“العنوان: تاريخ الزط والسيابجة قبائل جاءت من الهند “الكاتب: محمود السيد الدغيم “ت.م: 17/08/1995“ت.هـ: 21/03/1416“ العدد: 11865 “الصفحة: 21

لا يخلو بلد من بلدان العالم من الزط والسيابجة، وهم قوم جوالون، يتنقلون من مكان الى مكان، طلباً للرزق، أو هرباً من الملاحقات القانونية أو اللاقانونية.وامتاز هؤلاء بالتمرد على القانون، والشرائع، والاعراف الاجتماعية، فلاقوا مقاومة عامة فرضت عليهم سلوكاً لاخفاء ما انطوت عليه حياتهم الخاصة من مخالفات تُعاقب عليها المحاكم.لهذا فقط اختلط تاريخهم بالاساطير والحقائق، فذهب علماء اللغة الى القول ان اصول البوهيميين "Bohemians" والجوليارد "Goliards" واليهود واحدة، واستدل علماء اللغة على ذلك بوجود »الكلمات العبرية الكثيرة التي ما زالت موجودة في لغة البوهيميين وهي وحدها كافية ان تؤكد ان اصلهم يهودي« “انظر كتاب جماعات الفجر، للدكتور نبيل حنا، ص: ٦٧” وذهبوا الى ان اللغة التي يتكلمونها هي خليط من العبرية والالمانية وتسمى لغة اللنجو "Lingo" وذكر الفردوسي ان »بهرام جور« جلبهم من الهند للترفيه عن الشعب بالرقص والغناء سنة ٦٢٩١ قبل الميلاد، ثم غضب عليهم فتشتتوا لكسب رزقهم عن طريق الطرب والمدح والشعوذة. ومن الاساطير المتداولة في ايرلندا قصة المسمار الذي صنع لصلب المسيح عليه السلام وتسمى »قصة المسمار الرابع« وموجزها: عندما قُرر صلب النبي عيسى عليه السلام، أرسل جنديان لاحضار أربعة مسامير، ومعهما ٠٨ قطعة نقدية، لكن الحدادين رفضوا صنع المسامير حينما علموا انها لصلب المسيح عليه السلام فقتل الجنديان حداداً يهودياً، وحداداً مسيحياً، وحداداً سورياً، ثم قابلا حداداً غجرياً، فصنع المسامير الثلاثة، وحداداً سورياً، ثم قابلا حداداً غجرياً، فصنع المسامير الثلاثة، وعندما بدأ صناعة الرابع، صار يسمع هاتفاً يردده الحدادون القتلى الثلاثة، وهم يحذرونه من صنع المسمار الرابع، لكن الغجري أتم صناعته فتوهج المسمار وشع منه نور أضاء مساحات واسعة فتركه الغجري وحمل خيمته وهرب، ولاحقه المسمار المتوهج، وفر الغجري، وما زالت لعنة المسمار تطارد الغجري من مكان الى مكان وهو مستمر في ترحاله.وهذا هو سر تنقلهم، وسر صلب المسيح بثلاثة مسامير، كما يزعمون.تربط هذه الاسطورة بين الغجر واليهود في عدائهم للمسيح عليه السلام وللديانة المسيحية. وتوجد ترتيلة اسبانية تقول: »في رواق بيت لحم أتى الغجر الاشرار وسرقوا الاغطية من على الطفل الرضيع الغجر الانذال الذين تشبه وجوههم الزيتون الأسود تركوا الطفل المسكين مجرداً من الملابس«. وتوجد ترتيلة يونانية هي: »ومروا على حداد غجري يصنع المسامير...وقالت له: أنت كلب، حداد كلب، ماذا تصنع؟ هذه المسامير التي أصنعها سيصلب بها انسان طلبوا مني ان اصنع ثلاثة لكني صنعت خمسة...الخامس وهو أحد المسامير سوف يدخل قلبه...«. وهنالك أسطورة تفيد ان الغجر رفضوا ايواء العذراء ويوسف النجار والمسيح في خيامهم اثناء هروبهم الى مصر.“انظر جماعات الغجر ص٦٩ / ٧٩، ٦١٢ / ٧١٢”. وأقدم من هذه الاساطير مسألة تحتاج الى بحث عميق ألا وهي مسألة عبور النبي موسى عليه السلام من مصر الى فلسطين، مروراً بصحراء سيناء، ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث ذُكرت بعثة موسى عليه السلام في سورة الاعراف “الآية: ٣٠١” ثم ذكرت مناظراته للسحرة في سورة الاعراف ايضاً “في الآية: ٢١١” وما بعدها، ثم ذكر ان السحرة آمنوا، “في الآية: ١٢١”، وعبروا مع بني اسرائيل البحر “الآية: ٨٣١” ثم اتجه موسى عليه السلام الى جبل الطور “الآية: ٣٤١” ثم عبدوا العجل، وذلك واضح في “الآية: ٨٤١” »واتَّخَذَ قومُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُليِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَاْرٌ...« وفي قوله تعالى: »قَاْلَ فإنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامريُّ« “سورة طه، الآية: ٥٨” وفي قوله تعالى: »فكذلك ألقى السامريُّ ٭ فأخرج لهم عجلاً جَسَداً له خُوارٌ فقالوا: هذا إلهُكُمْ وَإلَهُ مُوْسَى...« “سورة طه الآية ٧٨ و٨٨”. في هذه الآيات البينات يمر ذكر السحرة والمشعوذين وعبورهم مع موسى عليه السلام، وارتدادهم عن عبادة الله وسجودهم للعجل الذي صنعه السامري. هذه الأمور مجتمعة تجعلنا نتساءل عن علاقة الزط بهذه المسألة وهل كان السامري ومن تبعه من الزط؟ هنالك خيوط ترتبط بهذه المسألة منها: ان الحدادة من صناعات الزط، واسطورة صنع الغجري لمسامير صلب المسيح لها علاقة بذلك، كما ان السحر والشعوذة من الصناعات الغجرية المتوارثة، ونضيف الى ذلك ما اتسموا به من رقة الدين بشكل مطلق، وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام برجال الزط من حيث الهيئة “انظر صحيح البخاري، الأنبياء: ٨٤، وسنن النسائي، تحريم: ٤١”.وهذا يتطلب بحثاً في اسباب اطلاق تلك الصفة على النبي موسى عليه السلام، كما تشير بعض المصادر الى ان ملوك الرعاة »الهكسوس« كانوا من الزط وقد دمروا الحضارة الفرعونية، ثم انتصر الفراعنة فأذلوهم كما أذلوا بني اسرائيل، وطاردوهم جميعاً من مصر، وبذلك عبروا مع النبي موسى عليه السلام، وهنا نتساءل: هل كان السامري زطياً »هكسوسياً«؟ يذكر السمين الحلبي “ت ٦٥٧هـ/ ٥٥٣١م” في »عمدة الحفاظ« “ص: ٩٤٢” ان »السامري منسوب الى قرية يقال لها سامرة، وقيل الى رجل...« اما السمعاني “ت ٢٦٥هـ/ ٧٦١١م” فيقول في كتاب »الانساب« “ج٣/ ص٢٠٢ / ٣٠٢”: »السامريُّ هذه النسبة الى بلدة على الدجلة فوق بغداد يقال لها: سُرَّ من رأى، وقيل: انها مدينة بناها سام، فقيل بالفارسية: سام را، أي: هي لسام...« ويوضح الأمر السيوطي “ت ١١٩هـ/ ٥٠٥١م” في كتابه »معترك الاقران في اعجاز القران« “٠٩٢/ ص٦٦٦ / ٨٦٦” اذ يقول: »وكان السامري من قوم يعبدون البقر، واسمه موسى ابن ظفر...« ويذكر السيوطي “ت ١١٩هـ/ ٥٠٥١م” القوم الذين اغواهم السامري، فيؤكد انهم أول من ابتدع بدعة الرقص، حين يقول: »وأما الرقص والتواجد، فأول من احدثه اصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلاً جسداً له خوار، قاموا يرقصون حوله، ويتواجدون، فهو دين الكفار، وعُباد العجل...« وهنا نطرح سؤالاً فحواه: ما سبب عبادتهم للعجل دون غيره؟ والجواب: يرجح انهم كانوا يعبدون البقر قبل ايمانهم برسالة موسى، وعبادتهم للعجل ليست الا ارتداداً الى نحلتهم القديمة.وهذا يسوقنا الى الربط بين اصلهم وأصل السومريين، اذ يقال: ان السومريين وَفَدوْا الى بلاد الرافدين من خارجها، وأقاموا فيها حضارتهم، ثم بادت، وكانوا يعبدون الجواميس وهنا نتساءل عن مصدر الجواميس؟ ونجد الجواب عند المسعودي “ت ٦٤٣هـ/ ٧٥٩م” الذي ذكر في كتابه »التنبيه والاشراف« “ص٧٠٢ / ٨٠٢” ان الزط هم الذين جلبوا الجواميس الى الشام من الهند »ومذ يومئذ صارت الجواميس بالشام ولم تكن تعرف هنالك«.وهنا يولد سؤال مهم عن العلاقة بين الزط، والرقص، والغناء، والحدادة، والعجل، والباطنية والسحر، والشعوذة، ومعاداة النبي موسى والنبي عيسى ومحمد صلوات الله عليه.هذه أمور تتطلب بحثاً مستفيضاً على أمل الوصول الى نتائج مرضية.بعد ان ذكرنا ما ذكرناه يجدر بنا ان نتعرض لسيرة الزط في المصادر الاسلامية. ذكر الطبري / في تاريخه الزط فقال: عن احداث سنة ١١هـ: »حدثنا عبيد الله بن سعد، قال: اخبرنا عمى، قال: اخبرنا سيف«.عن اسماعيل بن مسلم، عن عمير بن فلان العبدي، قال: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم خرج الحطم بن ضبيعة اخو بني قيس بن ثعلبة فيمن اتبعه من بكر بن وائل على الردة، ومن تأشب اليه من غير المرتدين ممن لم يزل كافراً، حتى نزل القطيف وهجر، واستغوى »الخط« ومن فيها من »الزط والسيابجة« وبعث بعثاً الى “دارين”، فأقاموا له ليجعل عبدالقيس بينه وبينهم.وكانوا مخالفين لهم، يمدون المنذر والمسلمين، وأرسل الى الغرور بن سويد، أخى النعمان بن المنذر، فبعثه الى جؤاثى، وقال: اثبت، فاني ان ظفرت ملكتك »بالبحرين« حتى تكون كالنعمان بالحيرة.وبعث الى جؤاثى، فحصرهم وألحوا عليهم فاشتد على المحصورين الحصر، وفي المسلمين المحصورين رجل من صالح المسلمين يقال له عبدالله بن حذف، أحد بني أبي بكر بن كلاب، وقد اشتد عليه وعليهم الجوع حتى كادوا ان يهلكوا«. “تاريخ الطبري ج ٣/ص ٣٠٣ / ٥٠٣”، يؤكد هذا النص ان الزط قد حاربوا الخلافة الاسلامية الى جانب المرتدين، اثناء حروب الردة التي دارت في السنة الهجرية الحادية عشرة، ثم ذكرهم الطبري في “المجلد الرابع/ ص: ٧٦٤ / ٨٦٤” في معرض حديثه عن مقتل الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان / رضي الله عنه / سنة ٦٣هـ/ ٦٥٦م، فقال: »فخشى بعض الزط والسيابجة ان يكون جاء لغير ما جاء له، فنحياه، فبعثا الى عثمان، هذه واحدة.وبلغ عليا الخبر الذي كان بالمدينة من ذلك، فبادر بالكتاب الى عثمان يعجزه ويقول: والله ما أكرها الا كرهاً على فرقة، ولقد أكرها على جماعة وفضل، فإن كانا يريدان الخلع فلا عذر لهما، وان كانا يُريدان غير ذلك نظرنا ونظرا.فقدم الكتاب على عثمان بن حنيف، وقدم كعبٌ فأرسلوا الى عثمان ان اخرج عنا، فاحتج عثمان بالكتاب وقال: هذا أمرُ آخر غير ما كنا فيه، فجمع طلحة والزبير والرجال في ليلة مظلمة باردة ذات رياح وندى، ثم قصدا المسجد فوافقا صلاة العشاء / وكانوا يؤخرونها / فأبطأ عثمان بن حنيف فقدما عبدالرحمن بن عتاب، فشهر »الزط والسيابجة« السلاح ثم وضعوه فيهم، فأقبلوا عليهم فاقتتلوا في المسجد وصبروا لهم.فأناموهم وهم أربعون، وأدخلوا الرجال على عثمان ليخرجوه اليهما، فلما وصل اليهما توطؤوه وما بقيت في وجهه شعرة، فاستعظما ذلك، وأرسلا الى عائشة بالذي كان، واستطلعا رأيها، فأرسلت اليهما ان خلوا سبيله فليذهب حيث شاء ولا تحبسوه، فأخرجوا الحرس الذين كانوا مع عثمان في القصر ودخلوه، وقد كانوا يعتقبون حرس عثمان في كل يوم وفي كل ليلة أربعون، فصلى عبدالرحمن بن عتاب بالناس العشاء والفجر، وكان الرسول فيما بين عائشة وطلحة والزبير هو، أتاها بالخبر، وهو رجع اليهما بالجواب، فكان رسول القوم«. يؤكد هذا النص ضلوع »الزط« في جريمة اغتيال الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان / رضي الله عنه / كما يؤكد مساهمتهم الفعالة في اذكاء نيران الفتنة، ومعارضتهم بوادر الصلح التي بدرت من الفريقين المختلفين، وحصل لهم ما أرادوا، وتتضح مساهمتهم في نص آخر أورده الطبري في تاريخه “ج ٤/ ص٥٠٥” حين قال: »فخرج طلحة والزبير فنزلا بالناس من الزابوقة، في موضع قرية الأرزاق، فنزلت مضر جميعاً وهم لا يشكون في الصلح، ونزلت ربيعة فوقهم جميعاً وهم لا يشكون في الصلح، ونزلت اليمن جميعاً أسفل منهم، وهم لا يشكون في الصلح، وعائشة في الحدان، والناس في الزابوقة، على رؤسائهم هؤلاء وهم ثلاثون ألفاً، وردوا حكيماً ومالكا الى على، بأنا على ما فارقنا عليه القعقاع فاقدم.فخرجا حتى قدما عليه بذلك، فارتحل حتى نزل عليهم بحيالهم، فنزلت القبائل الى قبائلهم، مضر الى مضر، وربيعة الى ربيعة، واليمن الى اليمن، وهم لا يشكون في الصلح، فكان بعضهم بحيال بعض، وبعضهم يخرج الى بعض، ولا يذكرون ولا ينوون الا الصلح، وخرج أمير المؤمنين بمن معه، وهم عشرون ألفاً، وأهل الكوفة على رؤسائهم الذين قدموا معهم ذا قار، وعبدالقيس على ثلاثة رؤساء: جذيمة وبكرٌ على ابن الجارود، والعمور على عبدالله بن السوداء، وأهل هجر على ابن الأشج، وبكر بن وائل من أهل البصرة على ابن الحارث بن نهار، وعلى دنور بن علي الزط والسيابجة وقدم علي »ذا قار« في عشرة آلاف، وانضم اليه عشرة آلاف«. هكذا يتضح دور الزط في اثارة الفتن كي يتمكنوا من الظهور على حساب ضعف الاطراف المتصارعة، ثم يذكرهم الطبري في احداث سنة ٥٠٢هـ/ ٠٢٨م، في المجلد: ٨/ص: ٠٨٥، فيقول: »وفيها / أي سنة ٥٠٢هـ / ولىّ المآمون عيسى بن يزيد الجلودي محاربة الزط« ثم يقول »ثم دخلت سنة ست ومائتين...فمما كان فيها من ذلك: تولية المأمون داود بن ماسجور محاربة الزط، وأعمال البصرة، وكور دجلة / الأهوار / واليمامة والبحرين«.ثم يذكرهم الطبري »في المجلد: ٩/ص٠١ / ١١« في تاريخه لسنة ٠٢٢هـ/ ٦٣٨م وما كان فيها من الأحداث، فيقول »فمن ذلك ما كان من دخول عجيف بالزط« بغداد، وقهره اياهم حتى طلبوا منه الامان فآمنهم، فخرجوا اليه في ذى الحجة سنة تسع عشرة ومائتين على انهم آمنون على دمائهم وأموالهم، وكانت عدتهم / فيما ذكر / سبعة وعشرين ألفا، المقاتلة منهم اثنا عشر ألفا، وأحصاهم عجيف سبعة وعشرين ألف انســان، بين رجل وامرأة وصبي، ثم جعلهم في السفن، وأقبل بهم حتى نزل الزعفرانية، فأعطى اصحابه دينارين دينارين جائزة، وأقام بها يوماً، ثم عبأهم في زوارقهم على هيئتهم في الحرب، معهم »البوقات« حتى دخل بهم بغداد يوم عاشوراء سنة عشرين ومائتين والمعتصم بالشـماسية في سفيـنة يقال لها الزو، حتى مر به »الزط« على تعبئتهم »ينفخون بالبوقات« فكان أولهم »بالقفص« وآخرهم بحذاء الشماسية، وأقاموا في سفنهم ثلاثة أيام، ثم عبر بهم الى الجــانب الشرقي، فدفعوا الى بشر بن السميدع، فذهب بهم الى خانقين، ثم نقلوا الى الثغر الى »عين زربة« فأغارت عليهم الروم، فاجتاحوهم فلم يفلت منهم أحد«. وأشار خليفة بن خياط، في تاريخه “ج٢/ ص٥١٥” الى ان عجيف قد اجلاهم عن البطيحة سنة ٩١٢هـ،، ثم يذكرهم الطبري في الصفحة: ١٠٢، من المجلد نفسه، في معرض تاريخه لسنة ١٤٢هـ/ ٥٥٨م، فيقول: »وفيها أغارت الروم على »عين زربة« فأسرت من كان بها من الزط مع نسائهم، وذراريهم، وجواميسهم وبقرهم، وهذه الرواية تؤكد دخول الزط الى بلاد الروم على شكل جماعة كبيرة أسرت بكاملها لتشكل نواة المجتمع الزطي في بلاد الروم منذ القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي.وليس منذ القرن الخامس عشر الميلادي كما يدعى مؤرخو أوروبا عامة. وذكر البلاذري “ت ٩٧٢هـ/ ٢٩٨١م” رواية في كتابه »فتوح البلدان« “ج ١/ص: ٢٩١” جاء فيها: »وحدثني أبو حفص الشامي عن محمد بن راشد. عن مكحول قال: نقل معاوية في سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين الى السواحل قوماً من »زُط البصرة والسيابجة« وأنزل بعضهم أنطاكية.قال أبو حفص: فبأنطا كية محلة تعرف »بالزط« وببوقا من عمل أنطاكية قوم من أولادهم يعرفون »بالزط« وقد كان الوليد بن عبدالملك نقل الى أنطاكية قوماً من »الزط السند« ممن حمله محمد بن القاسم الى الحجاج.فبعث بهم الحجاج الى الشام«. وروى البلاذري عن روح بن عبدالمؤمن عن يعقوب الحضرمي عن سلام قوله: »أتى الحجاج بخلق من زط الهند، وأصناف ممن بها من الأمم، معهم أهولهم وأولادهم وجواميسهم فأسكنهم بأسافل كسكر / في العراق / فغلبوا على البطيحة وتناسلوا بها، ثم انه ضوى اليهم قوم من أباق العبيد وموالي باهلة، وخولة محمد بن سليمان ابن علي، وغيرهم فشجعوهم على قطع الطريق، ومبارزة السلطان بالمعصية وانما كانت غايتهم قبل ذلك ان يسألوا الشيء الطفيف أو يصيبوا غيرة من اهل السفينة فيتناولوا منها ما امكنهم اختلاسة.وكان الناس في بعض أيام المأمون قد تحاموا الاجتياز بهم، وانقطع عن بغداد جميع ما كان يحمل اليها من البصرة في السفن.فلما استخلف المعتصم بالله “٨١٢هـ  ٣٣٨م” تجرد لهم وولى محاربتهم عجيف بن عنبسة وصم اليه من القواد والجند خلقاً، ولم يمنعه شيئاً طلبه، فرتب بين البطائح ومدينة السلام خيلا مضمرة مهلوبة الاذناب، وكانت اخبار الزط تأتيه بمدينة السلام من النهار أو أول الليل وأمر عجيفا فسكر عنهم الماء بالمؤن العظام حتى اخذوا فلم يشذ منهم احد، وقدم بهم الى مدينة السلام في الزواريق فجعل بعضهم بخانقين وفرق سائرهم في عين زربة والثغور«. “فتوح البلدان ص٧٦٢”. هكذا نجد ان تاريخ الزط والسيابجة ومن والاهم هو تاريخ حافل بالاجرام والتمرد مما دفع الحكومات الى ملاحقتهم، وفرض عقوبة الاعدام على بعض عناصرهم، كما وصف الشاعر دعبل ابن علي الخزاعي “ت ٦٤٢هـ/ ٠٦٨م” تنفيذ عقوبة الصلب بحق تسعين زطياً. ولم تنقرض تلك الاقوام بل استمر تدفقها من بلاد الهند الى الشرق الأوسط، ومنه عبروا الى أوروبا عبر تركيا وأوروبا الشرقية، كما عبروا اليها عبر مصر وشمال أفريقيا مروراً بالاندلس، وعند سقطت الاندلس عانى الزط من قرارات التصفية والطرد ما عاناه المسلمون واليهود، وهنا تجدر الاشارة الى ان المسلمين الذين نزحوا من الاندلس الى اسطنبول سكنوا حول جامع العرب في محلة »غلطة« والى الشمال منها سكن الزط في محلة »قاسم باشا« أما اليهود فسكنوا في محلة »قره كوي« الى الشرق من المحلتين السابقتين.وخلال مسيرة الزمن ذاب العرب في المجتمع التركي، وبقي اليهود حول »بيعتهم« في قره كوي ونزح قسم منهم الى فلسطين، وقسم سكن في محلة »شيشلي« في شمال اسطنبول، أما الزط فما زالوا في حي »قاسم باشا«، يربون الدببة والقرود، ويقرعون الطبول والصنوج، وينفخون بالأبواق، ويتاجرون بالمخدرات والممنوعات، ويبصرون ويقرأون الكف والودع، ويمارسون السحر والشعوذة، ويتحاشى السكان المرور من حيهم ليلاً، والدولة عجزت عنهم فشقت طريقاً عريضاً في حيهم حتى تتمكن الشرطة من اختراق محلتهم عند اللزوم

*********

العراقي رشيد البندر: الخيون ينتصر لأجداده الزط ويرد على البحث

العنوان: رداً على محمود السيد الدغيم
حول الزط وعبادة السومريين في العراق  الكاتب: رشيد البندر  : هذا البندر غيره اسمه فيما بعد فصار: رشيد الخيون ت.م: 27/08/1995  ت.هـ: 01/04/1416  الواصفات:      العدد: 11875  الصفحة: 22 
اطلعت على مقال الكاتب محمود السيد الدغيم المنشور في »الحياة« عدد 11865 تاريخ الزط والسيابجة قبائل جاءت من الهند ووجدت فيه ما يناقش ويرد، لاعتبارين الأول أنه ربط بين الزط وأخلاقهم في الفتن والخروج على الشرائع والقوانين وبين سكان جنوب العراق. وكنت قد كتبت عن هذه الطائفة في عام 1987 كتجذير تاريخي لظلم اجتماعي وسياسي مارسه النظام العراقي الحالي أذكيت من خلاله فتن طائفية نحرص على ازالتها من أرض العراق كلها، وذلك عندما عمد الى تهجير آلاف الأسر ورميهم على خطوط النار بين العراق وايران فمات من مات وتعوق من تعوق بفقد الساق أو اليد أو العينين، وهذا ما كان قد فعله المعتصم بالزط وهم الذين سكنوا العراق قبل أن يأتي العباسيون ويحكموا فيه بمئات السنين. والاعتبار الثاني أن سواد العراق ومنه الأهوار كانت قد نشأت فيها حضارة انسانية ثم وقع عليها ظلم اجتماعي لم يفلت منه الماء والأرض وآخره كان التجفيف المقصود لانهاء معالم الانسانية هناك. ويكفي سكان الأهوار انسانية أن بيوتهم لم تألف الأبواب الا بعد قيامات البعث في شباط فبراير 1963 وتموز يوليو 1968. ولهذا تأتي مناقشتي للكاتب محددة باتجاهين من دون تشعب. الأول أن سكان جنوب العراق ليسوا زطاً حملهم محمد القاسم بأمر الحجاج من الهند، وأن الزط من الفلاحين أنهكهم الجباة بالضرائب وأنهكهم العمل بضياع المتنفذين، لا مجرمين وقطاع طرق كما وصفهم التاريخ الرسمي. والثاني أن السومريين سكان العراق القدماء لم يعبدوا الجاموس وانما كانت ديانتهم خطوة كبيرة نحو التوحيد الذي أتت به الديانات السماوية لاحقاً، وأن أول الأنبياء ابراهيم الخليل انحدر من ذاك المكان، حيث أور الكلدانيين. واعترف صراحة ان أياً من الأقوام دخل العراق بعد السومريين والبابليين والأكديين والآشوريين لم يضف شيئاً للعراق بل حاول الكل ازالة حضارة عريقة وبآجر الزقورات السومرية والبابلية أقاموا السجون والقلاع العسكرية من طاق كسرى الى قصر الحجاج في واسط وقلعة المنصور المدورة في بغداد، فهل استطاع القادمون الاحتفاظ بانجازات تلك الحضارة وتطويرها، فنتائج التنقيبات الأثرية تؤكد أن السومريين ابتكروا عمليات جراحية كبرى، والملك السومري سن لشعبه قانوناً يسمح بضربه على خده من قبل الناس تأديباً له، ويحمل طاسة الطين تواضعاً لشعبه ومشاركة فعلية في البناء، وأن يكون الكاهن حمامة سلام بين الناس يمثل هيبة الدين كفطرة وعاطفة لا سياسة وقانون. ففي ذلك المكان عاشت وما زالت تعيش ديانة من أقدم الديانات الموحدة في أسفل دجلة والفرات وارتباطاً بتلك البيئة يقول الصابئة في طقس من طقوس زواجهم ما نصه: فقد أصبحت عظيماً ونفسي كبرت لأني شربت الماء من ثغر الفرات. بعد هذا الدخول وقبل تناول الاتجاه الأول من الموضوع أتوقف قليلاً عند تسمية الزط التي من المستبعد أن يكونوا هؤلاء قد حملوها معهم من الهند عندما وصلوا الى العراق في أيام الساسانيين لأغراض اقتصادية، وهي العمل في الأرض والصناعة لا بسبب جوعهم كما يرى أغلب المؤرخين الاسلاميين، بل أن التسمية لها علاقة بالمصدر العربي زط فتح الزاء ومعناه: الذباب يصوت. وأن هذه التسمية جاءت بعد الحرب عليهم للتحقير والاهانة، أما نسبتهم الى جبل يعرف بالزط ضم الزاء كما ورد في »تاج العروس« و»المحيط« وكتب الأنساب، فقد استنبطه النسابون لايجاد تعليل مقبول لهذه التسمية، ولا أعتقد أن في بلاد الهند والسند جبلاً اسمه الزط كما يقال. وهذا الرأي يتأكد من كثرة التسميات التي يجدها الطرف الآخر وتشيع في كتب الملل والنحل والتاريخ العام. فالعيب البدني الذي كان بحمدان بن الأشعث أصبح اسماً لحركة سياسية كبرى معارضة في الدولة العباسية وهي الحركة القرمطية وغير ذلك كثير. ذهب الكاتب في مقاله بعد اقتباسات وآراء الى نتيجة هي عصب المقال وثمرته يقول فيها: »هكذا نجد تاريخ الزط والسيابجة والأهم هو تاريخ حافل بالاجرام والتمرد مما دفع الحكومات الى ملاحقتهم وفرض عقوبة الاعدام على بعض عناصرهم« وما يرتبط بهذه النتيجة هو قول الكاتب: »وهذا يسوقنا الى الربط بين أصلهم وأصل السومريين، إذ يقال: أن السومريين وفدوا الى بلاد الرافدين من خارجها، وأقاموا فيها حضارتهم ثم بادت، وكانوا يعبدون الجواميس، وهنا نتساءل عن مصدر الجواميس؟. قال الكاتب، يقال ولا ندري من هو القائل، وهذه طريقة من طرق التخلص من المسؤولية وشد القارئ الى مصادر لا توجد الا في ذهن الكاتب، فليس هناك من قائل في عبادة السومريين للجواميس اما انحدارهم فالأميل أنهم انحدروا من عيلام وربما من أماكن أخرى. بعد انتفاضة الجنوب ذكرت »الثورة« العراقية في 5/4/1991 تقول »وإذا عرفنا كل هذا وغيره كثير وعرفنا أن بعض هذا الصنف من الناس في أهوار العراق هم من أصول جاءت مع الجاموس الذي استورده القائد العربي محمد القاسم من الهند، وعرفنا أن من أبرز عاداتهم سرقة ممتلكات الخصم عندما يتخاصمون وحرق دار القصب التابعة لمن يغتاضون منه أو يتنازعون معه، سهل علينا تفسير الكثير من ظواهر النهب والتدمير والحرق والقتل وانتهاك الأعراض التي قدم عليها المجرمون المأجورون«. وبعد الانقضاض على الانتفاضة غيرت هذه الصحيفة نفسها وانتقلت الى المديح والثناء. ففي عددها المؤرخ 7/9/1992 تصف أهل الأهوار بأصحاب الحضارة الأصلية التي تمتد الى 6 آلاف عام على حد قولها، وعنوان آخر يقول: جزر وآثار سومرية في أعماق الأهوار. الغرض من هذا الاقتباس ليس اتهاماً موجهاً للكاتب وانما محاولة إيضاح له عن كيفية كتابة التاريخ السياسي من قبل السلطات اليوم وفي الأمس. والكاتب على علم بأن أهل الجنوب العراقي وكل جنوب في العالم دائماً متهمون ومحكومون. ومن خلال التمعن العميق في موضوعة الكاتب وجدته لا يعني ببحثه الزط كزط وانما قصد سكان منطقة محددة هي جنوب العراق لأغراض قد يكون التصريح بها اثارة هموم نحن بغنى عنها. فأغفل الكاتب الاهتمام والتركيز على ما أوردته الروايات التاريخية كلها التي كان مصدرها الطبري وربما البلاذري التي تقول: »وأحــصاهم عجيف القائد العباسي سبعة وعشرين ألف انسان بين رجل وامرأة وصبي ثم جعلهم في السفن وأقبل بهم... وعبأهم في زواريقهم على هيئتهم في الحرب... وأقاموا في سفنهم ثلاثة أيام ثم عبر بهم الى الجانب الشرقي فدفع بهم الى بشر بن السميدع فذهب بهم الى خانقين ثم نقلوا الى الثغر الى عين زربة وأغارت عليهم الروم فأجتاحوهم فلم يفلت منهم أحد«. هذه الرواية التي يؤيدها ابن خلدون في تاريخه 5/546 وابن تغري في النجوم 2/233 نقلاً عن »مرآة الجنان« لليافعي وغيرهم، تؤكد أن أمر الزط قد انتهى في العراق بعد أن سلمتهم السلطات الى أعدائها الروم ومن ذلك المكان انتشروا في الشمال وآثارهم السكانية موجودة في أوروبا الشرقية يسمون في بلغاريا بالسيكني وايطاليا وهولندا وغيرها. والناس يعرفونهم من أصل هندي يتكلمون لغة خاصة بهم غير مكتوبة، وهم غير الغجر القادمين من روسيا وآسيا الوسطى أو من مناطق أخرى. وحول تاريخ وجود الزط في العراق، واعتماداً على البلاذري، في »فتوح البلدان« ومؤرخين آخرين يذهب شاكر مصطفى في كتابه دولة بني العباس ج1/730 الى القول »ان قدوم الزط من الهند كان من قبل أحد الأكاسرة الساسانيين لأغراض زراعية وصناعية وقد قاموا وتكاثروا هناك، وفي سنة 670م نقل معاوية أسرا عديدة منهم من البصرة الى سورية ثم سمح الحجاج لهم بالاستقرار في البطائح لاستغلالها. وتدل ثورتهم على أن أعمالهم كانت زراعية ومطاليبهم كمطاليب سكان سواد العراق عامة وهو التقليل من الضرائب، وكان سكان هذه المناطق قد شكوا هذا الهم الى الحجاج فمنعهم من أكل اللحم. ويذكر ابن حوقل في صورة الأرض /211 هذا الحدث مع بيت من الشعر يقول: شكونا له خراب السواد فحرم فينا لحوم البقر هناك حقيقة لا بد من قولها ان المسلمين كانوا فاتحين محاربين وأهل سلطة ومشغولين بالفتوح والغنائم، وسكان البلاد هم المنتجون زراعة وصناعة وهي أعمال واطئة بالعرف الاجتماعي العربي القادم من الصحراء، ولولا حنكة الخليفة عمر بن الخطاب في جعل أرض السواد أرضاً للدولة ولم يوزعها كغنائم على المحاربين لتحول الزارعون من السكان الأصليين الى عبيد وأكرة، لكن هذا الأمر تحول في خلافة عثمان بن عفان والأمويين من بعده الى اقطاعيات وضياع للولاة والوزراء والقضاة، وقد أصبح سكان تلك المناطق ثانويين بديارهم يعير فيهم الخصوم كما ورد قول الشاعر في خصومة بين وائل وتميم: وجئنا بحي وائل وبلفها... وجاءت تميم زطها والأساور. والأساور هم الآشوريون من الأصل السرياني وآسور تعني آشور، وهناك من المعتزلة العلماء من يعرف بالأسواري لهذه النسبة. وإذا كان سكان كور دجلة أعمال البصرة ما بين ميسان الى البحر من الزط المجرمين فمن أين ظهرت عائلة الحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم، ألم يكونوا موالي من دست ميسان؟ لقد كان الزط منتجين أكرة أنهار وأرض فهل أتى من يزرع ويحصد من غير هؤلاء وأشباههم ألم يجهزوا المدن وبيوت الولاة من أمويين وعباسيين بوسائل الترف حتى يقول شاعر أحد القصور: »جارية من بنات الزط... ذات جهاد مضغط ملطي« أما تأكيد الكاتب على ضلوع الزط في مقتل الخليفة عثمان اعتماداً على ما ذكره الطبري في سياق روايته لهذا الحدث، فإنه هروب من تاريخ حقيقة مرة وهي أن عثمان وغيره من الخلفاء المقتولين أو المغدورين اغتيلوا بأياد عربية وقريشية ومسلمة فلا زط ولا شخصية عبدالله ابن سبأ المضافة الى التاريخ لهم فعل ذلك. وإذا كانوا قد اشتركوا في قتل الخليفة عثمان بن عفان فما الموقف من عبارة: »ممن حمله أو استورده محمد بن القاسم من الهند الى الحجاج«. أما الاتجاه الثاني من الموضوع وما يخص ديانة السومريين وما ذهب اليه الكاتب بأنهم عبدة جواميس كقياس على ديانة هندية، فالكاتب معذور ان لم يطلع على معتقدات السومريين والعلاقة بين حيوان الجاموس وبيئة الأهوار. فمن ناحية المعتقد فإنه يؤمن بوجود قوى سماوية كآلهة مجردة ولا وجود للصنم أو الوثن أو الطوطم. وتأسس على هذا الاعتقاد الدين الصابئي المندائي الذي يعتبر ابراهيم الخليل أحد المقدسين وأن يوحنا المعمدان وفي مرحلة من المراحل اعتبر الرباني الوحيد في هذا الدين مقالنا: الصابئة المندائيون موحدون اختلف المؤرخون في عقائدهم، الحياة 14/1/1995، وان اسم الأهوار ومفردها هور لها علاقة مباشرة باللغة المندائية أحد فروع الآرامية. وهور المندائية تعني الأرض البيضاء النقية مفاهيم مندائية/ 219 والأهوار مساحات شاسعة ومضيئة باستمرار وما زالت بعض المناطق من الأهوار تعرف بالبياضة على رغم أنها مملوءة بالقصب والبردي. والمعنى الأصلي لكلمة سومر الأرض الدائمة الاضاءة والنور المقالات في الأمة السريانية/ 66. ورد أن كلمة آبسو السومرية تعني الأهوار التي كانت من فعل آنكي إله المياه العذبة عند السومريين وأيا عند الأكديين، وبذلك تكون العلاقة واضحة بين الديانة الموحدة والسومريين والسكان الحاليــين اضافة للقبائل التي استقرت في المنطقة. وللتعريف أكثر بماهية الدين السومري، نتوقف قليلاً عند الأفكار السومرية بشأن الخلق والتكوين التي قال عنها بعض الأركيولوجيين انها أول إيجاد لفكرة العناصر الأربعة في تكوين الأشياء واعتبار الماء هو العنصر الأساسي من بين تلك العناصر، وفحوى هذه الفكرة ان من اتحاد السماء والأرض كان الهواء ومن اتحاد هذا الأخير بالأرض والشمس كانت الحياة، وكل هذا يجري بفعل القوى السماوية. ومن بين هذه القوى يعتقد السومريون بوجود اله أكبر وأعظم وهو الاله آنو خالق السـماوات والآلهة الآخرون مساعدون، كملائكة يتنقلون في السماء، وأنليل الابن كان وليد السماء والأرض آنو / كي ومردوخ هو أنليل البابلي وآسور هو أنليل الآشوري. وتذكر احدى الرقم الطينــية قولاً لأنليل قاله عقب الطوفان الأسطورة والتراث/ 167: »لقد حمل المذنب ذنبه والآثم أثمه، أمهله كي لا يفنى ولا تهمله كي لا يفسد«. ومن الثلاثي السومري آنو، كي، أنليل ظهر الثلاثي السرياني أهيه، مردوخ، أسور وعلى غرار ذلك جاء التثليث المسيحي الأب، الابن، روح القدس. أما الجاموس والذي تجسد دينياً بالثور الوحشي فكان باعتقاد السومريين أنه مخلوق خلقه الاله الأعظم آنو تحدياً لغطرسة ملك أورك جلجامش، وهناك تحف سومرية عديدة يظهر عليها الصراع بين جلجامش وهذا الثور الوحشي الذي هو على صورة الجاموس تماماً. وهناك أسطورة كانت شائعة بين سكان بعض مناطق الأهوار تفسر عملية تدجين هذا الحيوان بعد أن كان وحشياً في الأهوار. وكشفت عن هذه الأسطورة الباحثة الألمانية سكريد هليوش مقالها المنشور في مجلة »سومر« العدد 13/ 1957 التي قضت في الأهوار أكثر من عام، من دون أن تسرق أو يعتدى عليها. وفحوى هذه الأسطورة، ان هذا الحيوان جاء من النهر العظيم وعندما ظهر أول مرة خافه الناس لضخامة جسمه ولونه الأسود وقرونه الضخمة، وأن المعدان كانوا يراقبون قطعان هذا الحيوان وهي تتخذ من خلف الأكواخ مراحاً لها. وفي أحد الأيام ولدت أنثى الجاموس وأخذ صغيرها الحولي كما يعرف هناك يرضع من ثدييها أمام أنظار الناس فانتبهوا الى أهمية الحليب الذي يسيل من الأثداء ما دفع الناس الى تدجين هذا الحيوان. أما من أين أتى السومريون، فمهما كان الجواب لا طعن فيه على الحاضرين بسبب أصولهم فهم في كل الأحوال لم يظهر أنهم هدموا حضارة سبقتهم بل بنوا مجتمعاً متحضراً الى درجة أنهم اعتنوا بتربية الطفل واخترعوا الكتابة والعربة والزورق والقوانين وسجلوا تفاصيل حياتهم برقم طينية وتحف منحوتة. وفي الختام أقول ان النتائج التي توصل لها السيد الدغيم في مقالته هذه توحي لي أنها تتعارض مع الجهد المبذول في بحثه واستقصائه.  31263 الحياة...........عام العنوان: رداً على محمود السيد الدغيم . حول الزط وعبادة السومريين
ملاحظة : سألوا البندر في جريدة الحياة: لماذا أ،ـ زعلان على الزط؟؟ فقال: هم أجدادي

*****

وقام د. محمود السيد الدغيم بالرد على البندر ففند ادعاءاته بمقالة نشرتها جريدة الحياة


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16430359
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة