محمود السيد الدغيم
باحث أكاديمي سوري مقيم في لندن
1
اليُونِيني البعلبكي
هو المؤرخ العلامة موسى بن محمد بن أبي الحسين أحمد اليُونيني البعلبكي الأصل الْحُسيني الهاشمي القرشي، ويتصل نسبه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد ولد وتوفى بمدينة دمشق. وصار شيخ بعلبك بعد وفاة أخيه علي. وكان فاضلاً مليح المحاضرة، معظماً جليلاً. وقد قال عنه الصفدي في كتاب أعيان العصر وأعوان النصر: موسى بن محمد، الشيخ الفاضل المؤرخ المعمّر المسند بقية المشايخ، قطب الدين أبو الفتح ابن شيخ مذهبه أبي عبد الله اليونيني البعلبكي. وقد كانت ولادته في مدينة دمشق في شهر شوال سنة 640 هـ/ 1242م، وكانت وفاته فيها أيضا في شهر صفر سنة 726 هـ/ 1326م.
باحث أكاديمي سوري مقيم في لندن
1
اليُونِيني البعلبكي
هو المؤرخ العلامة موسى بن محمد بن أبي الحسين أحمد اليُونيني البعلبكي الأصل الْحُسيني الهاشمي القرشي، ويتصل نسبه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد ولد وتوفى بمدينة دمشق. وصار شيخ بعلبك بعد وفاة أخيه علي. وكان فاضلاً مليح المحاضرة، معظماً جليلاً. وقد قال عنه الصفدي في كتاب أعيان العصر وأعوان النصر: موسى بن محمد، الشيخ الفاضل المؤرخ المعمّر المسند بقية المشايخ، قطب الدين أبو الفتح ابن شيخ مذهبه أبي عبد الله اليونيني البعلبكي. وقد كانت ولادته في مدينة دمشق في شهر شوال سنة 640 هـ/ 1242م، وكانت وفاته فيها أيضا في شهر صفر سنة 726 هـ/ 1326م.
2
شيوخه ومكانته
قال خليل بن أيبك الصفدي: سمع اليُونيني من أبيه، ومن الشرف الإربلي، وشيخ الشيوخ عبد العزيز، والرشيد العطار، وأبي بكر بن مكارم، وابن عبد الدائم، وعدَّة شيوخ، وأجاز له ابن رواج، ويوسف الساوي وجماعة من العلماء. وكانت له صورة كبيرة وجلالة، وفيه مروءة وعنده كرم ومعرفة تامة بالشروط، وصار شيخ بعلبك بعد أخيه علي أبي الحسين شرف الدين، وروى الكثير بدمشق وبعلبك، واختصر مرآة الزمان على نصف النصف، وذيّل عليها في أربع مجلدات. ثم إنه أسنّ وكبر وعجز وتعلل. وفي سنة 2002م نشرت المكتبة العصرية، والدار النموذجية الطبعة الأولى من مشيخة شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد اليونيني، وهي تخريج محمد بن أبي الفضل البعلبكي، وقد حقق هذه الطبعة تحقيق: عمر عبد السلام تدمري.
وورد في طبعة صحيح البخاري الصادرة عن دار المنهاج للنشر والتوزيع في جدة بالمملكة العربية السعودية: أجمع أهل العلم في كل عصر ومِصْر: أن صحيح البخاري أصح كتاب تحت أديم السماء.. بعد كتابِ الله تعالى.. ولما كانت الطبعة الأميرية هي أصح الطبعات وأجلّها في هذه الأزمان، باتفاق أهل الحذق والإتقان.. رأينا إعادة طبعها.. أضف إلى ذلك.. أن هذه الطبعة اعتمدت على أصل عظيم تواطأ المُحَدِّثُون على دقته وضبطه، وهو نسخة الحافظ اليُونيني، إضافة إلى مميزات جمة، وهذا يعني أن مكتبة اليونيني كانت عامرة بالمخطوطات النادرة.
3
علي اليونيني
الشيخ شرف الدين أبو الحسن، علي بن الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ الفقيه تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الشيخ أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد اليونيني البعلبكي الهاشمي، وكان أكبر من أخيه الشيخ قطب الدين بن الشيخ الفقيه، وقد ولد شرف الدين سنة 621 هـ/ ، فأسمعه أبوه الكثير من العلوم، واشتغل وتفقه، وكان عابداً عاملاً كثير الخشوع، وقد دخل عليه أحد المجرمين وهو بخزانة الكتب فجعل يضربه بعصا في رأسه ثم بسكين، فبقي متمرضاً أياماً، ثم توفي إلى رحمة الله في بعلبك، يوم الخميس حادي عشر رمضان سنة 701 هـ / 1302م ، ودفن بباب بطحا، وتأسف الناس عليه لعلمه وعمله وحفظه الأحاديث، وتودده إلى الناس وتواضعه وحسن سمته ومروءته تغمده الله برحمته.
4
أولاده
لقد أعقب اليونيني الشيخ العالم الفقيه المؤرخ تقي الدين أبو عبد الله محمد بن الامام قطب الدين أبي الفتح موسى بن الحافظ الفقيه تقي الدين أبي عبد الله ابن أبي الحسين احمد بن عبد الله بن عيسى بن احمد بن علي بن محمد بن محمد بن احمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن ابي طالب الهاشمي العلوي الحسيني اليونيني، وقد توفي ابن اليونيني يوم الاحد ثالث ذي الحجة سنة 765 هـ، الموافق للأول من أيلول/ سبتمبر سنة 1364م في عهد السلطان العثماني مُراد الأول الذي استشهد في كوسوفو سنة 791 هـ/ 1389م، وكان ابنُ اليونيني رضيَّ النفس، حَسَن الْخُلُق، كثير الأدب، قليل الكلام، يحمل حاجته من السوق بنفسه، وهو أحد الأعلام الذين سَمَّوا الإمام ابن تيمية باسم شيخ الإسلام يرحمهما الله تعالى.
5
عبد الله اليونيني
تشرف على بعلبك من جهة الجنوب قبة الأمجد، وهي على تلة الشيخ عبد الله وتتألف القبة من مسجد صغير وزاوية، وفيها قبر الشيخ عبد الله اليونيني الذي تعرف التلة باسمه. وقد أمر ببناء هذه القبة الملك الأمجد بهرام شاه حفيد السلطان صلاح الدين الأيوبي، وقد كان والياً على بعلبك ما بين سنتي 578 ـ 627 هـ/ 1182 ـ 1230 للميلاد، وقد بنيت القبة من حجارة هيكل عطارد القريب منها. وكان الشيخ عبد الله اليونيني من أهل الكرامات حسب ما يذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه: البداية والنهاية، وقد ذكر أن وفاته كانت سنة 617 هـ/ 1220م.
6
سلالة عبد الله اليونيني
ذكر السبكي في الطبقة السابعة من طبقات الشافعية الكبرى، وفي الترجمة: 1380: عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف ابن الخضر بن موسى التُّوني، الحافظ شرف الدين الدمياطي، وقال في ترجمته: كان الحافظ في زمانه وأستاذ الأستاذين في معرفة الأنساب وإمام أهل الحديث المجمع على جلالته الجامع بين الدراية والرواية بالسند العالي للقدر الكثير وله المعرفة بالفقه.. ولد سنة 613 هـ، وتوفي في الخامس عشر من ذي القعدة سنة 705 هـ ودفن بمقابر باب النصر من القاهرة.
قال السبكي: وهذا سؤال كتب به إليه الشيخ شرف الدين اليونيني من بعلبك فأجابه بجواب مشتمل على فوائد وأنا أذكر السؤال والجواب.
"وجدت بخط الشيخ الإمام الوالد رحمه الله وأجازنيه ونقلته من خطه: أخبرنا شيخنا الحافظ شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي قراءة من لفظه ونحن نسمع في يوم الأحد سابع ذي الحجة سنة ثلاث وسبعمائة قال:
يقول العبد الفقير إلى رحمة الله المستغفر من زلله وذنبه عبد المؤمن بن خلف الدمياطي: إنه ورد عليه سؤال من الإمام شرف الدين أبي الحسين علي بن الإمام الزاهد تقي الدين محمد ابن أحمد بن عبد الله اليونيني أيده الله وهو: ما يقول فلان ـ يعنيني ـ عن هذه المسألة؟ وهي: أن الشيخ الإمام الحافظ جمال الدين أبا الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي رحمه الله ذكر في كتاب من تأليفه بِنَفي النقل، ذكر في جملة من الحديث، فلما انتهى في أثنائه إلى حديث توبة كعب بن مالك رضي الله عنه قال: في هذا الحديث أن هلال ومرارة شهدا بدر، وكذلك أخرجه الإمام أحمد والبخاري ومسلم رضي الله عنهم. وهلال ومرارة ما ذكرها أحد فيمن شهد بدرا، وقد ذكرهما ابن سعد في الطبقة الثانية فيمن لم يشهد بدرا.
وما زلت أبحث عن هذا، وأعجب من العلماء الذين رووه، وكيف لم ينبهوا عليه، ولا قال لي فيه أحد من مشايخي شيئا حتى رأيت أبا بكر أحمد بن محمد بن هانئ الإمام الملقب بالأثرم رحمه الله قد نبه عليه في كتاب ناسخ الحديث ومنسوخه، فقال: كان الزهري واحد أهل زمانه في حفظ الحديث، ولم يحفظ عليه الوهم إلا اليسير. ومن ذلك قوله في حديث كعب بن مالك: إن هلال بن أمية ومرارة بن الربيع شهدا بدرا.
ولم يكونا من أهل بدر، فهذا من وهم الزهري، فهذا آخر كلامه في هذا الكتاب المسمى بنفي النقل.
وقال في جامع المسانيد له، في آخر حديث كعب بن مالك: وقد وهم الزهري في ذكره هلال ومرارة من أهل بدر.
وذكر أسماء من شهد بدرا في كتابه التلقيح والمدهش مرتبا على حروف المعجم ولم يذكر هلالا ولا مرارة.
وذكر شيخنا الإمام الحافظ ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي رحمه الله في كتابه المسمى: السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، في كتاب غزوات النبي أسماء من شهد بدرا ورتب أسماءهم على حروف المعجم وبين ما وقع فيهم من الخرف، فقال: في حرف الميم في الأسماء المفردة، مرارة بن الربيع رضي الله عنه ذكره كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبته ولم أره في شيء من المغازي، وحديثه في الصحيحين، ثم قال في باب الهاء: هلال بن أمية الواقفي، لم أر أحدا من أهل المغازي ذكره في أهل بدر، وفي حديث توبة كعب بن مالك، ذَكَرَه من أهل بدر، وحديث كعب في الصحيحين، والله أعلم بالصواب هذا آخر كلامه.
قلت: وأنا المملوك العبد الفقير علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله اليونيني عفا الله عنه، وقد ذكرهما في أهل بدر الإمام الحافظ إمام أهل المغرب بل والمشرق أيضا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر رحمه الله في كتابه الاستيعاب، أنهما شهدا بدرا عند ذكر ترجمة كل منهما، وذكرهما إمام الدنيا أبو عبد الله البخاري رضي الله عنه في غير حديث توبة كعب، وعند ذكره أسماء من شهد بدرا، ذكر مرارة وهلالا، وذكرهما الحافظ أبو علي الغساني في تقييده. وهل اطلع شيخنا وسيدنا على مَن ذكرهما غير مَن ذكره المملوك فيمن شهد بدرا، وبَيَّن وجه الصواب في ذلك، وما يترجح عنده من ذلك مثابين مأجورين رضي الله عنهم؟
فأجابه عبد المؤمن بأن قال: لم يشهد مرارة ولا هلال بدرا ولا أحد أيضا.. ومَن ذكرهما في الطبقة الثانية ممن شهدا أحدا، فلِقِدَم إسلامهما لا لشهودهما الوقعة
7
مؤلفاته اليونيني
قال الباباني في هدية العارفين: "لليُونيني من الكتب: الذيل على مرآة الزمان في تاريخ الأعيان؛ لسبط ابن الجوزي. وكتاب الشرف الباهر في مناقب الشيخ عبد القادر، أعني الكيلاني، وكتاب مختصر مرآة الزمان المذكور. وأشار خير الدين الزركلي في الأعلام إلى أن له (مختصر مرآة الزمان - مخطوط) جزآن منه، في أحدهما حوادث سنة 493- 499 هـ، وفي الثاني حوادث سنة 590- 654 هـ، و ذيل مرآة الزمان مطبوع أربعة مجلدات.
8
ذيل مرآة الزمان
قال اليونيني في مقدمة كتاب ذيل مرآة الزمان: بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله، والحمد لله مصرّف الدهور، وخالق الأزمنة عن مرِّ الأيام والليالي والشهور، أحمده على نعمه التي شملت الأمم جيلاً بعد جيل، وعرَّفت أخبار من سلف في القرآن والتوراة والإنجيل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبصر بعواقب الطائعين والعاصين، وتقضي بنجاة مَن أقرَّ بها من الدانين والقاصين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي هدى الأمة إلى مناهج سبلهم، وندبوا على لسانه كيف نسير في الأرض فينظرون كيف كان عاقبة الذين مِن قبلهم، وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة دائمة ما بقيت الأيام والليالي، وعرفت أخبار الأمم السالفين في العصور الخوالي.
أما بعد، فإنه لما كانت الأذهان مصروفة إلى معرفة أخبار مَن مضى، والإطلاع على أحوال مَن قضى الله له بما قضى، ليُستفاد بذلك سيرة الطراز الأول والوقوف عند نصِّ أحاديثهم التي بها يعتبر وعليها يعوّل، صنَّف الناس في ذلك كتباً، وساروا بأفكارهم فجلبوا من أخبار الأمم حطباً وذهباً، ولما وقفت على بعض ما نصُّوه، وتأملت ما انبأوا به عن السالفين وقصُّوه، رأيت أجمعها مقصداً، وأعذبها مورداً، وأحسنها بياناً، وأصحها روايةً يكاد خبرها يكون عياناً، الكتاب المعروف بمرآة الزمان، تأليف شمس الدين أبي المظفّر يوسف سبط الإمام الحافظ جمال الدين عبد الرحمن ابن الجوزي رحمه الله، الذي ضمّنه ما علا قدره على كل نَبِيْهٍ، وفاق به على مَن يناويه، فشرعت في اختصاره، وأخذت في اقتصاره، فلما أنهيته مطالعةً، وحررته اختصاراً ومراجعةً، وجدته انقطع إلى سنة أر بع وخمسين وستمائة/ 1256م، وهي السنة التي توفي فيها المصنف رحمه الله في أثنائها، فأثرت أن أذيله بما يتصل به سببه إلى حيث يقدره الله تعالى من الزمان، مع أني لست من فرسان هذا الميدان، وربما ذكرت وقائع متقدمة على سنة أربع وخمسين، أو مَن تقدمت وفاته على سبيل الاستطراد أو لمعنى اقتضى ذلك، ولعل بعض من يقف عليه ينتقد الإطالة في بعض الأماكن والاختصار في بعضها، وإنما جمعت هذا الذيل لنفسي، وذكرت ما اتصل بعلمي، وسمعته من أفواه الرجال، ونقلته من خطوط الفضلاء، والعمدة في ذلك لا عليَّ، واسأل من الله تعالى التوفيق والهداية إلى سواء الطريق بمنّه وكرمه وخفي لطفه