قصيدة: جراح الشام / شعر؛ د. محمود السيد الدغيم، كتبتها في الطائرة من لندن إلى إستانبول: الخميس 15 ربيع الأول 1433 هـ / 8 آذار/ مارس 2012م
وَقَفَتْ تُعَاْتِبُنِي الْفَتَاْةُ وَعِنْدَمَاْ * شَاْهَدْتُهَا الْقَلْبُ الْحَزِيْنُ تَبَسَّمَاْ
وَهُنَاْ وَقَفْتُ بِأَرْضِ أَهْلِيْ حَاْئِراً * وَالْعَقْلُ يَأْبَىْ أَنْ تَقُوْلَ وَأَفْهَمَاْ
وَقَفَتْ تُعَاْتِبُنِي الْفَتَاْةُ وَعِنْدَمَاْ * شَاْهَدْتُهَا الْقَلْبُ الْحَزِيْنُ تَبَسَّمَاْ
وَهُنَاْ وَقَفْتُ بِأَرْضِ أَهْلِيْ حَاْئِراً * وَالْعَقْلُ يَأْبَىْ أَنْ تَقُوْلَ وَأَفْهَمَاْ
***
رابط المشاهدة والاستماع : اضغط هنا
***
قصيدة: جراح الشام / شعر؛ د. محمود السيد الدغيم
الطائرة من لندن إلى إستانبول: الخميس 15 ربيع الأول 1433 هـ / 8 آذار/ مارس 2012م
وَقَفَتْ تُعَاْتِبُنِي الْفَتَاْةُ وَعِنْدَمَاْ
شَاْهَدْتُهَا الْقَلْبُ الْحَزِيْنُ تَبَسَّمَاْ
وَهُنَاْ وَقَفْتُ بِأَرْضِ أَهْلِيْ حَاْئِراً
وَالْعَقْلُ يَأْبَىْ أَنْ تَقُوْلَ وَأَفْهَمَاْ
فَهَتَفْتُ: هَيَّاْ أَخْبِرِيْنِيْ؛ مَاْ جَرَىْ؟
فِيْ أَرْضِ حِمْصَ، وَبَلِّغِيْنِيْ عَنْ حَمَاْ
هَيَّا اخْبِرِيْنِيْ عَنْ مَعَاْرِكِ ثَوْرَةٍ
نَصَبَتْ لَهَاْ بَيْنَ الضُّلُوْعِ مُخَيَّمَاْ
لاْ تَكْتُمِيْ خَبَرَ الشَّهَاْدَةِ؛ إِنَّنِيْ
أَرْجُوْ مِنَ الأَرْوَاْحِ أَنْ تَتَكَلَّمَاْ
لَيْتَ الْمَقَاْبِرَ أَخْبَرَتْنِيْ عَنْهُمُ
حَتَّىْ أَكُوْنَ عَلَى الْمَعَاْرِكِ قَيِّمَاْ
فَأَنَاْ بِأَهْلِ الشَّاْمِ صَبٌّ مُغْرَمٌ
وَالْقَلْبُ قَدْ هَجَرَ الْبِلاْدَ وَأَشْأَمَاْ
فَالشَّاْمُ تَسْكُنُ فِي الْفُؤَاْدِ وَإِنَّنِيْ
حَصَّنْتُ بِالثُّوَّاْرِ قَلْباً يَمَّمَاْ
نَحْوَ الشَّآمِ، وَنَحْوَ مَنْ ضَحَّىْ بِهَاْ
وَاشْتَاْقَ أَنْ يَلْقَى الْجَمِيْعَ مُسَلِّمَاْ
قَاْلَتْ: لَعَمْرُكَ إِنَّ إِدْلِبَ أَبْدَعَتْ
لَمَّاْ رَمَتْ نَحْوَ الْعَدُوِّ الأَسْهُمَاْ
فَمَعَرَّةُ النُّعْمَاْنِ تَرْدَعُ طَاْغِياًًّ
عِلْجاً خَبِيْثاً رَاْفِضِياًّ أَعْجَمَاْ
وَلِخَاْنِ شَيْخُوْنَ الأَبِيَّةِ سُمْعَةٌ
حَرْبِيَّةٌ غَنِمَتْ لَعَمْرُكَ مَغْنَمَاْ
أَمَّاْ سَرَاْقِبُ فَالشَّجَاْعَةُ وَالنَّدَىْ
فِيْهَاْ تَعُوْدُ عَلَى الْمُوَاْطِنِ أَنْعُمَاْ
وَبِجَرْجَنَاْزَ جَسَاْرَةٌ وَطَهَاْرَةٌ
وَبِأَرْضِهَاْ صَلَّى الشُّجَاْعُ وَسَلَّمَاْ
فِيْ كُلِّ بَيْتٍ مِنْ بُيُوْتِ سُرَاْتِهَاْ
وَضَعَ الْجِهَاْدُ مِنَ الْمُجَاْهِدِ تَوْأَمَاْ
وَهُنَاْكَ مَاْ بَيْنَ الْفُرُوْعِ قَرَاْبَةٌ
قُرَشِيَّةٌ، وَإِلَى الْحِجَاْزِ الْمُنْتَمَىْ
فِيْهَاْ بَنُوْ الْمُخْتَاْرِ أَشْجَعُ عِتْرَةٍ
وَبِطُهْرِهِمْ شَرَفُ الأَنَاْمِ تَتَمَّمَاْ
وَبِهَاْ فُؤَاْدِيْ ثَاْئِرٌ مُسْتَنْفِرٌ
بِرُبُوْعِهَاْ مُنْذُ الْوِلاْدَةِ خَيَّمَاْ
سُكَّاْنُهَاْ عَرَبٌ كِرَاْمٌ حَيْثُمَا
اسْتَنْفَرْتُهُمَ خَشَعَ الشَّهِيْدُ وَأَحْرَمَاْ
أَكْرِمْ بِهَاْ مِنْ بَلْدَةٍ عَرَبِيَّةٍ
عُرِفَتْ حَرَاْئِرُهَاْ بِعِفَّةِ مَرْيَمَاْ
وَشَبَاْبُهَاْ رَصْدٌ لِجَيْشِ عَدُوِّهِمْ
مُنْذُ الطُّفُوْلَةِ ثَاْئِرُوْنَ وَقَبْلَ مَاْ
وُلِدُوْا فَكَاْنُوْا قَاْدَةً ثَوْرِيَّةً
عَصَتِ الْعُصَاْةَ جَمِيْعَهُمْ وَالُّلوَّمَاْ
وَالَّلاْذِقِيَّةُ لَمْ تَذُقْ نَوْمَ الْهَنَاْ
مُذْ زَاْرَهَاْ جَيْشُ الْقُرُوْدِ وَحَوَّمَاْ
وَرَمَىْ مِنَ الْبَحْرِ الْحَزِيْنِ قَذَاْئِفاً
فَظَنَنْتُهَاْ تَحْتَ الدُّخَاْنِ جَهَنَّمَاْ
وَالْقِرْدُ شَبَّحَ فِي السَّوَاْحِلِ وَانْتَشَىْ
وَرَأَىْ بِجَبْلَةَ ثَاْئِرِيْنَ فَأَحْجَمَاْ
لَكِنَّ أَبْنَاْءَ الْعُلُوْجِ تَجَاْسَرُوْا
خَطَأً؛ وَأَدْرَكَ جَيْشُهُمْ مَاْ يَمَّمَاْ
عَاْثُوْا فَسَاْداً فِي الْبِلاْدِ وَأَفْحَشُوْا
وَالْعِلْجُ أَلْقَىْ خُطْبَةًً فَتَلَعْثَمَاْ
بِالأَمْسِ دَرْعَاْ شَيَّعَتْ شُهَدَاْءَهَاْ
وَبَكَتْ فَنَاْحَ حَمَاْمُهَاْ مُتَرَنِّمَاْ
وَبَكَتْ بِحَوْرَاْنَ الْمَزَاْرِعُ وَالْقُرَىْ
وَالْعَيْشُ أَمْسَىْ مُحْزِناً وَمُعَتَّمَاْ
غَاْبَتْ بُدُوْرُ الرَّاْحِلِيْنَ فَلاْ أَرَىْ
بَدْراً يُحَاْوِرُ فِي السَّمَاْءِ الأَنْجُمَاْ
وَتَذَكَّرَ الْيَرْمُوْكُ مَجْدَ جُدُوْدِنَاْ
لَمَّاْ رَأَىْ مَجْمُوْعَنَاْ مُتَشَرْذِمَاْ
قَاْلَ اهْجُمُوْا؛ هَيَّاْ، وَلاْ تَتَفَرَّقُوْا
وَدَعُوْا جَبَاْناً خَاْئِناً مُسْتَسْلِمَاْ
وَتَعَاْوَنُوْا كَيْ تَهْزِمُوْا أَعْدَاْءَكُمْ
وَاسْتَبْسِلُوْا حَتَّىْ تَفُكُّوا الطَّلْسَمَاْ
هَيَّا اقْتُلُوهُمْ حَيْثُمَاْ حَلُّوْا فَقَدْ
خَاْنُوْا بِنَاْ، وَلأَجْلِنَاْ بَكَتِ السَّمَاْ
جَلَبُوْا إِلَى الشَّاْمِ الْعَزِيْزَةِ نَكْبَةً
وَالنَّذْلُ فِيْ مَدْحِ الْخَسِيْسِ تَرَنَّمَاْ
فَجِرَاْحُ أَهْلِ الشَّاْمِ آلَمَتِ الْوَرَىْ
وَبِهَا الْعَدُوُّ الْبَاْطِنِيُّ تَحَكَّمَاْ
وَرَأَيْتُ بَاْبَاْ عَمْرَو يَنْعِيْ أُمَّةً
مَفْتُوْنَةً بِالْجُبْنِ تَقْتُلُ مُسْلِمَاْ
أَلْقَىْ عَلَى الثُّوَّاْرِ خُطْبَةَ ثَاْئِرٍ
عَصْمَاْءَ تُزْعِجُ خَاْئِناً وَمُعَمَّمَاْ
وَسَمِعْتُ مِنْ نَهْرِ الْفُرَاْتِ مَقَاْلَةٍ
وَالنَّهْرُ عَنْ فَحْوَىْ الْمُصَاْبِ تَكَلِّمَاْ
وَأَفَاْدَنَا الْعَاْصِيْ بِقَوْلٍ فَيْصَلٍ:
بَعَثَ الصَّوَاْعِقَ فِي الصُّدُوْرِ وَأَضْرَمَاْ
هِيَ أُمَّةٌ نَاْمَتْ، وَلَمْ تَعْبَأْ بِنَاْ
وَتَعَلَّلَتْ زُوْراً بِلَيْتَ؛ وَرُبَّمَاْ
خَاْفَتْ مِنَ الْفُرْسِ الْمَجُوْسِ؛ وَذَيْلِهِمْ
فَأَطَاْعَ قَاْدَتُهَا الضِّعَاْفُ الْمُجْرِمَاْ
صَنَعَتْ مِنَ الْعَاْصِيْ حُدُوْدَ دُوَيْلَةٍ
صَفَوِيَّةٍ قَاْمَتْ عَلَىْ نَهْرِ الدِّمَاْ
فَإِذَاْ بِإِبْنِ أَنِيْسَةٍ مُتَغَطْرِساً
يَرْمِي الْجَوَاْمِعَ؛ وَالْقُبُوْرَ مُحَطِّمَاْ
كَلِفاً بِقَتْلِ الْمَاْجِدَاْتِ, وَصِهْرُهُ
وَشَقِيْقُهُ أَعْدَاْؤُنَاْ؛ وَهُمَاْ؛ هُمَاْ
صِلاَّنِ مَلْعُوْنَاْنِ؛ نَسْلُ عِصَاْبَةٍ
مَسْمُوْمَةٍ تَجْنِيْ، وَتُفْسِدُ مِثْلَمَاْ
فَعَلَ الْمَجُوْسُ الْمُجْرِمُوْنَ بِأُمَّةٍ
عَرَبِيَّةٍ تَشْكُو رِمَاْيَةَ مَنْ رَمَىْ
وَعَدُوُّهَاْ يَبْغِىْ عَلَىْ ضُعَفَاْئِهَاْ
وَخَؤُوْنُهَاْ يَشْكُو التَّبَلُّدَ؛ وَالْعَمَىْ
عَاْرٌ عَلَىْ أَبْنَاْءِ يَعْرُبَ إِنْ رَأَوْا
عُصَبَ الرَّوَاْفِضِ تَنْتَهِكْنَ مُحَرَّمَاْ
وَيَقُوْدُهَا الْقِرْدُ النُّصَيْرِيُّ الَّذِيْ
خَاْنَ الْبِلاْدَ خِيَاْنَةً؛ وَتَجَهَّمَاْ
مَاْ لِلْعُرُوْبَةِ سَلَّمَتْ أَبْنَاْءَهَاْ؟
وَاسْتَعْذَبَتْ شُرْبَ الْمَذَلَّةِ عَلْقَمَاْ
إِنَّ الْعُرُوْبَةَ لِلْكِرَاْمِ فَضِيْلَةٌ
وَرَذِيْلَةٌ لِمَنْ انْحَنَىْ؛ وَاسْتَسْلَمَاْ
أَيْنَ الْحَمِيَّةُ؛ وَالْحِمَاْيَةُ؛ وَالْحِمَىْ
لَيْلاً أَقَاْمَ الْحُزْنُ فِيْهِ؛ وَخَيَّمَاْ
يُمْسِيْ، وَيُصْبِحُ تَحْتَ قَصْفٍ قَاْتِلٍ
مِنْ كُلِّ فَجٍّ كَالْخِضَمِّ إِذَاْ طَمَاْ
وَتَرَى الْجُيُوْشَ تُقَاْدُ مِنْ أَعْدَاْئِنَاْ
وَفَرِيْقُهَاْ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ أَجْرَمَاْ
وَعِمَاْدُهَاْ كَعَمِيْدِهَاْ مُتَآمِرٌ
رَضِعَ التَّآمُرَ صَاْغِراً لَنْ يُفْطَمَاْ
يَاْ أَيُّهَا الْجُنْدِيُّ أَهْلُكَ هَاْ هُنَاْ
يَتَبَاْدَلُوْنَ مَحَبَّةً؛ وَتَكَرُّمَاْ
دَعْ طَاْعَةَ الأَشْرَاْرِ؛ لاْ تَعْبَأْ بِهَاْ
كَيْ لاْ تَكُوْنَ مَدَى الْحَيَاْةِ مُحَطَمَاْ
وَإِذَاْ تَلَقَّيْتَ الأَوَاْمِرَ؛ فَانْتَفِضْ
إِنْ كُنْتَ بِالْوَطَنِ الْمُوَحَّدِ مُغْرَمَاْ
وَانْصُرْ أَخَاْكَ عَلَى الْعُلُوْجِ؛ وَلاْ تَكُنْ
أُلْعُوْبَةً مَلْعُوْبَةً بَيْنَ الدُّمَىْ
أَمِطِ اللِّثَاْمَ، وَلاْ تَخَفْ مِنْ مُجْرِمٍ
أَوْ بَاْطِنِّيٍّ بِالنِّفَاْقِ تَلَثَّمَاْ
لَكَ فِي الْعُرُوْبَةِ أُخْوَةٌ، وَأُخُوَّةٌ
لَنْ يَخْذُلُوْكَ مَعَ النُّصَيْرِيْ كُلَّمَاْ
أَمَرَ الْمَجُوْسُ بِقَتْلِ شَعْبٍ آمِنٍ
أَلِفَ الْكَرَاْمَةَ؛ وَالْكِرَاْمَ تَكَرُّمَاْ
لَكَ ثَوْرَةٌ سُوْرِيَّةٌ مَنْصُوْرَةٌ
مَهْمَاْ عَدُوُّ الثَّاْئِرِيْنَ تَوَهَّمَاْ
أَبْنَاْؤُهَاْ صِيْدٌ أُبَاْةٌ قَرَّرُوْا:
كَفَّ الأَذَىْ بِمَعَاْرِكٍ تَرْوِي الظَّمَاْ
وَالشَّعْبُ قَرَّرَ أَنْ يَعِيْشَ مُكَرَّماً
وَمُبَجَّلاً، وَعَلَى التَّحَرُّرِ أَقْسَمَاْ
حَتَّىْ يَعِيْشَ مُعَزَّزاً فِيْ أَرْضِهِ
وَالْحُرُّ أَمْسَىْ بِالْوَفَاْءِ مُتَيَّمَاْ
لَوْلاْ شَجَاْعَتُهُ، وَطُوْلُ صُمُوْدِهِ
لَرَأَيْتَ سُوْرِياَّ تُؤَيِّدُ أَبْكَمَاْ
مَهْمَا اسْتَمَرَّ الظَّاْلِمُوْنَ بِظُلْمِهِمْ
فَسَيُدْعَسُوْنَ كَمَاْ دَعَسْنَاْ رُسْتُمَاْ
سَتَعِيْشُ سُوْرِيَّاْ حَيَاْةً حُرَّةً
وَالْمَجْدُ مَهْمَا اهْتَزَّ لَنْ يَتَهَدَّمَاْ
ثَاْرَتْ بِلاْدُ الشَّاْمِ ضِدَّ مُهَرْطِقٍ
وَالشَّعْبُ ضَحَّىْ وَاسْتَخَاْرَ وَأَنْعَمَاْ
وَبِأَرْضِ سُوْرِيَّاْ تُدَوِّيْ ثَوْرَةٌ
وَالشَّعْبُ يَصْنَعُ بِالشَّهَاْدَةِ سُلَّمَاْ
يَرْقَىْ بِهِ أَعْلَى الْمَعَاْلِيْ نَاْطِقاً
بِجَلِيْلِ مَاْ قَاْلَ الشَّهِيْدُ؛ وَعَظَّمَاْ
ثُوَّاْرُنَاْ نَفَرُوْا، وَقَلَّ تَخَاْذُلٌ
وَالذُّلُّ وَلَّىْ وَالشُّجَاْعُ تَقَدَّمَاْ
هَذَاْ هُوَ النَّصْرُ الْمُبِيْنُ؛ فَكَبِّرُوْا
وَاسْتَبْشِرُوْا، فَالشَّعْبُ ثَاْرَ؛ وَصَمَّمَاْ
أَمْسَتْ دِيَاْرُ الْمُسْلِمِيْنَ حَصِيْنَةً
لِلثَّاْئِرِيْنَ، وَلِلْكَرَاْمَةِ مَوْسِمَاْ
هذه القصيدة من البحر الكامل.
الطائرة من لندن إلى إستانبول: الخميس 15 ربيع الأول 1433 هـ / 8 آذار/ مارس 2012م
وَقَفَتْ تُعَاْتِبُنِي الْفَتَاْةُ وَعِنْدَمَاْ
شَاْهَدْتُهَا الْقَلْبُ الْحَزِيْنُ تَبَسَّمَاْ
وَهُنَاْ وَقَفْتُ بِأَرْضِ أَهْلِيْ حَاْئِراً
وَالْعَقْلُ يَأْبَىْ أَنْ تَقُوْلَ وَأَفْهَمَاْ
فَهَتَفْتُ: هَيَّاْ أَخْبِرِيْنِيْ؛ مَاْ جَرَىْ؟
فِيْ أَرْضِ حِمْصَ، وَبَلِّغِيْنِيْ عَنْ حَمَاْ
هَيَّا اخْبِرِيْنِيْ عَنْ مَعَاْرِكِ ثَوْرَةٍ
نَصَبَتْ لَهَاْ بَيْنَ الضُّلُوْعِ مُخَيَّمَاْ
لاْ تَكْتُمِيْ خَبَرَ الشَّهَاْدَةِ؛ إِنَّنِيْ
أَرْجُوْ مِنَ الأَرْوَاْحِ أَنْ تَتَكَلَّمَاْ
لَيْتَ الْمَقَاْبِرَ أَخْبَرَتْنِيْ عَنْهُمُ
حَتَّىْ أَكُوْنَ عَلَى الْمَعَاْرِكِ قَيِّمَاْ
فَأَنَاْ بِأَهْلِ الشَّاْمِ صَبٌّ مُغْرَمٌ
وَالْقَلْبُ قَدْ هَجَرَ الْبِلاْدَ وَأَشْأَمَاْ
فَالشَّاْمُ تَسْكُنُ فِي الْفُؤَاْدِ وَإِنَّنِيْ
حَصَّنْتُ بِالثُّوَّاْرِ قَلْباً يَمَّمَاْ
نَحْوَ الشَّآمِ، وَنَحْوَ مَنْ ضَحَّىْ بِهَاْ
وَاشْتَاْقَ أَنْ يَلْقَى الْجَمِيْعَ مُسَلِّمَاْ
قَاْلَتْ: لَعَمْرُكَ إِنَّ إِدْلِبَ أَبْدَعَتْ
لَمَّاْ رَمَتْ نَحْوَ الْعَدُوِّ الأَسْهُمَاْ
فَمَعَرَّةُ النُّعْمَاْنِ تَرْدَعُ طَاْغِياًًّ
عِلْجاً خَبِيْثاً رَاْفِضِياًّ أَعْجَمَاْ
وَلِخَاْنِ شَيْخُوْنَ الأَبِيَّةِ سُمْعَةٌ
حَرْبِيَّةٌ غَنِمَتْ لَعَمْرُكَ مَغْنَمَاْ
أَمَّاْ سَرَاْقِبُ فَالشَّجَاْعَةُ وَالنَّدَىْ
فِيْهَاْ تَعُوْدُ عَلَى الْمُوَاْطِنِ أَنْعُمَاْ
وَبِجَرْجَنَاْزَ جَسَاْرَةٌ وَطَهَاْرَةٌ
وَبِأَرْضِهَاْ صَلَّى الشُّجَاْعُ وَسَلَّمَاْ
فِيْ كُلِّ بَيْتٍ مِنْ بُيُوْتِ سُرَاْتِهَاْ
وَضَعَ الْجِهَاْدُ مِنَ الْمُجَاْهِدِ تَوْأَمَاْ
وَهُنَاْكَ مَاْ بَيْنَ الْفُرُوْعِ قَرَاْبَةٌ
قُرَشِيَّةٌ، وَإِلَى الْحِجَاْزِ الْمُنْتَمَىْ
فِيْهَاْ بَنُوْ الْمُخْتَاْرِ أَشْجَعُ عِتْرَةٍ
وَبِطُهْرِهِمْ شَرَفُ الأَنَاْمِ تَتَمَّمَاْ
وَبِهَاْ فُؤَاْدِيْ ثَاْئِرٌ مُسْتَنْفِرٌ
بِرُبُوْعِهَاْ مُنْذُ الْوِلاْدَةِ خَيَّمَاْ
سُكَّاْنُهَاْ عَرَبٌ كِرَاْمٌ حَيْثُمَا
اسْتَنْفَرْتُهُمَ خَشَعَ الشَّهِيْدُ وَأَحْرَمَاْ
أَكْرِمْ بِهَاْ مِنْ بَلْدَةٍ عَرَبِيَّةٍ
عُرِفَتْ حَرَاْئِرُهَاْ بِعِفَّةِ مَرْيَمَاْ
وَشَبَاْبُهَاْ رَصْدٌ لِجَيْشِ عَدُوِّهِمْ
مُنْذُ الطُّفُوْلَةِ ثَاْئِرُوْنَ وَقَبْلَ مَاْ
وُلِدُوْا فَكَاْنُوْا قَاْدَةً ثَوْرِيَّةً
عَصَتِ الْعُصَاْةَ جَمِيْعَهُمْ وَالُّلوَّمَاْ
وَالَّلاْذِقِيَّةُ لَمْ تَذُقْ نَوْمَ الْهَنَاْ
مُذْ زَاْرَهَاْ جَيْشُ الْقُرُوْدِ وَحَوَّمَاْ
وَرَمَىْ مِنَ الْبَحْرِ الْحَزِيْنِ قَذَاْئِفاً
فَظَنَنْتُهَاْ تَحْتَ الدُّخَاْنِ جَهَنَّمَاْ
وَالْقِرْدُ شَبَّحَ فِي السَّوَاْحِلِ وَانْتَشَىْ
وَرَأَىْ بِجَبْلَةَ ثَاْئِرِيْنَ فَأَحْجَمَاْ
لَكِنَّ أَبْنَاْءَ الْعُلُوْجِ تَجَاْسَرُوْا
خَطَأً؛ وَأَدْرَكَ جَيْشُهُمْ مَاْ يَمَّمَاْ
عَاْثُوْا فَسَاْداً فِي الْبِلاْدِ وَأَفْحَشُوْا
وَالْعِلْجُ أَلْقَىْ خُطْبَةًً فَتَلَعْثَمَاْ
بِالأَمْسِ دَرْعَاْ شَيَّعَتْ شُهَدَاْءَهَاْ
وَبَكَتْ فَنَاْحَ حَمَاْمُهَاْ مُتَرَنِّمَاْ
وَبَكَتْ بِحَوْرَاْنَ الْمَزَاْرِعُ وَالْقُرَىْ
وَالْعَيْشُ أَمْسَىْ مُحْزِناً وَمُعَتَّمَاْ
غَاْبَتْ بُدُوْرُ الرَّاْحِلِيْنَ فَلاْ أَرَىْ
بَدْراً يُحَاْوِرُ فِي السَّمَاْءِ الأَنْجُمَاْ
وَتَذَكَّرَ الْيَرْمُوْكُ مَجْدَ جُدُوْدِنَاْ
لَمَّاْ رَأَىْ مَجْمُوْعَنَاْ مُتَشَرْذِمَاْ
قَاْلَ اهْجُمُوْا؛ هَيَّاْ، وَلاْ تَتَفَرَّقُوْا
وَدَعُوْا جَبَاْناً خَاْئِناً مُسْتَسْلِمَاْ
وَتَعَاْوَنُوْا كَيْ تَهْزِمُوْا أَعْدَاْءَكُمْ
وَاسْتَبْسِلُوْا حَتَّىْ تَفُكُّوا الطَّلْسَمَاْ
هَيَّا اقْتُلُوهُمْ حَيْثُمَاْ حَلُّوْا فَقَدْ
خَاْنُوْا بِنَاْ، وَلأَجْلِنَاْ بَكَتِ السَّمَاْ
جَلَبُوْا إِلَى الشَّاْمِ الْعَزِيْزَةِ نَكْبَةً
وَالنَّذْلُ فِيْ مَدْحِ الْخَسِيْسِ تَرَنَّمَاْ
فَجِرَاْحُ أَهْلِ الشَّاْمِ آلَمَتِ الْوَرَىْ
وَبِهَا الْعَدُوُّ الْبَاْطِنِيُّ تَحَكَّمَاْ
وَرَأَيْتُ بَاْبَاْ عَمْرَو يَنْعِيْ أُمَّةً
مَفْتُوْنَةً بِالْجُبْنِ تَقْتُلُ مُسْلِمَاْ
أَلْقَىْ عَلَى الثُّوَّاْرِ خُطْبَةَ ثَاْئِرٍ
عَصْمَاْءَ تُزْعِجُ خَاْئِناً وَمُعَمَّمَاْ
وَسَمِعْتُ مِنْ نَهْرِ الْفُرَاْتِ مَقَاْلَةٍ
وَالنَّهْرُ عَنْ فَحْوَىْ الْمُصَاْبِ تَكَلِّمَاْ
وَأَفَاْدَنَا الْعَاْصِيْ بِقَوْلٍ فَيْصَلٍ:
بَعَثَ الصَّوَاْعِقَ فِي الصُّدُوْرِ وَأَضْرَمَاْ
هِيَ أُمَّةٌ نَاْمَتْ، وَلَمْ تَعْبَأْ بِنَاْ
وَتَعَلَّلَتْ زُوْراً بِلَيْتَ؛ وَرُبَّمَاْ
خَاْفَتْ مِنَ الْفُرْسِ الْمَجُوْسِ؛ وَذَيْلِهِمْ
فَأَطَاْعَ قَاْدَتُهَا الضِّعَاْفُ الْمُجْرِمَاْ
صَنَعَتْ مِنَ الْعَاْصِيْ حُدُوْدَ دُوَيْلَةٍ
صَفَوِيَّةٍ قَاْمَتْ عَلَىْ نَهْرِ الدِّمَاْ
فَإِذَاْ بِإِبْنِ أَنِيْسَةٍ مُتَغَطْرِساً
يَرْمِي الْجَوَاْمِعَ؛ وَالْقُبُوْرَ مُحَطِّمَاْ
كَلِفاً بِقَتْلِ الْمَاْجِدَاْتِ, وَصِهْرُهُ
وَشَقِيْقُهُ أَعْدَاْؤُنَاْ؛ وَهُمَاْ؛ هُمَاْ
صِلاَّنِ مَلْعُوْنَاْنِ؛ نَسْلُ عِصَاْبَةٍ
مَسْمُوْمَةٍ تَجْنِيْ، وَتُفْسِدُ مِثْلَمَاْ
فَعَلَ الْمَجُوْسُ الْمُجْرِمُوْنَ بِأُمَّةٍ
عَرَبِيَّةٍ تَشْكُو رِمَاْيَةَ مَنْ رَمَىْ
وَعَدُوُّهَاْ يَبْغِىْ عَلَىْ ضُعَفَاْئِهَاْ
وَخَؤُوْنُهَاْ يَشْكُو التَّبَلُّدَ؛ وَالْعَمَىْ
عَاْرٌ عَلَىْ أَبْنَاْءِ يَعْرُبَ إِنْ رَأَوْا
عُصَبَ الرَّوَاْفِضِ تَنْتَهِكْنَ مُحَرَّمَاْ
وَيَقُوْدُهَا الْقِرْدُ النُّصَيْرِيُّ الَّذِيْ
خَاْنَ الْبِلاْدَ خِيَاْنَةً؛ وَتَجَهَّمَاْ
مَاْ لِلْعُرُوْبَةِ سَلَّمَتْ أَبْنَاْءَهَاْ؟
وَاسْتَعْذَبَتْ شُرْبَ الْمَذَلَّةِ عَلْقَمَاْ
إِنَّ الْعُرُوْبَةَ لِلْكِرَاْمِ فَضِيْلَةٌ
وَرَذِيْلَةٌ لِمَنْ انْحَنَىْ؛ وَاسْتَسْلَمَاْ
أَيْنَ الْحَمِيَّةُ؛ وَالْحِمَاْيَةُ؛ وَالْحِمَىْ
لَيْلاً أَقَاْمَ الْحُزْنُ فِيْهِ؛ وَخَيَّمَاْ
يُمْسِيْ، وَيُصْبِحُ تَحْتَ قَصْفٍ قَاْتِلٍ
مِنْ كُلِّ فَجٍّ كَالْخِضَمِّ إِذَاْ طَمَاْ
وَتَرَى الْجُيُوْشَ تُقَاْدُ مِنْ أَعْدَاْئِنَاْ
وَفَرِيْقُهَاْ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ أَجْرَمَاْ
وَعِمَاْدُهَاْ كَعَمِيْدِهَاْ مُتَآمِرٌ
رَضِعَ التَّآمُرَ صَاْغِراً لَنْ يُفْطَمَاْ
يَاْ أَيُّهَا الْجُنْدِيُّ أَهْلُكَ هَاْ هُنَاْ
يَتَبَاْدَلُوْنَ مَحَبَّةً؛ وَتَكَرُّمَاْ
دَعْ طَاْعَةَ الأَشْرَاْرِ؛ لاْ تَعْبَأْ بِهَاْ
كَيْ لاْ تَكُوْنَ مَدَى الْحَيَاْةِ مُحَطَمَاْ
وَإِذَاْ تَلَقَّيْتَ الأَوَاْمِرَ؛ فَانْتَفِضْ
إِنْ كُنْتَ بِالْوَطَنِ الْمُوَحَّدِ مُغْرَمَاْ
وَانْصُرْ أَخَاْكَ عَلَى الْعُلُوْجِ؛ وَلاْ تَكُنْ
أُلْعُوْبَةً مَلْعُوْبَةً بَيْنَ الدُّمَىْ
أَمِطِ اللِّثَاْمَ، وَلاْ تَخَفْ مِنْ مُجْرِمٍ
أَوْ بَاْطِنِّيٍّ بِالنِّفَاْقِ تَلَثَّمَاْ
لَكَ فِي الْعُرُوْبَةِ أُخْوَةٌ، وَأُخُوَّةٌ
لَنْ يَخْذُلُوْكَ مَعَ النُّصَيْرِيْ كُلَّمَاْ
أَمَرَ الْمَجُوْسُ بِقَتْلِ شَعْبٍ آمِنٍ
أَلِفَ الْكَرَاْمَةَ؛ وَالْكِرَاْمَ تَكَرُّمَاْ
لَكَ ثَوْرَةٌ سُوْرِيَّةٌ مَنْصُوْرَةٌ
مَهْمَاْ عَدُوُّ الثَّاْئِرِيْنَ تَوَهَّمَاْ
أَبْنَاْؤُهَاْ صِيْدٌ أُبَاْةٌ قَرَّرُوْا:
كَفَّ الأَذَىْ بِمَعَاْرِكٍ تَرْوِي الظَّمَاْ
وَالشَّعْبُ قَرَّرَ أَنْ يَعِيْشَ مُكَرَّماً
وَمُبَجَّلاً، وَعَلَى التَّحَرُّرِ أَقْسَمَاْ
حَتَّىْ يَعِيْشَ مُعَزَّزاً فِيْ أَرْضِهِ
وَالْحُرُّ أَمْسَىْ بِالْوَفَاْءِ مُتَيَّمَاْ
لَوْلاْ شَجَاْعَتُهُ، وَطُوْلُ صُمُوْدِهِ
لَرَأَيْتَ سُوْرِياَّ تُؤَيِّدُ أَبْكَمَاْ
مَهْمَا اسْتَمَرَّ الظَّاْلِمُوْنَ بِظُلْمِهِمْ
فَسَيُدْعَسُوْنَ كَمَاْ دَعَسْنَاْ رُسْتُمَاْ
سَتَعِيْشُ سُوْرِيَّاْ حَيَاْةً حُرَّةً
وَالْمَجْدُ مَهْمَا اهْتَزَّ لَنْ يَتَهَدَّمَاْ
ثَاْرَتْ بِلاْدُ الشَّاْمِ ضِدَّ مُهَرْطِقٍ
وَالشَّعْبُ ضَحَّىْ وَاسْتَخَاْرَ وَأَنْعَمَاْ
وَبِأَرْضِ سُوْرِيَّاْ تُدَوِّيْ ثَوْرَةٌ
وَالشَّعْبُ يَصْنَعُ بِالشَّهَاْدَةِ سُلَّمَاْ
يَرْقَىْ بِهِ أَعْلَى الْمَعَاْلِيْ نَاْطِقاً
بِجَلِيْلِ مَاْ قَاْلَ الشَّهِيْدُ؛ وَعَظَّمَاْ
ثُوَّاْرُنَاْ نَفَرُوْا، وَقَلَّ تَخَاْذُلٌ
وَالذُّلُّ وَلَّىْ وَالشُّجَاْعُ تَقَدَّمَاْ
هَذَاْ هُوَ النَّصْرُ الْمُبِيْنُ؛ فَكَبِّرُوْا
وَاسْتَبْشِرُوْا، فَالشَّعْبُ ثَاْرَ؛ وَصَمَّمَاْ
أَمْسَتْ دِيَاْرُ الْمُسْلِمِيْنَ حَصِيْنَةً
لِلثَّاْئِرِيْنَ، وَلِلْكَرَاْمَةِ مَوْسِمَاْ
هذه القصيدة من البحر الكامل.
*****