الواحة المتنوعة

الواحة في جريدة الحياة: السبت 5 6 2004م

شهر حزيران/ يونيو. السفر والغربة. نهج البلاغة. الشَّعْبي. ابن أبي عتيق . قيس بن ذُريح أبو يزيد الليثي. عبد الحميد رشيد كرامي. رشيد بن عبد الحميد كرامي

د. محمود السيد الدغيم

1

شهر حزيران/ يونيو

يُحكى أن الشاعر الروماني أوفيد جعل الآلهة (جونو) آلهة الحب والزواج، ويُقال أن تسمية شهر حزيران/ يونيو بهذا الإسم قد تمت تكريماً لآلهة الحب. وقد تم اشتقاق اسم (يونيو) من (إيونيوروس)، مثلما اشتُقَّ اسم شهر أيار / مايو من (ماريورس)، وربط بعض المؤرخين التسمية باسم يونيوس الوثني، أو بمنصب القنصل الذي شَغَلَهُ يونيوس بروتوس. وكان شهرُ حزيران رابعَ شهر من شهور السنة في التقويم اللاتيني القديم، وكان عددُ أيام حزيران 29 يوماً ثم أضاف إليه يوليوس قيصر يوما واحدا فصار عدد أيامه ثلاثين يوماً، ومازال هذا العدد ساري المفعول.

2

السفر والغربة

قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه

تغرَّب عن الأوطان في طلبِ العُلا

وسافرْ ففي الأسفار خمسُ فوائدِ

تفرّج همِّ واكتسابُ معيشةٍ

وعلمٍ وآدابٍ وصحبةِ ماجدِ

فإن قِيلَ في الأسفارِ هَمٌّ وكُرْبَةٌ

وتشتيتُ شملٍ وارتكابِ الشدائدِ

فَمَوْتُ الفتى خيرٌ له من حياتِهِ

بِدارِ هوانٍ بينَ واشٍ وحاسِدِ

وقال الإمام محمد بن إدريس  الشافعي (767-820م)

سافرْ تَجدْ عِوضاً عمّن تفارقهُ

وانصبْ فإن لذيذ العيش في النَّصَبِ

ما في المقامِ لذي لُبٍّ وذي أدبٍ

معزةٌ فاترُكِ الأوطانَ واغترِبِ

إني رأيتُ وقوفَ الماء يُفسِدُهُ

إنْ ساحَ طابَ، وإنْ لم يَجْرِ لم يَطِبِ

والبدرُ لولا أُفولٌ منه ما نظرَتْ

إليه في كلِّ حينٍ عَيْنُ مُرتقبِ

والأُسْدُ لولا فراق الغابِ ما قَنَصَتْ

والسَّهمُ لولا فراق القوسِ لم يصبِ

والتِّبرُ كالتِّبْنِ مُلقىً في مًواطنهِ

والعودُ في أرضهِ نوعٌ من الحطبِ

فإنْ تغرَّبَ هـذا عَزَّ مَطلَبُهُ

وإنْ أقامَ فلا يَعلو إلى الرُّتَبِ

3

نهج البلاغة

من خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في كتاب نهج البلاغة: "أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ(1)، وَمَاتَ قَيِّمُهَا(2)، وَطَالَ تَأَيُّمُهَا(3)، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا.

أَمَا وَاللهِ مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً، وَلكِنْ جَئْتُ إِلَيْكُمْ سَوْقاً، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: عَليٌّ يَكْذِبُ.

قَاتَلَكُمُ اللهُ! فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ؟.

أَعَلَى اللهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ!.

أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ!.

كَلاَّ وَاللهِ، ولكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا، وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَيْلُ امِّهِ(4)، كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَن! لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ، (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين).

1 - أمْلَصَت: أسقطت، وألقت ولدها ميتاً.

2 - قَيّمها: زوجها.

3 - تأيُّمُها: خلُوّها من الازواج.

4- ويْلُ امّهِ: كلمة استعظام تقال في مقام المدح وإن كان أصل وضعها لضده، ومثل ذلك معروف في لسانهم، يقولون للرجل يعظمونه ويقرظونه: «لا أبا لك». في الحديث «فاظفر بذات الدين تربت يداك».

4

الشَّعْبي

ولد الشعبي سنة معركة جلولاء التي اختلف المؤرخون في تحديد سنتها، وتراوحت الروايات فرجحت الأكثرية أنها وقعت سنة 16هـ/ 637م، وبعض الروايات تؤخرها إلى سنة 19 هـ/640م، واسم الشعبي هو عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار، الشَّعبي الحميري، أبو عمرو، وكانت ولادته في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مدينة الكوفة بالعراق، ونشأ بها، واختُلِفَ في اسم أبيه، فقيل شاحيل، وقيل عبد الله؛ ونسبته إلى شَعب، وهو بطن من هَمْدَان في اليمن، وأمه من سبي جَلُولاء.

كان يُضرب المثل بحفظه وقوة ذاكرته، ولما سُئِلَ عمّا بلغ إليه حفظُهُ؟

قال: ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا حدثني رجل بحديث إلاّ حفِظتُهُ، والشعبي رحمه الله رجل من رجال الحديث الثقاة، ومن الفقهاء المعتمدين، والشعراء المشهورين، وقد اتصل بالخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وصار مستشاره نديمه، ورسوله إلى ملوك الروم، وبعد حياة عامرة بالعلم توفي الشعبي في الكوفة، ولم يتفق المترجمون لعامر الشعبي على تحديد السنة التي توفى فيها ، ولكن معظمهم رجّحَ أن سنة وفاته هي سنة 104هـ/ 722م، وحصرها الشيرازي ما بين سنتى 104هـ و107هـ . وروى ابن الأثير أن وفاة الشعبي حصلت بين أربعة تواريخ، وهي سنة 103هـ وسنة 104هـ وسنة 105هـ، وسنة 107هـ، وذكر عدد من المؤرخين أن لوفاة الشعبي عدة تواريخ، وهي: سنوات 103هـ ، 104هـ ، 105هـ ، 106هـ ، 107هـ ، 110هـ/728م .

روى الإمام مسلم في الصحيح بسنده إلى الشعبي فقال: " ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏هُشَيْمٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الشَّعْبِيِّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏رَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ ‏ ‏خُرَاسَانَ ‏ ‏سَأَلَ ‏ ‏الشَّعْبِيَّ ‏ ‏فَقَالَ يَا ‏ ‏أَبَا عَمْرٍو ‏ ‏إِنَّ مَنْ قِبَلَنَا مِنْ أَهْلِ ‏ ‏خُرَاسَانَ ‏ ‏يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ كَالرَّاكِبِ ‏ ‏بَدَنَتَهُ.

فَقَالَ ‏ ‏الشَّعْبِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ: ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ: "‏ثَلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ رَجُلٌ مِنْ ‏ ‏أَهْلِ الْكِتَابِ ‏ ‏آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقَّ سَيِّدِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَغَذَّاهَا فَأَحْسَنَ غِذَاءَهَا، ثُمَّ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ" ‏
‏ثُمَّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏الشَّعْبِيُّ ‏ ‏لِلْخُرَاسَانِيِّ ‏ ‏خُذْ هَذَا الْحَدِيثَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَ هَذَا إِلَى ‏ ‏الْمَدِينَةِ.

وقال الإمام مسلم: ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي عُمَرَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبِي ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏شُعْبَةُ ‏ ‏كُلُّهُمْ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ ‏ ‏بِهَذَا الْإِسْنَادِ ‏ ‏نَحْوَهُ".

5

ابن أبي عتيق

هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وقد حدَّث محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي وغيرُهُ: أنَّ ابن أبي عتيق وَفَدَ على الخليفة عبد الملك بن مروان، فلقي حاجبه فسأله أَن يستأذن له عليه، فسأله الحاجب ما نزعه؟

فذكر دَيْناً قد مَسّه، فاستأذن له، فأمر عبد الملك بإدخاله، فدخل وشاهد عند رأس عبد الملك ورجليه جاريتان وضيئتان، فسلّم وجلس.

فقال له عبد الملك: ما حاجتك؟

قال: مالي حاجة إِليك.

قال: أَلم يذكر لي الحاجب أَنك شكوت إِليه ديناً عليك، وسألتَه ذِكرَ ذلك لي؟

قال: ما فعلتُ، وما علَّي دَين، وإِني لأيسُر منك.

قال: انصرفْ راشداً، فقام وغادر مجلسه، ودعا عبدُ الملك الحاجبَ فقال له: أَلم تذكر لي ما شكا إِليك ابن أبي عَتيق من الدَّين؟

قال: بلى.

قال: فإِنه أَنكر ذلك.

فخرج إِليه الحاجب، فقال: أَلم تَشكُ إِلَّي دَينك، وذكرتَ أَنك خرجت إِلى أَمير المؤمنين فيه، وسألتني ذِكْرَهُ؟

قال له: بلى.

قال: فما حملك عَلَى إِنكار ذلك عند أمير المؤمنين؟

قال ابن أبي عَتيق: دخلت، عليه وقد جَلست الشمسُ عند رأسه، وجلس القمرُ عند رجليه، ثم قال لي: كن سَأَلاً، والله ما كان الله ليرى هذا أَبداً.

فدخل الحاجب عَلَى عبد الملك فأَخْبَرَه خَبَرَهُ، فضحِك الخليفةُ عبد الملك بن مروان الأموي، وَوَهَبَ الجاريتين لابن أبي عتيق، وقضى دَينَهَ ووصَلَه، وكان ذلك سببَ الأُنْسِ بين ابن أبي عتيق وبين الخليفة.

 

6

قيس بن ذُريح أبو يزيد الليثي

الشاعر المشهور من بادية الحجاز. وقيل: إنه أخو الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما من الرضاعة. وكان قد تزوج لبنى بنت الحباب، ثم طلقها، فلما طلقها هام بها لما به من الغرام، وسكن البادية، وجعل يقول فيها الأشعار، ونحل جسْمُهُ، فلما زاد ما به أتاه ابن أبي عتيق، فأخذه، ومضى به إلى هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب, الهاشمي القرشي، فقال له: فداك أبي وأمي اركب معي في حاجة، فركب أبو جعفر، واستنهض معه أربعة نفر من وجوه قريش، فذهبوا معه وهُمْ لا يدرون ما يريد، حتى أتى بهم باب زوج لُبنى.

فخرج إليهم زوج لُبنى، فإذا هُم وجوه قريش فقال: جعلني الله فداكم! ما جاء بكم؟

قالوا: حاجة لابن أبي عتيق.

فقال الرجل: اشهدوا عَلَيَّ أن حاجتَهُ مقضيةٌ، وحُكْمَهُ جائز.

فقالوا: أخْبِرْهُ بحاجَتِكَ.

فقال ابن أبي عتيق: اشهدوا عَلَيَّ أنَّ زوجتَه لُبنى مِنْه طالق.

فقال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: قَبَّحَكَ الله أَ لِهذا جئتَ بنا؟

فقال ابن أبي عتيق: جُعِلْتُ فداكم، يُطلِّقُ هذا زوجتَه، ويتزوجُ بغيرها خيرٌ من أن يموت رجُلٌ مُسْلِمٌ في هواها صبابةً، والله لا أبرحُ حتى ينتقلَ متاعُها إلى بيت قيس بن ذُريح، فَفَعَلَتْ، وأقامت مع قيس مُدَّة في أرغد عيش وأطيبه، رحمهم الله تعالى.

7

عبد الحميد رشيد كرامي

ولد عبد الحميد رشيد كرامي في مدينة طرابلس الشام سنة : 1888م، وأصبح مُفتيها لأن الإفتاء قديم في أسرته، وكانت له مواقف وطنية صلبة، ولذلك حاول الفرنسيون استمالته بالترغيب فعينوه حاكماً على مدينة طرابلس الشام، ولكنهم لم يتمكنوا من استمالته إليهم، فلجؤوا إلى الترهيب فسجنوه، ولكن السجن لم يُضعف وطنية عبد الحميد كرامي بل بقي متمسكاً بالوطن والمواطن اللبناني، فازدادت شعبيته، والتفَّ حوله الطرابلسيون بشكل عام، وأصبح سياسياً عربياً لبنانياً وزعيماً وطنياً، وتعاون مع رجال الاستقلال اللبناني، وتولى رئاسة الوزراء اللبنانية سنة 1945م، في عهد الاستقلال. ثم استقال من رئاسة الوزارة، وتابع نشاطه في مجلس النواب اللبناني،  ووقف مواقف وطنية مذكورة في مجلس النواب اللبناني ببيروت، وكانت وفاته سنة 1950م، وخَلَّفَ لولده رشيد الجاه السياسي والمال والشعبية المخلصة.

8

رشيد بن عبد الحميد كرامي

شهدت مدينة طرابلس عاصمة لبنان الشمالي ولادة رشيد كرامي، سنة 1921م، وأنهى دراسته الإبتدائيّة والثانويّة في كلية التربية والتعليم في طرابلس، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من جامعة القاهرة عام 1947م، وعمل في المحاماة، وبعد وفاة والده سنة 1950م، انتخب نائباً في البرلمان اللبناني عن مدينة طرابلس سنة 1951م للمرة الأولى، وفي نفس السنة عُيّن وزيراً للعدل، ثم عُيّن وزيراً للاقتصاد والشؤون الاجتماعيّة سنة 1953م.

ثم ترأس الوزارة اللبنانية للمرة الأولى سنة 1955م، وتكرر ترأسه للوزارة للمرة الرابعة الخامسة 1986م، وبعد حياة وطنية حافلة بالنضال.

وأثناء رئاسة الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل، اغتيل رئيس الوزراء رشيد كرامي يرحمه الله في 31 5 1987م ودفن في 1-6- 1986م بانفجار قنبلة في طائرة هيلوكبتر تابعة للجيش اللبناني كان يستقلها من طرابلس إلى بيروت، وترأس الوزارة بعده مباشرة الأستاذ سليم الحص.

thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16437612
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة