قصيدة : لُجَّةُ الأَحْزَاْن
شعر؛ د. محمود السيد الدغيم
الجمعة 2 تموز / يوليو 1999 م
نَاْدَيْتُ ـ فِيْ لُجَّةِ الأَحْزَاِْنِ ـ مِنْ ضَجَرِيْ: = يَاْ عَيْنُ! يَاْلَيْلُ! يَاْ عَفْرَاْءُ! يَاْ قَمَرِيْ
يَاْ نَجْمَةَ الصُّبْحِ فِيْ لَيْلِ الْغَرِيْبِ إِذَاْ
ضَجَّ الْحَنِيْنُ؛ وَنَاْحَ الْقَلْبُ فِي السَّحَرِ
يَاْ نُوْرَ عَيْنِيْ؛ و يَاْ رُوْحِيْ؛ وَيَاْ أَمَلِيْ
مَاْ لِيْ سِوَاْكِ ـ بِهَذَا الْكَوْنِ ـ مِنْ بَصَرِ
قَدْ كُنْتُ فِيْ غُرْبَةٍ حَتَّىْ إِذَاْ بَزَغَتْ
شَمْسُ الْمَحَبَّةِ ـ مِنْ عَيْنَيْكِ ـ فَيْ سَفَرِيْ
تَلأْلأَ الْكَوْنُ بِالأَنْوَاْرِ؛ وَارْتَحَلَتْ
عَنِي الْهُمُوْمُ؛ بُعَيْدَ النَّوْحِ؛ وَالسَّهَرِ
فَأَنْتِ ـ دُوْنِ بَنَاْتِ الْحُبِّ ـ لِيْ أَمَلٌ
وَأَنْتِ أَعْشَقُ مِنْ قَيْسٍ، وَمِنْ مُضَرِ
يَاْ نَسْمَةَ الْفَجْرِ ـ فِيْ لَيْلِ الْمَشِيْبِ ـ وَيَاْ
لَحْنَ الْقُلُوْبِ، وَيَاْ لُطْفاً مِنَ الْقَدَرِ
هَلْ أَنْتِ مَاْ أَنْتِ؟ أَمْ وَهْمٌ يُضَلِّلُنِيْ
وَالْوَهْمُ يَعْبِثُ بِالأَفْكَاْرِ فِي الْكِبَرِ
أَنْتِ الْفَنَاْرُ ـ عَلَىْ الشُّطْآنِ ـ يُرْشِدُنِيْ
حَتَّىْ أَجِيْءَ ـ إِلَى الْمَعْشُوْقِ ـ فِي الْجُزُرِ
نُوْرٌ أَنَاْرَ دُرُوْباً بَعْدَ ظُلْمَتِهَاْ
فَلَمْ أَحِدْ لَحْظَةَ الرَّوْحَاْتِ؛ وَالبُكَرِ
فَأَنْتِ سَمْتُ فُؤَاْدِيْ حَيْثُ مَاْ ارْتَحَلَتْ
قَوَاْفِلُ الْعِشْقِ مِنْ بَدْوٍ؛ وَمِنْ حَضَرِِ
يَشُدُّنِي الْحُبُّ؛ وَالآمَاْلُ تُرْشِدُنِيْ
حَتَّى أَرُوْحَ إِلَى الْجَنَّاْتِ مِنْ سَقَرِ
يَاْ جَنَّةَ الْقَلْبِ! إِنَّ الْقَلْبَ مُحْتَرِقٌ
شَوْقاً إِلَيْكِ، وَ لَيْسَ الشَّوْقُ مِنْ وَطَرِيْ
قَدْ كُنْتُ أَصْلَبَ مِنْ صَوَّاْنِ بَلْدَتِنَاْ
كَأَنَّمَاْ كَاْنَ لِيْ قَلْبٌ مِنَ الْحَجَرِ
فَكَمْ سَرَيْتُ؛ وَ لَمْ أَعْبَأْ بِعَاْشِقَةٍ
نَاْحَتْ نُوَاْحاً يُحَاْكِيْ رَنَّةَ الْوَتَرِ
وَمَا الْتَفَتُّ إِلَىْ أُمٍّ؛ وَلاْ وَلَدٍ
وَلاْ لَهَوْتُ مَعَ الأَتْرَاْبِ فِيْ صِغَرِيْ
صَمَدْتُ كَالصَّخْرِ؛ لاْ أَلْوِيْ عَلَىْ أَحَدٍ
حَتَّىْ ظَهَرْتِ؛ فَجَدَّ الْحُبُّ فِيْ أَثَرِيْ
وَصَاْرَ نَوْمِيْ كَنَوْمِ الطَّيْرِ فِيْ سَفَرٍ
أَغْفُوْ؛ فَأَصْحُوْ عَلَىْ الأَحْلاْمِ، وَالْعِبَرِ
فَكَمْ غَفَوْتُ؛ وَدَمْعُ الْعَيْنِ أَيْقَظَنِيْ
وَصِرْتُ أَشْعُرُ أَنَّ الدَّمْعَ كَالإِبَرِ
يُقَرِّحُ الدَّمْعُ أَجْفَاْناً، وَيُؤْلِمُنِيْ
فَالْجَفْنُ لِلْجَفْنِ؛ وَالأَحْدَاْقُ لِلْحَوَرِ
وَالْقَلْبُ لِلْقَلْبِ مَشْدُوْدٌ بِلاْ وَتَرٍ
يُضَلِّلُ الْعَقْلَ بِالأَلْوَاْنِ؛ وَالصُّوَرِ
تَشُدُّهُ الْغَاْدَةُ النَّجْلاْءُ؛ تَأْسُرُهُ
أَسْراً، وَبِاللَّحْظِ تُزْرِيْ هَاْلَةَ الْقَمَرِ
خَوْدٌ؛ رَدَاْحٌ؛ كَغُصْنِ الْبَاْنِ قَاْمَتُهَاْ
أَرْنُوْ لِمَاْ بَاْنِ فَوْقَ الْغُصْنِ مِنْ ثَمَرِ
وَأُغْضِبُ الْعَقْلَ أَحْيَاْناً؛ فَيَزْجُرُنِيْ
وَأَزْدَرِيْهِ؛ وَلاْ أُصْغِيْ لِمُزْدَجِرِ
فَلِيْ فُؤَاْدٌ أَسِيْرٌ؛ ضَمَّهُ قَفَصٌ
ـ مِنْ حُبِّ عَفْرَاْءَ ـ يَسْتَعْصِيْ عَلَى الْخَدَرِ
قَلْبٌ أَسِيْرٌ، وَعَقْلٌ لَيْسَ يُنْقِذُهُ
شَيْءٌ؛ وَأَحْلُمُ؛ يَاْ عَفْرَاْءُ بِالظَّفَرِ
وَالْبَيْتُ صِفْرٌ ـ مِنَ الأَحْبَاْبِ ـ فِيْ رَجَبٍ
وَفِي الْمُحَرَّمِ مَحْرُوْمٌ؛ وَفِيْ صَفَرِ
يَاْ فِتْنَتِيْ!! إِنَّنِيْ مَاْضٍ إِلَىْ قَدَرِيْ
رَاْضٍ بِمَاْ فِيْ قَضَاْءِ اللهِ؛ وَالْقَدَرِ
أَدْعُوْ إِلَى اللهِ أَنْ تَنْحَلَّ مُعْضِلَةٌ
صِيْغَتْ مِنَ الظُّلْمِ؛ وَ الْحِرْمَاْنِ؛ وَالْكَدَرِ
وَنَلْتَقِيْ ـ بَعْدَ مَاْ شَطَّ الْمَزَاْرُ بِنَاْ ـ
كَيْ يُخْصِبَ الْحَرْثُ ـ يَاْ عَفْرَاْءُ ـ بِالْمَطَرِ
وَيَعْلَمَ النَّاْسُ أَنَّ الْحُبَّ لَيْ وَطَنٌ
وَإِنْ يُفَاْخَرْ!! فَفِيْ عَفْرَاْءَ مُفْتَخَرِيْ
هِيَ النَّعِيْمُ لِقَلْبٍ لاْ يَزَاْلُ عَلَىْ
عَهْدِ الْمَحَبَّةِ؛ وَالإِخْلاْصِ؛ وَالذِّكَرِ
حَلَّتْ مَحَبَّتُهَاْ فِيْ كُلِّ جَاْرِحَةٍ
مِنَ الْجَوَاْرِحِ؛ وَالإِدْرَاْكِ؛ وَالْغِرَرِ
أَحْبَبْتُ عَفْرَاْءَ؛ وَاسْتَحْسَنْتُ مَا امْتَلَكَتْ
مِنَ الْمَحَاْسِنِ؛ وَالإِغْرَاْءِ؛ وَالْخَفَرِ
أُعِيْذُ عَفْرَاْءَ مِنْ جِنٍّ، وَمِنْ بَشَرٍ
إِنْ وَسْوَسَ الْخَاْنِسُ الشَّيْطَاْنُ لِلْبَشَرِ
وَأَبْتَغِي الْقُرْبَ مِنْ عَفْرَاْءَ فَاْتِنَتِيْ
كَيْ تَجْبُرَ الْخَاْطِرَ الْمَكْسُوْرَ بِالدُّرَرِ
وَتَصْطَفِيْنِيْ حَبِيْباً كَيْ أُبَاْدِلَهَاْ
حُباًّ بِحُبٍّ بِلاْ طُوْلٍ؛ وَلاْ قِصَرِ
نَطُوْفُ بِالْبَيْتِ؛ لاْ نَلْوِيْ عَلَىْ أَحَدٍ
مِنَ الْحَجِيْجِ، وَلاْ نَدْرِيْ بِمُعْتَمِرِ
نُسَبِّحُ اللهَ؛ جَلَّ اللهُ رَاْزِقُنَاْ
حُباًّ تَحَصَّنَ بِالآيَاْتِ؛ وَالسُّوَرِ
حُوْرِيَّةُ الْحُوْرِ إِنْ قَاْمَتْ؛ وَإِنْ جَلَسَتْ
فَوْقَ الأَرَاْئِكِ، وَالسَّجَّاْدِ؛ وَالسُّرُرِ
كَأَنَّهَا النُّوْرُ فِيْ لَيْلِ الْغَرِيْبِ إِذَاْ
شَطَّ الْمَزَاْرُ؛ وَجَاْدَ النَّاْسُ بِالضَّرَرِ
تُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ آلامِ غُرْبَتِهِ
وَتَمْنَحُ النَّصْرَ؛ إِخْلاْصاً لِمُنْتَصِرِ
فَأَصْطَفِيْهَا؛ وَأَحْيَاْ فِيْ مَحَبَّتِهَاْ
وَلاْ أَمِيْلُ إِلَى النُّسْوَاْنِ فِيْ الخُمُرِ
حَصَّنْتُ عَفْرَاْءَ مِنْ عَذْلٍ؛ وَمِنْ حَسَدٍ
بِسُوْرَةِ النَّاْسِ؛ وَالإِخْلاْصِ؛ وَالزُّمَرِ
كَيْ يَحْفَظَ اللهُ عَفْرَاْءَ الَّتِيْ سَلَبَتْ
عَقْلِيْ؛ فَنَاْجَيْتُ أَطْيَاْراً عَلَى الشَّجَرِ
كَأَنَّنِيْ بُلْبُلُ الْعُشَّاْقِ فِيْ زَمَنٍ
يُسَلِّمُ الشِّعْرَ لِلإِفْرَنْجِ؛ وَالْخَزَرِ
وَحُبُّ عَفْرَاْءَ ـ إِنْ جَاْمَلْتُ ـ يَعْصِمُنِيْ
عَنِ التَّهَالُكِ بَيْنَ الْبِيْضِ، وَالسُّمُرِ
أَسْمُوْ؛ وَأُقْدِمُ؛ وَالآمَاْلُ تَسْكُنُنِيْ
ـ فِيْ كُلِّ جَاْرِحَةٍ ـ مِنْ ذِكْرِهَا الْعَطِرِ
كَأَنَّهَاْ شَاْطِئُ الْمَعْمُوْرِ فِيْ عُمُرِيْ
تُحَصِّنُ الْقَلْبَ مِنْ هَمٍّ، وَمِنْ ضَجَرِ
تَرْعَىْ الْغَرَاْمَ؛ وَأَرْعَىْ مَاْ قَطَعْتُ لَهَاْ
مِنْ صَاْدِقِ الْوَعْدِ قُرْبَ الْبَيْتِ فِي الصِّيَرِ
حَتَّىْ نُسِطِّرَ لِلْعُشَّاْقِ مَلْحَمَةً
تَبْقَىْ مَدَى الدَّهْرِ نِبْرَاْساً لِمُعْتَبِرِ
الأبيات من البحر البسيط.