وداع عفراء

شعر، د. محمود السيد الدغيم

مطار هيثرو، لندن يوم الأربعاء 9 صفر 1422 هـ 2 أيار/ مايو 2001م

لَقَدْ جَارَ الزَّمَانُ عَلَى الْمَرِيْضِ
فَلَمْ يَقْوَ الْحَزِيْنُ عَلَى النُّهُوْضِ

لأنَّ الْغَادَةَ النَّجْلاْءَ غَابَتْ
عَنِ الأَنْظَاْرِ فِيْ جَوٍّ عَرِيْضِ


وَأَبْقَتْ فِيْ فُؤَاْدِ الصَّبِّ نَاْراً
فَصَوَّرَهَاْ بِمَنْظُوْمِ الْقَرِيْضِ

وَقَاْلَ قَصَائِداً فِيْهَا دُمُوْعٌ
وَآهَاْتٌ تَفِيْضُ عَلَى الْعَرُوْضِ

وَنَادَىْ يَا دُمُوْعَ الْعَيْنِ هِلِّيْ
عَلَىْ عَفْرَاْ؛ وَلَكِنْ لا تَغِيْضِيْ

فَـعَـفْراءُ الْحَبِيْبَةُ نُوْرُ عَيْنِيْ
وَحُلْوُ النَّوْمِ فِيْ الطَّرْفِ الْغَضِيْضِ

وَقَدْ رَحَلَتْ، وَخَلَّتْنِيْ وَحِيْداً
بِلِيْلِ الْهَجْرِ مُمْتَنِعَ الْغُمُوْضِ

تَجُوْدُ بَرَاْعِمُ الأَزْهَاْرِ حَوْلِيْ
بِأَنْوَاْعِ الأَرِيْجِ الْمُسْتَفِيْضِ

وَلَكِنِّيْ حَزِيْنٌ بَعْدَ عَفْرَاْ
أَقُوْلُ لأَدْمُعِيْ: زِيْدِيْ وَفِيْضِيْ

فَأَشْقَى النَّاْسِ فِي الدُّنْيَاْ مُحِبٌّ
يَذُوْقُ مَرَاْرَةَ الْهَجْرِ الْبَغِيْضِ

وَيَذْكُرُ كُلَّ أيَّامِ التَّلاقِيْ
وَمَاْ فِي اللَّيْلِ مِنْ نُوْرِ الْوَمِيْضِ

وَتُوْقِظُهُ السُّنُوْنُ عَلَىْ مَشِيْبٍ
وَتَنْسَخُ سُوْدَ لِحْيَتِهِ بِبِيْضِ

فَيَلْجَأُ لِلْهَوَى الْعُذْرِيِّ حَتَّىْ
يَصُوْنَ الشَّيْبَ فِي الزَّمَنِ الْعَضُوْضِ

وَقَدْ شُغِفَ الْفُؤَاْدُ بِحُبِّ عَفْرَاْ
وَهَاْمَ بِهَاْ وَجُنَّ مِنَ النَّقِيْضِ

فَيَاْ لَهْفَ الْقُلُوْبِ عَلَىْ زَمَاْنٍ
رَتَعْنَاْ فِيْهِ بِالْحُبِّ الْغَرِيْضِ

وَبِلَّوْرُ الْخُدُوْدِ يُنِيْرُ لَيْلا
يُطَمْئِنُ صَاحِبَ الْقَلْبِ الْمَهِيْضِ

نَوَاْفِذُ تُشْرِقُ الأَنْوارُ مِنْهَاْ
فَتَجْذِبُنَاْ ضِعَاْفاً كَالْبَعُوْضِ

كَأَنَّ عَزائِمَ الْعُشَاْقِ وَهْنٌ
يُبَرْقِعُ بِالعُلا وَجْهَ الْحَضِيْضِ

لَقَدْ جَرَحَتْ جِرَاُحُهُمُ جِرَاْحِيْ
فَقُلْتُ لِنَفْسِيَ الْعَزْبَاْءِ: خُوْضِيْ

لَقَدْ خَاْضُوْا وَ خَوْضُ الْحُبِّ دَاْءٌ
لَهُ بِالْعَاْشِقِيْنَ أَذَى الْمُفِيْضِ

وَقَيَّدَنِيْ هَوَىْ عَفْرَاْءَ حَتَّىْ
أُسِرْتُ بِحُبِّهَاْ مِثْلَ الرَّبِيْضِ

دَخَلْتُ رِيَاْضَهَاْ حُرّاً طَلِيْقاً
وَلَمْ أَخْرُجْ مِنَ الرَّوْضِ الأَرِيْضِ
هذه الأبيات من البحر الوافر:
 مفاعلتن مفاعلتن فعولن × 2 .

الرابط التالي للاستماع والتحميل
icon wdaa afraa.ram (874.56 KB)