خمائل الأشواق
شعر؛ د. محمود السيد الدغيم
الجمعة 26 – 09 – 2003م
لَعِبَ الْهَوَىْ بِخَمَاْئِلِ الأَشْوَاْقِ  =  فَتَعَلَّقَ الْعُشَّاْقُ بِالْعُشَّاْقِ

وَجَرَتْ بِأَنْهَاْرِ الْغَرَاْمِ مَحَبَّةٌ
وَسَقَتْ هَوَىً مِنْ أَدْمُعِ الآمَاْقِ

لَمْ أَدْرِ مَاْ طَعْمُ الْمَحَبَّةِ قَبْلَهَاْ
أَبَداً؛ وَ لاْ دَقَّقْتُ فِي الأَوْرَاْقِ

لَكِنَّنِيْ أَدْرَكْتُ أَخْطَاْرَ الْهَوَىْ
وَمَغَبَّةَ الْحِرْمَاْنِ؛ وَالإِرْهَاْقِ

وَغَرِقْتُ فِيْ بَحْرِ الْغَرَاْمِ؛ وَلَمْ أَكُنْ
طِفْلاً يَخَاْفُ عَوَاْقِبَ الإِغْرَاْقِ

وَحَسِبْتُ أَمْوَاْجَ الْغَرَاْمِ لَطِيْفَةً
وَجَهِلْتُ سَطْوَةَ سَيْفِهَا الْبَرَّاْقِ

وَظَنَنْتُ بَرْقَ الْحُبِّ بَرْقاً خُلَّباًّ
بَلْ نَاْفِعاً فِيْ لَيْلِنَا الْغَسَّاْقِ

وَعَلِمْتُ بَعْدَ تَجَاْرُبٍ؛ وَتَجَاْرُبٍ
أَنَّ الْغَرَاْمَ يُبَاْعُ فِي الأَسْوَاْقِ

فَإِذَاْ عَشِقْتَ؛ فَكُنْ لَبِيْباً؛ وَانْتَبِهْ
كَيْ لاْ تُسَاْقَ بِمَوْجَةِ الأَشْوَاْقِ

كَمْ سَاْقَتِ الأَمْوَاْجُ مِنْ صَبٍّ إِلَىْ
شَطِّ الْغِوَىْ، وَمَسَاْوِئِ الأَخْلاْقِ

وَأَضَاْعَتِ الأَمْجَاْدَ فِيْ بُلْدَاْنِنَاْ
بِالْمَسْخِ؛ وَالتَّزْوِيْرِ؛ وَالإِحْرَاْقِ

فَبَكَتْ - عَلَى الْمَجْدِ الْمُضَيَّعِ - أُمَّةٌ
عَرَبِيَّةٌ سَاْمِيَّةُ الأَعْرَاْقِ

وَتَحَيَّرَتْ - فِيْ أَمْرِهَاْ - نِسْوَاْنُهَاْ
مِنْ كَثْرَةِ الإِذْلاْلِ؛ وَالإِمْلاْقِ

وَتَحَكَّمَ الْجُهَلاْءُ فِيْ عُقَلاْئِهَاْ
جَهْراً بِدَاْرِ مَذَلَّةٍ وَنِفَاْقِ

دَاْسُوْا عَلَى الدُّسْتُوْرِ فِيْ دِيْوَاْنِهِمْ
وَاسْتَهْتَرُوْا بِوَثِيْقَةِ الْمِيْثَاْقِ

وَتَصَوَّرُوْا: أَنَّ التَّسَلُّطَ نِعْمَةٌ
مَوْهُوْبَةٌ مِنْ قَاْسِمِ الأَرْزَاْقِ

حَتَّىْ إِذَاْ مَاْلَتْ قَوَاْعِدُ ظُلْمِهِمْ
سَقَطُوْا مِنَ الأَعْلَىْ؛ إِلَى الأَعْمَاْقِ

وَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاْءَ شَعْبٌ صَاْبِرٌ
وَمُشَرَّدٌ فِيْ مُعْظَمِ الآفَاْقِ

وَتَحَرَّرَ الْعُلَمَاْءُ مِنْ قَمْعٍ؛ وَمِنْ
ذُلٍّ يُكَرِّسُ حَاْلَةَ الإِخْفَاْقِ

وَنَمَتْ غُصُوْنُ الْعِلْمِ بَعْدَ جَفَاْفِهَاْ
وَحَرِيْقِهَاْ؛ وَتَسَاْقُطِ الأَوْرَاْقِ

ثُمَّ اسْتَعَاْدَ الشَّعْبُ مَجْداً غَاْبِرًا
مِنْ عُصْبَةِ الأَنْذَاْلِ؛ والسُّرَّاْقِ

وَمَشَىْ عَلَىْ دَرْبِ الأَعِزَّةِ  بَعْدَمَاْ
كُسِرَتْ قُيُوْدُ الذُّلِّ؛ وَالأَطْوَاْقِ

وَأَعَاْدَ مَجْدًا  يُفْتَدَىْ بِكِفَاْحِهِ
وَنِضَاْلِهِ - بِمَشِيْئَةِ الْخَلاَّقِ

فَأَتَى الرَّبِيْعُ بِزَهْرِهِ، وَعَبِيْرِهِ
وَطُيُوْرِهِ؛ وَبِمَاْئِهِ الدَّفَّاْقِ

وَاسْتَنْفَرَ الْعُشَّاْقَ بَعْدَ سُبَاْتِهِمْ
وَهُجُوْعِهِمْ فِيْ عَتْمَةِ الأَنْفَاْقِ

وَتَحَرَّرَتْ أَرْوَاْحُهُمْ؛ وَتَعَاْنَقَتْ
وَتَلاْقَتِ الأَحْدَاْقُ بِالأَحْدَاْقِ

وَأَنَاْرَتِ الْحُبَّ الْعَفِيْفَ بُدُوْرُهُ
وَشُمُوْسُهُ بِأَشِعَةِ الإِشْرَاْقِ

فَسَعَى الْمُحِبُّ إِلَىْ لِقَاْءِ حَبِيْبِةٍ
غَرِقَتْ بِبَحْرِ مَحَبَّةٍ؛ وَفِرَاْقِ

وَاسْتَرْجَعَ الْعُشَّاْقُ عِشْقاً ضَاْئِعاً
مِنْ قَبْضَةِ التَّعْذِيْبِ وَالإِصْعَاْقِ

وَأَتَىْ الرَّبِيْعُ لِكَيْ يُبَاْرِكَ عِشْقَهُمْ
بِنَبَاْتِهِ وَبِمَاْئِهِ الرَّقْرَاْقِ

فَأَعَاْدَ لِلْعُرْسِ الْمُضَيَّعِ بَهْجَةً
نَطَقَتْ بِحُبٍّ ضِمْنَ كُلِّ نِطَاْقِ

 القصيدة من البحر الكامل