(العنوان:مجموعة الاتصال الدولية تتلكأ باتخاذ قرارات انسانية ومصيرية. موسكو تغازل الغزاة الصرب والبوسنة والهرسك في طريق الزوال)(الكاتب:محمود السيد الدغيم)(ت .م:06-08-1994) (ت .هـ:29-02-1415) (العدد:11493) (الصفحة:7)

مرت 27 شهراً على ابتداء الحروب التي أعقبت انهيار الاتحاد اليوغوسلافي وقد شهدت الحروب عدة تطورات حيث بدأت الحرب الصربية - السلوفينية، ولكن موقف ألمانيا المؤيد لانفصال سلوفيـنيا بحزم، وما تمتع به من تأييد المجـموعة الأوروبية وضع حداً للصراع الصربي - السلوفيني، ونعمت جمهورية سلوفينيا بالرعاية الأوروبية . ثم اندلعت الحرب الصربية - الكرواتية، وأسفرت عن استيلاء الصرب على منطقة كرايينا، لكنهم عجزوا عن اجتــياح كرواتيا بســبب ما تلـقته من دعم عــسكري واقتــصادي أوروبي ساهم الى أبعد الحدود في صمود كرواتيا في وجه صربيا . وبعدما فشل الصرب في مدّ حدود صربيا الكبرى الى سلوفينيا وكرواتيا بسبب الدعم الأوروبي لدولتي كرواتيا وسلوفينيا اتجهت أنظار الصرب نحو جمهورية البوسنة والهرسك، وبعد بقاء اتحاد صربيا والجبل الأسود ومستعمرات فويغودينا المجرية، وكوسوفو الألبانية وسنجق بني بازار البوسني وجه هذا الاتحاد أطماعه لابتلاع البوسنة والهرسك باعتبارها الحلقة الأضعف التي لا سند لها ولا معين . وبدأ الاجتياح الصربي، وساهمت المنظومة الدولية بتسهيل الاحتلال وذلك بفرض حظر تصدير السلاح الى البوسنة والهرسك بينما ورثت صربيا ترسانة سلاح الجيش اليوغوسلافي، واستمر تدفق الأسلحة عبر اليونان وبلغاريا ورومانيا من أكثر من مصدر، وكانت روسيا أقوى من دعم وما زال يدعم العدوان الصربي على كافة المستويات من الميدان الحربي وحتى المحافل الدولية . عانى مسلمو البوسنة والهرسك جراء الحصار العسكري كما عانوا الأمرين من جراء هبوط درجات الحرارة، وفقدان المواد الغذائية، والخــدمات الطــبية، وأدى ذلك الوضـع الى سقوط العديد من الخطوط الدفاعية الاسلامية أمام طغيان الصرب، وصمت الفعاليات العــالمية وتـآمرها في مــعظم الأحــيان . ان من يتتبع الخطوات التي اتخذتها منظمة الأمم المتحدة إزاء أزمة البوسنة والهرسك يصل الى قناعة تامة بصفاقة الاجراءات وعدم جدواها، وكل الخطوات الدولية جرت ضمن اطار المراهنة على عامل الزمن من أجل انهاء الأزمة بسقوط المدن الاسلامية الواحدة تلو الأخرى تحت وطأة الحصار وانعدام أبسط ضروريات الحياة . وللمحافظة على ماء الوجه قامت المنظومة الأوروبية، ومنظمة الأمم المتحدة بطرح العديد من المبادرات الفاشلة، وتغيير الملفات والوسطاء الأوروبيين والدوليين، ولم تسفر كل تلك المسرحيات الديبلوماسية الا عن فشل المبادرات، واستمرار الحرب، وتتابع سقوط المواقع الاسلامية في أيدي الصرب . وعلى رغم وضــوح الحق الاسلامي فما زال العالم يتفرج ويتعلل بأسباب واهية تدفعه الى تكريس حــظر تصدير السلاح الى البوسـنة والهرسك حتى لا تتمكن من ممارسة حق الدفاع عن حدودها الدولية المعترف بها . ان من يتتبع حلقات تطور أزمة البوسنة والهرسك يجد ان صرب البوسنة قد استخدموا كوجهة مكشوفة لتدمير البوسنة والهرسك غير ان وقائع الأحداث تدل دلالة قطعية على دور فاعل تقوم به صربيا، فلولاها لما استطاع صرب البوسنة وصرب كرايينا الوقوف اطلاقاً بوجه القوات الاسلامية والقوات الكرواتية . ولولا الدعم الروسي - اليوناني - البلغاري - الروماني لما استطاعت صربيا الوقوف الى جانب صرب البوسنة وصرب كرايينا . ولئن كانت مساهمات هذا النسق مكشوفة الى حد ما فهنالك أكثر من نسق أدى خدمات قوية للمعتدين الصرب إما بشكل مباشر أو غير مباشر، وأقل الأدوار هو السكوت عن الحق، والامتناع عن استخدام الوسائل المتاحة لوقف العدوان . ولئن سأل سائل عن أسباب التواطؤ العالمي . فالجواب: هو ان أوروبا لا تود قيام كيان مستقل يشكل المسلمون نسبة الأكثرية من سكانه، وجميع وقائع الأحداث شاهدة على ذلك . ومما ساهم ويساهم باستمرار تأزم الوضع وتتابع سقوط الضحايا المسلمين هو ضعف دول العالم الاسلامي التي لم يعد لها أي وزن دولي بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة، التي استمرت استمرار القطبين الشيوعي والرأسمالي، وبعد انتهاء تلك المرحلة طرح الصراع بشـكل غير مباشر لتدمير الدول الاسلامية حيث تبدأ تصفية مسلمي الأطراف من البوسنة حتى كشمير، ومن السودان حتى تتارستان، وتفجير المركز بنفس الوقت، وذلك بالصراع الاسـلامي وغير الاسلامي في الأطراف، والصراع الاسلامي - الاسلامي، والاسلامي - الصهيوني في المركز . أسفر شهر تموز (يوليو، 1994م عن نشاط ديبلوماسي مكثف تمخض عن اجتماعات وقرارات »مجموعة الاتصال بشأن البوسنة« التي تضم خمس دول هي الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ولعل آخر القرارات الدولية غير العادلة هو قرار تقسيم البوسنة وذلك باعطاء الاتحاد الكرواتي - الاسلامي 51 في المئة من أراضي البوسنة والهرسك، ومنح الصرب 49 في المئة . على رغم ان كثافة السكان لا تتناسب مع هذه الخطة التي تعتبر بمثابة تقديم مكافأة للمعتدين الصرب على عدوانهم، وإقرارهم على ما اســتولوا عليه بالقوة على رغم مخالفة ذلك للقوانين والأعراف الدولية . يذكر ان الدول الخمس من مجموعة الاتصال قد قررت في جنيف يوم السبت 30-7-1994م »تشديد العقوبات الدولية المفروضة على يوغوسلافيا (صربيا  الجــبل الأسود، وصرب البوسنة الذين يحظون بحماية صربيا« من اجل ارغامهم على القبول بخطة التقسيم التي وضعتها أقوى دول العالم المعاصر . وقررت الدول الخمس الأعضاء في مجموعة الاتصال: ان ترفع الى مجلس الأمن الدولي قراراً بتشديد العقوبات على صربيا والجبل الأسود، وتضمن البيان النهائي الصادر في 30-7-1994م »ان الدول العظمى تعهدت أيـضاً بتعزيز المــناطق الآمنة، وطلبت وضع خطة تتيح تطبيقاً صارماً للحظر، توسيع المناطق التي يشملها في البوسنة« غير ان الدول الخمس لم توافق على القيام بأي عمل عسكري فوري ضد الصرب . وتباينت ردود الفعل حول قرار دول مجموعة الاتصال . اذ قال وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر:»ان القرار سيرفع الى مجلس الأمن في غضون أسبوع« وذُكر ان هذه العقوبات الجديدة تتعلق أساساً بالودائع المالية »اليوغوسلافية الصربية« في الخارج . وأشار كريستوفر أيضاً:الى »ان اجراءات تعزيز مناطق الحظر ستتخذ خلال شهر آب (اغسطس، لتطبق في حال استمرار رفض خطة السلام من قبل صرب البوسنة، وحذر من اصدار قرار عن مجلس الأمن برفع الحظر عن امدادات الأسلحة الى البوسنة، اذا ما استمر صرب البوسنة في رفض خطة السلام« . وكان كريستوفر قد اجتماع في 30-7-1994م مع وزير الخارجية الروسي اندريه كوزيريف، وعقدا جلسة محادثات مغلقة استمرت حوالى الساعة قبل مغادرتهما جنيف بعد المشاركة في اجتماع وزراء خارجية مجموعة الاتصال بشأن البوسنة، وصرح مصدر أميركي:»ان المحادثات تناولت الوضع في (يوغوسلافيا السابقة، والوضع في هاييتي وجورجيا« ولم يعط أي ايضاحات تفصيلية، ثم غادر كريستوفر جنيف . وأضاف كريستوفر:»نحن غير مستعدين لأن نرى العملية السلمية تختنق تماماً، ولا نستطيع ان نستمر في وضع تُعاقبُ فيه الضحية، ويُفرض عليها حظر عسكري وتُحرم من حق الدفاع عن النفس« . ولكن كريستوفر ناقض نفسه حين قال:»ان القوى الكبرى تواجه مشكلة صعبة . ليست هناك حلول سحرية، ولكن ربما سيخضع الصرب للضغوط المستمرة« . وعلق مسؤول أميركي على ما يجري قائلاً:»تهدف هذه العملية الى الحصول على كلمة (نعم، من الصرب، وليس معاقبتهم لمجرد العقاب« . وهذا الكلام صحيح لأن البيان النهائي قد نصَّ على »ان مجموعة الاتصال سترفع الى مجلس الأمن مسودة قرار برفع العقوبات المفروضة حالياً على صربيا والجبل الأسود في حال موافقة صرب البوسنة على خطة تقسيم البوسنة التي تمنحهم 49 في المئة…« . وأما الموقف الفرنسي فقد عبّر عنه وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الذي أعرب عن ارتياحه لمشاهدة مجموعة الاتصال وهي »تعرف كيف تحافظ على انسجامها، وتُظهر حزماً كبيراً« . وشدد على ضرورة »الحزم في تطبيق العقوبات« التي قررت في جنيف، واقترح الاتصال السريع بالدول المجاورة (ليوغوسلافيا السابقة، وعرض منحها تعويضات مالية . أما الموقف البريطاني الذي اتسم بالميل للصرب طوال الأزمة، فما زال يتستر بالألفاظ المطاطة، وقد اتضح ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيرد - بعد الاجتماع في جنيف - حيث قال:»ليست لدينا سلطة لفرض حل« . وهذا الكلام يوضح عدم جدية هذه الدول، ومع ذلك يقول هيرد:»يجب ان نستمر في العمل مع فرض الضغوط المتاحة لدينا« . ان هذه الدول تمارس الضغوط النظرية على الصرب، ولكنها تمارس الضغوط الفعلية على مسلمي البوسنة والهرسك . والدليل هو سكوت بريطانيا عن جرائم الصرب الذين هاجموا قافلة للأمم المتحدة - أثناء عقد الاجتماع - وقتلوا أحد أفراد »قوات حفظ السلام البريطانية« وقطعوا الطرق المؤدية الى سراي ايفو . ولم يكتف هيرد بتـجاهله خطورة المواقف الصربية، بل شكك بالجهود الرامية الى ضبطهم حين قال:»ان هناك حدود لما تستطيع الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا تقديمه« . ولكي لا يفتضح أمر الموقف البريطاني المؤيد للمعتدين الصرب أعلن وزير الدفاع البريطاني مالكولم ريفكيند في تصريحات الى هيئة الاذاعة البريطانية بي . بي . سي:»ان بلاده لن تستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن في حال رفع الحظر عن امدادات الأسلحة الى البوسنة والهرسك الا انها لا تزال تعارض اجراء من هذا النوع« . وهكذا يكون ريفكيند قد »فسر الماء بعد الجهد بالماء« فهم يعارضـون، ولن يسـتخدموا حق النقض لأي قرار يمس الصرب . وأضاف ريفكيند:»من غير الوارد ان تعود المملكة المتحدة عن موقفها الذي يعتبر من الخطأ رفع الحظر عن امدادات السلاح الى البوسنة والهرسك، لأن اجراء من هذا النوع سيؤدي على الأرجح الى تصعيد المعارك وتزايد عدد القتلى« . وشدد ريفكيند على انه »لا يرى أي ظرف يسمح بتصويت بريطانيا الى جانب رفع الحظر عن امدادات الــسلاح الى البوسنة، أو القيام بتـسليم أسلحة الى أحد أطراف النزاع« . وعلل استغرابه لاتخاذ الأمم المتحدة قرار رفع الحظر كونها لا تستـطيع الاحتفاظ »بقوات على الأرض فيما تقرر رفع الحظر عن السلاح« . وهكذا يتضح ان بريطانيا ترى الخطر في تسليح المسلمين، أما تسليح الصرب الذي يتدفق من أكثر من جهة فهو لا يشكل خطراً على قوات الأمم المتحدة التي يفتك الصرب بها بين الحين والآخر ويتحدون أوامرها . وتتجمل القوى العالمية بالصبر الذي يدل  على الانحياز الى المعتدين الصرب . أما الموقف الروسي فقد مثل منذ بداية الحرب انحيازاً كاملاً للصرب، وكأن ممثل روسيا في كافة الاجتماعات هو ممثل الصرب قولاً وعملاً . وحتى بعد الاجتماع الأخير حيث انتقل وزير الخارجية الروسي أندريه كوزيريف الى بلغراد »كي يشرح للـقادة الصرب نتائج الاجتماع« . والحقيقة كي ينسق معهم سُبل العدوان على المسلمين . وذلك واضح من خلال تصريحاته المبطنة حيث قال:»يجب ان نــتوصل على الأقل الى الحـصول على رد ايجابي من صرب البوسنة حيال خطة تقسيم أراضي البوسنة« . وحذر قائلاً:»ان الكتيبة الروسية ستُسحب من الـبوسنة اذا قام حلف شــمال الأطلسي بتوجيه ضربات جوية« . وهذا دليل على معارضة روسيا لكل خطوة فعالة لوضع حد للعدوان الصربي، ومن المواقف الروسية المهــينة اداعاء انـدريه كوزيريف »ان الــصرب خـدعوه« ومع ذلك حث نــظراءه وزراء الخــارجية في مجموعة الاتصال على »منـح فرصة أخرى للصرب« ودعا الى »ابداء قدر كبير من الانسجام والحزم وضبط النفس« . وحذر »من مغبة التسرع في اتخاذ قرارات قد تؤدي الى حمام دم في البوسنة، واندلاع نزاع دولي« . وهذا الكلام يعني ان روسيا طرف صربي في النزاع . والموقف الروسي عار عن النزاهة . ومنذ بداية الحروب الدموية في البوسنة والهرسك، وموقف الأمم المتحدة ينم عن التمييع، وغض الطرف عن جرائم الصرب، ومعاملة مجرمي الحرب الصرب معاملة قادة الدولة . ويتجلى ذلك من استقبالهم ومحاورتهم رغم ما يرتكبونه من أعمال اجرامية يعاقب عليها القانون الدولي . ومن يراجع مواقف الأمم المتحدة يجد ان دورها لم يتجاوز تخدير الرأي العام العالمي، وخاصة الاسلامي، فكلما تحركت الدول الاسلامية للمطالبة بانـصاف المـسلمين في البوسنة والهرسك تتمخض الأمم المتحدة فتلد لجنة جديدة تعقد اجتــماعات تنتهي بخلاف روسي - أميركي - أوروبي، ويسـتمر الصرب في طغيانهم وتــتنوع مصائر المسلمين بين القتل والأسر والتهجير والاغتــصاب . وتـضم قرارات اللجان اللاحقة الى القرارات السابقة بدعوى ان نجدة المسلمين ستؤدي الى حمامات دم في البوسنة -الهرسك . وبناء على هذا يجب على الدول الاسلامية سحب الثقة من هذه الأمم المتحدة التي تكرر في البوسنة والهرسك ما فعلته في فلسطين خلال هذا القرن، وهذا ينبئ أن مصير المسلمين في البوسنة والهرسك سيكون كمصير الفلسطينيين . توزع الموقف الصربي على محورين:محور متشدد ويمثله صرب البوسنة، ومحور مرن يمثله صرب صربيا الكبرى، فما ان اجتمع المجتمعون في جنيف حتى تتالت الأحداث، ففي 29-7-1994 »سحبت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة موظفيها الدوليين بصفة موقتة من أراض يسيطر عليها صرب البوسنة لأسباب أمنية« . وقالت يوكو نيشيمورا - الناطقة باسم المفوضية العليا للاجئين - »في ضوء الأحوال السياسية والأمنية غير المستقرة طلبنا من زملائنا الخروج للتشاور« . ويأتي هذا الاجراء خشية العدوان الصربي، وقد أغلق الــصرب ثلاث طرق تؤدي الى سراي ايفو، كما أغلق مطار سراي ايفو بعدما أصـيبت خمس طائرات استأجرتها المفوضية العليا للاجئين، وجاء هذا الضغط الصربي عشية انعقاد اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال في جنيف . وهدد قائد قوات صرب البوســـنة راتكو ملاديتـش بــشلّ حركة قوة الحماية في سراي ايفو . ومارس القـناصة الصرب عدوانهم على سراي ايفو يوم السبت 30-7-1994 حيث أصابوا أربعة ركاب في حافلة كهربائية (ترامواي، حينما كانت تمر قرب فند (هوليداي إن، كما أصيب رجل آخر اصابة خطرة، بعد فض اجتماع جنيف في 31-7-1994م انتهك صرب البوسـنة بدعم من صربيا قرار الأمم المتـحدة بحظر دخول الأسلحة الثقيلة الى منطقة غوراجدة، واشتدت نيران القناصة في سراي ايفو، وجرت اشتباكات بين القوات الصربية والقوات المـسلمة على خط القتال الرئيسي في سراي ايفو بشكل شرس، وعلم سقوط شخصين من المارة، وفي شرقي البوسنة أطلقت القوات الصربية قذائف مدفعية على مواقع جيش البوسنة المسلم المتمركز غربي بلدة غوراجدة وذلك يشكل انتهاكاً صريحاً لقرار اخلاء المنطقة من الأسلحة الثقيلة، وقد أكد . ذلك الميجر داكري هولواي المتحدث العـسكري باسم الأمم المتحدة، وذكر ان القوات الصربية »فتحت نيران أسلحتها الخفيفة على مواقع مراقبة تابعة للأمم المتحدة« . وقال صرب البوسنة:»انهم قد يوقفون الاتصالات مع الدول الكبرى بعد ان قرر مندوبوها في جنيف تشديد العقوبات الاقتصادية على الصرب لرفضهم خطة الــسلام« . وهكذا استمر صرب البوسنة باظهار الموقف المتشدد غير آبهين بالقوى العالمية التي لم تتخذ موقفاً حاسماً ضدهم . وفي حركة مسرحية اتخذ سلوبودان ميلوسيفيتش رئيس صربيا موقفاً مرناً للالتــفاف على الأمم المتحدة والرأي العام العالمي، وذلك بقوله:»ان على صرب البونسة ان يوافقوا على اقتراح المجموعة الدولية« . ولكنه أردف:»ليســت الخــطة الدولية بكل عناصرها في صالح الشــعب الصربي . ولكنها تكرس الاعتراف بالجــمهورية الصربية في البوسنة وتضمن حدودها، والقبول بالخطة من شأنه ان يساعد على رفع العقوبات عن صربيا والجــبل الأسود« . وأضـاف:»علاوة على ذلك فان الحدود المقترحة ليست نهائية، لأن لجنة الاتصال تركت للأطراف المتحاربة امكانية متابعة المباحثات حول احتمال ادخال تعديلات عليها« . وقال:»ان هذه الخطة غير عادلة بالنسبة للجانب الصربي، ولكن من الضروري دون شك التوصل الى حل وسط« . ويتضح من هذا الكلام ان موقف صربيا يرمي الى رفع الحــصار عنها لتتمكن من امداد صرب البوسنة بشكل أكثر فاعلية بغية القــضاء النــهائي على المسلمين . وعلى الجانب المقابل قالت الحــكومة البوســنية على لسان رئيـس الوزراء حارث سيلاجيـتش يوم الأحد 31-7-1994 »ان تحرك الدول الغربية الكبرى وروسـيا، لمعاقبة المتمردين الصرب على رفــضهم لأحدث خطة سلام يفتقر الى الفـعالية وينم عن التردد« . وقال رئيـس البوسـنة علي عزت بيكوفيتش:»ان بيان مجموعة الاتصال أكد وحدة أراضي البوسنة« . ولكنه انتقد القوى الكبرى »لعدم وضعها خطة لعمل عسكري اذا لم يبال الصرب بحظر تجاري أكثر صرامة من جانب الأمم المتحدة« وقال: »ان العقوبات الاقتصادية غامضة بطبيعتها، كما ان المهلة النهائية التي أعلنت لقبول الصرب مُددَّت مرتين مما يشير الى تردد خطير من جانب المجتمع الدولي« . وأضاف قائلاً:»لا أستطيع القول انني راضٍ تماماً عما حدث في جنيف لأن القرار أضعف مما توقعنا« . يتضح لنا من مجريات الأحداث في البوسنة والهرسك ان القوى الدولية الفاعلة ليست جادة في وضع حد للمأساة وانما هي معنية بتقديم الفرصة تلو الفرصة للصرب حتى يتمكنوا من ابتلاع أراضي المسلمين وتحويل السكان المسلمين الى مشردين في أرجاء العالم، وبعد القضاء عليهم يتم تبادل المواقع بين الصرب والكروات لتقوم صربيا الكبرى وكرواتيا الكبرى . وحين ذلك سيفيق العالم الاسلامي من غيبوبته بعد ضياع البوسنة والهرسك، وابتداء ضياع اجزاء أخرى من العالم الاسلامي . 10102 (الحياة، . . . . . . . . . . .عام (العنوان:مجموعة الاتصال الدولية تتلكأ باتخاذ قرارات انسانية ومصيرية


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16430898
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة