تحميل معجم مقاييس اللغة، وكتاب الصاحبي
تأليف للعلامة اللغوي أحمد بن فارس بن زكريا الرازي 395ه
ـ

للاستماع إلى برنامج إذاعي خاص عن ابن فارس اضغط هنا

واضغط هنا أيضا لاستماع شيء آخر عن ابن فارس

معجم مقاييس اللغة
المؤلف  للعلامة اللغوي أحمد بن فارس بن زكريا الرازي 395هـ
هذا الكتاب معجم لغوي مشهور لا يستغني عنه الباحثون وطلاب العلم ، وهو مكتوب على برنامج
في ستة ملفات كل مجلد منها في ملف وهي النسخة التي حققها عبدالسلام هارون رحمه الله
Microsoft Word
وهذا الكتاب معجم لغوي عظيم جمعه مؤلفه معتمدا على خمسة كتب مهمّة هي: 1ـ العين ، للخليل بن أحمد الفراهيدي، 2ـ غريب الحديث، 3ـ مصنف الغريب وكلاهما لأبي عبيد،4ـ كتاب المنطق لابن السكيت، 5ـ الجمهرة لابن دريد . وما كان من غير الكتب الخمسة نصَّ عليه المؤلف عند النقل، وقد رتبه على حروف الهجاء في الحرف الأول من المادة فبدأ بالهمزة، وجعل الحرف الثاني الذي يلي الأول وهكذا. فبدأ في كتاب الهمزة بـ (أب) ثم (أت)، وفي كتاب الفاء بـ (فق) ثم (فك) وهلم جرّا، وقد نسبت الأبيات في الهامش إلى قائليها

كتاب مقاييس اللغة المجلد الأول

 maq1-1.zip

icon maqyyis1.zip (518.72 KB)


ولابن فارس كتاب في فقه اللغة وقد سماه مصنفه بالصاحبي نسبة إلى الصاحب بن عباد وكان ابن فارس مصنف الكتاب قد قدم الكتاب إليه وأودعه في خزانته. أما مضمون الكتاب فيدور حول اللغة العربية وأوليتها ومنشئها، ثم يبحث في أساليب العرب في تخاطبهم، وفي الحقيقة والمجاز، ودراسة الظواهر اللغوية . وغير هذا من المباحث المتعلقة بهذا الموضوع

 

اضغط على الرابط التالي وحمل كتاب الصاحبي

icon al-Sahebi 1-2.doc (525.00 KB)



فصول مختارة من مقاييس اللغة لابن فارس

برم الباء والراء والميم يدلُّ على أربعة أصولٍ: إحكام الشَّيء، والغَرَض به، واختِلاف اللَّونين، وجنسٌ من النَّبات.

فأمّا الأوّل فقال الخليل: أبْرَمْتُ الأمرَ أحكمتُه. قال أبو زياد: المبارم مغازلُ ضِخامٌ تُبْرِم عليها المرأةُ غَزْلَها، وهي من السَّمُر. ويقال أبرمْتُ الحَبْلَ، إذا فتَلْتَه متيناً، وَالمُبْرَم الغزْل، وهو ضد السَّحِيل؛ وذلك أنّ المُبْرَم على طاقَيْن مفتولين، والسَّحِيل على طاقٍ واحد.

وأمَّا الغَرَض فيقولون: بَرِمْتُ بالأمرِ عَيِيتُ به، وَأبرَمَنِي أعْيَانِي. قال: ويقولون أرجُو أنْ لا أَبْرَمَ بالسُّؤَالِ عن كذا، أي لا أعْيَا؛ قال:

فلا تعْذُلِيني قد بَرِمْتُ بحِيلتي

قال الخليل: بَرِمْت بكَذَا، أي ضَجِرْتُ به بَرَماً، وأنشد غيرُه:

ما تأمُرِين بنَفْسٍ قد بَرِمْتُ بها

كأنَّما عُروةُ العُذْريُّ أَعْدَاها

مشعوفةٍ بالتي تُربَانُ مَحْضَرُها

ثم الهِدَمْلَةُ أَنْفُ البَرْدِ مَبْدَاها

ويقال أبرَمَنِي إبراماً، وقال (ابنُ) الطَّثْرِيَّة:

فلمّا جِئتُ قالت لي كلاماً برِمْتُ فما وجَدْتُ له جَوَابا

وأمّا اختلاف اللَّوْنَيْن فيقال إنّ البريمَينِ النَّوعانِ مِنْ كلّ مِن ذي خِلْطَيْنِ، مثل سوادِ اللَّيْلِ مختلطاً ببياض النهار، وكذلك الدَّمع مع الإثْمِد بَريمٌ؛ قال علقمة:

بعَيْنَيْ مَهَاةٍ تَحدُرُ الدَّمْعَ مِنْهُمَا بَرِيمَيْنِ شَتَّى من دُموعٍ وإثمِدِ

قال أبو زياد: ولذلك سُمّي الصُّبْحُ أوَّلَ ما يبدُو بَرِيماً، لاختلاط بياضِه بسواد اللَّيل؛ قال:

على عَجَلٍ والصُّبْحُ بادٍ كأنَّه  بأدْعَجَ من ليل التِّمام بَريمُ

قال الخليل: يقول العرب: هؤلاء بَرِيمُ قومٍ، أي لفِيفُهم من كلِّ لونٍ؛ قالت ليلى:

يا أيُّها السَّدِمُ المُلَوِّي رأسَه  ليَقُودَ مِنْ أهلِ الحِجازِ بَرِيمَا

قال أبو عُبيدٍ: تقول اشْوِ لَنَا من بَريمَيْهَا، أي من الكَبِدِ والسَّنام، وَالبَريم: القَطِيعُ من الظِّباء؛ قال: وَالبريم شيءٌ تشدُّ به المرأةُ وسَطَها، منظَّم بخَرَزٍ، قال الفرزدق:

محضَّرَةٌ لا يُجْعَلُ السِّتْرُ دُونَها  إذا المُرْضِعُ العَوْجَاءُ جال بَرِيمُها

والأصل الرابع: البَرَم، (وأطيبُها ريحا) بَرَمُ السَّلَم، وأخْبَثُها ريحاً بَرَمَةُ العُرْفُط، وهي بيضاءُ كبَرَمَةِ الآس. قال أبو زياد: البَرَمَةُ الزَّهرةُ التي تخرج فيها الحُبْلة. أبو الخطّاب: البَرَم أيضاً حُبوبُ العِنَب إذا زادَتْ على الزَّمَعِ، أمثال رُءُوس الذّرّ.

وشذّ عن هذِهِ الأصول البُرَام، وهو القُرَاد الكبير، يقول العرب: «هو أَلْزَقُ مِنْ بُرام»؛ وكذلك البُرْمة، وهي القِدْر.

جدر الجيم والدال والراء أصلان. فالأوَّل الجِدار، وهو الحائط وجمعه جُدُر وَجُدْران، وَالجَدْرُ أصل الحائط، وفي الحديث: «اسْقِ يا زُبَيْرُ وَدَعِ الماء يرجع إلى الجَدْر». وقال ابن دُريد: الجَدَرَةُ حيٌّ من الأزْدِ بنوا جِدار الكعبة. ومنه الجَديرة، شيءٌ يُجْعَل للغنم كالحظيرة. وَجَدَر: قرية، قال:

ألا يا اصْبَحينا فَيْهَجاً جَدَرِيَّةً

بماءِ سحابٍ يَسْبِقُ الحقَّ باطِلِي

ومن هذا الباب قولهم هو جديرٌ بكذا، أي حريٌّ به، وهو مما ينبغي أن يثبت ويبني أمرَه عليه. ويقولون: الجديرة الطبيعة.

والأصل الثاني ظُهور الشيء، نباتاً وغيره. فالجُدرِيّ معروف، وهو الجَدَرِيُّ أيضاً، ويقال: شاةٌ جَدْراءُ إذا كان بها ذاك. وَالجَدَر سِلْعَةٌ تظهر في الجَسَد، وَالجَدْر النبات، يقال: أجْدَرَ المكانُ وَجَدَرَ، إذا ظهر نباته؛ قال الجَعْدِي:

قد تَستحِبُّونَ عند الجَدْرِ أنَّ لكم  مِنْ آلِ جَعْدَةَ أعماماً وأخوالا

وَالجَدْرُ: أثر الكَدْمِ بعُنق الحمار، قال رؤبة:

أو جادرُ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ

وإنما يكون من هذا القياس لأنَّ ذلك يَنْتَأُ له جلدُه، فكأنَّه الجُدَرِيّ.

جرس الجيم والراء والسين أصلٌ واحد، وهو من الصوت، وما بعد ذلك فمحمول عليه.

قالوا: الجَرْس الصَّوت الخفيّ، يقال ما سمعت له جرساً، وسمِعتُ جَرْسَ الطّيْر، إذا سمعتَ صوتَ مناقيرها على شيء تأكله، وقد أجْرَسَ الطّائر.

ومما حُمِلَ على هذا قولهم للنَّحل جوارس، بمعنى أواكِل، وذلك أنَّ لها عند ذلك أدنى شيءٍ كأنه صوت؛ قال أبو ذؤيب يذكر نَحْلاً:

يَظَلُّ على الثَّمراءِ منها جَوَارسٌ  مَرَاضيعُ صهْبُ الرّيش زُغبٌ رِقابُها

وَالجَرَس: الذي يعلَّق على الجِمال، وفي الحديث: «لا تصحبُ الملائكةُ رُفْقَةٌ فيها جَرَسٌ». ويقال جَرَسْتُ بالكلام أي تكلّمتُ به، وَأجْرَسَ الحَلْيُ: صوَّت؛ قال:

تَسْمَعُ لِلحَلْيِ إذا ما وَسْوَسَا  وارتجَّ في أَجْيادها وَأجْرَسا

ومما شذَّ عن هذا الأصل الرجل المجَرّسَ وهو المجرّب، ومضى جَرْسٌ من الليل، أي طائفة.

جرح الجيم والراء والحاء أصلان: أحدهما الكسب، والثاني شَقّ الجِلْد.

فالأوّل قولهم (اجترح) إذا عمل وكَسَب؛ قال الله عزّ وجلّ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} (الجاثية21)؛ وإنّما سُمّي ذلك اجتراحاً لأنه عَمَلٌ بالجوَارح، وهي الأعضاء الكواسب. وَالجوارحُ من الطَّير والسباع: ذَوَاتُ الصَّيد.

وأما الآخَر (فقولهم) جرحَه بحديدةٍ جرْحاً، والاسم الجُرْح. ويقال جرَح الشاهدَ إذا ردّ قولَه بِنَثاً غيرِ جميل، وَاستَجْرَحَ فلانٌ إذا عمل ما يُجْرَح من أجله.فأمّا قول أبي عبيدٍ في حديث عبد الملك: «قد وعظتُكم فلم تزدادُوا على الموعظة إلاّ استجراحاً» إنه النُّقصان من الخير، فالمعنى صحيح إلاّ أنّ اللفظ لا يدلُّ عليه؛ والذي أراده عبدُ الملك ما فسَّرناه، أي إنّكم ما تزدادون على الوعْظ إلاّ ما يكسبكم الجَرْحَ والطَّعْنَ عليكم، كما تُجرَح الأحاديث. وقال أبو عبيد: يريد أنّها كثيرة صحيحها قليل، والمعنى عندنا في هذا كالذي ذكرناه مِن قَبْل، وهو أنّها كثُرتْ حتى أحوج أهلَ العلم بها إلى جَرْح بعضها ـــ أنّه ليس بصحيح.

جلد الجيم واللام والدال أصلٌ واحدٌ، وهو يدلُّ على قوّةٍ وصلابة. فالجِلْدُ معروفٌ، وهو أقوى وأصلَبُ ممّا تحته من اللحم، وَالجَلَد صلابة الجِلد؛ وَالأجلاد: الجسم، يقال لجِسم الرّجُل أجلادُهُ وَتجاليده. وَالمِجْلَد: جِلدٌ يكون مع النّادبة تضرِب (به) وجْهَها عند المناحة، قال:

خرجْنَ حريراتٍ وأبدَيْنَ مِجْلَداً  وجالَتْ عليهن المكتَّبةُ الصُّفْرُ

وَالجَلَدُ فيه قولان: أحدهما أن يُسلخ جِلدُ البعير وغيرُه فيُلْبَسُه غَيْره من الدّوابّ، قال:

كأنَّه في جَلَدٍ مُرَفَّلٍ.

والقول الثاني أنْ يُحْشَى جِلد الحُوار ثُماماً أو غيرَه، وتُعطَفَ عليه أُمُّهُ فَتَرأمَه، وقال العجّاج:

وقد أُرَانِي للغوانِي مِصْيَدَا

مُلاَوةً كأنَّ فَوقِي جَلَدَا

يقول: إنّهنّ يرأمْنَني ويعطِفْن عليَّ كما تَرأمُ النّاقة الجَلَد.

وكان ابنُ الأعرابيّ يقول: الجِلْد وَالجَلَد واحد، كما يقال شِبْه وشَبَه، وقال ابن السكيت: ليس هذا معروفاً. ويقال جَلَّدَ الرّجُلُ جزوره إذا نَزَع عنها جِلدَها، ولا يقال سَلَخَ جَزوره، ويقال فرس مجلَّد إذا كان لا يجزع من ضرب السَّوط. ويقال ناقةٌ ذات مجلودٍ إذا كانت قويّةً، قال:

مِن اللّواتي إذا لانَتْ عريكتُها  يبقى لها بعدها آلٌ ومَجْلُودُ

ويقال إنّ الجَلَد من البُعُر الكبار لا صِغَار فيها، وَالجَلَد: الأرض الغليظة الصلبة. وَالجِلاد من الإبل تكون أقلَّ لبناً من الخُور، الواحدة جَلْدَة.

جمر الجيم والميم والراء أصلٌ واحدٌ : يدلُّ على التجمُّع. فالجمر جَمْر النَّار معروف، الواحد جمْرة، وَالجمّار جُمّار النخل وَجَامُورُهُ أيضاً، وهي شَحْمَةُ النَّخْلة. ويقال جَمَّرَ فلانٌ جيشَه إذا حبَسَهم في الغَزْوِ ولم يُقْفلْهُم إلى بلادهم، وحَافِرٌ مُجْمَرٌ: وَقَاحٌ صُلْبٌ مجتمع. وَالجَمَرَات الثلاثُ اللّواَتي بمكّة يُرْمَيْنَ من ذلك أيضاً، لتَجَمُّعِ ما هناك من الحصى.

وأمّا جمَرات العرب فقال قوم: إذا كان في القَبِيل ثلاثمائةِ فارسٍ فهي جَمْرَةٌ، وقال قوم: كلُّ قبيلٍ انضمُّوا وحاربوا غيرَهُم ولم يُحالفوا سواهم فهُمْ جمْرة. وكان أبو عبيدٍ يقول: جَمَرَاتُ العرب ثلاث: بنو ضَبَّة بن أُدّ، وبنو نُمير بن عامر، وبنو الْخرِث بن كعب، فطَفِئَتْ منهم جمرتان، وبقيت واحدة: طَفِئَت ضبّة لأنها حَالفت الرِّباب، وطَفِئَتْ بنو الْخرِث لأنّها حالفت مَذْحِجاً، وبقيت نُميرٌ لم تَطْفَأ، لأنّها لم تُحَالِفْ.

ويقال: جَمَّرَتِ المرأةُ شَعْرَها، إذا جمَعَتْهُ وعَقَدَتْهُ في قفائها، وهذا جَميرُ القوم أي مجتَمَعُهم، وقد أجْمَرَ القوم على الأمر: اجتَمَعُوا ـــ وابنُ جَميرٍ: اللّيلُ المظلم.

جمل الجيم والميم واللام أصلان: أحدهما تجمُّع وعِظَم الخَلْق، والآخر حُسْنٌ.

فالأوّل قولك أجْمَلْتُ الشَّيءَ، وهذه جُمْلَة الشَّيء، وَأجْمَلْتُه: حصّلته؛ وقال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} (الفرقان32).

ويجوز أنُ يكون الجَمَل من هذا، لِعظَم خَلْقه، وَالجُمَّل حَبْل غَليظ، وهو من هذا أيضاً. ويقال أجْمَل القومُ: كثُرت جمالُهم، وَالجُمَاليّ: الرَّجُل العظيم الخَلْق، كأنه شُبِّه بالجمل، وكذلك ناقةٌ جُمَالِيَّة. قال الفراء: {جِمَالاَتٌ} جمع جَمَل، وَالجِمَالات: ما جمع من الحِبال والقُلُوس.

والأصل الآخر الجَمَال، وهو ضدُّ القبح، ورجلٌ جميل وَجُمَّال؛ قال ابن قتيبة: أصله من الجمِيل وهو وَدَك الشَّحمِ المُذابِ، يراد أنَّ ماءَ السِّمَنِ يجري في وجهه. ويقال جَمَالَكَ أن تفعَلَ كذا، أي اجْمُل ولا تَفْعَلْه؛ قال أبو ذؤيب:

جَمَالَكَ أيُّها القلبُ الجريحُ

ستَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتستريحُ

وقالت امرأةٌ لابنتها: «تَجَمَّلِي وتَعَفَّفِي»، أي كُلِي الجَميلَ ـــ وهو الذي ذكرناه من الشَّحم المذاب ـــ واشربي العُفَافَة، وهي البقية من اللبن.

جهر الجيم والهاء والراء أصلٌ واحد، وهو إعلان الشَّيء وكَشْفُه وعُلُوّه: يقال جَهَرتُ بالكلام: أعلنتُ به، ورجلٌ جَهِير الصَّوت، أي عالِيهِ؛ قال:

أخاطِبُ جَهْراً إذْ لهُنَّ تَخَافُتٌ  وشَتَّانَ بينَ الجهْرِ والمَنْطِقِ الخَفْتِ

ومن هذا الباب: جَهَرت الشّيءَ، إذا كان في عينك عظيماً، وَجَهَرْت الرّجُل كذلك؛ قال:

كأنَّما زُهاؤُه لِمَنْ جَهَرْ

فأمّا العَيْن الجَهْراءُ فهي التي لا تُبْصر في الشمس. ويقال رأيْت جُهْرَ فلانٍ، أي هَيْئَتَه، قال:

وما غيَّبَ الأقوامُ تابِعَةَ الجُهْرِ

أيْ لم يقدِرُوا أن يغيِّبوا من خُبْره وما كان تابعَ جُهْره. ويقال جَهِيرٌ بَيِّنُ الجَهَارةُ، إذا كان ذا منظرٍ، قال أبو النجم:

وأرَى البَياضَ على النِّساء جَهاَرةً  والعِتْقُ أعرِفُهُ على الأَدْمَاءِ

ويقال جَهَرَنا بنِي فلانٍ، أي صبَّحناهم على غِرَّة، وهو من الباب، أي أتيناهم صباحاً، والصَّباح جَهْر. ويقال للجماعة الجَهْراء، ويقال إنّ الجَهْراء الرّابِية العَريضة.

جهل الجيم والهاء واللام أصلان: أحدهما خِلاف العِلْم، والآخر الخِفّة وخِلاف الطُّمَأْنِينَة.

فالأوّل الْجَهْل نقيض العِلْم، ويقال للمفازة التي لا عَلَمَ بها مَجْهَلٌ.

والثاني قولهم للخشبة التي يحرك بها الجَمْرُ مِجْهَل، ويقال استجهلت الرِّيحُ الغُصْنَ، إذا حرّكَتْه فاضطَرَب، ومنه قول النابغة:

دعاك الهَوَى وَاستجهلَتْك المنازلُ  وكيف تَصَابِي المرءِ والشَّيبُ شاملُ

وهو من الباب، لأنّ معناه استخفّتْك واستفزَّتك. وَالمَجْهَلَة: الأمر الذي يحملك على الجهل.

خرج الخاء والراء والجيم أصلان، وقد يمكن الجمعُ بينهما، إلاّ أنّا سلكْنا الطّريقَ الواضح: فالأول: النّفاذُ عن الشَّيء، والثاني: اختلافُ لونَين.

فأمّا الأول فقولنا خَرَج يخرُج خُروجاً، وَالخُرَاج بالجسد، وَالخَراج وَالخَرْج: الإتاوة، لأنّه مالٌ يخرجه المعطِي. وَالخَارجيُّ: الرَّجل المسوَّد بنفْسه، من غير أن يكون له قديم، كأنّه خَرَج بنفسه، وهو كالذي يقال:

نفْسُ عصامٍ سوّدَتْ عِصاما

وَالخُروج: خُروج السحابة، يقال ما أحسن خُروجَها، وفلان خِرّيجُ فلانٍ، إذا كان يتعلَّم منه، كأنّه هو الذي أخرجَه من حدّ الجهل. ويقال ناقة مُخْتَرِجَةٌ، إذا خرجْت على خِلْقة الجَمل، وَالخَرُوج: الناقةُ تخرُج من الإبل، تبرُك ناحية، وهو من الخُروج. وَالخَرِيج فيما يقال: لُعبةٌ لِفتيان العرب، يقال فيها: خَرَاجِ خَرَاجِ، قال الهذليّ:

أرِقْتُ له ذاتَ العِشاءِ كأنّه  مخاريقُ يُدعَى بينهن خَرِيجُ

وبنو الخارجِيَّة: قبيلة، والنّسبة إليه خارجيٌّ.

وأمّا الأصل الآخر: فالخَرَجُ لونانِ بين سوادٍ وبياض، يقال نعامةٌ خَرْجاءُ وظليمٌ أخرج، ويقال إنّ الخَرْجاء الشّاة تبيضّ رِجْلاها إلى خاصرتها.

ومن الباب أرض مخَرَّجَة، إذا كان نَبْتُها في مكانٍ دونَ مكان، وَخَرّجت الراعيةُ المَرْتَعَ، إذا أكلَتْ بعضاً وتركَتْ بعضاً، وذلك ما ذكرناه من اختلاف اللّونين.

عوي العين والواو والياء: أصلٌ صحيح يدلُّ على ليّ في الشىء وعطْفٍ له.

قال الخليل: عَوَيت الحبلَ عَيًّا إذا لويتَه، وعَوَيت رأس النّاقة، إذا عُجْتَه فانعوى، والناقة تَعْوِي بُرَتَها في سَيرها، إذا لوَتْها بخَطْمها، قال رؤبة :

تَعوِي البُرَى مُستوفِضاتٍ وَفْضا

أي سريعات، يصف النُّوقَ في سَيرها؛ قال: وتقول للرّجُل إذا دعا النّاسَ إلى الفتنة: عوى قومًا، واستعوى. فأمَّا عُوَاء الكلب وغيرِه من السباع فقريبٌ من هذا، لأنّه يَلوِيه عن طريق النَّبْح: يقال عَوَتِ السّباع تَعوِي عُواءً؛ وأمّا الكَلْبة المستحرِمة فإنَّها تسمَّى المعاوِيَة، وذلك من العُواء أيضًا، كأنَّها مُفاعلة منه. والعَوَّاء: نجمٌ في السماء، يؤنّث، يقال لها: «عوّاء البَرْد»، إذا طلعت جاءت بالبرد، وليس ببعيد أن تكون مشتقَّةً من العُواء أيضًا، لأنّها تأتي ببردٍ تعوي له الكلاب؛ ويقولون في أسجاعهم: «إذا طلعت العَوَّاء، جَثَمَ الشتاء، وطابَ الصّلاء»، وهي في هذا السَّجع ممدودة، وهي تمدُّ وتقصر. ويقولون على معنى الاستعارة لسافِلَة الانسان: العَوَّاء.

عبل العين والباء واللام أصلٌ صحيحٌ: يدلُّ على ضِخَم وامتداد وشِدّة. من ذلك العَبْلُ من الأجسام، وهو الضَّخم، تقول: عبُل يَعْبُل عَبالة، قال :

خبطناهم بكلّ أرحَّ لأمٍ  كمِرْضاحِ النَّوى عَبْلٍ وَقاحِ

الأرَحّ: الحافر الواسع.

ومن الباب الأعْبْلَ، وهو الحجر الصُّلب ذُو البياض، ويقال جبلٌ أعبلُ وصخرةٌ عَبْلاء، وقال أبو كبيرٍ الهذليّ يصف نابَ الذّئبةُ :

أخرجت منها سِلْقةً مهزولةً  عجفاءَ يبرق نابُها كالأعبَلِ

ومنه قولهم: هو عَبْلُ الذّراعين، أي غليظُهما مدِيدُهما، ومنه: ألقى عليه عَبالَّته، أي ثِقْله؛ ومحتمل أن يكون العَبَل، وهو ثمر الأرطى من هذا، ولعل فيه امتدادًا وطُولا.

عبد العين والباء والدال أصلانِ صحيحان، كأنَّهما متضادّان، و (الأول) من ذينك الأصلينِ يدلُّ على لِين وذُلّ، والآخر على شِدّة وغِلَظ.

فالأوّل العَبْد، وهو المملوك، والجماعةُ العبيدُ، وثلاثةُ أعبُدٍ. وهم العِبادُ، قال الخليل: إلاّ أنّ العامة اجتمعوا على تفرِقة ما بين عباد الله والعبيدِ المملوكين؛ يقال: هذا عبدٌ بيّن العُبُودَة، ولم نسمَعْهم يشتقُّون منه فعًلا، ولو اشتق لقيل عَبُد، أي صار عبدًا وأقرَّ بالعُبُودة، ولكنّه أُمِيت الفعلُ فلم يُستعمل؛ قال: وأمّا عَبَدَ يَعبُد عبادةً فلا يقال إلاّ لمن يعبدُ الله تعالى، يقال منه عَبَد يعبُد عبادة، وتعبَّد يتعبّد تعبّدًا. فالمتعبّد: المتفرّد بالعبادة، واستعبدتُ فلانًا: اتخذتُه عبدًا، وأمّا عَبْدٌ في معنى خَدَم مولاه؛ فلا يقال عبَدَه، ولا يقال يعبُد مَولاه؛ وتعبَّدَ فلانٌ فلانًا، إذا صيَّره كالعبد له وإن كان حُرًّا، قال :

تَعبَّدَني نِمْرُ بنُ سعدٍ وقد أُرى  ونِمْرُ بنُ سعدٍ لي مطيع ومُهْطِعُ

ويقال: أعْبَدَ فلانٌ فلانًا، أي جعله عبدا. ويقال للمشركين: عَبَدة الطّاغوتِ والأوثان، وللمسلمين: عُبّادٌ يعبدون الله تعالى، وذكر بعضُهم: عابد وعَبَد، كخادم وخَدَم؛ وتأنيثُ العَبْد عَبْدَةٌ، كما يقال مملوك ومملوكة، قال الخليل: والعِبِدَّاء: جماعة العَبِيد الذين وُلِدُوا في العُبودة.

ومن الباب البعير المعبَّد، أي المهنُوء بالقَطِران، وهذا أيضًا يدلُّ على ما قلناه لأنّ ذلك يُذِلُّه ويَخفِض منه، قال طرفة :

إلى أن تحامَتْنِي العشيرةُ كلُّها  وأُفرِدْتُ إفرادَ البَعير المعبَّدِ

والمعبّد: الذّلول، يوصَف به البعير أيضًا؛

ومن الباب: الطريق المُعَبَّد، وهو المسلوك المذلَّل.

والأصل الآخَر العَبَدة، وهي القُوّة والصّلابة، يقال هذا ثوبٌ له عَبَدة، إذا كان

عبر العين والباء والراء أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على النفوذ والمضيّ في الشىء. يقال: عَبَرت النّهرَ عُبُورًا، وعَبْر النهر: شَطُّه؛ ويقال: ناقةٌ عُبْرُ أسفارٍ: لا يزال يُسافَرُ عليها، قال الطّرِمّاح :

قد تبطَّنْتُ بِهِلْوَاعةٍ  عُبْرِ أسفارٍ كَتُوم البُغَامْ

والمَعْبَر: شطّ نهرٍ هُيّء للعُبور. والمِعْبَر: سفينة يُعبَر عليها النّهر؛ ورجل عابرُ سبيلٍ، أي مارّ، قال الله تعالى: {وَلاَ جُنُبًا إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} (النساء43). ومن الباب العَبْرَة، قال الخليل: عَبْرَة الدمع: جَرْيُه، قال: والدَّمع أيضًا نفسُه عَبْرَة، قال امرؤ القيس :

وإنّ شِفائي عَبْرَةٌ إن سَفَحتُها  فهلْ عند رسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّلِ

وهذا من القياس، لأنَّ الدّمع يعبُرُ، أي ينفُذ ويَجري، والذي قاله الخليل صحيحٌ يدلٌ على صِحّة القياس الذي ذكرناه.

وقولهم: عَبِرَ فلانٌ يَعْبَرُ عَبَرًا من الحزن، وهو عَبْرَانُ، والمرأةُ عَبْرَى وعَبِرَةٌ، فهذا لا يكون إلاَّ وثَمَّ بكاء؛ ويقال: استَعْبَرَ، إذا جَرَتْ عَبْرَتُه، ويقال من هذا: امرأةٌ عابر، أي بها العَبَر، وقال :

يقولُ لي الجَرْمِيُّ هل انت مُرْدِفِي  وكيف رِدَافُ الفَلّ أمُّك عابِرُ

فهذا الأصل الذي ذكرناه. ثم يقال لضرب من السدر عُبْرِيٌّ، وإنما يكون كذلك إذا نَبَتَ على شُطوط الأنهار ـــ والشّطُّ يُعْبَرُ ويعبر إليه ـــ قال العجاج :

لاثٍ بها الأشاءُ والعُبْرِيُّ

الأَشَاء: الفَسِيل، الواحدة أَشَاءة، وقد ذكرناه؛ ويقال إنّ العُبْريَّ لا يكون إلاّ طويًلا، وما كان أصغَرَ منه فهو الضَّالُ، قال ذو الرُّمَّة :

قد قَطعْتُ إذا تجوّفت العواطِي  ضُرُوبَ السّدْرِ عُبْرِيًّا وضَالا

ويقال: بل الضّالُ ما كان في البَرّ.

ومن الباب: عَبَرَ الرُّؤْيا يعبرها عَبْرًا وعِبارة، ويُعبّرُها تعبيرًا، إِذا فسَّرَها، ووجه القياس في هذا عُبُور النَّهْر، لأنه يصير من عَبْر إلى عَبْر؛ كذلك مفسّر الرُّؤيا يأخُذُ بها من وجهٍ إلى وجهٍ، كأن يُسأل عن الماء، فيقول: حياة، ألا تراه قد عَبَر في هذا من شىءٍ إلى شىء.

ومما حُمِل على هذه: العِبارة، قال الخليل: تقول: عَبَّرت عن فلانٍ تعبيرًا، إذا عَيَّ بحُجّته فتكلَّمت بها عنه، وهذا قياسُ ما ذكرناه، لأنّه لم يقدِر على النُّفوذ في كلامه فنفَذَ الآخَر بها عنه.

فأمّا الاعتبار والعِبْرة فعندنا مقيسانِ من عِبْرِيْ النَّهر، لأن كلَّ واحدٍ منهما عِبرٌ مساوٍ لصاحبه: فذاك عِبرٌ لهذا، وهذا عِبرٌ لذاك، فإذا قلت اعتبرت الشَّىء، فكأنك نظرتَ إلى الشَّىء فجعلتَ ما يَعْنِيك عِبرًا لذاك، فتساويا عندك، هذا عندنا اشتقاقُ الاعتبار؛ قال الله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي اْلأَبْصَارَ} (الحشر2)، كأنّه قال: انظروا إلى مَنْ فعل ما فَعل فعُوقِب بما عوقب به، فتجنَّبوا مثلَ صنيعهم لئلاَّ ينْزل بكم مثلُ ما نَزَل بأولئك ـــ ومن الدَّليل على صِحَّة هذا القياس الذي ذكرناه، قولُ الخليل: عَبَّرت الدَّنانيرَ تعبيرًا، إذا وزَنْتَها دينارًا (دينارًا)، قال: والعِبرة: الاعتبارُ بما مضى.

ومما شذَّ على الأصل: المُعْبَر من الجِمال: الكثير الوَبر، والمُعْبَر من الغِلمان: الذي لم يُخْتَن، وما أدرِي ما وجهُ القياس في هذا، وقال في المُعْبَر الذي لم يُختَن بشرُ بن (أبـي) خازم :

.... وارمُ العَفـل مُعْبَـرُ

ومن هذا الشّاذّ: العبير، قال قوم: هو الزَّعفران. وقال قوم: هي أخلاط طِيب.

فرس الفاء والراء والسين أُصَيل يدلُّ على وطءِ الشَّىء ودقّه. يقولون: فَرَسَ عنقه، إذا دقَّها، ويكون ذلك من دقّ العُنق من الذَّبيحة؛ ثم صيّر كلُّ قتلٍ فَرْسا، يقال: فرَسَ الأسدُ فريستَه، وأبو فِراسٍ: الأسد. وممكنٌ أن يكون الفَرَس من هذا القياسِ، لركلِهِ الأرضَ بقوائمه ووَطْئِه إيَّاها؛ ثمَّ سمّيَ راكبُه فارسًا، يقولون: هو حسَنُ الفُروسيَّة والفَراسة. ومن الباب: التفرُّس في الشَّىء، كإِصابة النَّظر فيه، وقياسه صحيح.

باب ما جاء من كلام العرب على أكثَر من ثلاثة أحرف

اعلم أنّ للرُّباعيّ والخُماسيّ مذهباً في القياس، يَستنبِطه النَّظرُ الدَّقيق. وذلك أنّ أكثر ما تراه منه منحوتٌ، ومعنى النَّحت أن تُؤخَذَ كلمتان وتُنْحَتَ منهما كلمةٌ تكون آخذةً منهما جميعاً بحَظَ. والأصل في ذلك ما ذكره الخليل من قولهم حَيْعَلَ الرَّجُل، إذا قالَ حَيَّ عَلى.

ومن الشيءِ الذي كأنَّه متَّفَقٌ عليه قولهم عَبْشَمّى: وقوله:

... تَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ

فعلى هذا الأصل بَنَيْنَا ما ذكرناه من مقاييس الرُّباعي، فنقول: إنَّ ذلك على ضربين: أحدهما المنحوت الذي ذكرناه، والضَّرْب الآخر (الموضوع) وضعاً لا مجالَ له في طُرق القياس، وسنبيِّن ذلك بعَون الله.

فممّا جاءَ منحوتاً من كلام العرب في الرُّباعي

البُلعُوم مَجْرَى الطَّعامِ في الحَلْق، وقد يحذف فيقال بُلْعُم. وغير مُشْكلٍ أنَّ هذا مأخوذٌ من بَلِعَ، إلاّ أنّه زِيد عليه ما زِيدَ لجنسٍ من المبالغة في معناه، وهذا وما أشبهه توطِئةٌ لما بعده.

ومن ذلك بَحْثَرْتُ الشيءَ، إذا بَدّدته، وَالبَحْثَرَة: الكَدَر في الماء. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من بحثْتُ الشَّيء في التراب ـــ وقد فُسِّر في الثلاثي ـــ ومن البَثر الذي يَظْهَر على البَدَن، وهو عربيٌّ صحيحٌ معروف، وذلك أنَّه يَظْهَرُ متفرِّقاً على الجِلْد.

ومن ذلك بَحْثَرْتُ الشيءَ، إذا بَدّدته، وَالبَحْثَرَة: الكَدَر في الماء. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من بحثْتُ الشَّيء في التراب ـــ وقد فُسِّر في الثلاثي ـــ ومن البَثر الذي يَظْهَر على البَدَن، وهو عربيٌّ صحيحٌ معروف، وذلك أنَّه يَظْهَرُ متفرِّقاً على الجِلْد

ومن ذلك السَّحْبَل: الوادي الواسع، وكذلك القِرْبة الواسعة: سَحْبلة؛ فهذا منحوت من سحل إذا صبّ، ومن سَبَل، ومن سَحَبَ إذا جرى وامتدّ، وهي منحوتةٌ من ثلاث كلمات: تكون الحاء زائدة مرَّة، وتكون الباء زائدة، وتكون اللام زائدة.

ومن ذلك الغَطْرسة: التكبُّر، وهذا ممّا زيدت فيه الراء؛ وهو من الغَطْس كأنَّه يَغلِبُ الإنسانَ ويقهرُه حتَّى كأنَّه غَطَسه، أيّ غطَّسه.

ومن ذلك المُغَثْمَرُ، وهو الثَوْب الخشنُ الرَّدىء النَّسْج، قال :

عَمْدًا كسوتُ مُرْهِبًا مُغَثْمَرا  ولو أشاءُ حِكْتُهُ مُحَبَّرًا

يقول: ألبستُهُ المغَثْمَرَ لأدفع به عنه العينَ؛ وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من غثم وغثر، أمّا غثر فمن الغُثْر، وهو كلُّ شىء دُونٍ. وأمّا غثم فمن الأغثم: المختلط السَّواد بالبياض.

باب من الرباعي آخر

ومن هذا الباب ما يجيءُ على الرُّباعي وهو من الثلاثي على ما ذكرناه، لكنَّهم يزيدون فيه حرفاً لمعنىً يريدونه مِنْ مبالغةٍ، كما يفعلون ذلك في زُرْقُمٍ وخَلْبَنٍ، لكن هذه الزيادَة تقع أوّلاً وغيرَ أوّلٍ.

ومن ذلك البَحْظَلَة قالوا: أنْ يَقفِزَ الرَّجُل قَفَزانَ اليَربوع، فالباء زائدةٌ؛ قال الخليل: الحاظل الذي يمشي في شِقِّه، يقال مَرَّ بنا يْحَظَلُ ظالِعاً.

ومن ذلك البِرْشاع الذي لا فُؤاد له. فالرَّاء زائدة، وإنما هو من الباء والشين والعين، وقد فُسِّر.

ومن ذلك البَرْغَثَة، الراء فيه زائدة وإنما الأصل الباء والغين والثاء. والأبغث من طير الماء كلون الرَّماد، فالبَرْغَثَةُ لونٌ شبيهٌ بالطُّحْلة، ومنه البُرْغُوث.

ومن ذلك البَرْجَمَةُ: غِلَظُ الكَلام، فالراء زائدةٌ، وإنَّما الأصل البَجْم. قال ابنُ دريد: بَجَم الرّجُل يَبْجُمُ بُجُوماً، إذا سكَتَ من عِيَ أو هَيْبَةٍ، فهو باجِمٌ.

ومن ذلك بَرْعَمَ النَّبْتُ إذا استدارَتْ رُءُوسُه، والأصل بَرَع إذا طال

ومن ذلك البَرْكَلَةُ وهو مَشْيُ الإنسان في الماء والطِّين، فالباء زائدةٌ، وإنما هو من تَرَكَّلَ إذا ضَرَبَ بإحدى رجليه فأدخلها في الأرض عند الحفْر.

ومن ذلك الفَرقَعة: تنقيضُ الأصابع، وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله فَقَع، وقد ذكر.

الباب الثالث من الرباعي: الذي وضع وضعاً

البُهْصُلَةُ: المرأة القَصِيرة، وحمار بُهْصُلٌ قصير.

وَالبُخْنُق: البُرْقُع القصير، وقال الفرّاء: البُخْنُق خِرْقةٌ تَلْبَسُها المرأة تَقِي بها الخِمَار الدُّهْنَ.

البَلْعَثُ: السّيِء الخُلُق. ا

لبَهْكَثَةُ: السُّرْعة.

البَحْزَج: وَلَدُ البَقَرة

وكذلك البُرْغُزُ. بَرْذَنَ الرَّجُل: ثَقُل.

البرازِق: الجماعات.

البُرْزُلُ: الضخم. ناقة بِرْعِس: غَزِيرة.

بَرْشَط اللَّحْمَ: شَرْشَرَهُ.

بَرْشَمَ الرَّجُلُ، إذا وَجَمَ وأظهر الحُزْن،

وَبَرْهَم إذا إدامَ النظَر؛ قال:

ونَظَراً هَوْنَ الهُوَيْنَى بَرْهَمَا

البَرْقَطَة: خَطْوٌ متقارب، والله أعلَمُ بالصَّواب.

وممّا وضع وضعًا وليس ببعيدٍ أن يكون له قياس: غَرْدَقْتُ السَّتْرَ: أرسلتُه،

والغُرْنُوق: الشاب الجميل. والغُرْنَيْق طائر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16432431
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة