العنوان:جوانب من رحلة الشيخ عبدالغني النابلسي. الخليل في أواخر القرن السابع عشر) (الكاتب:محمود السيد الدغيم)(ت .م:27-04-1994)(ت .هـ:16-11-1414)(العدد 11393 ، (الصفحة:18) 

غادرت أسرة النابلسي قرية جمَّاعين من أعمال مدينة نابلس الفلسطينية، واستقر بها النوى في مدينة دمشق حيث سكنت في حي النوفرة قرب جامع بني أمية الكبير، وأصبحت تعرف بآل النابلسي نسبة الى نابلس مركز المنطقة . وانجبت الأسرة عدداً من العلماء نذكر منهم شيخ الاسلام اسماعيل بن احمد بن ابراهيم النابلسي (٧٣٩ - ٣٩٩هـ- ١٣٥١ - ٥٨٥١م، وهو جد والد عبدالغني النابلسي، وكان من مشاهير علماء دمشق الشام، وجد عبدالغني وهو عبدالغني بن اسماعيل بن احمد الذي ورث املاك والدته حنيفة بنت الشهابي (ت ٢٣٠١هـ- ٢٢٦١م،، واسماعيل بن عبدالغني النابلسي (٧١٠١ - ٢٦٠١هـ- ٩٠٦١ - ٢٥٦١م، وهو فقيه مُفسِّر مُحدّث، مولده ووفاته في دمشق وأخذ العلم عن علماء الشام ومصر واسطنبول، ودرَّس التفسير في الجامع الأموي، كما دَرَّس في مدرسة السلطان سليم خان في صالحية دمشق . نشأ عبدالغني بن اسماعيل بن عبدالغني بن اسماعيل بن احمد النابلسي في بيت من بيوت العلم الشامية العريقة، وذكر عمر رضا كحالة ٩٢ مؤلِّفاً - في معجم المؤلفين - ممن انتسبوا الى نابلس (النابلسي، . . وبعد تلقيه العلم في الشام رحل الى بغداد، ثم عاد الى دمشق ومنها كان سفره الى لبنان وفلسطين ومصر والحجاز . وكان في حلّه وترحاله متعلماً ومُعلماً، حيث اجاز واستجاز، ومن اجازاته ما أجازه للشيخ رضوان بن يوسف الصباغ - مفتي صيدا - وذكر من مؤلفاته في تلك الاجازة: ٨٥ كتاباً في فن الحقيقة الالهية، وتسعة كتب في الحديث النبوي، و٤١ كتاباً في العقائد، و٧٣ كتاباً في الفقه، وثلاثة كتب في فن التجويد، وأربعة كتب في فن التاريخ، و٨١ كتاباً في فن الأدب . وذكر خيرالدين الزركلي ان احمد خيري أخبره انه احصى للنابلسي ٣٢٢ مصنفاً (انظر الاعلام ج ٤- ص: ٢٣-٣٣، . وأورد عمر رضا كحالة أمساء العديد من مصنفات النابلسي، ومصادر ترجمته (انظر معجم المؤلفين ج٢- ص:٦٧١-٨٧١، الطبعة الحديثة الصادرة عن مؤسسة الرسالة في أربعة مجلدات فقط، . معظم مؤلفات عبدالغني النابلسي ما زال مخطوطاً، وذكر عبدالرحمن عبدالجبار في ذخائر التراث العربي الاسلامي ما طبع من آثار النابلسي لغاية سنة ٣٠٤١هـ- ٣٨٩١م، فبلغ عدد الآثار المطبوعة ٨١ كتاباً (انظر ذخائر التراث العربي الاسلامي، ج٢- ص: ٠٧٨-٢٧٨،، وبعد ذلك صدر للنابلسي ديوان شعر بعنوان »برج بابل وشدو البلابل« تحقيق احمد الجندي، واصدار دار المعرفة في دمشق سنة ٨٠٤١هـ- ٨٨٩١م . طبع من رحلات النابلسي »التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية« تحقيق هيربرت بوسه، ونشرها المعهد الألماني في بيروت سنة ٤٧٩١م، و»الحضرة الأنسية في الرحلة الحجازية« في القاهرة - مطبعة الاخلاص سنة ٢٠٩١م، و»حلة الذهب الابريز في الرحلة الى بعلبك والبقاع العزيز« نشرها الدكتور صلاح الدين المنجد في المعهد الالماني في بيروت سنة ٩٧٩١م، و»الرحلة الحجازية والرياض الأنسية في الحوادث والمسائل العلمية« في مصر (من دون تاريخ،، و»الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز« في دمشق سنة ١٨٨١ - ٢٨٨١م ثم في القاهرة سنة ٦٠٩١ - ٧٠٩١م ثم طبعته الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة ٦٨٩١م تقديم واعداد د . احمد عبدالمجيد هريدي . واقتصر ما قام به هريدي على مقدمة موجزة تقع في ثماني صفحات، تلتها قائمة المحتويات، ثم نشر النص المصور عن نسخة محفوظة في دار الكتب المصرية تحت رقم: ٤٤٣ جغرافيا، التي كتبها عبدالجليل بن مصطفى بن اسماعيل بن عبدالغني النابلسي - حفيد المؤلف - سنة ١٣٢١ هـ، وتقع في ١٩٤ صفحة . وتضمن الكتاب بعد مصورة الرحلة كشافات اعدتها السيدة نوال أحمد شاهين . وهكذا بقيت »الحقيقة والمجاز في الرحلة الى بلاد الشام ومصر والحجاز« بحاجة الى التحقيق، ومن الجدير بالذكر ان العلامة حمد الجاسر نشر من هذ الرحلة ما يخص المدينة المنورة في مجلة »العرب« سنة ٦٨٣١ - ٧٨٣١هـ، على تسع حلقات تحت عنوان »المدينة المنورة في مطلع القرن الثاني عشر كما يصفها النابلسي في رحلته« . بدأت هذه الرحلة يوم الخميس غرة المحرم سنة ٥٠١١هـ- ٢-٩-٣٩٦١م حيث زار المؤلف بعض المعالم الدمشقية ثم تابع الترحال فقضى في بلاد الشام ٩٩ يوماً حتى اشرف على حدود مصر الشرقية، ثم امضى في مصر ٣٨ يوماً، تلاها ٤٥ يوماً في الطريق من مصر الى الحجاز، وقضى في الحجاز ٩٠١ أيام، وأعقبها ٣٤ يوماً في طريق الاياب من الحجاز الى دمشق المحروسة . وهكذا استغرقت الرحلة ٨٨٣ يوماً . وكان آخرها »يوم السبت الخامس من صفر سنة ست ومئة وألف« من الهجرة النبوية .  الرحلة من القدس الى الخليل قال النابلسي:»ثم اصبحنا في يوم الخميس - الرابع والستون - سادس شهر ربيع الأول (سنة ٥٠١١هـ- ٥١-١١-٣٩٦١م، فعزمنا السير الى حبرون، وهي بلاد الخليل - لزيارة أنبياء الله الكرام، عليهم الصلاة والسلام - فركبنا نحن والأخوان، وسرنا، وسار معنا الشيخ محمد الدمياطي - المذكور سابقاً - والشيخ يحيى الدجاني، وغيرهما من الأعيان، وجماعات كثيرة من أهل المقدس وغيرهم من الأصحاب والمحبين ذوي الاذعان، فمررنا في الطريق على قبر راحيل - أم نبي الله يوسف عليه السلام - فوقفنا وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى احتراماً لذلك المقام، ثم سرنا في ذلك الطريق الوعر الذي كان سهلاً علينا مُتدانياً، حتى نظمنا في ذلك بعون الله تعالى هذا المواليا: وجدت في أرضكم وعر الفلا سهلا وكُلُّ صعبٍ رأيناهُ بكم سهلا يا سادةً ألف أهلاً لي بهم سهلا مَنْ جاءكم قَدّ تَسَمّى بينكم سهلا ولم نزل سائرين الى ان وصلنا الى البرك الثلاث، التي يجتمع فيها الماء من السيول والأمطار، ومن عين هناك صغيرة له انبعاث (…، ثم يجري ذلك الماء في طريق له بين تلك الجبال والأدوية - مغطى بالنيان عليه - وهناك قلعة لطيفة فيها بعض الناس كأنهم لذلك الماء - من العرب والفلاحين - بمنزلة الحراس، وانشينا عند ذلك فأنشدنا من النظام، على طريق التضمين في ذلك المقام: جَمَلُ الهمِّ قد بَرَك حين جئنا الى البركْ ولقد كان بيننا زائد الأنس مُشترك صادنا القربُ عندما وقع القلب في الشرك ثم بيني وبين ما عاقني كان معترك فاعراني النشاط بل للشَّوى ناظري ترك ثم انشدت قول من قال في الحبِّ فاحترك غابَ ورْدُ الرياض من ورد خدَّيك وانفرك فله الناس اثبتوا (ونفوا، الورد للكرك ثم سرنا حتى اشرفنا على بلاد الخليل عليه السلام، وأشرقت علينا هاتيك الأنوار، فقلنا من النظام، حيث تحركت فينا دواعي الشوق والغرام: بمقام الخليل من حبرون غلب الشوق، واعتراني شجوني وبدا النور ساطعاً من بعيدٍ دُهشت منه ناظرات العيون والفلا مشرقٌ بأرواح قومٍ جذبتنا لهم حسانُ الظنون فقطعنا لنحوهم كلَّ أرضٍ صعبة الوعر غبَّ غيثٍ هتونِ وطوينا مفاوزاً وقفاراً بخيول مضمرات البطون يا سقى الله أرض حبرى ودادي ذلك الشعب بغية المفتون ورعا ثمّ منزلاً ومقاماً لخليل الاله ذاك المصون وأبو الأنبياء والرسل من قد حرك الوجد في هواهم سكوني ساكني الغار يا أهيل غرامي يا جلاء الكرب للمخزون حبُّكم مذهبي، وخالص ديني واعتقادي وملتي، فاقبلوني هذه مُهجتي تَحِنُّ اليكم فعسى بالرضا تفكُّ رُهُوني انني العبد للغني وقصدي نفحة من رضاكم المكنون ثم قبل دخولنا الى البلد خرج أهلها الى لقائنا، منهم الشيخ احمد بن الزرو القادري، وأخوه الشيخ عمر، ومنهم الشيخ حسين من ذرية الامام الغزالي، وغيرهم من أهل تلك البلاد، فأول ما دخلنا الى مسجد الخليل - عليه السلام - ووقفنا عند مزاره نحن وأخواننا، وبقية الناس، وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى بما تيسر لنا من الدعاء، ثم زرنا زوجة الخليل - عليها السلام - في مزار قبالته، وزرنا قبر ابنه اسحاق الغيور، وقبر زوجة اسحاق في مقابلته، وأسمها:ليقة . وزرنا مقام آدم ابي البشر - عليه السلام - ثم ذهبنا في ذلك المسجد ايضاً فزرنا في رواقاته قبر يعقوب، وقبر زوجته في قبالته، وقبر ابنه يوسف - عليهم السلام - ثم وقفنا هناك، وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى . ثم خرجنا، فأنزلونا في الزاوية القادرية، وحضر عندنا في تلك الليلة جماعات القادرية، وعقدوا مجلس الذكر، على عادتهم، وصار وقتاً عظيماً، وحالاً جسيماً، وبتنا تلك الليلة في أكمل سرور، وأتم حبور، الى ان اصبح صباح يوم الجمعة - وهو اليوم الخامس والستون - سابع شهر ربيع الأول، ذهبنا الى زيارة الشيخ علي البكا - رحمه الله تعالى - فدخلنا الى مزاره في جامعة المعمور، وقرأنا له الفاتحة، ودعونا الله تعالى بما لنا ولاخواننا من مهمات الأمور (…، . ثم خرجنا وصعدنا الى مغارة الأربعين، وهناك شجرة كبيرة جداً، وتحتها صُفة مبنية، فجلسنا هناك حصة من الزمان، وجاؤوا لنا بما تيسر من الزاد فأكلنا، وشكرنا الله تعالى المنان، ثم حضرنا صلاة الجمعة في حرم الخليل - عليه السلام - وزرنا الأنبياء الكرام، بغاية الاجلال والاحترام (…، . ثم سرنا نحن والاخوان، وبقية من معنا من أهل القدس والخليل، من كل محب وخليل، الى زيارة مسجد اليقين، خارج بلاد حبرون، فسلكنا ذلك الطريق الوعر، وهاتيك الأماكن التي تسرح فيها العيون، حتى وصلنا الى مسجد اليقين، وزرنا فيه اقدام الأنبياء - عليهم السلام - وحصل لنا ان شاء الله تعالى كمال اليقين . وزرنا بنات لوط - عليه السلام - في غار هناك معروف، وفي المسجد قدم ابراهيم الخليل غايص في صخرة، بالبركة معروف (…، . ثم سرنا من ذلك المكان، نحن ومن معنا من الأصحاب والأخوان، الى ان وصلنا الى قرية كَفْر الْبَرِيْك فدخلنا الى ذلك الجامع، الذي هو بأنوار النبيين لامع، وزرنا قبر نبي الله لوط - عليه السلام - وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى مع غاية الاجلال والاحترام، وزرنا الغار الذي هناك في داخل الجامع، ويقال انه دُفن فيه أربعون نبياً - على حسب ما تلقته المسامع - وقد أكرمنا أهل تلك القرية، وأضافونا بما تيسر (…، . ثم توجهنا من ذلك المكان، بعد استيفاء الزيارة مع الأخوان، وسرنا حتى مررنا على قبر الولي الصالح المعروف بالشيخ ابراهيم الهدمة، على رأس جبل عال، ورأينا كوكب سرِّه متلال، فوقفنا وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى الكريم المتعالي، ثم لم نزل سائرين من غير تقصير الى ان وصلنا عشية النهار الى قرية سِيْعِيْر قرية من قرى بلاد الخليل فاصلة بين أرض الخليل وأرض بيت المقدس، فنزلنا هناك ودخلنا الى ذلك الجامع المبارك - بمعونة الله تعالى وتبارك - وزرنا فيه قبر العيص - أخي يعقوب، ابني اسحاق بن ابراهيم الخليل عليهم السلام - والعيص هذا: هو جدُّ الروم، هذا الجيل المعروف . قال الجوهري: هم من ولد الروم بن عيص . وقال الواحدي: هم جيل من ولد آدم بن عيص بن اسحاق عليه السلام، غلب عليهم فصار كالاسم للقبيلة، الى آخر ما ذكره (…، . ثم عدنا الى بلاد الخليل من غير ذلك الطريق، وقد نزل علينا مطر بالعشي، وهو بكل خير يُتأوّل، فنزلنا في مكاننا بالزاوية القادرية، وبتنا تلك الليلة في اكمل سرور على اتم حالة مرضية، حتى اصبح صباح يوم الأحد - السابع والستين - وهو تاسع شهر ربيع الأول، فصلينا صلاة الصبح بحرم ابراهيم الخليل - عليه السلام - وزرنا قبور أولائك الأنبياء الكرام . وودعناهم وسرنا على بركة الله تعالى، وخرج معنا اهل البلاد للوداع، حتى قرأنا الفاتحة ودعونا الله تعالى، وتفرق منا ذلك الاجتماع . ومررنا في الطريق على قبر نبي الله يونس - عليه السلام - في قرية حلحول، من قرى بلاد الخليل، فقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى، وبالقرب منه قبر والده مَتَّى، وقيل: ان متى اسم امه . قال الشيخ رضي الدين ابن أبي اللطف المقدسي - في شرح البردة النبوية - عند شرح قول الناظم نبذا به بعد تسبيحٍ ببطنهما نبْذَ المسبح من أحشاء ملتقم ومرقد يونس - عليه السلام - فيما اشتهر بقرية حلحول بالقرب من مدينة سيدنا الخليل - عليه السلام - وهو مكان مأنوس مشرق بالأنوار، وبالقرب منه قبر والده متى، ولأهل ديارنا فيه اعتقاد كبير حتى ان أعوام الناحية من ساير القرى اذا ارادوا تغليظ اليمين على أحد توجهوا به الى قبره فلا يتجاسر على الحلف ولو على القتل لما عُهد مراراً من اصابة البلاء لمن يحلف هناك كاذباً، نفعنا الله ببركاتهما آمين . - انتهى كلامه - ثم سرنا الى البرك، ونزلنا بقرب القلعة، وأكلنا ما تيسر معنا من الزاد على وجه السرعة، ثم سرنا الى ان  وصلنا الى قرية بيت لحم - من أعمال بيت المقدس - وزرنا هناك في تلك الكنيسة مولد عيسى - عليه السلام وموضع النخــــلة والمــــهد، تبركاً بآثار النبي المعصوم، وتيمناً بذلك العهد . (…، فلما اصبحنا يوم الاثنين - الثامن والستين - وهو عاشر شهر ربيع الأول (…، مدحنا جناب المولى الهمام حضرة عطــاء الله أفــــندي جوي زاده، القاضي بمدينة القدس الــــشريف، ودعــانا فذهبنا الى جنابه« .   7075 (الحياة، . . . . . . . . . . .عام (العنوان:جوانب من رحلة الشيخ عبدالغني النابلسي  . الخليل في أواخر القرن


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16407393
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة