للتحميل : كتاب ،الأخبار الطوال
تأليف أبو حنيفة الدينوري ، الفيلسوف الفلكي الشعوبي الفارسي الباطني
تنبيه قبل القراءة، يرجى الانتباه إلى باطنية المؤلف وشعوبيته حيث يدس بعض الروايات الباطنية، كما يورد روايات تثبت خياناتهم، مثل روايته حول مقتل مسلم بن عقيل الذي خانوه، وتخاذلوا عن نصرته بل سلموه إلى عبيد الله بن زياد


رابط تحميل الكتاب

اضغط icon Dinawari-al-Akhbar-al-Tiwal.zip (287.63 KB)  هنا

*******
أول طبعة صدرت عن بريل سنة 1888م، واعتنى به المستشرقون. وطبعة كراتشكوفسكي سنة 1912م،
ثم صدرت من الكتاب طبعة سنة 1960م في مصر عن دار إحياء الكتب العربية – عيسى البابي الحلبي وشركاه، وعن دائرة الثقافة والارشاد القومي – الجمهورية العربية المتحدة -  الإقليم الجنوبي.  مراجعة الدكتور جمال الدين الشيال، وتحقيق عبد المنعم عامر
وأعادت طباعة الكتاب عدة مرات منشورات الشريف الرضي في إيران، ووزعته السفارت والمراكز الثقافية الإيرانية على روادها. وتقع الطبعة في 468 صفحة. ما عدا المقدمة
قال الزركلي في كتاب الأعلام:  الدِّيَنَوري (00- 282 هـ/ 00- 895 م) أحمد بن داود بن ونند (بفتح الواو والنون الاولى وسكون النون الثانية) الدينوري، ابو حنيفة: مهندس مؤرخ نباتي، من نوابغ الدهر.قال ((الزنديق)) ابو حيان التوحيدي: جمع بين حكمة الفلاسفة وبيان العرب. له تصانيف نافعة، منها "الاخبار الطوال-ط" مختصر في التاريخ، و "الانواء " كبير و "النبات -خ" المجلد الخامس منه، وهو من اجل كتبه، و "تفسير القرآن " ثلاثة عشر مجلداً، و " ما تلحن فيه العامة" و " الشعر والشعراء" و "الفصاحة" و " البحث في حساب الهند" و "الجبر والمقابلة " و " البلدان " و "اصلاح المنطق" وللمؤرخين ثناء كبير عليه وعلى كتبه.
********
أبو حنيفة الدينوري هو العلامة ذو الفنون أحمد بن داود بن وتند الدينوري النحوي ، كان لغوياً مهندساً منجماً حاسباً. أخذ عن البصريين والكوفيين وأكثر أخذه عن ابن السكيت ، مات سنة 282هـ. ولم أقف على تاريخ مولده أو عمره ، له من المؤلفات كتاب النبات وقد أثنى عليه العلماء بسببه ، وكتاب الأنواء ، وكتاب الجبر والمقابلة ، وكتاب القبلة والزوال ، وكتاب الأخبار الطوال ، وكتاب الشعر والشعراء ، وكتاب ما يلحن فيه العامة.
قال ابن النديم : ثقة فيما يرويه ويحكيه. وقال أبو حيان : أبو حنيفة الدينوري من نوادر الرجال جمع بين حكمة الفلاسفة وبيان العرب ، له في كل فن ساق وقدم ، ورواء وحكم. وقال الذهبي : صدوق ، كبير الدائرة ، طويل الباع ، ألف في النحو واللغة والهندسة والهيئة وأشياء ، فهو واسع الثقافة مشارك في كثير من العلوم حتى عده بعضهم من كبار علماء المذهب الحنفي.
ومن خلال قراءتي لكتابه (الأخبار الطوال) تبين أنه تنزعه عرق فارسية مع ميول شيعية.
منهجه في كتابه الأخبار الطوال :
يبدأ كتاب الأخبار الطوال بالحديث عن أولا آدم عليه السلام وأنهم تفرقوا في الأرض بعد أن كثروا ووقع بينهم التنازع ، ثم يذكر الأنبياء إلى إسماعيل عليه السلام ، بإشارات موجزة ، ثم يدخل في التاريخ الإسلامي الفارسي ، فيؤرخ لملوكهم ويذكر من كان يعاصرهم في جزيرة العرب ، وفي بلاد الروم خاصة الإسكندر الروماني ، ويسترسل في التاريخ الفارسي ويورد معلومات مفصلة وواسعة عن التاريخ الفارسي إذا قورنت مع ما يورده بقية المؤرخين المسلمين ، وهو يذكر لنا تاريخ المناطق المجاورة من خلال هذا التاريخ ، ويشير إشارة موجزة في أسطر إلى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعثته وعدد سنوات لبثه في مكة والمدينة ثم وفاته.
ثم لا يذكر شيئاً من تاريخ الخلفاء الراشدين ، ولا الأحداث الداخلية في جزيرة العرب مثل حروب الردة ، وإنما يذكر الفتوحات الإسلامية في بلاد فارس دون غيرها من الفتوحات في الشام ومصر والمغرب ، ويتتبع الأحداث في بلاد الفرس حتى سقوط آخر ملوكهم (يزدجرد) ومقتله في سنة 30هـ.
وبعد ذلك يلتفت للأحداث والفتن المؤلمة التي وقعت بين المسلمين ، فيتتبعها بنفس طويل ، وتفصيل عجيب ، فيذكر مقتل عثمان ، وبيعة علي بن أبي طالب في إشارة موجزة ، ثم يفصل في معركة الجمل ، وصفين ، وظهور الخوارج ، ومقتل علي على أيديهم ، وبيعة الحسن ، ومقتل الحسن ، ويفصل في ذلك تفصيلاً دقيقاً .
ثم يتعرض للحديث عن دعوة عبد الله بن الزبير ، وفتنة المختار بن أبي عبيد ، وثورة ابن الأشعث ، وثورات الخوارج المتعددة ، ودور المهلب بن أبي صفرة في حربهم ، ويذكر الخلفاء الأمويين من خلال الأحداث الداخلية في الدولة الإسلامية ، ثم يؤرخ لظهور الدعوة العباسية وتعاظمها حتى سقوط الدولة الأموية ، ثم يؤرخ للخلفاء العباسيين حتى وفاة المعتصم بن الرشيد سنة 227هـ ، ويقف عند هذا التاريخ مع أنه قد عاش إلى سنة 282هـ .
وموارد أبي حنيفة الدينوري في كتابه هذا غير واضحة كثيراً لأنه لا يستعمل الإسناد ، ولا ينص على غالب مصادره ، وإنما قال في أول كتابه ، وجدت في كتب أهل العلم بالأخبار الأولى. ثم يسرد الكتاب في أسلوب قصصي متماسك وعبارة واضحة. وعند بداية كل موضوع جديد يستعمل كلمة ( قالوا) أي أهل العلم اللذين وجد هذه الأخبار في كتبهم.
وأشار إشارات بسيطة إلى أسماء بعض من أخذ عنهم ، فأشار إلى عبيد بن شرية الجرهمي ، صاحب كتاب الملوك وأخبار الماضين بقوله : (وذكر عن ابن الشرية) ، وأشار إلى عالم نسابة هو ابن الكيس النمري. بقوله: ( وذكر عن ابن الكيس النمري أنه قال) كما نقل عن الكلبي ، وعن الأصمعي ، وعن الشعبي وأكثر من صرح بالنقل عنه الهيثم بن عدي ، فقد صرح باسمه في عشرة مواضع وتعليقاته على الأخبار التي يسوقها قليلة جداً وترجيحه وموازنته بين الأخبار معدوم .
وهو يكتفي بذكر رواية واحدة يختارها ولا يشير إلى خلافها ، ولذلك وقع في بعض الأخطاء مثل قوله : (إن الإسكندر الروماني هو ذو القرنين الرجل الصالح الذي ذكر الله قصته في القرآن الكريم ، ومثل قوله : إن شعيباً صاحب موسى هو شعيب النبي ، ولم يذكر الخلاف في ذلك مع أن الراجح تغاير شخصيتيهما ، وكذلك قوله : إن الذي صلبه اليهود والقي شبه عيسى عليه هو يحيى بن زكريا النبي ).
وبعض الأخبار يجتزؤها ثم يقول : إن ذلك حديث مشهور ، وفي أخبار الأنبياء ، يحيل على الآيات القرآنية ولا يورد نصها ويستشهد بالأشعار كثيراً.
ويذكر في بعض السنوات أسماء من توفي فيها ، وفي خلافه هارون الرشيد ، خرج على القاعدة التي سار عليها في ترتيب كتابه ، فساق أحداث خلافته على أساس الترتيب الحولي ، فيذكر ما صار في كل سنة ، ويحدد غالباً عندما يذكر وفاة أحمد الخلفاء ، وخاصة العباسيين مدة خلافته ، وتاريخ ولادته وعمره.
وطريقة الدينوري هي انتقاء بعض الأحداث ، وبعض الروايات التي تخدم اتجاهه ، والتركيز عليها ومتابعتها حتى تنتهي ، وخاصة في تاريخ الدولة الإسلامية ، ولذلك سمى كتابه الأخبار الطوال ، فهو مجموعة أخبار منتقاة لا تاريخ شامل ، كما أنه يمثل الأخباريين الذين يكثر في كلامهم الخلط والتزيد على أصول الحوادث والأخبار مع عدم تحقيق أو ذكر الإسناد على الأقل ، لتتضح الرؤية للناقد والمحقق بعدهم.
والذي ينظر للتاريخ الإسلامي من خلال كتاب الأخبار الطوال لا يجد إلا صورة قاتمة من الصراع الداخلي، والتطاحن على الملك ، والعصبية ، ولا نتهم الدينوري باختراع الأخبار من عند نفسه ، لكن طريقة العرض والانتقاء كان لها الدور في رسم مثل هذه الصورة.
وكتاب الأخبار الطوال للدينوري غير واضح التأثير في الكتابة التاريخية لاقتصاره على اتجاه واحد هو الاتجاه الشعوبي ، كما أن المؤرخين من بعده لم يحلوه بمنزلة رفيعة ، كما فعلوا بتاريخ خياط ، رغم وجازته واختصاره ، أو تاريخ أبي جعفر الطبري ، لذلك نجد الاقتباسات عنه في المصادر المتأخرة قليلة.
منهج كتابة التاريخ الإسلامي ، للدكتور محمد بن صامل السلمي ، ص 516
***********
بداية كتاب الأخبار الطوال
بسم الله الرحمن الرحيم
فوضت أمري إلى الله
أولاد آدم
قال أبو حنيفة، أحمد بن داود الدينوري رحمه الله، وجدت فيما كتب أهل العلم بالأخبار الأولى، أن آدم عليه السلام كان مسكنه الحرم، وأن ولده كثروا في زمان مهليل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم؛ وكان سيد ولد آدم في دهره، والقائم بأمره، وكذلك كان آباؤه إلى آدم عليهم السلام أجمعين، ووقع بينهم التنازع في الأوطان، ففرقهم مهليل في مهب الرياح الأربع، وخص ولد شيث بأفضل الأرض، فأسكنهم العراق.
إدريس ونوح
وكان أول نبي بعد شيث إدريس، واسمه أخنوخ بن يرد بن مهليل، وسمي إدريس، لكثرة دراسته، ثم بعث الله نوحاً عليه السلام إلى أهل عصره، وكان مسكنه بأرض العراق، وهو نوح بن لمك بن متوشلح، فكذبوه، فأغرقهم الله، ونجى نوحاً ومن كان معه في السفينة، وكان جنوح السفينة واستقرارها على رأس الجودى، جبل بقردى وبازبدى من أرض الجزيرة، فلما مات نوح استخلف ابنه ساما، فكان أول من وطد السلطان، وأقام منار الملك بعد سام جم ابن ويرنجهان بن إيران، وهو أرفخشذ بن سام بن نوح، وأعقم الله جميع من نجى مع نوح في السفينة إلا بنيه الثلاثة، ساما وحاما ويافثا. وكان لنوح ابن رابع اسمه يام، وهو الغريق، ولم يكن له عقب؛ وأما الثلاثة فكلهم أعقب.
وكان سام هو المتولي لأمر نوح من بعده، وكان يشتو بأرض جوخى ويصيف بالموصل، وكان طريقه في مبدئه ومنصرفه على شط دجلة من الجانب الشرقي، فسمي لذلك سام واه، وهو الذي تسميه العجم إيران، وقد كان تبوأ أرض العراق، واختصها لنفسه، فسمي إيران شهر، وقام بالأمر بعد ابنه شالخ، فلما حضرته الوفاة أسند الأمر إلى ابن أخيه جم بن ويرنجهان بن أرفخشذ فثبت أساس الملك، ووطد أركانه وبنى معالمه، واتخذ يوم النيروز عيدا.
اختلاف الألسن
قالوا: وفي زمان جم تبلبلت الألسن ببابل. وذلك أن ولد نوح كثروا بها، فشحنت بهم، وكان كلام الجميع السريانية، وهي لغة نوح، فأصبحوا ذات يوم، وقد تبلبلت ألسنتهم، وتغيرت ألفاظهم، وماج بعضهم في بعض، فتكلمت كل فرقة منهم باللسان الذي عليه أعقابهم إلى اليوم، فخرجوا من أرض بابل، وتفرقت كل فرقة جهة، وكان أول من خرج منهم ولد يافث بن نوح، وكانوا سبعة إخوة: الترك، والخزر، وصقلاب، وتاريس، ومنسك، وكمارى، والصين. فأخذوا ما بين المشرق والشمال، ثم سار بعدهم ولد حام بن نوح، وكانوا أيضاً سبعة إخوة: السند والهند والزنج والقبط وحبش ونوبة وكنعان؛ فأخذوا ما بين الجنوب والدبور، وأقام ولد سام بن نوح مع ابن عمهم جم الملك بأرض بابل على تغير ألفاظهم.
الساميون
وكان لسام بن نوح خمسة بنين: إرم وكان أكبرهم سنا، وأرفخشذ، وعالم، وأليفر، والأسور، فخص ولد إرم باللسان العربي عند تبلبل الألسن، وكانوا أيضاً سبعة إخوة: عاد، وثمود، وصحار، وطسم، وجديس، وجاسم، ووبار؛ فارتحل عاد مع من تبعه حتى حل بأرض اليمن؛ ونزل ثمود بن إرم ما بين الحجاز إلى الشام؛ ونزل طسم بن إرم عمان والبحرين، ونزل جديس بن إرم اليمامة، ونزل صحار ما بين الطائف إلى جبلي طيء، ونزل جاسم ما بين الحرم إلى سفوان، ونزل وبار بن إرم ما وراء الرمل بالبلاد التي تعرف بوبار، وهؤلاء العرب الأولى انقرضوا عن آخرهم.
قالوا: ولما خرج هؤلاء تحركت قلوب سائر ولد نوح للخروج من بابل، فخرج خراسان بن عالم بن سام، فاتخذ خراسان خطة، وفارس بن الأسور بن سام، والروم بن اليفر بن سام، وإرمين بن نورج بن سام، وهو صاحب إرمينية، وكرمان بن تارح بن سام، وهيطل بن عالم بن سام، وولده من وراء نهر بلخ، وتسمى بلاد الهياطلة؛ ونزل كل رجل منهم مع ولده في الأرض التي سميت به، ونسبت إليه، فلم يبق مع الملك جم بأرض بابل إلا ولد أرفخشذ بن سام.
  قالوا: ولما كثرت عاد باليمن تجبروا وعتوا، وعليهم شديد بن عمليق بن عاد بن إرم بن سام بن نوح، فوجه إلى ولد سام ابن أخيه الضحاك بن علوان بن عمليق بن عاد، وهو الذي تسميه العجم بيوراسف، فصار إلى أرض بابل، وهرب منه جم الملك، فطلبه الضحاك حتى ظفر به، فأخذه، وأشره بميشار، فاستولى على ملكه. وكان الذي وجه إلى ولد حام بن نوح ابن عمه الوليد بن الريان بن عاد بن إرم، وكان ملكهم يومئذ مصر بن القبط بن حام الذي تبوأ أرض مصر، فسار إليه الوليد بن الريان حتى قتله، واستولى على ملكه.
ومن ولد الوليد بن الريان الريان بن الوليد عزيز مصر، صاحب يوسف عليه السلام، ومن ولدهما الوليد بن مصعب فرعون موسى عليه السلام، وكان جالوت الجبار الذي قتله داود النبي من ولد الوليد بن الريان.
وكان الذي وجه شديد بن عمليق إلى ولد يافث بن نوح ابن أخيه غانم بن علوان أخو الضحاك بن علوان، وكان ملك ولد يافث بن نوح يومئذ فراسياب بن توذل بن الترك بن يافث بن نوح، فغلب على ملكه أيضاً، واستولى على أرضه، ومن ولد غانم بن علوان فيما يقال فؤر ملك الهند الذي قتله الإسكندر مبارزة، ويقال إن رستم الشديد من ولد غانم.
الضحاك