العنوان: اعتبرت ان هدفها إرباك رئيس الوزراء نجم الدين أربكان. الصحف التركية تشن حملة على الحكومة القبرصية وتحملها مسؤولية الحوادث الاخيرة. الكاتب: محمود السيد الدغيم . جريدة الحياة، العدد: 12231، الصفحة: 7- التاريخ: 7/4/1416 هـ/ 21/8/1996م

     يستمر رئيس الوزراء التركي البروفسور نجم الدين اربكان في جولته على الدول الاسلامية الآسيوية سالكاً طريق الحرير ابتداء من ايران حتى اندونيسيا.ويطرح رئيس الوزراء التركي مشاريع السوق الاسلامية المشتركة، والامن الاسلامي المشترك في محاولة لجمع الشمل الذي مزقته الصراعات المذهبية والقومية والاقليمية. اثارت طروحات رئيس الوزراء التركي وسائل الاعلام وشنت حملاتها ضده وضد حزب الرفاه وتركيا.واخذت المراكز تتباكى على حقوق الانسان في تركيا، وخصص بعض الكتاب مقالات تحمّل الخلافة العثمانية مسؤولية سوء احوال السجون التركية. ولم يتورع بعضهم عن الصاق تهمة سوء معاملة المساجين بحزب الرفاه الحاكم حالياً، علماً ان الحكومة الائتلافية الحالية لم تكمل الاربعين يوماً. لم يتوقف التحريض على الجانب الاعلامي، بل لجأت الدوائر الى الضغط على حكومة اربكان لارباك خطواته في جولته الآسيوية من خلال حلقة قبرص الضعيفة، فأثاروا الشغب واستعانوا بعصابات راكبي الدراجات النارية الذين ضمّوا بين صفوفهم عدداً من الجنود القبارصة واليونانيين فحاولوا اختراق الحدود الدولية الفاصلة يوم الاحد ١١/٨/٦٩٩١ بدعوى العمل من اجل توحيد الجزيرة التي تم تقسيمها سنة ٤٧٩١

ويذكر انه اعلن عن قيام دولة قبرصية اتحادية مع تركيا في ٣١/٢/٥٧٩١ في شمالي الجزيرة، ثم اعلن الرئيس رؤوف دنكطاش استقلال الجمهورية التركية القبرصية الشمالية في ٥١/١١/٣٨٩١.وتضم الجمهورية الفتية 40 في المئة من مساحة اراضي الجزيرة.

ومع الاسف لم تعترف بها سوى الجمهورية التركية.

ويوم الاحد الماضي  ١١/٨/٦٩  كرر القبارصة محاولة خرق القطاع التركي فحصلت مواجهة ادت الى سقوط احد المهاجمين بعد محاولته انزال العلم التركي ورفع العلم القبرصي مكانه. وبعد فشلهم في اجتياز حدود »الجمهورية التركية القبرصية الشمالية« عادوا ادراجهم الى قبرص الجنوبية التي تزخر بالآثار الاسلامية التي شيدها الامويون والعباسيون والعثمانيون، فعمدوا الى مهاجمة جامع العمرية واحراقه. اهتمت وكالات الانباء العالمية بمحاولة اختراق حدود القبارصة الاتراك، وادعت ان ما حصل ليس الا مظاهرات.

ولم تورد تقارير مفصلة عن الاسلحة التي حملها المهاجمون من قبارصة ويونان ولاجئين متعاطفين معهم.ولم تركز وكالات الانباء على الدوافع الاساسية التي حركت مظاهرات الدراجات النارية في هذا الوقت بالتحديد. وفي الوقت نفسه عتمت وكالات الانباء على اخبار الهجمات التي تعرضت لها المنشآت الاسلامية في جنوبي قبرص.لكن الصحافة التركية غطت انباء تلك الهجمات.

وأهم ما استهدفته كان جامع العمرية في مدينة نيقوسيا.ففي يوم الثلثاء ٣١/٨/٦٩٩١ تصدرت اخبار العدوان على جامع العمرية الصفحات الاولى في صحف »ملي غازيته« الناطقة باسم حزب الرفاه، و»تركيا« و»قبرص« (KIBRIS) التي تصدر في لندن، حتى صحيفة »صباح« اوردت خبر جامع العمرية على الصفحة الاولى في عنوان جانبي صغير.

ووردت اخبار الهجوم في الصحف التركية تحت العناوين الاتية »الروم حرقوا الجامع«.»المتعصبون الروم وحكومتهم يحرقون ويخربون جامع العمرية«.»جامع العمرية يتعرض للتخريب« »جامع العمرية المقدس تعرض للتخريب في ٥٢/٣/٠٩٩١ وها هو يتعرض للتخريب ثانية من قبل الروم المتعصبين«.»وزارة الشؤون التركية تحتقر المعتدين على جامع العمرية وتدين عدوانهم«.هذه بعض العناوين التي تداولتها الصحف التركية يوم الثلثاء ٣١/٨/٦٩٩١ ويوم الاربعاء ٤١/٨/٦٩٩١.

ولم تتعرض الصحف العربية للأسف لأنباء اختراق حرمة جامع العمرية.وتعتبر اخبار العدوان على الجامع التاريخي وطريقة تغطيته في الصحف التركية بداية مؤشر على حالات الغليان السياسي حين تمت الاشارة الى الهجمات السابقة وما تلاها، وربطت الحوادث بالعدوان عليه. وذكرت الصحف التركية الاخبار كالآتي: »تحركت جموع الارهابيين يوم الاثنين ٢١/٥/٦٩ منذ الصباح الباكر وهاجمت جامع العمرية في نيقوسيا واشعلت النار فيه.وبعدما اتى الحريق على بابي الجامع ووصلت النار الى المئذنة، وأُتلفت بعض محتوياته وصلت بعد ذلك الاطفائية القبرصية بعد تأخير مقصود فأخمدت النيران المشتعلة في الجامع، وفي خطوة مفضوحة تثير الاشمئزاز اصدرت الشرطة القبرصية بياناً كاذباً ادعت فيه ان الحريق نتج عن تماس كهربائي«. وتابعت الصحف التركية قولها »

حضرت يوم الاحد ١١/٨/٦٩٩١ مجموعة ارهابية التفت حول بعض الجرحى الذين شاركوا في الهجوم على الحدود القبرصية التركية ولطخ الارهابيون الهاربون جدران المسجد بدمائهم، ودعا الناطقون باسمهم الى تدمير الآثار الاسلامية في جزيرة قبرص، وبعضهم دعا الى ابادة المسلمين عامة، وبعضهم دعا الى ابادة المسلمين الاتراك وما حصل يوم الاحد يدل دلالة واضحة على ان حريق جامع العمرية يوم الاثنين لم يكن حادثة مفاجئة.كما انه ليس من نتائج تماس كهربائي كما زعمت شرطتهم«.

وذكّرت الصحف بأن الحادث الجديد ليس الاول من نوعه »اذ تعرض جامع العمرية للعدوان في ٥٢/٣/٠٩٩١ والحقت به اضرار جسيمة لكنه لم يتصدع نهائياً.ثم رممته الحكومة القبرصية ليس حرصـاً على المقدسات الاسلامية وانما لخداع ابناء العالم الاسلامي«. وبعد العدوان القبرصي على جامع العمرية ادلى وزير الخارجية والدفاع في الجمهورية التركية القبرصية الشمالية السيد آطاي رشيد بتصريح يوم الاثنين ٢١/٨/٦٩٩١ قال فيه: »ان العدوان القبرصي الرومي على حدودنا، وعلى المقدسات الاسلامية التي تقع في جنوبي قبرص، يدل على عدم الثقة، ويتطلب اتخاذ التدابير اللازمة عاجلاً من اجل المحافظة على الامن«.واضاف: »ان ما حصل ليلة امس من اعمال منفرة تشمئز منها النفوس، اعني العدوان على جامع العمرية.تلك اعمال لم تحصل صدفة.حيث ان الحكومة القبرصية والكنيسة ضالعتان في التآمر والارهاب من اجل تدنيس اماكن العبادة الاسلامية، بهدف استغلال الشعور الديني

«.

وطالب الوزير آطاي رشيد الكنيسة وحكومتها بالاعتدال والتوقف عن التحركات والاعمال التي تدل على العدوان، كما طالب جنوبي قبرص بتحمل المسؤولية الكاملة التي تقتضي المحافظة على المقدسات الاسلامية وحقوق المسلمين ايضاً. 

٭ كاتب سوري مقيم في بريطانيا. 

جامع العمرية   بعدما فتح السلطان العثماني سليم الثاني جزيرة قبرص رأى القائد العثماني لالا مصطفى باشا رؤيا صالحة شاهد فيها: ان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه زار جزيرة قبرص.وعلى الفور أمر لالا مصطفى باشا بتشييد جامع العمرية سنة ١٧٥١ في المكان الذي شاهد فيه عمر بن الخطاب وسماه جامع العمرية. وقام القبارصة سنة ٣٦٩١ بمضايقة المسلمين، وتعمدوا الحاق الأذى بالجامع واهماله حتى يتعرض للتخريب.وازداد الأذي بعد استقلال شمالي قبرص سنة ٤٧٩١. وفي سنة ٥٨٩١ قام السيد عبدالجليل الفهيم بترميم الجامع وفرشه بالسجاد الأخضر وفي سنة ٨٨٩١ قامت جمعية الدعوة الاسلامية بترميم الجامع وتأمين امامه. ثم قامت الحكومة القبرصية بتحويل صحن جامع العمرية وساحته الى مرآب للسيارات العامة والخاصة.وفي ٥٢/٣/٠٩٩١ رمى الارهابيون القنابل الحارقة في جامع العمرية، وألحقوا الأذى به، بعد ذلك قامت بلدية نيقوسيا بترميم الاضرار ووضع الجامع تحت حماية البلدية ورقابة الشرطة. 28561  الحياة ...........عام  العنوان: اعتبرت ان هدفها ارباك اربكان .الصحف التركية تشن حملة على ال