاد الإذاعات العربية ثلاثون حلقة، وبلغ عدد حلقات هذا البرنامج الأسبوعي مئة وعشر حلقات

**

رابط تحميل البرنامج

اضغط  icon Shawqi-1.ram (10.01 MB)   هنا

***

للذهاب إلى الحلقة الثانية

اضغط هنا
***
إذا لم تسمعوا الصوت فهذا يعني أن ليس لديكم برنامج ريل بلير، ومع ذلك يمكنكم الاستماع بتشغيل الملف التالي "فلاش"

بالضغط على السهم الأبيض وسط المربع الأسود

******

امير الشعراء أحمد شوقي
ولد في 20 من رجب 1287 هـ = 16 من أكتوبر 1870م ، ومات في 13 من جمادى الآخرة = 14 تشرين الأول/ أكتوبر 1932م.
كان الشعر العربي على موعد مع االإنبهار الفكري واللغوي، ، كي يبعث فيه روحًا جديدة فتعيد الجمال والإزدهار والتورد. فكان"البارودي" ، الذي أعاد الروح إلى درب الشعر العربي، ، ومعه كوكبة من الشعراء منهم إسماعيل صبري، وحافظ إبراهيم، وأحمد محرم، ، ، وعبد الحليم المصري. وكان أحمد شوقي هو نجم هذه الكوكبة وأميرها عن اختيار وثقة، ، فابدع وأشغل الناس وأبدع في كافّة نواحي الشعر وأشجاها..
ميلاده
ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في (20 من رجب 1287 هـ = 16 من أكتوبر 1870م) لأب تركي وأم من أصول يونانية، وكانت جدته تعمل بقصر الخديوي إسماعيل، ، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، ، وأنهل من دواوين فحول الشعراء الشعر يجري على لسانه.

وبعد أن أنهى تعليمه بالمدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره التحق بمدرسة الحقوق سنة (1303هـ = 1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ "محمد البسيوني"، ورأى فيه مشروع شاعر كبير، فشجّعه، وكان الشيخ بسيوني يُدّرس البلاغة في مدرسة الحقوق ويُنظِّم الشعر في مدح الخديوي توفيق في المناسبات، وبلغ من إعجابه بموهبة تلميذه أنه كان يعرض عليه قصائده قبل أن ينشرها في جريدة الوقائع المصرية، وأنه أثنى عليه في حضرة الخديوي، وأفهمه أنه جدير بالرعاية، وهو ما جعل الخديوي يدعوه لمقابلته.
**
السفر
 وبعد عامين من الدراسة تخرّج من المدرسة، والتحق بقصر الخديوي توفيق، الذي ما لبث أن أرسله على نفقته الخاصة إلى فرنسا، فالتحق بجامعة "مونبلييه" لمدة عامين لدراسة القانون، ثم انتقل إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته حتى حصل على إجازة الحقوق سنة (1311هـ = 1893م)، ثم مكث أربعة أشهر قبل أن يغادر فرنسا في دراسة الأدب الفرنسي دراسة جيدة ومطالعة إنتاج كبار الكتاب والشعر.
**
العودة
عاد شوقي إلى مصر فوجد الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر، فعيّنه بقسم الترجمة في القصر، ثم ما لم لبث أن توثَّقت علاقته بالخديوي الذي رأى في شعره عونًا له في صراعه مع الإنجليز، فقرَّبه إليه بعد أن ارتفعت منزلته عنده، وخصَّه الشاعر العظيم بمدائحه في غدوه ورواحه، وظل شوقي يعمل في القصر حتى خلع الإنجليز عباس الثاني عن عرش مصر، وأعلنوا الحماية عليها سنة (1941م)، وولّوا حسين كامل سلطنة مصر، وطلبوا من الشاعر مغادرة البلاد، فاختار النفي إلى برشلونة في إسبانيا، وأقام مع أسرته في دار جميلة تطل على البحر المتوسط. شعره في هذه الفترة ودار شعر شوقي في هذه الفترة التي سبقت نفيه حول المديح؛ حيث غمر الخديوي عباس حلمي بمدائحه والدفاع عنه، وهجاء أعدائه، ولم يترك مناسبة إلا قدَّم فيها مدحه وتهنئته له، منذ أن جلس على عرش مصر حتى خُلع من الحكم، ويمتلئ الديوان بقصائد كثيرة من هذا الغرض. ووقف شوقي مع الخديوي عباس حلمي في صراعه مع الإنجليز ومع من يوالونهم، لا نقمة على المحتلين فحسب، بل رعاية ودفاعًا عن ولي نعمته كذلك، فهاجم رياض باشا رئيس النُظّار حين ألقى خطابًا أثنى فيه على الإنجليز وأشاد بفضلهم على مصر، وقد هجاه شوقي فقال

غمرت القوم إطراءً وحمدًا
وهم غمروك بالنعم الجسام
خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا
 أضيف إلى مصائبنا العظام
لهجت بالاحتلال وما أتاه
 وجرحك منه لو أحسست دام

وبلغت موالاته للقصر وارتباطه بالخديوي أنه ذمَّ أحمد عرابي وهجاه بقصيدة موجعة، ولم يرثِ صديقه مصطفى كامل إلا بعد فترة، وكانت قد انقطعت علاقته بالخديوي بعد أن رفع الأخير يده عن مساندة الحركة الوطنية بعد سياسة الوفاق بين الإنجليز والقصر الملكي؛ ولذلك تأخر رثاء شوقي بعد أن استوثق من عدم إغضاب الخديوي، وجاء رثاؤه لمصطفى كامل شديد اللوعة صادق الأحزان، قوي الرنين، بديع السبك والنظم، وإن خلت قصيدته من الحديث عن زعامة مصطفى كامل وجهاده ضد المستعمر، ومطلع القصيدة:

 المشرقان عليك ينتحبان
قاصيهما في مأتم والدان
يا خادم الإسلام أجر مجاهد
 في الله من خلد ومن رضوان
لمّا نُعيت إلى الحجاز مشى الأسى
 في الزائرين وروّع الحرمان

وارتبط شوقي بدولة الخلافة العثمانية ارتباطًا وثيقًا، وكانت مصر تابعة لها، فأكثر من مدح سلطانها عبد الحميد الثاني؛ داعيًا المسلمين إلى الالتفات حولها؛ لأنها الرابطة التي تربطهم وتشد من أزرهم، فيقول: أما الخلافة فهي حائط بيتكم حتى يبين الحشر عن أهواله لا تسمعوا للمرجفين وجهلهم فمصيبة الإسلام من جُهّاله ولما انتصرت الدولة العثمانية في حربها مع اليونان سنة (1315هـ = 1987م) كتب مطولة عظيمة بعنوان "صدى الحرب"، أشاد فيها بانتصارات السلطان العثماني، بقوله:
بسيفك يعلو الحقّ والحق أغلب
وينصر دين الله أيان تضرب
وهي مطولة تشبه الملاحم، وقد قسمها إلى أجزاء كأنها الأناشيد في ملحمة، فجزء تحت عنوان "أبوة أمير المؤمنين"، وآخر عن "الجلوس الأسعد"، وثالث بعنوان "حلم عظيم وبطش أعظم". ويبكي سقوط عبد الحميد الثاني في انقلاب قام به جماعة الاتحاد والترقي، فينظم رائعة من روائعه العثمانية التي بعنوان "الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد"، وقد استهلها بقوله:

سل يلدزا ذات القصور
هل جاءها نبأ البدور
لو تستطيع إجابة
 لبكتك بالدمع الغزير

ولم تكن صلة شوقي بالترك صلة رحم ولا ممالأة لأميره فحسب، وإنما كانت صلة في الله، فقد كان السلطان العثماني خليفة المسلمين، ووجوده يكفل وحدة البلاد الإسلامية ويلم شتاتها، ولم يكن هذا إيمان شوقي وحده، بل كان إيمان كثير من الزعماء المصريين. وفي هذه الفترة نظم إسلامياته الرائعة، وتعد قصائده في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أبدع شعره قوة في النظم، وصدقًا في العاطفة، وجمالاً في التصوير، وتجديدًا في الموضوع، ومن أشهر قصائده "نهج البردة" التي عارض فيها البوصيري في بردته، وحسبك أن يعجب بها شيخ الجامع الأزهر آنذاك محدث العصر الشيخ "سليم البشري" فينهض لشرحها وبيانها. يقول في مطلع القصيدة:

ريم على القاع بين البان والعلم
 أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
ومن أبياتها في الرد على مزاعم المستشرقين الذين يدعون أن الإسلام انتشر بحد السيف:
قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا
 لقتل نفس ولا جاءوا لسفك دم
جهل وتضليل أحلامٍ وسفسطة
 فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلم
ويلحق بنهج البردة قصائد أخرى، مثل: الهمزية النبوية، وهي معارضة أيضًا للبوصيري،
وقصيدة ذكرى المولد التي مطلعها:

سلوا قلبي غداة سلا وتابا
 لعل على الجمال له عتابًا

كما اتجه شوقي إلى الحكاية على لسان الحيوان، وبدأ في نظم هذا الجنس الأدبي منذ أن كان طالبًا في فرنسا؛ ليتخذ منه وسيلة فنية يبث من خلالها نوازعه الأخلاقية والوطنية والاجتماعية، ويوقظ الإحساس بين مواطنيه بمآسي الاستعمار ومكائده. وقد صاغ شوقي هذه الحكايات بأسلوب سهل جذاب، وبلغ عدد تلك الحكايات 56 حكاية، نُشرت أول واحدة منها في جريدة "الأهرام" سنة (1310هـ = 1892م)، وكانت بعنوان "الهندي والدجاج"، وفيها يرمز بالهندي لقوات الاحتلال وبالدجاج لمصر.
**
 النفي إلى إسبانيا
وفي الفترة التي قضاها شوقي في إسبانيا تعلم لغتها، وأنفق وقته في قراءة كتب التاريخ، خاصة تاريخ الأندلس، وعكف على قراءة عيون الأدب العربي قراءة متأنية، وزار آثار المسلمين وحضارتهم في إشبيلية وقرطبة وغرناطة. وأثمرت هذه القراءات أن نظم شوقي أرجوزته "دول العرب وعظماء الإسلام"، وهي تضم 1400 بيت موزعة على (24) قصيدة، تحكي تاريخ المسلمين منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة، على أنها رغم ضخامتها أقرب إلى الشعر التعليمي، وقد نُشرت بعد وفاته.
وفي المنفى اشتد به الحنين إلى الوطن وطال به الاشتياق وملك عليه جوارحه وأنفاسه. ولم يجد من سلوى سوى شعره يبثه لواعج نفسه وخطرات قلبه، وظفر الشعر العربي بقصائد تعد من روائع الشعر صدقًا في العاطفة وجمالاً في التصوير، لعل أشهرها قصيدته التي بعنوان "الرحلة إلى الأندلس"، وهي معارضة لقصيدة البحتري التي يصف فيها إيوان كسرى التي مطلعها:
صنت نفسي عما يدنس نفسي
وترفعت عن جدا كل جبس
وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها، وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها، ومن أبيات القصيدة التي تعبر عن ذروة حنينه إلى مصر قوله:

أحرام على بلابله الدوح
حلال للطير من كل جنس
وطني لو شُغلت بالخلد عنه
 نازعتني إليه في الخلد نفسي
شهد الله لم يغب عن جفوني
شخصه ساعة ولم يخل حسي

عودة إلى الوطن
عاد شوقي إلى الوطن في سنة (1339هـ = 1920م)، واستقبله الشعب استقبالاً رائعًا واحتشد الآلاف لتحيته، وكان على رأس مستقبليه الشاعر الكبير "حافظ إبراهيم"، وجاءت عودته بعد أن قويت الحركة الوطنية واشتد عودها بعد ثورة 1919م، وتخضبت أرض الوطن بدماء الشهداء، فمال شوقي إلى جانب الشعب، وتغنَّى في شعره بعواطف قومه وعبّر عن آمالهم في التحرر والاستقلال والنظام النيابي والتعليم، ولم يترك مناسبة وطنية إلا سجّل فيها مشاعر الوطن وما يجيش في صدور أبنائه من آمال.
 لقد انقطعت علاقته بالقصر واسترد الطائر المغرد حريته، وخرج من القفص الذهبي، وأصبح شاعر الشعب المصري وترجمانه الأمين، فحين يرى زعماء الأحزاب وصحفها يتناحرون فيما بينهم، والمحتل الإنجليزي لا يزال جاثم على صدر الوطن، يصيح فيهم قائلاً:
إلام الخلف بينكم إلاما؟
وهذي الضجة الكبرى علاما؟
وفيم يكيد بعضكم لبعض
وتبدون العداوة والخصاما؟
وأين الفوز؟ لا مصر استقرت
على حال ولا السودان داما

ورأى في التاريخ الفرعوني وأمجاده ما يثير أبناء الشعب ويدفعهم إلى الأمام والتحرر، فنظم قصائد عن النيل والأهرام وأبي الهول. ولما اكتشفت مقبرة توت عنخ أمون وقف العالم مندهشًا أمام آثارها المبهرة، ورأى شوقي في ذلك فرصة للتغني بأمجاد مصر؛ حتى يُحرِّك في النفوس الأمل ويدفعها إلى الرقي والطموح، فنظم قصيدة رائعة مطلعها:
قفي يا أخت يوشع خبرينا
أحاديث القرون الغابرينا
وقصي من مصارعهم علينا
 ومن دولاتهم ما تعلمينا

وامتد شعر شوقي بأجنحته ليعبر عن آمال العرب وقضاياهم ومعاركهم ضد المستعمر، فنظم في "نكبة دمشق" وفي "نكبة بيروت" وفي ذكرى استقلال سوريا وذكرى شهدائها، ومن أبدع شعره قصيدته في "نكبة دمشق" التي سجّل فيها أحداث الثورة التي اشتعلت في دمشق ضد الاحتلال الفرنسي، ومنها:
بني سوريّة اطرحوا الأماني
 وألقوا عنكم الأحلام ألقوا
وقفتم بين موت أو حياة
فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا
وللأوطان في دم كل حرٍّ
يد سلفت ودين مستحقُّ
وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يُدَقُّ

ولم تشغله قضايا وطنه عن متابعة أخبار دولة الخلافة العثمانية، فقد كان لها محبًا عن شعور صادق وإيمان جازم بأهميتها في حفظ رابطة العالم الإسلامي، وتقوية الأواصر بين شعوبه، حتى إذا أعلن "مصطفى كمال أتاتورك" إلغاء الخلافة سنة 1924 وقع الخبر عليه كالصاعقة، ورثاها رثاءً صادقًا في قصيدة مبكية مطلعها

عادت أغاني العرس رجع نواح
 ونعيت بين معالم الأفراح
كُفنت في ليل الزفاف بثوبه
 ودفنت عند تبلج الإصباح
ضجت عليك مآذن ومنابر
 وبكت عليك ممالك ونواح
الهند والهة ومصر حزينة
 تبكي عليك بمدمع سحَّاح
***
الأمير بلا منازع
أصبح شوقي بعد عودته شاعر الأمة المُعبر عن قضاياها، لا تفوته مناسبة وطنية إلا شارك فيها بشعره، وقابلته الأمة بكل تقدير وأنزلته منزلة عالية، وبايعه شعراؤها بإمارة الشعر سنة (1346هـ = 1927م) في حفل أقيم بدار الأوبرا بمناسبة اختياره عضوًا في مجلس الشيوخ، وقيامه بإعادة طبع ديوانه "الشوقيات". وقد حضر الحفل وفود من أدباء العالم العربي وشعرائه، وأعلن حافظ إبراهيم باسمهم مبايعته بإمارة الشعر قائلاً:

بلابل وادي النيل بالشرق اسجعي
بشعر أمير الدولتين ورجِّعي
أعيدي على الأسماع ما غردت به
 براعة شوقي في ابتداء ومقطع
أمير القوافي قد أتيت مبايعًا
 وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
**
مسرحياته
بلغ أحمد شوقي قمة مجده، وأحس أنه قد حقق كل أمانيه بعد أن بايعه شعراء العرب بإمارة الشعر، فبدأ يتجه إلى فن المسرحية الشعرية، وكان قد بدأ في ذلك أثناء إقامته في فرنسا لكنه عدل عنه إلى فن القصيد. وأخذ ينشر على الناس مسرحياته الشعرية الرائعة، استمد اثنتين منها من التاريخ المصري القديم، وهما: "مصرع كليوباترا" و"قمبيز"، والأولى منهما هي أولى مسرحياته ظهورًا، وواحدة من التاريخ الإسلامي هي "مجنون ليلى"، ومثلها من التاريخ العربي القديم هي "عنترة"، وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي "علي بك الكبير"، وله مسرحيتان هزليتان، هما: "الست هدي"، و"البخيلة". ولأمر غير معلوم كتب مسرحية "أميرة الأندلس" نثرًا، مع أن بطلها أو أحد أبطالها البارزين هو الشاعر المعتمد بن عباد. وقد غلب الطابع الغنائي والأخلاقي على مسرحياته، وضعف الطابع الدرامي، وكانت الحركة المسرحية بطيئة لشدة طول أجزاء كثيرة من الحوار، غير أن هذه المآخذ لا تُفقِد مسرحيات شوقي قيمتها الشعرية الغنائية، ولا تنفي عنها كونها ركيزة الشعر الدرامي في الأدب العربي الحديث. مكانة شوقي منح الله شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث.
وكان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى "كبار الحوادث في وادي النيل" التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه.
وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء.

 وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.
وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أوابد رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: "عذراء الهند"، ورواية "لادياس"، و"ورقة الآس"، و"أسواق الذهب"، وقد حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب" للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.

وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه "الشوقيات"، ثم قام الدكتور محمد صبري السوربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه "الشوقيات المجهولة".
**
وفاته
ظل شوقي محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم، حتى إن الموت فاجأه بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها مشروع القرش الذي نهض به شباب مصر،
وفاضت روحه  في (13 من جمادى الآخرة = 14 تشرين الأول/ أكتوبر 1932م.
**
أحمد شوقي.. وأم كلثوم عشر قصائد متنوعة
عجيب أمر هذه الفنانة العظيمة، التي تعرفت على أمير الشعراء أحمد شوقي، بل وقابلته مرتين.. وهو الذي مدحها في إحدى قصائده.. ومع ذلك لم تشد بكلماته إلا من بعد رحيله. ولاشك أن ذلك كانت له أسباب في حينه.. على الأقل لوجود منافسها الشرس الموسيقار محمد عبدالوهاب داخل عقل أمير الشعراء وقلبه.
ونقولها كلمة حق في شأن سيدة القصيدة العربية وأمير الشعراء شوقي أنه على الرغم من شهرة ذلك الأمير، في مجال الشعر والمسرح الشعري ورغم قيام محمد عبدالوهاب بالترويج لبعض أشعاره إلا أن ذكراه تتجدد في كل حين.. عندما ينطلق صوت أم كلثوم بقصائده الخالدة.

قالت أم كلثوم :  ’’ التقيت أمير الشعراء أحمد شوقي في أواخر أيامه.. وكانت أول مرة رأيته فيها في محل سولت في شارع فؤاد القديم بجانب شكوريل.. وكان معه محمود فهمي النقراشي باشا والدكتور محجوب ثابت.. وقد دعاني إلى الغناء في الفيلا التي كان يسكنها على النيل حاملة اسم "كرمة بن هانئ". فذهبت مع أبي وأخي وغنيت ليلتها كما لم أغن من قبل - ورأيته يتمايل طرباً ولكنه كان يقطع النشوة التي هو فيها فيختفي لدقائق ثم يعود إلينا ساهماً.. ولم أكن أدري لماذا اختفى، فهمس أبي في اذني: إنه إلهام الشعر يجيئه فيقوم ليدون شيئاً ثم يعود...

وتأكيداً على ما سبق وذكرناه.. رغم هذه العلاقة. إلا أن أم كلثوم لم تغن له إلا بعد رحيله.. قالت أم كلثوم: "لم أغن له إلا بعد موته عدة قصائد".
وبالرجوع إلى سجل ما غنته أم كلثوم عن أحمد شوقي بالخصوص اتضح لنا أن عدد القصائد التي شدت بها سيدة القصيدة العربية من كلمات أمير الشعراء بلغت عشر قصائد هي بالترتيب: الملك بين يديك في عام 1936، وبعد هذا التاريخ بعشر سنوات غنت لأحمد شوقي ست قصائد هي: ولدى الهدى - في الأرض شر مقاديره من قصيدة السودان - ريم على القاع من قصيدة نهج البردة - سلوا قلبي - سلوا كؤوس الطلا - ثم أتعجل العمر.

وفي عام 1949غنت أم كلثوم "من أي عهد في القرى تتدفق" من قصيدة النيل، وفي عام 1954غنت له: بأبي ورحمي الناعمات.. ثم اختتمت هذه الرحلة مع أمير الشعراء في عام 1969حين تغنت بقصيدة "إلى عرفات الله".
وللشرف الكبير الذي ناله الموسيقار رياض السنباطي - فقد سمحت له أم كلثوم بأن ينفرد وحده وعلى غير عادتها.. بتلحين كل قصائد أحمد شوقي.. وهذا يدل دلاله كبيرة على تميز هذا الفنان العبقري وتفرده في تلحين القصائد الصعبة.
ومما لاحظناه بعد ما رجعنا إلى مدونات أمير الشعراء سواء في شوقياته المعلومة أو المجهولة لمراجعة ومضاهاة كلماته مع ما غنته أم كلثوم.. أن هذه المطربة العظيمة ولأول مرة مع أحد الشعراء المعاصرين لا تلجأ كثيراً إلى تبديل أو تعديل كلمات الأبيات التي كتبها الشاعر، إلا في حدود ضيقة جداً. ولم نلاحظها إلا في أبيات بعتها، وإن كانت قد سمحت لنفسها بانتقاء بعض الأبيات واختيار أبيات دون غيرها.. نظراً لطول قصائد أحمد شوقي... وصعوبتة فهم كلمات بعض هذه الأبيات أيضا.

كانت قصيدة "عيد الدهر" من أوائل ما غنته أم كلثوم وجاء في مطلعها:
الملك بين يديك في إقباله
عوذت ملكك بالنبي وآله

وقد نشرها أمير الشعراء شوقي في الجزء الأول من الشوقيات تحت عنوان "عيد الدهر وليلة القدر".. وعدد أبياتها 57بيتاً.. اختارت منها أم كلثوم عدة أبيات.. مع ملاحظة التزامها بالترتيب الذي وضعه أمير الشعراء بالنسبة للبيتين الأولين فقط، ثم بعد ذلك أخذت تنتقي منها بقية الأبيات التي غنتها ولحنها رياض السنباطي، وكذلك اختتمت هذه القصيدة بالبيت الثالث قبل الأخير مما نشره أحمد شوقي والذي تقول فيه كوكب الشرق:
تهيئ بعيدك في الممالك واسلمي
في السلم للإلاف من أمثاله
وتعد هذه القصيدة ثاني أغنية لأم كلثوم تغنيها تحية للملك فاروق.. وإن كانت تعد أول قصيدة في الترتيب العام لكل أغانيها المعلن عنها.. إذ غنتها بمناسبة توليه سلطاته الدستورية في عام  1936.وبعد هذا التاريخ بعشر سنوات.. أي في عام 1946غنت أم كلثوم لأمير الشعراء شوقي خمس قصائد دفعة واحدة، وهي بدون ترتيب: قصيدة: "ولد الهدى". التي نشرها أحمد شوقي في شوقياته تحت عنوان "الهمزية النبوية".. وقد اختارت منها كوكب الشرق 34بيتاً فقط من أصل  129 بيتاً هي كل أبيات القصيدة. وجاء هذا الاختيار ممثلاً لمعظم مقاطع هذه القصيدة الكبيرة - إذ اختارت من المقطع الأول 4أبيات وهي التي تقول في مطلعها:
ولدى الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وسناء
كما أهملت منه ثلاثة أبيات.. ومن المقطع الثاني اختارت 10أبيات من أصل 39بيتاً هي عدد أبيات هذا المقطع.. وتقول في مطلع هذا المقطع:
يا خير من جاء الوجود تحية
من مرسلين إلى الهدى بك جاءوا
ومن المقطع الثالث وعدد أبياته 17بيتاً اختارت أم كلثوم ثلاثة أبيات فقط.. قالت في البيت الأول منه:
يوحي إليك الفوز في ظلمائه
متتابعاً تجلى به الظلماء
أما المقطع الرابع فعدد أبياته 19بيتاً اختارت منه أم كلثوم 12بيتاً فقط.. وفيه تقول:
بك يا بن عبدالله قامت سمحة
بالحق من ملل الهدى غراء
ولم تغن أم كلثوم أبياتاً من المقطعين الخامس والسادس.. وعدد ما بهما من أبيات بلغ 21بيتاً!.
أما بالنسبة للمقطع السابع فقد اختارت منه أم كلثوم ثلاثة أبيات من أصل 21بيتاً، وقالت في مطلعه:
يا من له عز الشفاعة وحده
وهو المنزه ماله من شفعاء
أما المقطع الثامن والأخير فقد اختارت منه بيتين من أصل خمسة أبيات.
ولقد لاحظنا أثناء إجراء هذه المقابلة بين ما كتبه شوقي وما غنته أم كلثوم.. أن الأخيرة لم تلتزم في اختيارها السابق للأبيات، بالترتيب الذي وضعه أحمد شوقي.
وفي حقيقة الأمر لم نشعر في أية لحظة بوجود أي نوع من القطع أو الإخلال!.. حتى وكأننا نتصور أن ما تغنت به أم كلثوم من أبيات أعاد ترتيبها الملحن رياض السنباطي هو ما كتبه أحمد شوقي نفسه، وتلك هي قمة العبقرية سواء في الغناء أو التلحين.
كما لاحظنا أن عدم الالتزام بالترتيب العام لأبيات قصائد أحمد شوقي في كل ما غنته أم كلثوم كان هو السمة الغالبة!!.
ثم غنت أم كلثوم في العام نفسه قصيدة "سلوا قلبي".. وقد نشرها أحمد شوقي في ديوانه تحت عنوان: "ذكرى المولد"، وبلغ عدد أبياتها 71بيتاً غنت منهم أم كلثوم 21بيتاً فقط.. وهذه القصيدة يقول مطلعها:
سلوا قلبي غداة سلا وتابا
لعل على الجمال له عتاباً
وقد لاحظنا أن أم كلثوم قد التزمت بالأبيات الستة الأول وفق ترتيب أمير الشعراء شوقي.. أما باقي ما غنته فقد اختارتهم كوكب الشرق اختياراً عشوائياً وفق رغبة الموسيقار رياض السنباطي!. كما غنت أم كلثوم أبياتاً من قصيدة "نهج البردة" التي بدأتها بقولها:
ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
إذ إن عدد أبياتها كما جاء في ديوان الشوقيات 190بيتاً.. غنت منها كوكب الشرق 30بيتاً، وقد شغلت لطول أبياتها وكثرة عددها ما يقرب من خمس عشرة صفحة من الشوقيات!.
والغريب أن أم كلثوم قد التزمت وفق ترتيب هذه الأبيات بالبيت الأول فقط ثم بدأت بعد ذلك عملية انتقاء واسعة أسفرت عن اختيارها بقية الأبيات التي شدت بها!، مع ملاحظة أن هذا الاختيار قد تركز في الخمسين بيتاً الأوائل، وهي من الأبيات التي تمثل الجزء الأول من هذه القصيدة الطويلة!.
ليس هذا فقط.. بل لذكاء أم كلثوم المفرط قد التزمت كذلك بالبيت الأخير في هذه القصيدة وفق ترتيب أحمد شوقي الذي قال فيه:
يا رب أحسنت بدء المسلمين به
فتمم الفضل وامنح حسن مختتم
وجاء الدور على قصيدة: "سلوا كؤوس الطلا". وهي من القصائد التي كتبها شوقي خصيصاً لكي تغنيها أم كلثوم!. والتي قالت عنها أم كلثوم في مذكراتها:
وفي صباح اليوم التالي جاءني من يقول: إلحقي يا ست.. شوقي بك أمام الباب الخارجي.. فهرولت لأجده.. كان وجهه مضيئاً بابتسامة طيبة.. وقد دفع إلى بمظروف.. وهو يقول: هذه هدية متواضعة تعبر عن إعجابي!.. إنها من وحيك.. وفتحت المظروف لأجد قصيدة:
سلوا كؤوس الطلا
هل لامست فاها
واستنجدوا الراح
هل مسّت يداها
وتواصل أم كلثوم قولها في مذكراتها: ولكن لم أغن الأغنية في حياته "غنيتها بعد موته..". وقد غيرت في كلمات البيت الرابع الذي يقول فيه أحمد شوقي:
هيفاء كالبان يلتف النسيم بها
وينتهي فيه تحت العرش عطفاها
إذ لجأت لشاعرها المفضل آنذاك أحمد رامي.. لإتمام هذا التغيير المطلوب مستخدماً حرفيته المعهودة في ذلك.. وقد غير الشطر الثاني فجاء البيت الذي غنته أم كلثوم مغايراً بعض الشئ لما كتبه شوقي.. وهي التي تقول فيه:
هيفاء كالبان يلتف النسيم بها
ويلفت الطير تحت العرش عطفاها
وقصيدة "سلوا كؤوس الطلا" لم ينشرها شوقي في ديوان الشوقيات.. بل جمعها من بعده الدارسون.. ووضعوها فيما أسموه "بالشوقيات المجهولة"!، وفي القسم الغنائي من هذه الشوقيات!.. كذلك غنت كوكب الشرق أبياتاً من قصيدة "السودان". لتي تقول في مطلعها:
وفي الأرض شر مقاديره
لطيف السماء ورحمانها
وفي عام 1949، أعادت أم كلثوم الروح من جديد لأشعار أمير الشعراء شوقي.. إذ تغنت في هذا العام بأبيات من قصيدته "النيل" والتي نشرها أمير الشعراء تحت عنوان "أيها النيل"، وعدد أبياتها 21بيتاً في المقطع الأول، و 14في المقطع الثاني و 81في المقطع الثالث، و 37في المقطع الرابع، الى 153بيتاً.. أما ما غنته أم كلثوم فقد بلغ 24بيتاً فقط!!. ويقول مطلع هذه القصيدة:
في أي عهد في القرى تتدفق
وبأي كف في المدائن تفدق
وكالعادة اختارت كوكب الشرق 8أبيات من المقطع الأول.. ومن المقطع الثالث 9أبيات.. ثم اختارت من المقطع الرابع والأخير 7أبيات فقط.
وفي عام 1954كررت أم كلثوم التجربة مع الشاعر أحمد شوقي.. فغنت له القصيدة قبل الأخيرة في سلسلة القصائد التي غنتها لشوقي والتي تقول في مطلعها:
بأبي وروحي الناعمان الفيدا
الباسمات عن اليتيم نضيرا
وهي من القصائد التي لم تسجلها على اسطوانة كالعادة.. وفي الشوقيات نشرها أمير الشعراء تحت عنوان: "تكريم" وعدد أبياتها 38بيتاً في المقطع الأول و 12في المقطع الثاني، أما ما غنته أم كلثوم فقد بلغ 16بيتاً فقط.. اختارتها من المقطع الأول

وأخيراً وفي عام , 1965.اختتمت أم كلثوم غناء شوقيات أمير الشعراء بالشدو بقصيدته المشهورة: "إلى عرفات" التي يقول فيها:
إلى عرفات الله يا خير زائر
عليك سلام الله في عرفات
وعدد أبياتها 34في المقطع الأول، و 18في الثاني، و 11بيتاً في الثالث، أما أم كلثوم فقد غنت فقط 25بيتاً تخيرتهم جميعاً من المقاطع الثلاثة.. وقد غيرت في كلمات البيت الذي قال فيه شوقي:
إذا زرت يا مولاي قبر محمد
وقبلت مثوى الأعظم العطرات

إذ بدلت في الشطر الأول حيث أصبح يقول:

إذا زرت بعد البيت قبر محمد
وقبلت مثوى الأعظم العطرات

والجميل في هذه القصيدة. أن كوكب الشرق قد التزمت بالأبيات السبعة الأخيرة من القصيدة التي كتبها شوقي وفق ترتيبه كختام لما تغنت به

خاتمة
ولد شاعرنا الكبير أحمد شوقي وفق ما أكده الدكتور شوقي حسنين في عام , 1869.بالقاهرة.. إلا أن هناك من المؤرخين الذين اختلفوا في تاريخ ميلاد أمير الشعراء. حيث قالوا غير ذلك.. والدكتور ماهر حسن فهمي يوضح لنا سبب هذا الخلاف بقوله: اختلف مؤرخو الأدب في مولد شوقي، فجلهم ذكر أن ميلاده كان عام 1868م وجاء ذلك نقلاً عن الشوقيات القديمة حين ذكر شوقي في مقدمتها أن يحبو إلى الثلاثين، ولما كان تاريخ طبعها هو 1898م، فإن تاريخ ميلاده علي هذا الأساس المذكور يكون صحيحا.. (ويقصد هنا عام 1870). ولكن كاتباً واحداً عنى نفسه بتحقيق تاريخ صدور الشوقيات القديمة وهو الدكتور محمد صبري، فوجد أن التقاريظ المذكورة آخر الديوان تؤرخ عام 1317هـ وهو يقابل 1900م أو النصف الأول منها على وجه الدقة، ورغم ذلك تابع غيره من الكتاب وذكر أن تاريخ ميلاد شوقي هو عام 1868م.

***

نهج البردة
ريمٌ   عَلى   القاعِ   بَينَ   البانِ     وَالعَلَمِ"        "أَحَلَّ  سَفكَ   دَمي   في   الأَشهُرِ     الحُرُمِ
رَمى   القَضاءُ   بِعَينَي    جُؤذَرٍ      أَسَدًا"        "يا  ساكِنَ   القاعِ   أَدرِك   ساكِنَ     الأَجَمِ
لَمّا    رَنا     حَدَّثَتني     النَفسُ     قائِلَةً"        "يا  وَيحَ  جَنبِكَ  بِالسَهمِ   المُصيبِ     رُمي
جَحَدتُها   وَكَتَمتُ   السَهمَ    في      كَبِدي"        "جُرحُ   الأَحِبَّةِ   عِندي   غَيرُ   ذي     أَلَمِ
رُزِقتَ  أَسمَحَ  ما  في  الناسِ  مِن     خُلُقٍ"        "إِذا  رُزِقتَ  اِلتِماسَ   العُذرِ   في     الشِيَمِ
يا   لائِمي   في   هَواهُ   وَالهَوى      قَدَرٌ"        "لَو  شَفَّكَ   الوَجدُ   لَم   تَعذِل   وَلَم     تَلُمِ
لَقَد     أَنَلتُكَ     أُذنًا     غَيرَ      واعِيَةٍ"        "وَرُبَّ   مُنتَصِتٍ   وَالقَلبُ    في      صَمَمِ
يا  ناعِسَ  الطَرفِ  لا  ذُقتَ  الهَوى    أَبَدًا"        "أَسهَرتَ  مُضناكَ  في  حِفظِ  الهَوى     فَنَمِ
أَفديكَ   إِلفًا   وَلا   آلو    الخَيالَ      فِدًى"        "أَغراكَ   باِلبُخلِ   مَن    أَغراهُ      بِالكَرَمِ
سَرى   فَصادَفَ    جُرحًا    دامِيًا    فَأَسا"        "وَرُبَّ   فَضلٍ    عَلى    العُشّاقِ      لِلحُلُمِ
مَنِ    المَوائِسُ    بانًا    بِالرُبى       وَقَنًا"        "اللاعِباتُ    بِروحي    السافِحاتُ      دَمي
السافِراتُ    كَأَمثالِ     البُدورِ     ضُحًى"        "يُغِرنَ  شَمسَ  الضُحى  بِالحَليِ     وَالعِصَمِ
القاتِلاتُ       بِأَجفانٍ       بِها       سَقَمٌ"        "وَلِلمَنِيَّةِ      أَسبابٌ       مِنَ         السَقَمِ
العاثِراتُ     بِأَلبابِ     الرِجالِ        وَما"        "أُقِلنَ   مِن   عَثَراتِ   الدَلِّ   في     الرَسَمِ
المُضرِماتُ    خُدودًا    أَسفَرَتْ      وَجَلَتْ"        "عَن    فِتنَةٍ    تُسلِمُ    الأَكبادَ       لِلضَرَمِ
الحامِلاتُ     لِواءَ     الحُسنِ        مُختَلِفًا"        "أَشكالُهُ    وَهوَ    فَردٌ     غَيرُ       مُنقَسِمِ
مِن   كُلِّ   بَيضاءَ   أَو   سَمراءَ      زُيِّنَتا"        "لِلعَينِ   وَالحُسنُ   في   الآرامِ     كَالعُصُمِ
يُرَعنَ   لِلبَصَرِ   السامي   وَمِن      عَجَبٍ"        "إِذا    أَشَرنَ    أَسَرنَ    اللَيثَ       بِالعَنَمِ
وَضَعتُ   خَدّي   وَقَسَّمتُ   الفُؤادَ     رُبًى"        "يَرتَعنَ   في   كُنُسٍ   مِنهُ    وَفي      أَكَمِ
يا   بِنتَ   ذي   اللَبَدِ   المُحَميِّ      جانِبُهُ"        "أَلقاكِ  في  الغابِ  أَم  أَلقاكِ   في     الأُطُمِ
ما   كُنتُ   أَعلَمُ   حَتّى    عَنَّ      مَسكَنُهُ"        "أَنَّ   المُنى   وَالمَنايا    مَضرِبُ      الخِيَمِ
مَن  أَنبَتَ  الغُصنَ  مِن  صَمصامَةٍ    ذَكَرٍ"        "وَأَخرَجَ   الريمَ   مِن    ضِرغامَةٍ      قَرِمِ
بَيني   وَبَينُكِ   مِن   سُمرِ   القَنا     حُجُبٌ"        "وَمِثلُها      عِفَّةٌ      عُذرِيَّةُ         العِصَمِ
لَم  أَغشَ  مَغناكِ  إِلا  في  غُضونِ  كِرًى"        "مَغناكَ    أَبعَدُ    لِلمُشتاقِ    مِن       إِرَمِ
يا   نَفسُ   دُنياكِ   تُخفى    كُلَّ      مُبكِيَةٍ"        "وَإِن   بَدا   لَكِ    مِنها    حُسنُ      مُبتَسَمِ
فُضّي   بِتَقواكِ   فاهًا    كُلَّما      ضَحِكَتْ"        "كَما    يَفُضُّ    أَذى    الرَقشاءِ      بِالثَرَمِ
مَخطوبَةٌ   مُنذُ    كانَ    الناسُ      خاطِبَةٌ"        "مِن  أَوَّلِ  الدَهرِ   لَم   تُرمِل   وَلَم     تَئَمِ
يَفنى   الزَمانُ    وَيَبقى    مِن      إِساءَتِها"        "جُرحٌ   بِآدَمَ   يَبكي   مِنهُ    في      الأَدَمِ
لا    تَحفَلي     بِجَناها     أَو     جِنايَتِها"        "المَوتُ   بِالزَهرِ   مِثلُ   المَوتِ      بِالفَحَمِ
كَم   نائِمٍ   لا    يَراها    وَهيَ      ساهِرَةٌ"        "لَولا    الأَمانِيُّ    وَالأَحلامُ    لَم       يَنَمِ
طَورًا    تَمُدُّكَ    في    نُعمى      وَعافِيَةٍ"        "وَتارَةً   في    قَرارِ    البُؤسِ    وَالوَصَمِ
كَم   ضَلَّلَتكَ   وَمَن    تُحجَب      بَصيرَتُهُ"        "إِن  يَلقَ  صابا   يَرِد   أَو   عَلقَمًا     يَسُمُ
يا    وَيلَتاهُ    لِنَفسي     راعَها       وَدَها"        "مُسوَدَّةُ   الصُحفِ   في   مُبيَضَّةِ      اللَمَمِ
رَكَضتُها   في   مَريعِ   المَعصِياتِ     وَما"        "أَخَذتُ   مِن   حِميَةِ    الطاعاتِ      لِلتُخَمِ
هامَت    عَلى    أَثَرِ    اللَذّاتِ      تَطلُبُها"        "وَالنَفسُ  إِن  يَدعُها   داعي   الصِبا   تَهِمِ
صَلاحُ     أَمرِكَ     لِلأَخلاقِ       مَرجِعُهُ"        "فَقَوِّمِ      النَفسَ      بِالأَخلاقِ        تَستَقِمِ
وَالنَفسُ  مِن   خَيرِها   في   خَيرِ   عافِيَةٍ"        "وَالنَفسُ  مِن   شَرِّها   في   مَرتَعٍ     وَخِمِ
تَطغى   إِذا   مُكِّنَت   مِن   لَذَّةٍ    وَهَوًى"        "طَغيَ  الجِيادِ  إِذا  عَضَّت   عَلى     الشُكُمِ
إِن  جَلَّ  ذَنبي  عَنِ  الغُفرانِ   لي     أَمَلٌ"        "في  اللَهِ   يَجعَلُني   في   خَيرِ     مُعتَصِمِ
أَلقى  رَجائي   إِذا   عَزَّ   المُجيرُ     عَلى"        "مُفَرِّجِ   الكَرَبِ   في   الدارَينِ      وَالغَمَمِ
إِذا    خَفَضتُ    جَناحَ    الذُلِّ       أَسأَلُهُ"        "عِزَّ   الشَفاعَةِ   لَم   أَسأَل   سِوى      أُمَمِ
وَإِن    تَقَدَّمَ    ذو     تَقوى       بِصالِحَةٍ"        "قَدَّمتُ    بَينَ     يَدَيهِ     عَبرَةَ       النَدَمِ
لَزِمتُ    بابَ    أَميرِ    الأَنبِياءِ      وَمَن"        "يُمسِك    بِمِفتاحِ    بابِ     اللهِ       يَغتَنِمِ
فَكُلُّ     فَضلٍ      وَإِحسانٍ        وَعارِفَةٍ"        "ما     بَينَ     مُستَلِمٍ     مِنهُ       وَمُلتَزِمِ
عَلَّقتُ   مِن   مَدحِهِ    حَبلاً    أُعَزُّ    بِهِ"        "في   يَومِ   لا   عِزَّ   بِالأَنسابِ    وَاللُّحَمِ
يُزري   قَريضي   زُهَيرًا   حينَ     أَمدَحُهُ"        "وَلا   يُقاسُ   إِلى   جودي   لَدى      هَرِمِ
مُحَمَّدٌ     صَفوَةُ     الباري        وَرَحمَتُهُ"        "وَبُغيَةُ   اللهِ   مِن    خَلقٍ    وَمِن      نَسَمِ
وَصاحِبُ  الحَوضِ  يَومَ   الرُسلِ     سائِلَةٌ"        "مَتى   الوُرودُ   وَجِبريلُ   الأَمينُ     ظَمي
سَناؤُهُ      وَسَناهُ      الشَمسُ      طالِعَةً"        "فَالجِرمُ   في   فَلَكٍ   وَالضَوءُ   في   عَلَمِ
قَد   أَخطَأَ   النَجمَ    ما    نالَت      أُبُوَّتُهُ"        "مِن   سُؤدُدٍ   باذِخٍ   في    مَظهَرٍ      سَنِمِ
نُموا  إِلَيهِ   فَزادوا   في   الوَرى     شَرَفًا"        "وَرُبَّ  أَصلٍ   لِفَرعٍ   في   الفَخارِ     نُمي
حَواهُ    في    سُبُحاتِ    الطُهرِ      قَبلَهُمُ"        "نورانِ   قاما   مَقامَ    الصُلبِ      وَالرَحِمِ
لَمّا     رَآهُ     بَحيرًا     قالَ        نَعرِفُهُ"        "بِما    حَفِظنا    مِنَ    الأَسماءِ      وَالسِيَمِ
سائِل  حِراءَ  وَروحَ  القُدسِ   هَل     عَلِما"        "مَصونَ   سِرٍّ    عَنِ    الإِدراكِ      مُنكَتِمِ
كَم    جَيئَةٍ    وَذَهابٍ    شُرِّفَتْ       بِهِما"        "بَطحاءُ   مَكَّةَ   في   الإِصباحِ      وَالغَسَمِ
وَوَحشَةٍ    لِاِبنِ    عَبدِ     اللَهِ     بينَهُما"        "أَشهى  مِنَ   الأُنسِ   بِالأَحسابِ     وَالحَشَمِ
يُسامِرُ    الوَحيَ    فيها    قَبلَ      مَهبِطِهِ"        "وَمَن    يُبَشِّر    بِسيمى    الخَيرِ      يَتَّسِمِ
لَمّا  دَعا  الصَحبُ  يَستَسقونَ   مِن     ظَمَإٍ"        "فاضَت    يَداهُ    مِنَ    التَسنيمِ      بِالسَنَمِ
وَظَلَّلَتهُ      فَصارَت      تَستَظِلُّ        بِهِ"        "غَمامَةٌ      جَذَبَتها      خيرَةُ         الدِيَمِ
مَحَبَّةٌ      لِرَسولِ      اللَهِ         أُشرِبَها"        "قَعائِدُ    الدَيرِ    وَالرُهبانُ    في      القِمَمِ
إِنَّ   الشَمائِلَ   إِن    رَقَّت    يَكادُ      بِها"        "يُغرى  الجَمادُ  وَيُغرى   كُلُّ   ذي     نَسَمِ
وَنودِيَ    اِقرَأ    تَعالى     اللهُ       قائِلُها"        "لَم   تَتَّصِل   قَبلَ   مَن   قيلَت   لَهُ     بِفَمِ
هُناكَ      أَذَّنَ      لِلرَحَمَنِ        فَاِمتَلأَتْ"        "أَسماعُ    مَكَّةَ    مِن     قُدسِيَّةِ       النَغَمِ
فَلا  تَسَل   عَن   قُرَيشٍ   كَيفَ     حَيرَتُها"        "وَكَيفَ   نُفرَتُها    في    السَهلِ      وَالعَلَمِ
تَساءَلوا   عَن   عَظيمٍ    قَد    أَلَمَّ      بِهِمْ"        "رَمى     المَشايِخَ     وَالوِلدانِ      بِاللَمَمِ
يا   جاهِلينَ    عَلى    الهادي      وَدَعوَتِهِ"        "هَل   تَجهَلونَ   مَكانَ    الصادِقِ      العَلَمِ
لَقَّبتُموهُ    أَمينَ    القَومِ    في       صِغَرٍ"        "وَما    الأَمينُ    عَلى     قَولٍ       بِمُتَّهَمِ
فاقَ    البُدورَ    وَفاقَ    الأَنبِياءَ       فَكَمْ"        "بِالخُلقِ  وَالخَلقِ  مِن  حُسنٍ  وَمِن     عِظَمِ
جاءَ    النبِيّونَ     بِالآياتِ       فَاِنصَرَمَتْ"        "وَجِئتَنا      بِحَكيمٍ      غَيرِ        مُنصَرِمِ
آياتُهُ    كُلَّما     طالَ     المَدى       جُدُدٌ"        "يَزينُهُنَّ      جَلالُ      العِتقِ        وَالقِدَمِ
يَكادُ     في     لَفظَةٍ     مِنهُ       مُشَرَّفَةٍ"        "يوصيكَ    بِالحَقِّ    وَالتَقوى      وَبِالرَحِمِ
يا   أَفصَحَ    الناطِقينَ    الضادَ      قاطِبَةً"        "حَديثُكَ    الشَهدُ    عِندَ    الذائِقِ      الفَهِمِ
حَلَّيتَ   مِن   عَطَلٍ   جِيدَ    البَيانِ      بِهِ"        "في   كُلِّ   مُنتَثِرٍ   في    حُسنِ      مُنتَظِمِ
بِكُلِّ     قَولٍ     كَريمٍ     أَنتَ        قائِلُهُ"        "تُحيِ   القُلوبَ    وَتُحيِ    مَيِّتَ      الهِمَمِ
سَرَت     بَشائِرُ     باِلهادي        وَمَولِدِهِ"        "في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
تَخَطَّفَتْ   مُهَجَ   الطاغينَ   مِن      عَرَبٍ"        "وَطَيَّرَت   أَنفُسَ   الباغينَ    مِن      عُجُمِ
ريعَت  لَها  شَرَفُ   الإيوانِ     فَاِنصَدَعَتْ"        "مِن  صَدمَةِ  الحَقِّ  لا  مِن  صَدمَةِ    القُدُمِ
أَتَيتَ   وَالناسُ   فَوضى   لا   تَمُرُّ   بِهِمْ"        "إِلا   عَلى   صَنَمٍ   قَد   هامَ   في     صَنَمِ
وَالأَرضُ    مَملوءَةٌ    جَورًا       مُسَخَّرَةٌ"        "لِكُلِّ    طاغِيَةٍ    في    الخَلقِ       مُحتَكِمِ
مُسَيطِرُ   الفُرسِ   يَبغي    في      رَعِيَّتِهِ"        "وَقَيصَرُ   الرومِ   مِن   كِبرٍ   أَصَمُّ     عَمِ
يُعَذِّبانِ     عِبادَ     اللَهِ     في        شُبَهٍ"        "وَيَذبَحانِ     كَما      ضَحَّيتَ        بِالغَنَمِ
وَالخَلقُ     يَفتِكُ     أَقواهُمْ       بِأَضعَفِهِمْ"        "كَاللَيثِ   بِالبَهْمِ    أَو    كَالحوتِ      بِالبَلَمِ
أَسرى   بِكَ   اللَهُ    لَيلاً    إِذ      مَلائِكُهُ"        "وَالرُسلُ في  المَسجِدِ  الأَقصى  عَلى    قَدَمِ
لَمّا    خَطَرتَ    بِهِ    اِلتَفّوا       بِسَيِّدِهِمْ"        "كَالشُهبِ   بِالبَدرِ   أَو    كَالجُندِ      بِالعَلَمِ
صَلّى  وَراءَكَ   مِنهُمْ   كُلُّ   ذي     خَطَرٍ"        "وَمَن     يَفُز     بِحَبيبِ     اللهِ       يَأتَمِمِ
جُبتَ  السَماواتِ   أَو   ما   فَوقَهُنَّ     بِهِمْ"        "عَلى       مُنَوَّرَةٍ       دُرِّيَّةِ         اللُجُمِ
رَكوبَةً   لَكَ   مِن   عِزٍّ   وَمِن      شَرَفٍ"        "لا  في  الجِيادِ  وَلا  في   الأَينُقِ     الرُسُمِ
مَشيئَةُ     الخالِقِ     الباري       وَصَنعَتُهُ"        "وَقُدرَةُ    اللهِ    فَوقَ     الشَكِّ       وَالتُهَمِ
حَتّى   بَلَغتَ   سَماءً    لا    يُطارُ    لَها"        "عَلى   جَناحٍ   وَلا   يُسعى   عَلى      قَدَمِ
وَقيلَ     كُلُّ     نَبِيٍّ     عِندَ        رُتبَتِهِ"        "وَيا    مُحَمَّدُ    هَذا    العَرشُ       فَاستَلِمِ
خَطَطتَ    لِلدينِ     وَالدُنيا       عُلومَهُما"        "يا  قارِئَ  اللَوحِ   بَل   يا   لامِسَ     القَلَمِ
أَحَطتَ     بَينَهُما     بِالسِرِّ       وَانكَشَفَت"        "لَكَ   الخَزائِنُ   مِن   عِلمٍ   وَمِن      حِكَمِ
وَضاعَفَ  القُربُ  ما   قُلِّدتَ   مِن     مِنَنٍ"        "بِلا   عِدادٍ   وَما    طُوِّقتَ    مِن      نِعَمِ
سَل  عُصبَةَ  الشِركِ  حَولَ  الغارِ    سائِمَةً"        "لَولا    مُطارَدَةُ    المُختارِ    لَم       تُسَمَ
هَل  أَبصَروا  الأَثَرَ  الوَضّاءَ  أَم    سَمِعوا"        "هَمسَ   التَسابيحِ    وَالقُرآنِ    مِن      أُمَمِ
وَهَل    تَمَثَّلَ    نَسجُ    العَنكَبوتِ      لَهُمْ"        "كَالغابِ   وَالحائِماتُ    الزُغْبُ      كَالرُخَمِ
فَأَدبَروا    وَوُجوهُ     الأَرضِ       تَلعَنُهُمْ"        "كَباطِلٍ    مِن    جَلالِ    الحَقِّ      مُنهَزِمِ
لَولا   يَدُ   اللهِ    بِالجارَينِ    ما      سَلِما"        "وَعَينُهُ   حَولَ   رُكنِ   الدينِ    لَم      يَقُمِ
تَوارَيا      بِجَناحِ      اللهِ         وَاستَتَرا"        "وَمَن   يَضُمُّ   جَناحُ    اللهِ    لا      يُضَمِ
يا   أَحمَدَ   الخَيرِ   لي   جاهٌ      بِتَسمِيَتي"        "وَكَيفَ   لا   يَتَسامى   بِالرَسولِ      سَمي
المادِحونَ     وَأَربابُ     الهَوى        تَبَعٌ"        "لِصاحِبِ   البُردَةِ   الفَيحاءِ    ذي      القَدَمِ
مَديحُهُ   فيكَ    حُبٌّ    خالِصٌ      وَهَوًى"        "وَصادِقُ   الحُبِّ   يُملي   صادِقَ      الكَلَمِ
اللهُ     يَشهَدُ     أَنّي     لا       أُعارِضُهُ"        "من ذا  يُعارِضُ  صَوبَ  العارِضِ    العَرِمِ
وَإِنَّما    أَنا    بَعضُ    الغابِطينَ      وَمَنْ"        "يَغبِط    وَلِيَّكَ    لا    يُذمَم    وَلا      يُلَمِ
هَذا    مَقامٌ    مِنَ    الرَحمَنِ       مُقتَبَسٌ"        "تَرمي      مَهابَتُهُ      سَحبانَ        بِالبَكَمِ
البَدرُ  دونَكَ   في   حُسنٍ   وَفي     شَرَفٍ"        "وَالبَحرُ   دونَكَ   في   خَيرٍ   وَفي     كَرَمِ
شُمُّ   الجِبالِ   إِذا    طاوَلتَها      انخَفَضَتْ"        "وَالأَنجُمُ   الزُهرُ    ما    واسَمتَها      تَسِمِ
وَاللَيثُ    دونَكَ    بَأسًا    عِندَ       وَثبَتِهِ"        "إِذا  مَشَيتَ  إِلى   شاكي   السِلاحِ     كَمي
تَهفو    إِلَيكَ    وَإِن     أَدمَيتَ       حَبَّتَها"        "في   الحَربِ   أَفئِدَةُ    الأَبطالِ      وَالبُهَمِ
مَحَبَّةُ       اللَهِ       أَلقاها         وَهَيبَتُهُ"        "عَلى   اِبنِ   آمِنَةٍ   في   كُلِّ      مُصطَدَمِ
كَأَنَّ  وَجهَكَ   تَحتَ   النَقعِ   بَدرُ     دُجًى"        "يُضيءُ    مُلتَثِمًا    أَو     غَيرَ       مُلتَثِمِ
بَدرٌ     تَطَلَّعَ     في     بَدرٍ        فَغُرَّتُهُ"        "كَغُرَّةِ   النَصرِ    تَجلو    داجِيَ      الظُلَمِ
ذُكِرتَ   بِاليُتمِ    في    القُرآنِ      تَكرِمَةً"        "وَقيمَةُ    اللُؤلُؤِ    المَكنونِ    في    اليُتُمِ
اللهُ     قَسَّمَ     بَينَ     الناسِ       رِزقَهُمُ"        "وَأَنتَ   خُيِّرتَ   في   الأَرزاقِ      وَالقِسَمِ
إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ   «نَعَم»"        "فَخيرَةُ  اللهِ  في  «لا»  مِنكَ  أَو     «نَعَمِ»
أَخوكَ   عيسى   دَعا   مَيتًا    فَقامَ      لَهُ"        "وَأَنتَ    أَحيَيتَ    أَجيالاً    مِنَ      الزَّمَمِ
وَالجَهلُ   مَوتٌ   فَإِن   أوتيتَ      مُعجِزَةً"        "فَابعَث مِنَ الجَهلِ  أَو  فَابعَث  مِنَ    الرَجَمِ
قالوا  غَزَوتَ   وَرُسلُ   اللَهِ   ما     بُعِثوا"        "لِقَتلِ   نَفسٍ   وَلا   جاؤوا    لِسَفكِ      دَمِ
جَهلٌ     وَتَضليلُ     أَحلامٍ       وَسَفسَطَةٌ"        "فَتَحتَ    بِالسَيفِ    بَعدَ    الفَتحِ      بِالقَلَمِ
لَمّا  أَتى   لَكَ   عَفوًا   كُلُّ   ذي   حَسَبٍ"        "تَكَفَّلَ     السَيفُ     بِالجُهّالِ        وَالعَمَمِ
وَالشَرُّ   إِن   تَلقَهُ   بِالخَيرِ   ضِقتَ    بِهِ"        "ذَرعًا    وَإِن    تَلقَهُ     بِالشَرِّ       يَنحَسِمِ
سَلِ   المَسيحِيَّةَ    الغَرّاءَ    كَم    شَرِبَتْ"        "بِالصابِ   مِن   شَهَواتِ   الظالِمِ      الغَلِمِ
طَريدَةُ    الشِركِ     يُؤذيها       وَيوسِعُها"        "في   كُلِّ   حينٍ   قِتالاً    ساطِعَ      الحَدَمِ
لَولا    حُماةٌ    لَها    هَبّوا       لِنُصرَتِها"        "بِالسَيفِ   ما   انتَفَعَت   بِالرِفقِ     وَالرُحَمِ
لَولا    مَكانٌ    لِعيسى    عِندَ      مُرسِلِهِ"        "وَحُرمَةٌ   وَجَبَت    لِلروحِ    في      القِدَمِ
لَسُمِّرَ   البَدَنُ   الطُهْرُ   الشَريفُ      عَلى"        "لَوحَينِ   لَم   يَخشَ   مُؤذيهِ   وَلَم      يَجِمِ
جَلَّ   المَسيحُ   وَذاقَ    الصَلبَ      شانِئُهُ"        "إِنَّ    العِقابَ    بِقَدرِ    الذَنبِ      وَالجُرُمِ
أَخو   النَبِيِّ   وَروحُ   اللهِ    في      نُزُلٍ"        "فَوقَ   السَماءِ   وَدونَ   العَرشِ     مُحتَرَمِ
عَلَّمتَهُمْ    كُلَّ    شَيءٍ    يَجهَلونَ       بِهِ"        "حَتّى   القِتالَ   وَما    فيهِ    مِنَ    الذِّمَمِ
دَعَوتَهُمْ      لِجِهادٍ      فيهِ        سُؤدُدُهُمْ"        "وَالحَربُ   أُسُّ   نِظامِ    الكَونِ    وَالأُمَمِ
لَولاهُ   لَم   نَرَ   لِلدَولاتِ    في      زَمَنٍ"        "ما  طالَ  مِن  عُمُدٍ  أَو   قَرَّ   مِن     دُهُمِ
تِلكَ    الشَواهِدُ    تَترى     كُلَّ       آوِنَةٍ"        "في الأَعصُرِ الغُرِّ لا  في  الأَعصُرِ    الدُهُمِ
بِالأَمسِ  مالَت  عُروشٌ   وَاعتَلَتْ     سُرُرٌ"        "لَولا   القَذائِفُ   لَم   تَثلَمْ    وَلَم      تَصُمِ
أَشياعُ   عيسى    أَعَدّوا    كُلَّ      قاصِمَةٍ"        "وَلَم    نُعِدَّ    سِوى    حالاتِ       مُنقَصِمِ
مَهما  دُعيتَ   إِلى   الهَيجاءِ   قُمتَ     لَها"        "تَرمي    بِأُسْدٍ    وَيَرمي    اللهُ    بِالرُجُمِ
عَلى    لِوائِكَ     مِنهُم     كُلُّ       مُنتَقِمٍ"        "للهِ     مُستَقتِلٍ     في     اللهِ        مُعتَزِمِ
مُسَبِّحٍ      لِلِقاءِ       اللهِ         مُضطَرِمٍ"        "شَوقًا   عَلى   سابِخٍ   كَالبَرقِ    مُضطَرِمِ
لَو  صادَفَ  الدَهرَ   يَبغي   نَقلَةً     فَرَمى"        "بِعَزمِهِ   في   رِحالِ   الدَهرِ   لَم      يَرِمِ
بيضٌ  مَفاليلُ  مِن  فِعلِ   الحُروبِ     بِهِمْ"        "مِن   أَسيُفِ   اللهِ   لا    الهِندِيَّةُ    الخُذُمُ
كَم  في  التُرابِ  إِذا  فَتَّشتَ   عَن     رَجُلٍ"        "مَن  ماتَ  بِالعَهدِ  أَو  مَن  ماتَ     بِالقَسَمِ
لَولا  مَواهِبُ   في   بَعضِ   الأَنامِ     لَما"        "تَفاوَتَ   الناسُ    في    الأَقدارِ      وَالقِيَمِ
شَريعَةٌ    لَكَ    فَجَّرتَ    العُقولَ       بِها"        "عَن   زاخِرٍ   بِصُنوفِ    العِلمِ      مُلتَطِمِ
يَلوحُ   حَولَ   سَنا    التَوحيدِ      جَوهَرُها"        "كَالحَليِ   لِلسَيفِ   أَو    كَالوَشيِ      لِلعَلَمِ
غَرّاءُ   حامَتْ    عَلَيها    أَنفُسٌ      وَنُهًى"        "وَمَن   يَجِد   سَلسَلاً   مِن   حِكمَةٍ      يَحُمِ
نورُ   السَبيلِ   يُساسُ    العالَمونَ      بِها"        "تَكَفَّلَتْ     بِشَبابِ      الدَهرِ        وَالهَرَمِ
يَجري  الزَمانُ   وَأَحكامُ   الزَمانِ     عَلى"        "حُكمٍ   لَها   نافِذٍ   في    الخَلقِ    مُرتَسِمِ
لَمّا   اعتَلَت   دَولَةُ   الإِسلامِ      وَاتَّسَعَتْ"        "مَشَتْ    مَمالِكُهُ    في    نورِها     التَّمَمِ
وَعَلَّمَتْ      أُمَّةً       بِالقَفرِ         نازِلَةً"        "رَعيَ   القَياصِرِ   بَعدَ    الشاءِ      وَالنَعَمِ
كَم   شَيَّدَ   المُصلِحونَ    العامِلونَ    بِها"        "في  الشَرقِ  وَالغَربِ  مُلكًا  باذِخَ     العِظَمِ
لِلعِلمِ   وَالعَدلِ   وَالتَمدينِ   ما      عَزَموا"        "مِنَ   الأُمورِ   وَما   شَدّوا   مِنَ     الحُزُمِ
سُرعانَ    ما    فَتَحوا    الدُنيا      لِمِلَّتِهِمْ"        "وَأَنهَلوا   الناسَ   مِن    سَلسالِها      الشَبِمِ
ساروا  عَلَيها   هُداةَ   الناسِ   فَهيَ   بِهِمْ"        "إِلى   الفَلاحِ   طَريقٌ    واضِحُ      العَظَمِ
لا   يَهدِمُ   الدَهرُ   رُكنًا   شادَ      عَدلَهُمُ"        "وَحائِطُ    البَغيِ    إِن    تَلمَسهُ      يَنهَدِمِ
نالوا  السَعادَةَ   في   الدارَينِ     وَاِجتَمَعوا"        "عَلى   عَميمٍ   مِنَ    الرُضوانِ      مُقتَسَمِ
دَع   عَنكَ   روما   وَآثينا   وَما      حَوَتا"        "كُلُّ    اليَواقيتِ    في    بَغدادَ      وَالتُوَمِ
وَخَلِّ    كِسرى    وَإيوانًا     يَدِلُّ       بِهِ"        "هَوى    عَلى    أَثَرِ    النيرانِ     وَالأَيُمِ
وَاترُك  رَعمَسيسَ   إِنَّ   المُلكَ     مَظهَرُهُ"        "في  نَهضَةِ  العَدلِ  لا  في  نَهضَةِ    الهَرَمِ
دارُ    الشَرائِعِ    روما    كُلَّما    ذُكِرَتْ"        "دارُ   السَلامِ   لَها    أَلقَتْ    يَدَ      السَلَمِ
ما    ضارَعَتها    بَيانًا     عِندَ       مُلتَأَمٍ"        "وَلا    حَكَتها    قَضاءً    عِندَ      مُختَصَمِ
وَلا  احتَوَت  في  طِرازٍ   مِن     قَياصِرِها"        "عَلى     رَشيدٍ     وَمَأمونٍ        وَمُعتَصِمِ
مَنِ    الَّذينَ    إِذا     سارَت       كَتائِبُهُمْ"        "تَصَرَّفوا    بِحُدودِ     الأَرضِ       وَالتُخَمِ
وَيَجلِسونَ      إِلى      عِلمٍ        وَمَعرِفَةٍ"        "فَلا   يُدانَونَ    في    عَقلٍ    وَلا      فَهَمِ
يُطَأطِئُ   العُلَماءُ    الهامَ    إِن      نَبَسوا"        "مِن  هَيبَةِ  العِلمِ  لا   مِن   هَيبَةِ     الحُكُمِ
وَيُمطَرونَ   فَما   بِالأَرضِ   مِن      مَحَلٍ"        "وَلا  بِمَن  باتَ  فَوقَ  الأَرضِ  مِن   عُدُمِ
خَلائِفُ    اللهِ    جَلّوا    عَن       مُوازَنَةٍ"        "فَلا    تَقيسَنَّ    أَملاكَ     الوَرى     بِهِمِ
مَن   في    البَرِيَّةِ    كَالفاروقِ      مَعدَلَةً"        "وَكَابنِ   عَبدِ   العَزيزِ   الخاشِعِ      الحَشِمِ
وَكَالإِمامِ    إِذا    ما    فَضَّ       مُزدَحِمًا"        "بِمَدمَعٍ    في    مَآقي    القَومِ       مُزدَحِمِ
الزاخِرُ  العَذبُ   في   عِلمٍ   وَفي     أَدَبٍ"        "وَالناصِرُ  النَدبُ  في  حَربٍ   وَفي     سَلَمِ
أَو   كَابنِ   عَفّانَ   وَالقُرآنُ    في      يَدِهِ"        "يَحنو   عَلَيهِ   كَما   تَحنو   عَلى     الفُطُمِ
وَيَجمَعُ     الآيَ      تَرتيبًا      وَيَنظُمُها"        "عِقدًا    بِجيدِ    اللَيالي    غَيرَ      مُنفَصِمِ
جُرحانِ  في   كَبِدِ   الإِسلامِ   ما     اِلتَأَما"        "جُرحُ   الشَهيدِ   وَجُرحٌ   بِالكِتابِ    دَمي
وَما     بَلاءُ     أَبي     بَكرٍ        بِمُتَّهَمٍ"        "بَعدَ   الجَلائِلِ    في    الأَفعالِ      وَالخِدَمِ
بِالحَزمِ  وَالعَزمِ  حاطَ  الدينَ   في     مِحَنٍ"        "أَضَلَّتِ    الحُلمَ    مِن    كَهلٍ      وَمُحتَلِمِ
وَحِدنَ   بِالراشِدِ   الفاروقِ   عَن      رُشدٍ"        "في   المَوتِ   وَهوَ   يَقينٌ   غَيرُ     مُنبَهِمِ
يُجادِلُ      القَومَ       مُستَلًّا         مُهَنَّدَهُ"        "في  أَعظَمِ  الرُسلِ  قَدرًا  كَيفَ   لَم     يَدُمِ
لا   تَعذُلوهُ   إِذا   طافَ    الذُهولُ      بِهِ"        "ماتَ  الحَبيبُ  فَضَلَّ  الصَبُّ  عَن     رَغَمِ
يا  رَبِّ  صَلِّ  وَسَلِّم   ما   أَرَدتَ     عَلى"        "نَزيلِ   عَرشِكَ    خَيرِ    الرُسلِ      كُلِّهِمِ
مُحيِ    اللَيالي    صَلاةً    لا      يُقَطِّعُها"        "إِلا    بِدَمعٍ    مِنَ    الإِشفاقِ       مُنسَجِمِ
مُسَبِّحًا    لَكَ    جُنحَ    اللَيلِ       مُحتَمِلاً"        "ضُرًّا  مِنَ  السُهدِ  أَو  ضُرًّا  مِنَ     الوَرَمِ
رَضِيَّةٌ    نَفسُهُ    لا     تَشتَكي       سَأَمًا"        "وَما  مَعَ  الحُبِّ  إِن  أَخلَصتَ  مِن     سَأَمِ
وَصَلِّ   رَبّي   عَلى    آلٍ    لَهُ      نُخَبٍ"        "جَعَلتَ   فيهِم    لِواءَ    البَيتِ      وَالحَرَمِ
بيضُ  الوُجوهِ  وَوَجهُ  الدَهرِ   ذو     حَلَكٍ"        "شُمُّ   الأُنوفِ   وَأَنفُ   الحادِثاتِ      حَمى
وَأَهدِ    خَيرَ    صَلاةٍ     مِنكَ       أَربَعَةً"        "في  الصَحبِ   صُحبَتُهُم   مَرعِيَّةُ   الحُرَمِ
الراكِبينَ    إِذا    نادى     النَبِيُّ       بِهِمْ"        "ما  هالَ  مِن   جَلَلٍ   وَاشتَدَّ   مِن     عَمَمِ
الصابِرينَ    وَنَفسُ    الأَرضِ       واجِفَةٌ"        "الضاحِكينَ    إِلى    الأَخطارِ       وَالقُحَمِ
يا   رَبِّ   هَبَّتْ   شُعوبٌ   مِن      مَنِيَّتِها"        "وَاستَيقَظَت    أُمَمٌ    مِن    رَقدَةِ      العَدَمِ
سَعدٌ    وَنَحسٌ    وَمُلكٌ    أَنتَ       مالِكُهُ"        "تُديلُ    مِن    نِعَمٍ    فيهِ    وَمِن       نِقَمِ
رَأى    قَضاؤُكَ    فينا    رَأيَ      حِكمَتِهِ"        "أَكرِم    بِوَجهِكَ    مِن    قاضٍ    وَمُنتَقِمِ
فَالطُف   لأَجلِ   رَسولِ   العالَمينَ      بِنا"        "وَلا   تَزِد   قَومَهُ    خَسفًا    وَلا      تُسِمِ
يا   رَبِّ   أَحسَنتَ   بَدءَ   المُسلِمينَ     بِهِ"        "فَتَمِّمِ   الفَضلَ   وَاِمنَح    حُسنَ      مُختَتَمِ
***
قم للمعلم
قُمْ    للمعلّمِ     وَفِّهِ       التبجيلا"        "  كادَ  المعلّمُ  أن  يكونَ    رسولا
لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من   الذي"        "  يبني  وينشئُ  أنفساً     وعقولا؟
سبحانكَ    اللهمَّ    خيرُ      معلّمٍ"        "  علَّمتَ  بالقلمِ  القرونَ     الأولى
أخرجتَ هذا  العقلَ  من    ظلماتهِ"        "  وهديتَهُ  النورَ   المبينَ     سبيلا
أرسلتَ  بالتوراةِ  موسى    مرشداً"        "  وابنَ  البتولِ   فعلّمَ     الإنجيلا
وفجّرتَ  ينبوعَ   البيانِ     محمّداً"        " فسقى  الحديثَ  وناولَ    التنزيلا
إنَّ  الذي  خلقَ   الحقيقةَ     علقماً"        " لم يُخلِ من  أهلِ  الحقيقةِ    جيلا
أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ   افتنى"        "  عندَ  السَّوادِ  ضغائناً  وذحولا؟
لو كنتُ  أعتقدُ  الصليبَ  وخطبَه"        " لأقمتُ من صلبِ  المسيحِ    دليلا
تجدُ  الذين  بنى  "المسلّةَ"    جدُّهم"        "  لا  يُحسنونَ   لإبرةٍ     تشكيلا!
الجهلُ  لا  تحيا   عليهِ     جماعةٌ"        " كيفَ الحياةُ على يديّ    عزريلا؟
ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ   الحِمى"        " تجدوهمُ  كهفَ  الحقوقِ    كهولا
فهوَ  الذي  يبني  الطباعَ    قويمةً"        " وهوَ الذي يبني  النفوسَ    عُدولا
وإذا المعلّمُ لم يكنْ  عدلاً،    مشى"        " روحُ العدالةِ في الشبابِ    ضئيلا
وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى"        " ومن  الغرورِ،  فسَمِّهِ    التضليلا
وإذا  أصيبَ  القومُ  في    أخلاقِهمْ"        "   فأقمْ   عليهم   مأتماً     وعويلا
وإذا  النساءُ   نشأنَ   في     أُمّيَّةٍ"        " رضعَ  الرجالُ  جهالةً    وخمولا
ليسَ اليتيمُ من  انتهى  أبواهُ    من"        "   همِّ   الحياةِ،   وخلّفاهُ      ذليلا
إنَّ  اليتيمَ  هوَ  الذي   تلقى     بهِ"        "  أمّاً  تخلّتْ   أو   أبَاً     مشغولا
****
رثاء عمر
قِفوا بِالقُبـورِ نُسائِـل    عُمَـر        مَتى كانَتِ الأَرضُ مَثوى القَمَر
سَلوا الأَرضَ هَل زُيِّنَت    لِلعَليمِ        وَهَل أُرِّجَت كَالجِنـانِ   الحُفَـر
وَهَل قامَ رُضوانُ مِـن خَلفِهـا        يُلاقي الرَضِيَّ النَقِـيَّ    الأَبَـرّ
فَلَو عَلِمَ الجَمعُ مِمَّـن   مَضـى        تَنَحّى لَهُ الجَمـعُ حَتّـى عَبَـر
إِلـى جَنَّـةٍ خُلِقَـت    لِلكَريـمِ        وَمَن عَرَفَ اللَهَ أَو مَـن   قَـدَر
بِرَغـمِ القُـلـوبِ   وَحَبّاتِـهـا        وَرَغمِ السَماعِ وَرَغمِ    البَصَـر
نُزولُكَ في التُربِ زَينَ    الشَبابِ        سَناءَ النَـدِيِّ سَنـى   المُؤتَمَـر
مُقيـلَ الصَديـقِ إِذ مـا هَفـا        مُقيـلَ الكَريـمِ إِذا مـا عَثَـر
حَييتَ فَكُنـتَ فَخـارَ    الحَيـاةِ        وَمُـتَّ فَكُنـتَ فَخـارَ السِيَـر
عَجيبٌ رَداكَ وَأَعجَـبُ    مِنـهُ        حَياتُكَ في طولِهـا    وَالقِصَـر
فَمـا قَبلَهـا سَمِـعَ   العالَمـونَ        وَلا عَلِموا مُصحَفـاً   يُختَصَـر
وَقَد يَقتُلُ المَـرءَ هَـمُّ   الحَيـاةِ        وَشُغـلُ الفُـؤادِ وَكَـدُّ الفِكَـر
دَفَنّـا التَجـارِبَ فـي   حُفـرَةٍ        إِلَيها اِنتَهى بِكَ طـولُ   السَفَـر
فَكَم لَكَ كَالنَجـمِ مِـن    رِحلَـةٍ        رَأى البَدوُ آثارَهـا   وَالحَضَـر
نِقاباتُكَ الغُـرُّ تَبكـي    عَلَيـكَ        وَيَبكي عَلَيـكَ النَـدِيُّ الأَغَـر
وَيَبكـي فَـريـقٌ    تَخَيَّـرتَـهُ        شَريفَ المَرامِ شَريفَ  الوَطَـر
وَيَبكي الأُلـى أَنـتَ   عَلَّمتَهُـم        وَأَنتَ غَرَستَ فَكانـوا    الثَمَـر
حَياتُكَ كانَـت عِظـاتٍ    لَهُـم        وَمَوتُكَ بِالأَمسِ إِحدى    العِبَـر
سَهِرنـا قُبَيـلَ الـرَدى   لَيلَـةً        وَمادارَ ذِكرُ الرَدى في السَمَـر
فَقُمـتَ إِلـى حُفـرَةٍ    هُيِّئَـت        وَقُمـتُ إِلـى مِثلِهـا   تُحتَفَـر
مَـدَدتُ إِلَيـكَ يَـداً    لِلـوَداعِ        وَمَـدَّ يَـداً لِلِّـقـاءِ   الـقَـدَر
وَلَو أَنَّ لي عِلمَ ما فـي    غَـدٍ        خَبَأتُكَ في مُقلَتي مِـن    حَـذَر
وَقالوا شَكَـوتَ فَمـا   راعَنـي        وَمـا أَوَّلُ النـارِ إِلّا   شَــرَر
رَثَيتُـكَ لا مالِكـاً   خـاطِـري        مِنَ الحُزنِ إِلّا يَسيـراً    خَطَـر
فَفيكَ عَرَفتُ اِرتِجالَ    الدُمـوعِ        وَمِنكَ عَلِمتُ اِرتِجـالَ   الـدُرَر
وَمِثلُكَ يُرثـى بِـآيِ  الكِتـابِ        وَمِثلُكَ يُفدى بِنِصـفِ    البَشَـر
فَيا قَبرُ كُن رَوضَةً مِن    رِضىً        عَلَيهِ وَكُن باقَـةً مِـن    زَهَـر
سَقَتكَ الدُموعَ فَإِن لَـم    يَدُمـنَ        كَعادَتِهِـنَّ سَـقـاكَ المَـطَـر
***
طير الحجال
قُل لِلرِجالِ طَغى   الأَسيـر        طَيرُ الحِجالِ مَتى    يَطيـر
أَوهـى جَناحَيـهِ   الحَـدي        دُ وَحَزَّ ساقَيـهِ    الحَريـر
ذَهَبَ الحِجـابُ    بِصَبـرِهِ        وَأَطالَ حَيرَتَـهُ    السُفـور
هَل هُيِّئَـت دَرَجُ    السَمـا        ءِ لَهُ وَهَل نُـصَّ   الأَثيـر
وَهَل اِستَمَـرَّ بِـهِ   الجَنـا        حُ وَهَمَّ بِالنَهضِ    الشَكيـر
وَسَما لِمَنزِلِهِ مِـنَ    الـدُن        يـا وَمَنـزِلُـهُ   خَطـيـر
وَمَتى تُسـاسُ بِـهِ الرِيـا        ضُ كَما تُساسُ بِهِ   الوُكور
أَوَ كُلُّ مـا عِنـدَ   الرِجـا        لِ لَهُ الخَواطِبُ   وَالمُهـور
وَالسِجنُ في الأَكـواخِ    أَو        سِجنٌ يُقالُ لَـهُ   القُصـور
تَالـلَـهِ لَــو أَنَّ    الأَدي        مَ جَميعُـهُ رَوضٌ   وَنـور
فـي كُـلِّ ظِـلٍّ    رَبـوَةٌ        وَبِكُـلِّ وارِفَـةٍ   غَـديـر
وَعَلَيهِ مِـن ذَهَـبٍ  سِيـا        جٌ أَو مِنَ الياقوتِ    سـور
ما تَـمَّ مِـن دونِ   السَمـا        ءِ لَهُ عَلى الأَرضِ   الحُبور
إِنَّ السَـمـاءَ جَـديــرَةٌ        بِالطَيرِ وَهوَ بِهـا  جَديـر
هِيَ سَرجُـهُ المَشـدودُ   وَه        وَ عَلـى أَعِنَّتِهـا    أَميـر
حُرِّيَّـةٌ خُـلِـقَ    الإِنــا        ثُ لَها كَما خُلِقَ    الذُكـور
هاجَت بَناتَ الشِعرِ    عَـي        نٌ مِن بَناتِ النيـلِ   حـور
لـي بَينَـهُـنَّ    وَلائِــدٌ        هُم مِن سَوادِ العَينِ    نـور
لا الشِعرُ يَأتي في   الجُمـا        نِ بِمِثلِهِـنَّ وَلا    البُحـور
مِن أَجلِهِـنَّ أَنـا   الشَفـي        قُ عَلى الدُمى وَأَنا   الغَيور
أَرجـو وَآمَـلُ أَن   سَتَـج        ري بِالَّذي شِئـنَ الأُمـور
يا قاسِمُ اُنظُر كَيـفَ   سـا        رَ الفِكرُ وَاِنتَقلَ    الشُعـور
جابَـت قَضَيَّتُـكَ   الـبِـلا        دَ كَأَنَّهـا مَثَـلٌ    يَسـيـر
مــا الـنــاسُ إِلّا   أَوَّلٌ        يَمضي فَيَخلِفُـهُ    الأَخيـر
الفِكـرُ بَينَهُمـا    عَـلـى        بُعدِ المَزارِ هُـوَ   السَفيـر
هَذا البِنـاءُ الفَخـمُ    لَـي        سَ أَساسُـهُ إِلّا   الحَفـيـر
إِنَّ الَّـتـي خَـلَّـفـتَ أَم        سِ وَما سِواكَ لَها   نَصيـر
نَهَـضَ الحَـقُّ   بِشَأنِـهـا        وَسَعى لِخِدمَتِهـا   الظَهِـر
في ذِمَّةِ الفُضلـى    هُـدى        جيـلٌ إِلـى هـادٍ  فَقيـر
أَقبَلـنَ يَسأَلـنَ الحَـضـا        رَةَ ما يُفيدُ وَمـا    يُضيـر
مـا السُبـلُ بَيِّـنَـةٌ    وَلا        كُلُّ الهُـداةِ بِهـا   بَصيـر
مـا فـي كِتابِـكَ   طَفـرَةٌ        تُنعى عَلَيـكَ وَلا   غُـرور
هَذَّبتَـهُ حَتّـى   اِستَقامَـت        مِـن خَلائِقِـكَ   السُطـور
وَوَضَعتَـهُ وَعَلِـمـتَ   أَن        نَ حِسابَ واضِعِهِ   عَسيـر
لَكَ فـي مَسائِلِـهِ    الكَـلا        مُ العَفُّ وَالجَدَلُ    الوَقـور
وَلَكَ البَيانُ الجَـذلُ    فـي        أَثنائِـهِ العِلـمُ   الغَـزيـر
في مَطلَبٍ خَشِـنٍ    كَثـي        رٌ فـي مَزالِقِـهِ   العُثـور
ما بِالكِتـابِ وَلا  الحَـدي        ثِ إِذا ذَكَرتَهُمـا   نَكـيـر
حَتّى لَنَسـأَلُ هَـل    تَغـا        رُ عَلى العَقائِـدِ أَم   تُغيـر
عُشرونَ عامـاً مِـن   زَوا        لِكَ ما هِيَ الشَيءُ   الكَثيـر
رُعنَ النِساءَ وَقَـد    يَـرو        عُ المُشفِقَ الجَلَلُ    اليَسيـر
فَنَسيـنَ أَنَّـكَ    كَالـبُـدو        رِ وَدونَ رِفعَتِـكَ البُـدور
تَفنى السِنـونُ بِهـا   وَمـا        آجالُـهـا إِلّا   شُـهــور
لَقَـد اِختَلَفنـا    وَالمُـعـا        شِرُ قَـد يُخالِفُـهُ العَشيـر
في الرَأيِ ثُمَّ أَهـابَ   بـي        وَبِـكَ المُنـادِمُ   وَالسَميـر
وَمَحا الرَواحُ إِلـى    مَغـا        ني الوُدِّ ما اِقتَرَفَ    البُكور
في الرَأيِ تَضطَغِنُ العُقـو        لُ وَلَيسَ تَضطَغِنُ الصُدور
قُل لي بِعَيشِـكَ أَيـنَ    أَن        تَ وَأَينَ صاحِبُكَ    الكَبيـر
أَيـنَ الإِمـامُ وَأَيـنَ  إِس        ماعيـلُ وَالمَـلَأُ    المُنيـر
لَمّا نَزَلتُـم فـي    الثَـرى        تاهَت عَلى الشُهُبِ    القُبور
عَصـرُ العَباقِـرَةِ النُجـو        مِ بِنورِهِ تَمشي  العُصـور
***
النيل
مِن أَيِّ عَهدٍ فـي القُـرى  تَتَدَفَّـقُ        وَبِأَيِّ كَـفٍّ فـي المَدائِـنِ   تُغـدِقُ
وَمِنَ السَماءِ نَزَلتَ أَم فُجِّرتَ    مِـن        عَليـا الجِنـانِ جَـداوِلاً   تَتَرَقـرَقُ
وَبِـأَيِّ عَيـنٍ أَم بِـأَيَّـةِ   مُـزنَـةٍ        أَم أَيِّ طوفـانٍ تَفيـضُ   وَتَفـهَـقُ
وَبِأَيِّ نَـولٍ أَنـتَ ناسِـجُ    بُـردَةٍ        لِلضِفَّتَيـنِ جَديـدُهـا لا   يُخـلَـقُ
تَـسـوَدُّ ديبـاجـاً إِذا   فارَقتَـهـا        فَإِذا حَضَرتَ اِخضَوضَرَ    الإِستَبرَقُ
فـي كُـلِّ آوِنَـةٍ تُبَـدِّلُ    صِبغَـةً        عَجَبـاً وَأَنـتَ الصابِـغُ   المُتَأَنِّـقُ
أَتَتِ الدُهورُ عَلَيكَ مَهـدُكَ  مُتـرَعٌ        وَحِياضُكَ الشُـرقُ الشَهِيَّـةُ   دُفَّـقُ
تَسقي وَتُطعِـمُ لا إِنـاؤُكَ   ضائِـقٌ        بِالوارِديـنَ وَلا خُوّانُـكَ    يَنـفُـقُ
وَالمـاءُ تَسكُبُـهُ فَيُسبَـكُ   عَسجَـداً        وَالأَرضُ تُغرِقُها فَيَحيـا  المُغـرَقُ
تُعي مَنابِعُـكَ العُقـولَ    وَيَستَـوي        مُتَخَبِّـطٌ فـي عِلمِهـا   وَمُحَـقِّـقُ
أَخلَقتَ راووقَ الدُهورِ وَلَـم   تَـزَل        بِـكَ حَمـأَةٌ كَالمِسـكِ لا   تَتَـرَوَّقُ
حَمراءُ فـي الأَحـواضِ إِلّا  أَنَّهـا        بَيضاءُ في عُنُـقِ الثَـرى    تَتَأَلَّـقُ
دينُ الأَوائِلِ فيـكَ ديـنُ    مُـروءَةٍ        لِمَ لا يُؤَلَّهُ مَـن يَقـوتُ    وَيَـرزُقُ
لَو أَنَّ مَخلوقـاً يُؤَلَّـهُ لَـم    تَكُـن        لِسِـواكَ مَرتَبَـةُ الأُلوهَـةِ   تَخلُـقُ
جَعَلوا الهَوى لَكَ وَالوَقـارَ   عِبـادَةً        إِنَّ العِـبـادَةَ حَشـيَـةٌ   وَتَعَـلُّـقُ
دانـوا بِبَحـرٍ بِالمَكـارِمِ    زاخِـرٍ        عَـذبِ المَشـارِعِ مَـدُّهُ لا   يُلحَـقُ
مُتَقَـيِّـدٌ بِعُـهـودِهِ   وَوُعـــودِهِ        يَجري عَلى سَنَنِ الوَفاءِ    وَيَصـدُقُ
يَتَقَبَّـلُ الـوادي الحَيـاةَ    كَريمَـةً        مِـن راحَتَيـكَ عَميمَـةً   تَتَـدَفَّـقُ
مُتَقَلِّـبُ الجَنبَيـنِ فـي   نَعمـائِـهِ        يَعرى وَيُصبَغُ في نَـداكَ    فَيـورِقُ
فَيَبيتُ خِصباً فـي ثَـراهُ    وَنِعمَـةٍ        وَيَعُمُّـهُ مـاءُ الحَيـاةِ   المـوسِـقِ
وَإِلَيكَ بَعـدَ اللَـهِ يَرجِـعُ    تَحتَـهُ        ما جَفَّ أَو ما ماتَ أَو مـا    يَنفُـقُ
أَينَ الفَراعِنَةُ الأُلى اِستَـذرى   بِهِـم        عيسى وَيوسُفُ وَالكَليمُ    المُصعَـقُ
المورِدونَ النـاسَ مَنهَـلَ   حِكمَـةٍ        أَفضـى إِلَيـهِ الأَنبِيـاءُ    لِيَستَقـوا
الرافِعونَ إِلـى الضُحـى   آباءَهُـم        فَالشَمسُ أَصلُهُمُ الوَضيءُ   المُعـرِقُ
وَكَأَنَّمـا بَيـنَ البِلـى    وَقُبورِهِـم        عَهدٌ عَلى أَن لا مِسـاسَ    وَمَوثِـقُ
فَحِجابُهُم تَحتَ الثَـرى مِـن هَيبَـةٍ        كَحِجابِهِم فَوقَ الثَـرى لا    يُخـرَقُ
بَلَغوا الحَقيقَةَ مِـن حَيـاةٍ    عِلمُهـا        حُجُـبٌ مُكَثَّفَـةٌ وَسِــرٌّ مُغـلَـقُ
وَتَبَيَّنوا مَعنى الوُجودِ فَلَـم    يَـرَوا        دونَ الخُلـودِ سَـعـادَةً   تَتَحَـقَّـقُ
يَبنـونَ لِلدُنيـا كَمـا تَبنـي   لَهُـم        خِرَباً غُرابُ البَيـنِ فيهـا    يَنعَـقُ
فَقُصورُهُـم كـوخٌ وَبَيـتُ   بَـداوَةٍ        وَقُبورُهُم صَـرحٌ أَشَـمُّ   وَجَوسَـقُ
رَفَعوا لَها مِـن جَنـدَلٍ   وَصَفائِـحٍ        عَمَـداً فَكانَـت حائِطـاً لا    يُنتَـقُ
تَتَشايَـعُ الـدارانِ فيـهِ فَمـا   بَـدا        دُنيا وَما لَم يَبـدُ أُخـرى   تَصـدُقُ
لِلمَـوتِ سِـرٌّ تَحتَـهُ    وَجِــدارُهُ        سورٌ عَلى السِرِّ الخَفِـيِّ    وَخَنـدَقُ
وَكَـأَنَّ مَنزِلَهُـم بِأَعمـاقِ   الثَـرى        بَيـنَ المَحَلَّـةِ وَالمَحَلَّـةِ   فُـنـدُقُ
مَوفورَةٌ تَحـتَ الثَـرى   أَزوادُهُـم        رَحبٌ بِهِم بَينَ الكُهـوفِ   المُطبِـقُ
وَلِمَن هَياكِلُ قَد عَلا البانـي    بِهـا        بَيـنَ الثُرَيّـا وَالثَـرى   تَتَنَـسَّـقُ
مِنها المُشَيَّدُ كَالبُـروجِ    وَبَعضُهـا        كَالطَودِ مُضطَجِـعٌ أَشَـمُّ    مُنَطَّـقُ
جُـدُدٌ كَـأَوَّلِ عَهدِهـا   وَحِيالَـهـا        تَتَقـادَمُ الأَرضُ الفَضـاءُ   وَتَعتُـقُ
مِن كُلِّ ثِقـلٍ كاهِـلُ الدُنيـا    بِـهِ        تَعِبٌ وَوَجهُ الأَرضِ عَنـهُ  ضَيِّـقُ
عالٍ عَلى بـاعِ البِلـى لا   يَهتَـدي        مـا يَعتَلـي مِنـهُ وَمـا    يَتَسَلَّـقُ
مُتَمَكِّنٌ كَالطَودِ أَصلاً فـي   الثَـرى        وَالفَرعُ في حَرَمِ السَمـاءِ    مُحَلِّـقُ
هِـيَ مِـن بِنـاءِ الظُلـمِ إِلّا   أَنَّـهُ        يَبيَضُّ وَجهُ الظُلمِ مِنـهُ    وَيُشـرِقُ
لَم يُرهِقِ الأُمَـمَ المُلـوكُ  بِمِثلِهـا        فَخراً لَهُـم يَبقـى وَذِكـراً   يَعبَـقُ
فُتِنَت بِشَطَّيـكَ العِبـادُ فَلَـم يَـزَل        قـاصٍ يَحُجُّهُمـا وَدانٍ    يَـرمُـقُ
وَتَضَوَّعَت مِنـكَ الدُهـورِ   كَأَنَّمـا        في كُـلِّ ناحِيَـةٍ بَخـورٌ    يُحـرَقُ
وَتَقابَلَت فيها عَلى السُـرُرِ   الدُمـى        مُستَردِيـاتِ الــذُلِّ لا    تَتَفَـتَّـقُ
عَطَلَت وَكانَ مَكانُهُنَّ مِـنَ   العُلـى        بَلقيسُ تَقبِسُ مِـن حُـلاهُ   وَتَسـرِقُ
وَعَلا عَلَيهُنَّ التُـرابُ وَلَـم   يَكُـن        يَزكو بِهِنَّ سِـوى العَبيـرُ   وَيَلبَـقُ
حُجُراتُهـا مَوطـوءَةٌ   وَسُتـورُهـا        مَهتوكَـةٌ بِيَـدِ البِلـى    تَتَـخَـرَّقُ
أَودى بِزينَتِهـا الزَمـانُ    وَحَليِهـا        وَالحُسنُ بـاقٍ وَالشَبـابُ    الرَيِّـقُ
لَـو رُدَّ فِرعَـونُ الغَـداةَ   لَراعَـهُ        أَنَّ الغَرانيـقَ العُلـى لا   تَنـطِـقُ
خَلَعَ الزَمانُ عَلـى الـوَرى أَيّامَـهُ        فَإِذا الضُحى لَكَ حِصَّـةٌ   وَالرَونَـقُ
لَكَ مِـن مَواسِمِـهِ وَمِـن   أَعيـادِهِ        ما تَحسِرُ الأَبصـارُ فيـهِ   وَتَبـرَقُ
لا الفُرسُ أوتـوا مِثلَـهُ يَومـاً وَلا        بَغدادُ فـي ظِـلِّ الرَشيـدِ   وَجِلَّـقُ
فَتحُ المَمالِـكِ أَو قِيـامُ العِجـلِ   أَو        يَومُ القُبـورِ أَوِ الزَفـافُ   المونِـقُ
كَم مَوكِـبٍ تَتَخايَـلُ الدُنيـا    بِـهِ        يُجلى كَما تُجلى النُجـومُ    وَيُنسَـقُ
فِرعَونُ فيهِ مِـنَ الكَتائِـبِ   مُقبِـلٌ        كَالسُحبِ قَرنُ الشَمسِ مِنها    مُفتِـقُ
تَعنـو لِعِزَّتِـهِ الوُجـوهُ  وَوَجهُـهُ        لِلشَمسِ في الآفاقِ عـانٍ    مُطـرِقُ
آبَت مِـنَ السَفَـرِ البَعيـدِ   جُنـودُهُ        وَأَتَتـهُ بِالفَتـحِ السَعيـدِ   الفَيـلَـقُ
وَمَشى المُلوكُ مُصَفَّدينَ    خُدودُهُـم        نَعلٌ لِفِرعَـونَ العَظيـمِ    وَنُمـرُقُ
مَملـوكَـةٌ أَعناقُـهُـم    لِيَميـنِـهِ        يَأبى فَيَضـرِبُ أَو يَمُـنُّ    فَيُعتِـقُ
وَنَجيبَـةٍ بَيـنَ الطُفولَـةِ   وَالصِبـا        عَذراءَ تَشرَبُهـا القُلـوبُ   وَتَعلَـقُ
كانَ الزَفافُ إِلَيـكَ غايَـةَ  حَظِّهـا        وَالحَـظُّ إِن بَلَـغَ النِهايَـةَ   موبِـقُ
لافَيـتَ أَعراسـاً وَلافَـت  مَأتَمـاً        كَالشَيـخِ يَنعَـمُ بِالفَتـاةِ    وَتُزهَـقُ
فـي كُـلِّ عـامٍ دُرَّةٌ تُلقـى  بِـلا        ثَمَـنٍ إِلَيـكَ وَحُـرَّةٌ لا تُـصـدَقُ
حَـولٌ تُسائِـلُ فيـهِ كُـلُّ   نَجيبَـةٍ        سَبَقَت إِلَيكَ مَتـى يَحـولُ   فَتَلحَـقُ
وَالمَجـدُ عِنـدَ الغانِيـاتِ   رَغيبَـةٌ        يُبغى كَما يُبغى الجَمـالُ   وَيُعشَـقُ
إِن زَوَّجـوكَ بِهِـنَّ فَهـيَ   عَقيـدَةٌ        وَمِنَ العَقائِـدِ مـا يَلَـبُّ   وَيَحمُـقُ
ما أَجمَـلَ الإيمـانَ لَـولا   ضَلَّـةٌ        في كُـلِّ ديـنٍ بِالهِدايَـةِ  تُلصَـقُ
زُفَّت إِلى مَلِـكِ المُلـوكِ    يَحُثُّهـا        ديـنٌ وَيَدفَعُهـا هَـوىً    وَتَشَـوُّقُ
وَلَرُبَّمـا حَسَـدَت عَلَيـكَ   مَكانَهـا        تِربٌ تَمَسَّـحُ بِالعَـروسِ   وَتُحـدِقُ
مَجلُوَّةٌ فـي الفُلـكِ يَحـدو   فُلكَهـا        بِالشاطِئَيـنِ مُزَغـرِدٌ   وَمُصَـفِّـقُ
في مِهرَجـانٍ هَـزَّتِ الدُنيـا   بِـهِ        أَعطافَها وَاِختـالَ فيـهِ    المَشـرِقُ
فِرعَـونُ تَحـتَ لِوائِـهِ   وَبَنـاتُـهُ        يَجري بِهِنَّ عَلى السَفينِ    الـزَورَقُ
حَتّى إِذا بَلَغَـت مَواكِبُهـا   المَـدى        وَجَرى لِغايَتِـهِ القَضـاءُ   الأَسبَـقُ
وَكَسا سَمـاءَ المِهرَجـانِ    جَلالَـةً        سَيفُ المَنِيَّةِ وَهـوَ صَلـتٌ   يَبـرُقُ
وَتَلَفَّتَـت فـي اليَـمِّ كُـلُّ   سَفينَـةٍ        وَاِنثالَ بِالوادي الجُمـوعُ   وَحَدَّقـوا
أَلقَـت إِلَيـكَ بِنَفسِهـا   وَنَفيسِـهـا        وَأَتَتـكَ شَيِّقَـةً حَـواهـا   شَـيِّـقُ
خَلَعَت عَلَيـكَ حَياءَهـا    وَحَياتَهـا        أَأَعَـزُّ مِـن هَذَيـنِ شَـيءٌ يُنفَـقُ
وَإِذا تَناهى الحُبُّ وَاِتَّفَـقَ    الفِـدى        فَالروحُ في بـابِ الضَحِيَّـةِ   أَليَـقُ
مـا العالَـمُ السُفلِـيُّ إِلّا    طيـنَـةٌ        أَزَلِيَّـةٌ فيـهِ تُضـيءُ    وَتَغـسِـقُ
هِيَ فيهِ لِلخِصبِ العَميـمِ    خَميـرَةٌ        يَندى بِمـا حَمَلَـت إِلَيـهِ  وَيَبثُـقُ
ما كـانَ فيهـا لِلزِيـادَةِ  مَوضِـعٌ        وَإِلى حِماها النَقـصُ لا    يَتَطَـرَّقُ
مُنبَثَّةٌ في الأَرضِ تَنتَظِـمُ    الثَـرى        وَتَنالُ مِمّا فـي السَمـاءِ    وَتَعلَـقُ
مِنها الحَيـاةُ لَنـا وَمِنهـا   ضِدُّهـا        أَبَـداً نَعـودُ لَهـا وَمِنهـا   نُخلَـقُ
وَالـزَرعُ سُنبُلُـهُ يَطيـبُ  وَحَبُّـهُ        مِنهـا فَيَخـرُجُ ذا وَهَـذا   يُفـلَـقُ
وَتَشُدُّ بَيتَ النَحـلِ فَهـوَ    مُطَنَّـبٌ        وَتَمُدُّ بَيـتَ النَمـلِ فَهـوَ   مُـرَوَّقُ
وَتَظَلُّ بَينَ قُـوى الحَيـاةِ   جَوائِـلاً        لا تَستَقِـرُّ دَوائِــلاً لا   تُمـحَـقُ
هِيَ كِلمَةُ اللَـهِ القَديـرِ    وَروحُـهُ        في الكائِنـاتِ وَسِـرُّهُ    المُستَغلِـقُ
في النَجمِ وَالقَمَرَيـنِ مَظهَرُهـا   إِذا        طَلَعَت عَلى الدُنيا وَساعَـةَ   تَخفُـقُ
وَالذَرُّ وَالصَخَراتُ مِمّـا    كَـوَّرَت        وَالفيلُ مِمّـا صَـوَّرَت   وَالخِرنِـقُ
فَتَنَـت عُقـولَ الأَوَّليـنَ    فَأَلَّهـوا        مِن كُلِّ شَيءٍ ما يَـروعُ  وَيَخـرُقُ
سَجَدوا لِمَخلـوقٍ وَظَنّـوا    خالِقـاً        مَن ذا يُمَيِّزُ فـي الظَـلامِ وَيَفـرُقُ
دانَـت بِآبيـسَ الرَعِيَّـةُ    كُلُّـهـا        مَن يَستَغِلُّ الأرضَ أَو مَن    يَعـزُقُ
جاؤوا مِنَ المَرعى بِهِ يَمشي  كَمـا        تَمشي وَتَلتَفِـتُ المَهـاةُ    وَتَرشُـقُ
داجٍ كَجُنـحِ اللَيـلِ زانَ   جَبيـنُـهُ        وَضَحٌ عَلَيهِ مِـنَ الأَهِلَّـةِ  أَشـرَقُ
العَسجَـدُ الوَهّـاجُ وَشـيُ   جَلالِـهِ        وَالوَردُ مَوطِـئُ خُفِّـهِ    وَالزَنبَـقُ
وَمِنَ العَجائِبِ بَعدَ طـولِ    عِبـادَةٍ        يُؤتى بِهِ حَوضَ الخُلـودِ    فَيُغـرَقُ
يا لَيتَ شِعري هَل أَضاعوا العَهدَ أَم        حَذِروا مِنَ الدُنيا عَلَيـهِ    وَأَشفَقـوا
قَومٌ وَقـارُ الديـنِ فـي   أَخلاقِهِـم        وَالشَعـبُ مـا يعتـادُ أَو   يَتَخَلَّـقُ
يَدعونَ خَلفَ السِتـرِ آلِهَـةً    لَهُـم        مَـلَأوا النَـدِيَّ جَلالَـةً   وَتَأَبَّـقـوا
وَاِستَحجَبـوا الكُهّـانَ هَـذا   مُبلِـغٌ        مـا يَهتِفـونَ بِـهِ وَذاكَ   مُصَـدِّقُ
لا يُسأَلـونَ إِذا جَـرَت    أَلفاظُهُـم        مِن أَينَ لِلحَجَـرِ اللِسـانُ  الأَذلَـقُ
أَو كَيفَ تَختَرِقُ الغُيـوبَ    بَهيمَـةٌ        فيما يَنوبُ مِنَ الأُمـورِ    وَيَطـرُقُ
وَإِذا هُمو حَجّوا القُبـورَ   حَسِبتَهُـم        وَفدَ العَتيقِ بِهِـم تَرامـى   الأَينُـقُ
يَأتـونَ طيبَـةَ بِالهَـدِيِّ    أَمامَهُـم        يَغشى المَدائِـنَ وَالقُـرى   وَيُطَبِّـقُ
فَالبَرُّ مَشـدودُ الزَواحِـلِ    مُحـدَجٌ        وَالبَحرُ مَمـدودُ الشِـراعِ   مُوَسَّـقُ
حَتّى إِذا أَلقَـوا بِهَيكَلِهـا    العَصـا        وَفّوا النُـذورَ وَقَرَّبـوا   وَاِصَّدَّقـوا
وَجَـرَت زَوارِقُ بِالحَجيـجِ كَأَنَّهـا        رُقـطٌ تَدافَـعُ أَو سِهـامٌ   تَـمـرُقُ
مِن شاطِئٍ فيـهِ الحَيـاةُ    لِشاطِـئٍ        هُـوَ مُضجَـعٌ لِلسابِقيـنَ وَمِرفَـقُ
غَرَبوا غُروبَ الشَمسِ فيهِ   وَاِستَوى        شـاهٌ وَرُخٌّ فـي التُـرابِ   وَبَيـدَقُ
حَيثُ القُبورُ عَلى الفَضـاءِ   كَأَنَّهـا        قِطَعُ السَحابِ أَوِ السَرابِ    الدَيسَـقُ
لِلحَـقِّ فيـهِ جَولَـةٌ وَلَـهُ   سَـنـاً        كَالصُبـحِ مِـن جَنَباتِهـا يَتَفَـلَّـقُ
نَزَلوا بِها فَمَشى المُلـوكُ    كَرامَـةً        وَجَثـا المُـدِلُّ بِمالِـهِ وَالمُمـلَـقُ
ضاقَـت بِهِـم عَرَصاتُهـا فَكَأَنَّمـا        رَدَّت وَدائِعَهـا الفَـلاةُ    الفَيـهَـقُ
وَتَنـادَمَ الأَحيـاءُ وَالمَوتـى   بِهـا        فَكَأَنَّهُم فـي الدَهـرِ لَـم   يَتَفَرَّقـوا
أَصلُ الحَضارَةِ في صَعيدِكَ   ثابِـتٌ        وَنَباتُهـا حَسَـنٌ عَلَيـكَ   مُخَـلَّـقُ
وُلِدَت فَكُنتَ المَهدَ ثُـمَّ   تَرَعرَعَـت        فَأَظَلَّهـا مِنـكَ الحَفِـيُّ    المُشفِـقُ
مَـلَأَت دِيـارَكَ حِكمَـةً   مَأثورُهـا        في الصَخرِ وَالبَردي الكَريمِ   مُنَبَّـقُ
وَبَنَت بُيوتَ العِلمِ باذِخَـةَ    الـذُرى        يَسعـى لَهُـنَّ مُغَـرِّبٌ    وَمُشَـرِّقُ
وَاِستَحدَثَت دينـاً فَكـانَ    فَضائِـلاً        وَبِنـاءِ أَخـلاقٍ يَطـولُ   وَيَشهَـقُ
مَهَـدَ السَبيـلَ لِكُـلِّ ديـنٍ   بَعـدَهُ        كَالمِسـكِ رَيّـاهُ بِأُخـرى   تُفـتَـقُ
يَدعو إِلـى بِـرٍّ وَيَرفَـعُ   صالِحـاً        وَيَعافُ ما هُـوَ لِلمُـروءَةِ   مُخلِـقُ
لِلناسِ مِـن أَسـرارِهِ مـا   عُلِّمـوا        وَلِشُعبَةِ الكَهَنوتِ ما هُـوَ    أَعمَـقُ
فيـهِ مَحَـلٌّ لِلأَقانـيـمِ    العُـلـى        وَلِجامِـعِ التَوحيـدِ فيـهِ   تَعَـلُّـقُ
تابوتُ موسـى لا تَـزالُ    جَلالَـةٌ        تَبـدو عَلَيـكَ لَـهُ وَرَيّـا   تُنشَـقُ
وَجَمالُ يوسُـفَ لا يَـزالُ   لِـواؤُهُ        حَولَيكَ في أُفُـقِ الجَـلالِ    يُرَنَّـقُ
وَدُمـوعُ إِخوَتِـهِ رَسائِـلُ    تَوبَـةٍ        مَسطورُهُـنَّ بِشاطِئَيـكَ  مُنَـمَّـقُ
وَصَلاةُ مَريَمَ فَوقَ زَرعِكَ لَم   يَـزَل        يَزكو لِذِكراهـا النَبـاتَ    وَيَسمُـقُ
وَخُطى المَسيحِ عَلَيكَ روحاً    طاهِراً        بَرَكـاتُ رَبِّـكَ وَالنَعيـمُ   الغَيـدَقُ
وَوَدائِـعُ الفـاروقِ عِنـدَكَ   دينَـهُ        وَلِــواؤُهُ وَبَيـانُـهُ   وَالمَنـطِـقُ
بَعَثَ الصَحابَةَ يَحمِلونَ مِنَ   الهُـدى        وَالحَقُّ ما يُحيي العُقـولَ    وَيَفتُـقُ
فَتحُ الفُتوحِ مِـنَ المَلائِـكِ    رَزدَقٌ        فيهِ وَمِـن أَصحـابِ بَـدرٍ  رَزدَقُ
يَبنـونَ لِلَّـهِ الكِنـانَـةَ    بِالقَـنـا        وَاللَهُ مِـن حَـولِ البِنـاءِ   مُوَفِّـقُ
أَحـلاسُ خَيـلٍ بَيـدَ أَنَّ حُسامَهُـم        في السِلمِ مِن حِذرِ الحَوادِثِ   مُقلَـقُ
تُطوى البِلادُ لَهُم وَيُنجِـدُ  جَيشُهُـم        جَيشٌ مِنَ الأَخلاقِ غـازٍ    مـورِقُ
في الحَقِّ سُلَّ وَفيهِ أُغمِـدَ  سَيفُهُـم        سَيفُ الكَريمِ مِنَ الجَهالَـةِ    يَفـرَقُ
وَالفَتـحُ بَغـيٌ لا يُهَـوِّنُ    وَقعَـهُ        إِلّا العَفيـفُ حُسامُـهُ    المُتَـرَفِّـقُ
مـا كانَـتِ الفُسطـاطُ إِلّا   حائِطـاً        يَأوي الضَعيفُ لِرُكنِـهِ   وَالمُرهَـقُ
وَبِهِ تَلوذُ الطَيرُ في طَلَبِ    الكَـرى        وَيَبيتُ قَيصَرُ وَهـوَ مِنـهُ مُـؤَرَّقُ
عَمرٌو عَلى شَطبِ الحَصيرِ   مُعَصَّبٌ        بِقِـلادَةِ اللَـهِ العَـلِـيِّ   مُـطَـوَّقُ
يَدعو لَهُ الحاخـامُ فـي    صَلَواتِـهِ        موسى وَيَسأَلُ فيهِ عيسى   البَطـرَقُ
يا نيلُ أَنتَ يَطيبُ ما نَعَتَ  الهُـدى        وَبِمَدحَةِ التَـوراةِ أَحـرى    أَخلَـقُ
وَإِلَيكَ يُهدي الحَمدَ خَلـقٌ   حازَهُـم        كَنَفٌ عَلى مَـرِّ الدُهـورِ  مُرَهَّـقُ
كَنَـفٌ كَمَعـنٍ أَو كَساحَـةِ   حاتِـمٍ        خَلـقٌ يُوَدِّعُـهُ وَخَلـقٌ   يَـطـرُقُ
وَعَلَيكَ تُجلى مِن مَصوناتِ   النُهـى        خودٌ عَرائِـسُ خِدرُهُـنَّ   المُهـرَقُ
الـدُرُّ فــي لَبّاتِـهِـنَّ   مُنَـظَّـمٌ        وَالطيبُ فـي حَبراتِهِـنَّ   مُرَقـرَقُ
لي فيكَ مَـدحٌ لَيـسَ فيـهِ   تَكَلُّـفٌ        أَمـلاهُ حُـبٌّ لَيـسَ فيـهِ    تَمَلُّـقُ
مِمّا يُحَمِّلُنـا الهَـوى لَـكَ   أَفـرُخٌ        سَنَطيرُ عَنها وَهيَ عِنـدَكَ   تُـرزَقُ
تَهفو إِلَيهِـم فـي التُـرابِ قُلوبُنـا        وَتَكادُ فيـهِ بِغَيـرِ عِـرقٍ   تَخفُـقُ
تُرجى لَهُـم وَاللَـهُ جَـلَّ    جَلالُـهُ        مِنّـا وَمِنـكَ بِهِـم أَبَـرُّ   وَأَرفَـقُ
فَاِحفَظ وَدائِعَكَ الَّتـي    اِستودَعتَهـا        أَنتَ الوَفِيُّ إِذا اؤتُمِنـتَ   الأَصـدَقُ
لِـلأَرضِ يَـومٌ وَالسَمـاءِ    قِيامَـةٌ        وَقِيامَـةُ الـوادي غَـداةَ   تُحَـلِّـقُ
***
لبنان
لُبنانُ مَجدُكَ في المَشارِقِ   أَوَّلُ        وَالأَرضُ رابِيَة وَأَنـتَ   سَنـامُ
وَبَنوكَ أَلطَفُ مِن نَسيمِكَ ظلُّهُم        وَأَشَمُّ مِن هَضَباتِـكَ   الأَحـلامُ
أَخرَجتَهُم لِلعالَميـنَ جَحاجِحـاً        عُرباً وَأَبنـاءُ الكَريـمِ   كِـرامُ
بَينَ الرِياضِ وَبَينَ أُفقٍ    زاهِرٍ        طَلَعَ المَسيحُ عَلَيهِ    وَالإِسـلامُ
هَذا أَديبُـكَ يُحتَفـى بِوِسامِـهِ        وَبَيانُـهُ لِلمَشرِقَيـنِ   وِســامُ
وَيُجَلُّ قَدرُ قِلادَةٍ في    صَـدرِهِ        وَلَهُ القَلائِدُ سِمطُهـا    الإِلهـامُ
صَدرٌ حَوالَيهِ الجَلالُ    وَمِلـؤُهُ        كَرَمٌ وَخَشيَةُ مومِـنٍ    وَذِمـامُ
حَلّاهُ إِحسانُ الخِديـوِ   وَطالَمـا        حَلّاهُ فَضـلُ اللَـهِ    وَالإِنعـامُ
لِعُلاكَ يا مُطرانُ أَم لِنُهـاكَ   أَم        لِخِلالِكَ التَشريـفُ   وَالإِكـرامُ
أَم لِلمَواقِفِ لَم يَقِفهـا   ضَيغَـمٌ        لَولاكَ لَاِضطَرَبَت لَهُ   الأَهـرامُ
هَذا مَقامُ القَولِ فيكَ وَلَم   يَـزَل        لَكَ في الضَمائِرِ مَحفِلٌ وَمَقـامُ
غالى بِقيمَتِكَ الأَميـرُ   مُحَمَّـدٌ        وَسَعى إِلَيكَ يَحُفُّـهُ   الإِعظـامُ
في مَجمَعٍ هَزَّ البَيـانُ   لِـواءَهُ        بِكَ فيهِ وَاِعتَزَّت بِكَ    الأَقـلامُ
اِبنُ المُلوكِ تَلا الثَناءَ    مُخَلَّـداً        هَيهاتَ يَذهَبُ لِلمُلـوكِ   كَـلامُ
فَمِنَ البشير لِبَعلَبَـكَّ    وَبَينَهـا        نَسَبٌ تُضيءُ بِنـورِهِ    الأَيّـامُ
يَبلى المَكينُ الفَخمُ مِن    آثارِها        يَومـاً وَآثـارُ الخَليـلِ   قِيـامُ
****
تهنئة السلطان العثماني
هَـزَّ اللِـواءُ بِعِـزِّكَ   الإِســلامُ        وَعَنَـت لِقائِـمِ سَيفِـكَ    الأَيّــامُ
وَاِنقـادَتِ الدُنيـا إِلَيـكَ   فَحَسبُهـا        عُـذراً قِيـادٌ أَسلَسَـت   وَزِمــامُ
وَمَشى الزَمانُ إِلى سَريرِكَ    تائِبـاً        خَجِـلاً عَلَيـهِ الـذُلُّ    وَالإِرغـامِ
عَـرشُ النَبِـيِّ مُحَمَّـدٍ جَنَبـاتُـهُ        نـورٌ وَرَفرَفُـهُ الطَهـورُ   غَمـامُ
لَمّا جَلَسـتَ سَمـا وَعَـزَّ   كَأَنَّمـا        هـارونُ وَاِبنـاهُ عَلَـيـهِ   قِـيـامُ
البَحرُ مَحشـودُ البَـوارِجِ    دونَـهُ        وَالبَـرُّ تَحـتَ ظِـلالِـهِ   آجــامُ
نَعَمَ الرَعِيَّةُ فـي ذَراكَ   وَنَضَّـرَت        أَيّامَهُـم فـي ظِلِّـكَ    الأَحـكـامُ
فـي كُـلِّ ناحِيَـةٍ وَكُـلِّ    قَبيلَـةٍ        عَـدلٌ وَأَمـنٌ مـورِفٌ   وَوِئــامُ
حَمَلَ الصَليبُ إِلَيـكَ مِـن   فِتيانِـهِ        جُنـداً وَقاتَـلَ دونَـكَ الحـاخـامُ
وَالديـنُ لَيـسَ بِرافِـعٍ مُلكـاً   إِذا        لَـم يَبـدُ لِلدُنيـا عَلَيـهِ   نِـظـامُ
بِاللَـهِ قَـد دانَ الجَميـعُ وَشَأنُهُـم        بِاللَـهِ ثُـمَّ بِعَرشِـكَ    اِستِعصـامُ
يا اِبنَ الَّذينَ إِذا الحُروبُ   تَتابَعَـت        صَلَّوا عَلى حَدِّ السُيوفِ   وَصامـوا
المُظهِريـنَ لِنـورِ بَـدرٍ  بَعدَمـا        خيفَ المَحـاقُ عَلَيـهِ  وَالإِظـلامُ
عِشرونَ خاقانـاً نَمَـوكَ   وَعَشـرَةٌ        غُـرُّ الفُتـوحِ خَلائِـفٌ   أَعــلامُ
نَسَـبٌ إِذا ذُكِـرَ المُلـوكُ    فَإِنَّـهُ        لِرَفيـعِ أَنسـابِ المُلـوكِ    سَنـامُ
لا تَحفَلَـنَّ مِـنَ الجِـراحِ    بَقِيَّـةً        إِنَّ البَقِيَّـةَ فــي غَــدٍ تَلـتـامُ
جَرَتِ النُحـوسُ لِغايَـةٍ    فَتَبَدَّلَـت        وَلِكُـلِّ شَـيءٍ غـايَـةٌ   وَتَـمـامُ
تَعِبَت بِأُمَّتِكَ الخُطوبُ    فَأَقصَـرَت        وَالدَهرُ يُقصِرُ وَالخُطـوبُ    تَنـامُ
لَبِثَت تَنوشُهُـمُ الحَـوادِثُ    حِقبَـةً        وَتَصُدُّهـا الأَخـلاقُ   وَالأَحــلامُ
وَلَقَد يُداسُ الذِئـبُ فـي    فَلَواتِـهِ        وَيُهـابُ بَيـنَ قُيـودِهِ   الضِرغـامُ
زِدهُم أَميرَ المُؤمِنينَ مِـنَ   القُـوى        إِنَّ القُـوى عِـزٌّ لَهُـم    وَقَــوامُ
المُلكُ وَالدُوَلاتُ مـا يَبنـي   القَنـا        وَالعِلـمُ لا مـا تَرفَـعُ    الأَحـلامُ
وَالحَقُّ لَيـسَ وَإِن عَـلا    بِمُؤَيَّـدٍ        حَتّـى يُحَـوِّطَ جانِبَيـهِ   حُـسـامُ
خَـطَّ النَبِـيُّ بِراحَتَيـهِ   خَنـدَقـاً        وَمَشى يُحيـطُ بِـهِ قَنـاً  وَسِهـامُ
يا بَربَروسُ عَلـى ثَـراكَ  تَحِيَّـةٌ        وَعَلى سَمِيِّكَ فـي البِحـارِ   سَـلامُ
أَعَلِمتَ ما أَهـدى إِلَيـكَ عِصابَـةٌ        غُـرُّ المَآثِـرِ مِـن بَنيـكَ   كِـرامُ
نَشَروا حَديثَكَ في البَرِيَّةِ بَعدَ    مـا        هَمَّـت بِطَـيِّ حَديثِـكَ    الأَيّــامُ
خَصّوكَ مِـن أُسطولِهِـم بِدَعامَـةٍ        يُبنـى عَلَيهـا رُكـنُـهُ   وَيُـقـامُ
شَمّاءُ في عَرضِ الخِضَـمِّ   كَأَنَّهـا        بُرجٌ بِذاتِ الرَجـعِ لَيـسَ    يُـرامُ
كانَت كَبَعضِ البارِجـاتِ    فَحَفَّهـا        لَمّـا تَحَلَّـت بِاِسمِـكَ    الإِعظـامُ
ما ماتَ مِن نُبُلِ الرِجالِ   وَفَضلِهِـم        يَحيا لَدى التاريـخِ وَهـوَ   عِظـامُ
يَمضي وَيُنسى العالَمـونَ    وَإِنَّمـا        تَبقـى السُيـوفُ وَتَخلُـدُ الأَقـلامُ
وَتَلاكَ طُرغودُ كَمـا قَـد    كُنتُمـا        جَنبـاً لِجَنـبٍ وَالعُبـابُ   ضِـرامُ
أَرسى عَلى بـابِ الإِمـامِ    كَأَنَّـهُ        لِلفُلكِ مِـن فَـرطِ الجَـلالِ   إِمـامُ
جَمَعَتكُمـا الأَيّـامُ بَعـدَ   تَـفَـرُّقٍ        مــا لِلِـقـاءِ وَلِلـفُـراقِ    دَوامُ
سَيَشُـدُّ أَزرَكَ وَالشَدائِـدُ   جُـمَّـةٌ        وَيُعِزُّ نَصرَكَ وَالخُطـوبُ   جِسـامُ
ما السُفنُ في عَدَدِ الحَصى   بِنَوافِـعٍ        حَتّـى يَهُـزَّ لِـواءَهـا   مِـقـدامُ
لَمّـا لَمَحتُكُمـا سَكَبـتُ مَدامِعـي        فَرَحـاً وَطـالَ تَشَـوُّفٌ   وَقِـيـامُ
وَسَأَلتُ هَل مِن لُؤلُـؤٍ أَو   طـارِقٍ        في البَحرِ تَخفُـقُ فَوقَـهُ   الأَعـلامُ
يا مَعشَرَ الإِسلامِ فـي    أُسطولِكُـم        عِـزٌّ لَكُـم وَوِقـايَـةٌ    وَسَــلامُ
جودوا عَلَيهِ بِمالِكُم وَاِقضـوا   لَـهُ        ما توجِـبُ الأَعـلاقُ    وَالأَرحـامُ
لا الهِندُ قَد كَرُمَت وَلا مِصرٌ سَخَت        وَالغَربُ قَصَّرَ عَن نَـدىً   وَالشـامُ
سَيلُ المَمالِكِ جـارِفٌ مِـن   شِـدَّةٍ        وَقُوىً وَأَنتُم فـي الطَريـقِ   نِيـامُ
حُبُّ السِيادَةِ فـي شَمائِـلِ   دينِكُـم        وَالجِـدُّ روحٌ مِـنـهُ   وَالإِقــدامُ
وَالعِلـمُ مِـن آياتِـهِ الكُبـرى   إِذا        رَجَعَـت إِلـى آياتِـهِ    الأَقــوامُ
لَو تُقـرِؤونَ صِغارَكُـم   تاريخَـهُ        عَرَفَ البَنونُ المَجدَ كَيـفَ  يُـرامُ
كَم واثِـقٍ بِالنَفـسِ نَهّـاضٍ   بِهـا        سادَ البَرِيَّـةَ فيـهِ وَهـوَ   عِصـامُ
****
الكردي
يَحكـونَ أَنَّ رَجُـلاً    كُردِيّـا        كانَ عَظيمَ الجِسـمِ   هَمشَرِيّـا
وَكانَ يُلقي الرُعبَ في   القُلوبِ        بِكَثرَةِ السِلاحِ فـي   الجُيـوبِ
وَيُفزِعُ اليَهـودَ    وَالنَصـارى        وَيُرعِبُ الكِبـارَ  وَالصِغـارا
وَكُلَّمـا مَـرَّ هُنـاكَ    وَهُنـا        يَصيحُ بِالناسِ أَنـا أَنـا  أَنـا
نَمـى حَديثُـهُ إِلـى   صَبِـيٍّ        صَغيرِ جِسـمٍ بَطَـلٍ    قَـوِيِّ
لا يَعرِفُ الناسُ لَـهُ    الفُتُـوَّه        وَلَيسَ مِمَّـن يَدَّعـونَ   القُـوَّه
فَقـالَ لِلقَـومِ سَأُدريكُـم   بِـهِ        فَتَعلَمونَ صِدقَـهُ مِـن   كِذبِـه
وَسارَ نَحوَ الهَمشَرِيِّ في   عَجَل        وَالناسُ مِمّا سَيَكونُ في    وَجَل
وَمَـدَّ نَحـوَهُ يَمينـاً   قاسِيَـه        بِضَربَةٍ كادَت تَكونُ القاضِيَـه
فَلَم يُحَرِّك ساكِناً وَلا    اِرتَبَـك        وَلا اِنتَهى عَن زَعمِهِ وَلا تَرَك
بَل قالَ لِلغالِـبِ قَـولاً  لَيِّنـا        الآنَ صِرنا اِثنَين أَنـتَ وَأَنـا
***

السلطان عبد الحميد الثاني
أمير المؤمنين
حُسامُك من سقراطَ في الخطب   أَخْطَـبُ
وعودك مـن عـود المنابـر  اصلـبُ
ملكتَ سَبِيلَيْهِمْ:ففـي الشـرق مَضْـرِبٌ
لجيشك ممدودٌ ، وفي الغرب    مضـرب
وعزمك من هوميـر أمضـى    بديهـة
وأجلى بياناً فـي القلـوب ،    واعـذب
وإن يذكـروا إسكـنـدراً    وفتـوحـه
فعهـدُك بالفتـح المحـجَّـل   أَقــرب
ثمانون ألفـاً أسـد غـابٍ ،  ضراغـمٌ
لها مِخْلـبٌ فيهـم، وللمـوتِ    مخلـب
إِذا حَلمـتْ فالشـرُّ وسْـنـانُ   حـالـمٌ
وإن غضبتْ فالـرُّ شقظـان    مغضـب
ومُلكُـك أرقـى بالدليـل حكـومـة    ً
وأَنفذُ سهماً فـي الأُمـور،    وأَصـوَب
وتغشـى أَبِيّـاتِ المعاقـل    والــذُّرا
فثيِّبُهُـنَّ البِـكْـرُ، والبـكْـرُ   ثَـيِّـب
ظهرتَ أَميرَ المؤمنيـن علـى    العـدا
ظهـوراً يسـوء الحاسديـن ويتـعـب
يقـود سراياهـا ، ويحمـي   لـواءهـا
حوائـرَ، مـا يدريـن مـاذا   تخـرِّب؟
سل العصر ، والأيام : والناس : هل نبا
نَبا لرأْيك فيهـم، أو لسيفـكَ   مَضْـرِب
هـمُ مـلأوا الدنيـا جَهـامـاً،    وراءَه
جهامٌ مـن الأعـوان أَهـذَى  وأَكـذب
يجـيء بهـا حينـاً ، ويرجـع مـرة   ً
كمـا تَدفـعُ اللّـجَّ البحـارُ وتَـجْـذِب
ويرمي بها كالبحر مـن كـلِّ    جانـبٍ
فكـل خمـيـسٍ لـجـة ٌ   تتـضـرب
فلما استللـت السيـف أخلـب   برقهـم
وما كنت - يا برق المنيـة -    تخلـبُ
أخذتهـم ، لا مالكـيـن    لحوضـهـم
من الـذَّودِ إلا مـا أطالـوا   وأسهبـوا
ويُنفذُهـا مـن كـلِّ شعـب،    فتلتقـي
كمـا يتلاقـى العـارض   المتشـعـب
ولـم يتكلـف قومـك الأسـد أهبـة    ً
ولكـنَّ خلقـاً فـي السبـاع    التأهـب
ويجعـلُ ميقاتـاً لهـا تَنبـري    لــه
كما دار يلقى عقـرب السَّيـر   عقـرب
كذا الناس : بالأخلاق يبقـى   صلاحهـم
ويذهب عنهـم أمرهـم حيـن  يذهـب
فظلت عيونُ الحرب حيرى لمـا   تـرى
نواظـرَ مـا تأْتـي الليـوثُ وتُغـرِب
تبالغ بالرامـي، وتزهـو بمـا    رمـى
وتعجـب القـواد ، والجنـدُ أعـجـب
ومـن شـرف الأوطـان ألا يفوتـهـا
حسـامٌ معِـزٌّ، أو يَــراعٌ    مـهـذَّب
أمِنَّـا الليالـي أَن نُــرَاع  بـحـادثٍ
ومُلْهمِهـا فيـمـا تـنـال   وتكـسِـب
وما الملك إلا الجيش شأْنـا    ومظهـراً
ولا الجيـشُ إِلا رَبُّـهُ حيـن   يُنـسـب
*****
رثاء عمر المختار
ركزوا  رفاتك  في  الرمال     لواء"        "  يستنهض  الوادي  صباح   مساء

يا  ويحهم  نصبوا  منارا  من   دم"        "  توحي  إلى  جيل  الغد    البغضاء

ما ضر لو جعلوا  العلاقة  في    غد"        "   بين   الشعوب   مودة      وإخاء

جرح يصيح على  المدى    وضحية"        "    تتلمس     الحرية       الحمراء

يأيها    السيف    المجرَّد      بالفلا"        " يكسو السيوف على الزمان   مضاء

تلك  الصحارى  غمد   كل     مهند"        "  أبلى  فأحسن  في   العدو     بلاء

وقبور  موتى   من   شباب     أمية"        "   وكهولهم   لم   يبرحوا     أحياء

لو   لاذ   بالجوزاء   منهم   معقل"        "  دخلوا  على   أبراجها     الجوزاء

فتحوا   الشمال   سهوله      وجباله"        "  وتوغلوا  فاستعمروا     الخضراء

وبنوا  حضارتهم   فطاول     ركنها"        "   دار   السلام   وجلّق      الشماء


*****

خُيّرت فاخترت المبيت على   الطوى"        "  لم  تبن   جاها   أو   تلم     ثراء

إن البطولة  أن  تموت  من    الظما"        "  ليس  البطولة  أن   تعب     الماء

أفريقيا   مهد    الأسود      ولحدها"        "  ضجت   عليك   أراجلا     ونساء

والمسلمون  على  اختلاف    ديارهم"        "  لا  يملكون  مع  المصاب    عزاء

والجاهلية   من    وراء      قبورهم"        ""="يبكون   زيد   الخيل     والفلحاء


*****

في   ذمة   الله   الكريم      وحفظه"        "   جسد   ببرقة   وسّد     الصحراء

لم تبق  منه  رحى  الوقائع  أعظما"        "  تبلى  ولم   تبق   الرماح     دماء

كرفات   نسر   أو   بقية    ضيغم"        "   باتا   وراء    السافيات      هباء

بطل البداوة  لم  يكن  يغزو    على"        "  تنك  ولم  يك   يركب     الأجواء

لكن  أخو  خيل   حمى     صهواتها"        "   وأدار   من   أعرافها     الهيجاء


*****

لبى  قضاء  الأرض  أمس    بمهجة"        "  لم   تخش   إلا   للسماء   قضاء

وافاه    مرفوع    الجبين       كأنه"        "  سقراط  جرّ  إلى  القضاة     رداء

شيخ   تمالك   سنه    لم      ينفجر"        " كالطفل  من  خوف  العقاب    بكاء

وأخو  أمور  عاش   في     سرائها"        "    فتغيرت     فتوقع       الضراء

الأسد تزأر في  الحديد  ولن    ترى"        ""="في السجن ضرغاما بكى استخذاء

وأبي  الأسير   يجر   ثقل     حديده"        ""="أسد    يُجرّز    حية       رقطاء

عضت  بساقيه   القيود   فلم     ينؤ"        "   ومشت   بهيكله   السنون   فناء

تسعون  لو  ركبت  مناكب    شاهق"        "    لترجلت     هضباته       إعياء

خفيت عن القاضي  وفات    نصيبها"        "   من   رفق   جند   قادة    نبلاء

والسن  تعصف  كل  قلب     مهذب"        "  عرف   الجدود   وأدرك     الآباء


*****

دفعوا  إلى  الجلاد   أغلب     ماجدا"        "يأسو   الجراح   ويُعلق    الأسراء

ويشاطر   الأقران   ذخر     سلاحه"        "ويصف   حول   خوانه      الأعداء

وتخيروا   الحبل   المهين      منية"        "   لليث   يلفظ    حوله      الحوباء

حرموا الممات على الصوارم والقنا"        " من  كان  يعطي  الطعنة    النجلاء

إني  رأيت  يد  الحضارة     أولعت"        "   بالحق    هدما    تارة      وبناء

شرعت حقوق الناس  في    أوطانهم"        "   إلا   أباة   الضيم      والضعفاء


*****

يأيها   الشعب    القريب      أسامع"        "  فأصوغ  في  عمر  الشهيد    رثاء

أم ألجمت  فاك  الخطوب    وحرمت"        "  أذنيك  حين   تخاطب     الإصغاء

ذهب  الزعيم   وأنت   باق     خالد"        "  فانقد  رجالك   واختر     الزعماء

وأرح شيوخك من  تكاليف    الوغى"        "  واحمل   على   فتيانك     الأعباء
*********
نسمات النيل
بِاللَهِ يا نَسَمـاتِ النيـلِ فـي   السَحَـرِ        هَل عِندَكُنَّ عَنِ الأَحبـابِ مِـن   خَبَـرِ
عَرَفتُـكُـنَّ بِـعَــرفٍ لا   أُكَـيِّـفُـهُ        لا في الغَوالي وَلا في النَورِ    وَالزَهَـرِ
مِن بَعضِ ما مَسَحَ الحُسنُ الوُجوهَ    بِـهِ        بَينَ الجَبيـنِ وَبَيـنَ الفَـرقِ   وَالشَعَـرِ
فَهَـل عَلِقتُـنَّ أَثنـاءَ السُـرى   أَرَجـاً        مِنَ الغَدائِـرِ أَو طيبـاً مِـنَ    الطُـرَرِ
هِجتُنَّ لي لَوعَـةً فـي القَلـبِ   كامِنَـةً        وَالجُـرحُ إِن تَعتَرِضـهُ نَسمَـةٌ  يَثُـرِ
ذَكَرتُ مِصرَ وَمَن أَهـوى    وَمَجلِسَنـا        عَلى الجَزيرَةِ بَيـنَ الجِسـرِ    وَالنَهَـرِ
وَاليَـومُ أَشيَـبُ وَالآفــاقُ   مُذهَـبَـةٌ        وَالشَمـسُ مُصفَـرَةٌ تَجـري لِمُنحَـدَرِ
وَالنَخـلُ مُتَّشِـحٌ بِالغَـيـمِ   تَحسَـبُـهُ        هيفَ العَرائِسِ في بيـضٍ مِـنَ    الأَزُرِ
وَمـا شَجانِـيَ إِلّا صَـوتُ    ساقِـيَـةٍ        تَستَقبِلُ اللَيـلَ بَيـنَ النَـوحِ    وَالعَبَـرِ
لَم يَترُكِ الوَجدُ مِنهـا غَيـرَ   أَضلُعِهـا        وَغَيرَ دَمعٍ كَصَـوبِ الغَيـثِ   مُنهَمِـرِ
بَخيـلَـةٌ بِمَآقيـهـا فَـلَـو   سُئِـلَـت        جَفناً يُعينُ أَخـا الأَشـواقِ لَـم    تُعِـرِ
في لَيلَـةٍ مِـن لَيالـي الدَهـرِ   طَيِّبَـةٍ        مَحا بِهـا كُـلَّ ذَنـبٍ غَيـرِ    مُغتَفَـرِ
عَفَّت وَعَفَّ الهَوى فيهـا وَفـازَ    بِهـا        عَـفُّ الإِشـارَةِ وَالأَلفـاظِ   وَالنَـظَـرِ
بِتنـا وَباتَـت حَنانـاً حَولَنـا   وَرِضـاً        ثَلاثَـةٌ بَيـنَ سَمـعِ الحُـبِّ   وَالبَصَـرِ
لا أَكذِبُ اللَـهَ كـانَ النَجـمُ    رابِعَنـا        لَو يُذكَرُ النَجمُ بَعدَ البَـدرِ فـي  خَبَـرِ
وَأَنصَفَتـنـا فَظُـلـمٌ أَن    تُجازِيَـهـا        شَكوى مِنَ الطولِ أَو شَكوى مِنَ القِصَرِ
دَع بَعدَ ريقَـةِ مَـن تَهـوى   وَمَنطِقِـهِ        ما قيلَ في الكَأسِ أَو ما قيلَ في   الوَتَـرِ
وَلا تُبـالِ بِكِـنـزٍ بَـعـدَ   مَبسِـمِـهِ        أَغلى اليَواقيتُ مـا أُعطيـتَ   وَالـدُرَرِ
وَلَـم يَرُعـنـي إِلّا قَــولُ   عـاذِلَـةٍ        ما بالُ أَحمَـدَ لَـم يَحلُـم وَلَـم    يَقِـرِ
هَلّا تَرَفَّـعَ عَـن لَهـوٍ وَعَـن    لَعِـبٍ        إِنَّ الصَغائِرَ تُغري النَفـسَ    بِالصَغَـرِ
فَقُلـتُ لِلمَجـدِ أَشـعـاري   مُسَـيَّـرَةً        وَفي غَواني العُلا لا في المَها   وَطَـري
مِصرُ العَزيـزَةُ مـا لـي لا   أُوَدِّعُهـا        وَداعَ مُحتَـفِـظٍ بِالعَـهـدِ   مُـدَّكِــرِ
خَلَّفتُ فيها القَطا ما بَيـنَ ذي    زَغَـبٍ        وَذي تَمائِمَ لَـم يَنهَـض وَلَـم    يَطِـرِ
أَسلَمتُهُـم لِعُيـونِ الـلَـهِ تَحرُسُـهُـم        وَأَسلَمونـي لِظِـلِّ اللَـهِ فـي   البَشَـرِ
***
الخلافة
بعثوا الخلافة سيرة فـي   النـادي

أيـن المبايـع بالإمـام    ينـادي

من بات يلتمس الخلافة في   الكرى

لم يلـق غيـر خلافـة   الصيـاد

ومن ابتغاهـا صاحبـاً    فمحلهـا

بيـن القواضـب والقنـا الميـاد

أو في جناحـي عبقـري  مـارد

يفـري السمـاء بجنـة   مــراد

اليـوم لاسمـر الرمـاح    بعـدة

تغني ولا بيـض الظبـا    بعتـاد

هيهات عـز سبيلهـا   وتقطعـت

دون المـراد وسائـل    المرتـاد

حلت على ذهب المعـز   طلاسـم

ومشت على سيف المعز    غوادي

أيـن الكرامـة والوقـار   لجثـة

نبشوا عليها القبـر بعـد    فسـاد

والميت أقرب سلوة مـن   غائـب

يرجى فـلا يـزداد غيـر   بعـاد

قل فيم يجتمع الرجال وما   الـذي

يبغـون مـن دول لحقـن   بعـاد

ما لم يبد منها علـى يـد    أهلـه

أخنـى عليـه تطـاول   الآبــاد

لم تستقم للقـوم خلـف   عمادهـم

هل تستقيم وهـم بغيـر    عمـاد

غلبوا عليها الراشدين   وضرجـوا

أم الكتـاب بجبـهـة   السـجـاد

وبنوا على الدنيا بجلـق  ركنهـا

وعلى عتو الملـك فـي    بغـداد

جعلوا الهوى سلطانها ودعوا    لها

من لا يسد بـه مكـان    الهـادي

وأنا الذي مرضتهـا فـي   دائهـا

وجمعت فيـه عواطـف   العـواد

غنيتها لحناً تغلغـل فـي    البكـا

يارب باك فـي ظواهـر   شـادي

ونصرتها نصر المجاهد فـي   ذرا

عبدالحيمد وفـي جنـاح    رشـاد

ودفنتها ودفنت خيـر    قصائـدي

معها وطـال بقبرهـا    إنشـادي

حتى اتهمت فقيل تركي    الهـوى

صدقوا هوى الأبطال ملء   فؤادي

وأخي القريب وإن شقيت   بظلمـه

أدنى إلي من الغريـب    العـادي

والله يعلم مـا انفـردت    وإنمـا

صورت شعري من شعور   الوادي

كنـا نعظـم للـهـلال    بقـيـة

في الأرض من ثكن ومن   أجنـاد

ونسن رضـوان الخليفـة   خطـة

ولكـل جيـل خطـة    ومبـادي

وجه القضيـة غيرتـه   حـوادث

أعطت بأيـد غيـر ذات   أيـادي

من سيّدٌ بالأمـس ننكـر    قولـه

صرنـا لفعـال مـن   الأسـيـاد

إني هتفـت بكـل يـوم    بسالـة

للترك لـم يؤثـر مـن    الآسـاد

فهززت نشـأً لا يحـرك    للعـلا

إلا بـذكـر وقـائـع الأنـجـاد

عصف المعلم في الصبا بذكائهـم

وأصـار نـار شبابهـم    لرمـاد

ولو ان يوم التـل يـوم   صالـح

لحمـاسـة لجعلـتـه   إلـيـادي

وفد الخلافـة لا أنبهكـم    علـى

بلـد حفـي بالنـزيـل   جــواد

تنسون في واديه لو نسي الحمـى

ما قد هجرتم مـن هـوى    ووداد

إن العلاقـة بيننـا قـد    وثقـت

فكـأن عروتهـا مـن    الميـلاد

جرح الليالي في ذمام الشرق    في

حبل العقيـدة فـي ولاء   الضـاد

لولا الأمور لسار سنتـه   القـرى

وجرى فجـاوز غايـة    الأرفـاد

مـا فـي بـلاد أنتـم   نزلاؤهـا

إلا قضـيـة أمــة   وبـــلاد

أتحاولـون بـلا جهـاد    خطـة

لم يستطعها التـرك بعـد   جهـاد

نفضوا القنا المنصور من    تبعاتها

والظافرات الحمر فـي   الأغمـاد

كانت هي الداء الدخيل    فأدبـرت

فتماثلـوا مـن كـل داء    بـادي

نزعوا من الأعناق نيـر   جبابـر

جعلوا الخلافـة دولـة   استعبـاد

من كل فضفاض الغرور    ببـرده

نمرود أو فرعـون ذو    الأوتـاد

تـروى بطانتـه ويشبـع   بطنـه

والملك غرثان الرعيـة   صـادي

مضت الخلافة والإمام فهل   مضى

مـا كـان بيـن الله    والعـبّـاد

والله ما نسي الشهـادة    حاضـر

في المسلميـن ولا تـردد   بـادي

خرجوا إلى الصلوات كل    جماعة

تدعو لصاحبهـا علـى الأعـواد

والصوم باق والصـلاة    مقيمـة

والحج ينشط في عنـاق   الحـادي

والفطر والأضحـى    كعادتيهمـا

يتـرديـان بشـاشـة الأعـيـاد

إن الحضارة في اطراد    جديدهـا

خصم القديم وحرب كـل    تـلاد

لا تحفظ الأشيـاء غيـر   ذخائـر

للعبقريـة غـيـر ذات    نـفـاد

هي حسن كل زمان قـوم   رائـح

وجمال كل زمـان قـوم   عـادي

تمشي القرون بنور كـل   مكـرر

منها كمصبـاح السمـاء    معـاد

كم من محاسن لايـلاث   عتيقهـا

في الهجرة اجتمعت وفي    الميلاد

أخذت أحاسنها الحضارة   واقتنـت

روح البيان وقـول كـل    سـداد

لم تحرم البؤس العزاء ولا الأولى

ضلوا الرجاء من الشعاع    الهادي

القيد أفسح من عقـول    عصابـة

زعموا فكاك العقل فـي   الإلحـاد

سنن الزمان إذا جرت في    وجهها

ظفـرت بكـل بـلادة   وعـنـاد

فاشفوا الممالك من قضاة    صيّـد

قعـدوا لصيـد ولايــة أو   زاد

وتداركوها من عمائـم   صادفـت

مرعى من الأوقـاف والأرصـاد

وخذوا سبيل المصلحين  وأقبلـوا

روح الزمـان هوامـد   الأجسـاد

ردوا إلى الإيمان أجمـح    عِليـة

وإلـى مراشـده أضـل    سـواد

أمم كملموم القطيـع تـرى   لهـم

شمـل الجميـع وفرقـة   الآحـاد

يدعـون أبنـاء الزمـان   وإنمـا

جمـدوا وليـس أبوهـم   بجمـاد

***


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16432311
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة