للتحميل والقراءة : معراج الطير الحبيس: نص روائي، تأليف : عبد الفتاح رواس قلعه جي
رابط التحميل والقراءة
اضغط Qalaaji.zip (124.90 KB) هنا
الرواية من منشورات اتحاد الكتاب العرب
دمشق - 2004
إهداء
عندما ولدت فكرة هذا النص الروائي – الملحمي، سقطت الروح في بُحران الحيرة والخوف والقلق، من مهالك الطريق، ووجدتني أغوص في بحر المواجد والأسرار باحثاً عن اللؤلؤ المكنون في أصداف الأسماء.
وما من محارة شققت عن مكنونها إلا وجدت فيها ابن الخليفة مظلوماً أو معذباً أو حبيساً أو مقهوراً أو جائعاً ! ولكنني في كل هذه الظُلامات المحيطة بالإنسان المجتبى كنت أنفذ إلى روحه المتوقدة بالسرائر الربانية فأجد تلك الجوهرة التي أشربت بالأنوار الشارقة اللذيذة، فشعّت وأعمت بأنوارها عيون من استُخلفوا فخالفوا، وحكموا فجاروا، وأُعطوا فمَنعوا، فكانت نفوسهم عتيّة كتيمة كلبيَّة، لا همّ لها إلاَّ أن تلغ في الدماء والنقاء، مؤلَّلـة بالمال والسلطان، تقطع الطريق على السالكين، وتسرق منهم رغيف الكرامة وأسرار الطريق.
ولأن الطريق إلى الله يمر بالإنسان
يوم تأتي ساعة لا ترى في السماء غيره ، ولا في الأرض غيرك
كان المعراج هدية الرحمن
إلى حبيبه المصطفى
بعد الأشجان
وها أنذا..
إلى ابن الخليفة – الإنسان
المنوَّر بالحكمة
المحاصر بالقهر والمعاناة والأحزان
الطاعم خبز المستضعفين الصابرين
المحروم من سلافة السلوان
أهدي هذا المعراج
***
معراج الألـف
1
استيقظت "حم" ( ) من نومها في ليلة مباركة طلع بدرها، وتهاطلت أنوارها من شرفات الصفات، وعزفت نجومها موسيقى الصمت على أوتار الحضور.
رفعت رأسها، وأجالت الطرف في أنحاء البيت الذي درست جدرانه فلم يبق منه غير سقف مرفوع وباب موضوع بلا مزلاج. بحثت عن ابنها فلم تره في البيت فأدركت أن الريش قد بدأ يكسو جناحيه، وأنه لابد لـه أن يتعلم الطيران، فتأهبت للفراق، وراحت تناديه للعناق، والدموع في عينيها ترسل أعذب النغمات.
كنت في روضة عنقاء، أجمع طاقة من الزهور الحمراء والبيضاء، حين سمعت نداء "حـم"، فهرعت إلى فرس الفجر وامتطيته، وأطلقت لـه العنان.
فرد فرس الفجر جناحيه، وطوى بي المسافات متجهاً نحو مصدر النداء. وفي الطريق الطويلة امتشقْت نجمة الصبح ورحت أسوق أمامي قطعاً من الليل حتى إذا برز النهار لاستقبالي من خباء "حيّ على الفلاح" كنت قد وصلت الديار وقرعت باب الدار.
ـ أيتها الروح المفارقة أمها ما الذي أخرك عني ؟
هكذا قالت "حـم" وهي تغزل بصنارتين من فرح الأمومة قميصاً لابنها.
ـ كنت أجمع لك طاقة من الزهور الملونة.