رحيل نجم الدين أربكان أبرز السياسيين المسلمين في العالم الإسلامي المعاصر * استانبول – محمود السيد الدغيم * باحث أكاديمي مقيم في لندن * جريدة الحياة - لندن - السبت- 26 مارس 2011م.

erbakan444.jpg

 

erbakan44.jpg

 

رحيل نجم الدين أربكان أبرز السياسيين المسلمين في العالم الإسلامي المعاصر * استانبول - محمود السيد الدغيم * باحث أكاديمي مقيم في لندن * جريدة الحياة - لندن - السبت- 26 مارس 2011م.

أنتقل إلى رحمة الله في أنقرة البرفسور نجم الدين اربكان رئيس وزراء تركيا السابق، وذلك يوم الأحد 27/ 2/ 2011م، وذلك دخوله المستشفى منذ عدة أسابيع، وقرّر الأطباء خروجه من المستشفى إلى منزله يوم الجمعة 25/2/ 2011م، ولكنه طلب منهم أن يبقى في المستشفى حتى يوم الاثنين، ووافاه الأجل إثر تدهور صحته بشكل مفاجئ، فاهتزت تركيا لهذا الخبر الجلل، وبدأت وفود التعزية بالتقاطر إلى منزله، ومقرات حزب السعادة، وتقرر أن تقام صلاة جنازته في جامع الولي حاجي بيرم في أنقرة، ثم نُقلت الجنازة إلى إستانبول حيث صُلِي على جنازته يوم الثلاثاء 29/2/ 2011م؛ في جامع السلطان محمد الفاتح بحضور ممثلي أكثر من سبعين دولة على المستويين الرسمي والشعبي، ثم وُوري الثرى بجانب زوجته نارمين التي فارقت الحياة منذ خمس سنوات.

ولد نجم الدين أربكان في مدينة سينوب التركية على ساحل البحر الأسود، في 29 أكتوبر 1926م، ونشأ برعاية أسرة مسلمة اشتهرت بالتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتنتسب أسرة اربكان إلى أمراء السلاجقة، وكان يطلق على هذه الأسرة أيام الخلافة الإسلامية العثمانية اسم: (ناظر زادة: ابن الناظر)، لأن جدهم كان يتولى منصب وزير المالية، ثم تغيرت النسبة تحت ضغوط قانون الألقاب الذي أصدرته الجمهورية التركية. وكان والده محمد صبري بك قاضياً شرعياً ومدنياً، وهو خريج الشريعة والقانون في الآستانة . وقد أنهى اربكان دراسته الابتدائية في مدينة طربزون التي تقع على ساحل البحر الأسود الى الشرق من سينوب وتقع بينهما مدينتا صامصون واردو .

وقد عاصر نجم الدين اربكان في صباه مرحلة بدايات الحكم الجمهوري في تركيا الذي بدأ بمرحلة الزعيم الواحد والحزب الواحد، كما عاصر نهاية تلك المرحلة سنة 1946م ففي تلك السنة تأسس الحزب الديموقراطي الذي تزعّمه عدنان مندريس وانتصر على حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات النيابية، وانهى اربكان دراسته المتوسطة والثانوية في اسطنبول سنة 1934م، ثم التحق بجامعة اسطنبول، فدرس الهندسة الميكانيكية ونال الدرجة الأولى حين تخرج سنة 1948م.

 

erbakan2.jpg

 

وعُيّن مُعيداً في الجامعة فور تخرجه، ولتفوقه أوفدته الجامعة للتخصص في جامعة آخن الألمانية، فنال درجة الدكتوراه 1951 - 1953م، وحصل على درجة أستاذ مساعد في كلية الهندسة في اسطنبول . وفي سنة 1956م تعاون مع مصانع محركات ( كلوفز هومبولدت دويتز ) بمدينة كولن.الألمانية؛ فاخترع محركات دبابات ليوبارد التي تعمل بكل أنواع الوقود، ثم رُفِّعَ الى درجة بروفيسور سنة 1956م، ولعب دوراً أساسياً في التقدم الصناعي التركي اذ اشرف على انشاء مصانع المحرك الفضي التي بدأت إنتاج محركات الديزل سنة 1960 م فغطت احتياجات تركيا وكانت ومازالت تصدّر الفائض. ثم تولى الأمانة العامة لاتحاد غرف التجارة والصناعة والبورصة التركية سنة 1967م.

وجاءت الانتخابات العامة سنة 1969 فترشح اربكان مستقلاً في مدينة قونية فنجح نجاحاً كاسحاً أذهل زعماء الأحزاب التي خاضت تلك الانتخابات، وحينذاك بدأ بنقل الأفكار التي قدمها في مشروعه الانتخابي إلى حيز التطبيق من خلال تشكيل حزب سياسي. وبذلك انتهت المرحلة الأولى من حياته ما بين سنة 1926م، وسنة 1969م، وبدأت المرحلة الثانية: 1969 - 1994م.

بعدما نجح اربكان كمرشح مستقل في انتخابات سنة 1969م تعاون مع الأتراك المخلصين فقاموا بتأسيس حزب النظام الوطني في كانون الثاني / يناير، سنة 1970، وتسلم رئاسته العلنية يونس عارف عمرة، وكان العقل المدبر نجم الدين اربكان. وصدر البيان التأسيسي للحزب، فأوضح أنه اختار طريقاً وطنياً تركيا غير منحاز إلى أي من معسكري الرأسمالية أو الشيوعية.

وتضمن البيان التأسيسي برنامج الحزب الرامي الى تغيير الواقع الفاسد وذلك بكف يد الأجانب الأوروبيين، عن المؤسسات الوطنية وتسليمها الى أيد أمينة وطنية، والعودة الى دين الاسلام دين الفطرة، ونبذ الأفكار الالحادية المعادية للاسلام، وطالب باصلاح نظام التعليم في تركيا لأنه يُسقط من حسابه كلّ القيم المعنوية والاخلاقية والدينية، وغايته فصل تركيا عن ماضيها الإسلامي حتى يمكن قتلها جيلاً بعد جيل.

وبعدما اصدر حزب النظام الوطني، بيانه بدأت مرحلة التطبيق العملي فافتتح اكثر من ستين مركزاً و300 شعبة في عموم المناطق التركية، وبدأ المؤمنون بأفكار اربكان عمليات الانسحاب الفردي والجماعي من الاحزاب الأخرى والالتحاق بالحزب الجديد ولما ازدادت شعبيته وقف ضده اليساريون واليمينيون باعتباره يشكل تهديدا لكلا الطرفين المتطرفين..

عقد حزب النظام الوطني المؤتمر الأول بعد مرور سنة على تأسيسه فظهرت قوته ودخلت البلاد في نفق الاقتتال الداخلي، فاستغل العسكر الأمر واستولوا على السلطة، وحُلَّت الاحزاب ولا سيما حزب النظام الوطني.

ووجهت قيادة الجيش تحذيراً الى رئيس الحكومة ديميريل، وطلبت منه معالجة الفلتان الأمني فاستقال من رئاسة الوزارة في 12/3/1971م، وأعلن العسكر الأحكام العرفية في الأراضي التركية، وبعد الانقلاب أصدرت المحكمة الدستورية قراراً بحل حزب النظام الوطني وكان ذلك في 21/4/1971م، وادّعت المحكمة الدستورية ان قادة حزب النظام الوطني انتهكوا المواد من: 19 إلى 57 التي تؤكد على العلمانية في دستور سنة 1961م، وشكل العسكر حكومة استمرت في السلطة حتى حصلت انتخابات تشرين الأول / اكتوبر، 1973 .

erbakan11.jpg

وحكمت المحكمة بحلّ الحزب، ومنع أعضائه من مزاولة النشاط السياسي ومنعهم من تأسيس حزب جديد، ومنعهم من الترشيح في أية انتخابات مقبلة ولو بشكل مستقل لمدة خمس سنوات اعتباراً من تاريخ صدور الحكم .

وهكذا طُويت صفحة حزب النظام الوطني في نيسان 1971م، وغادر اربكان البلاد الى الخارج، وراجت حركات الاغتيالات المتعددة اللاتجاهات، وبعد تراجع موجة العنف عاد اربكان الى تركيا، واتفق أصحابه على تأسيس حزب السلامة الوطني، وبما ان الاحكام العرفية كانت سارية المفعول، ونظام الحظر على السياسيين السابقين ساري المفعول أيضاً، فقد تقدم عبدالكريم دوغرو وطورخان أقيول بطلب الترخيص لحزب السلامة، فأجازت الدولة تأسيسه في 11/10/-1972 م،. وعقد حزب السلامة مؤتمره الأول في 21/12/ 1973م، ثم شارك مع غيره من الاحزاب في الانتخابات النيابية بتاريخ 14/10/ 1973م. فحصل على 84 مقعدا نيابياًّ، وكان ترتيبه الثالث بعد حزب الشعب الجمهوري بقيادة بولنت أجاويد الذي حصل على 186 مقعداً، وحزب العدالة بزعامة ديميريل الذي حصل على 149، مقعداً، ودخلت البرلمان سبعة أحزاب ومجموعة من المستقلين.

وأُوكِلَتْ مهمة تشكيل الحكومة للحزب الأول في الانتخابات فقضى أجاويد مئة يوم يحاول تشكيل الوزارة من أعضاء حزبه فقط وفشل حين طرح الموضوع لنيل ثقة النواب، فاضطر الى الائتلاف مع حزب السلامة . وشكل حكومة جمعت العلماني اليساري الذي يمثله: 18 وزيراً ، وحزب السلامة الإسلامي الذي يمثله 7 وزراء، وكان ذلك في 25 كانون الثاني سنة 1974م. فآلت رئاسة الوزراة إلى حزب الشعب الجمهوري بزعامة بولنت أجاويد، وصار نجم الدين أربكان نائباً لرئيس مجلس الوزراء.

وحينذاك تفاقمت الأزمة القبرصية حينما كان رئيس الحكومة أجاويد خارج البلاد، فترأس اربكان جلسة مجلس الوزراء وأصدر الأوامر للقوات المسلحة التركية بالتصدي للعدوان اليوناني - القبرصي على المسلمين في شمال جزيرة قبرص إثر وصول أخبار مجازر التطهير الديني والقومي في الجزيرة، فحقق الجيش التركي انتصارا مشرفاً فحرر شمالي الجزيرة من السيطرة اليونانية . ولما عاد رئيس الوزراء أجاويد حتى وجد الأمر مستقراً لصالح القوات المسلحة التركية، وسمع الاتراك يرددن في أحاديثهم لقباً جديداً هو: الفاتح اربكان. فأيد اجاويد ما حصل بالظاهر، وادعى ان قرار التدخل كان قراراً جماعياً، ولكنه قدم استقالة الوزارة في 18/9/ 1974م، للتخلص من مشاركة أربكان في صنع القرارات التركية المشرفة. وقامت الوزراة المستقيلة بتسيير الاعمال لمدة ستة اشهر. وعلى رغم قصر فترة استمرار حزب السلامة في الحكم فقد تحسّنت اوضاع المسلمين الأتراك، وتمثلت تركيا للمرة الأولى في مؤتمر القمة الاسلامي في آذار/ مارس، سنة 1974م.

erbakan55.jpg

 ثم حصل تكليف رئيس حزب العدالة بتشكيل الحكومة . وأدرك السياسي المخضرم ديميريل ما يتمتع به حزب السلامة من شعبية فقرر استغلال ذلك لصالحه بتشكيل حكومة ائتلافية قوية من حزب العدالة بزعامته، وحزب السلامة بزعامة اربكان وحزب حركة الملة القومي بزعامة الكولونيل ألب أرسلان توركش الذي كانت له ٣ مقاعد في البرلمان، وأمّنت الحكومة دعم 200 نائب، وأعلن عن تشكيل الحكومة في 25/12/ 1974م، فتوسّعت المدارس الشرعية الاسلامية، ورُفِعَ الحظر عن الحجاج الأتراك .

وانتزع حزب السلامة من البرلمان في نيسان / ابريل، 1975 م قانوناً يعطي حق العودة للمنفيين من سلالة سلاطين آل عثمان، وساهم وزراء حزب السلامة مساهمة فعالة في إعادة تركيا الى المحيط الاسلامي، وقادوا حملة صناعية كبرى في مجال انتاج الأسحة الثقيلة، فانقسم وزراء الحكومة وسقط الائتلاف الرباعي، وأعلن عن إجراء الانتخابات المبكرة في 1/6/ 1977م.

وحصلت الانتخابات، فنال حزب الشعب الجمهوري 213 مقعداً وحزب العدالة 189 مقعداً، ونال حزب السلامة 24 مقعداً، وحزب حركة الملة القومي 16 مقعداً، وحزب الثقة الجمهوري ٣ مقاعد، والحزب الديموقراطي مقعداً واحداً، ونال المستقلون ٤ مقاعد . وتم تكليف بولنت أجاويد بتشكيل الوزارة، فألف حكومة من أعضاء حزبه فقط، ولكنها لم تنل ثقة البرلمان فسقطت . وقام رئيس الجمهورية فخري كورتورك بتكليف سليمان ديميريل فشكل حكومة ائتلافية مع حزب السلامة برئاسة نجم الدين اربكان، وحزب حركة الملة برئاسة آلب أرسلان توركش، فشكل الوزارة في 1/8/ 1977م.

وخشي العلمانيون واليساريون من ازدياد نفوذ حزب السلامة، فحركوا ضده أجهزة القضاء غير المستقل، فطالب المدعي العام التركي في 5-12-1978م، بفصل اربكان عن حزب السلامة بدعوى انه يستغل الدين في مجالات السياسة، وفشلت الحملة ضد اربكان وحزب السلامة، فقام العسكر بانقلاب 12/9/ 1980م بقيادة الجنرال كنعان افرين رئيس الأركان، ومعاونه الجنرال حيدر سالتيك، وقادة القوات البرية والبحرية والجوية والشرطة، وبدأت حملة الاعتقالات، وعُلّق الدستور وفرضت الاحكام العرفية .

وقرر الانقلابيون حظر الاحزاب في تركيا، وتوقيف أعضاء القيادات الحزبية وتقديمهم للمحاكمات . واصطدم الانقلابيون بعقبات دستورية يتضمنها دستور سنة 1961م، فاستبدلوه بدستور جديد صدر في تشرين الثاني / نوفمبر، 1982 ووصفوه بالدستور الفرنسي اذ منح الرئيس صلاحيات استثنائية . وتضمّن مادة فرضت الحظر على الاحزاب التي كانت في سدّة السلطة في 12/9/ 1982م، وحرمت عليها المشاركة في النشاط السياسي. وشُكلت محكمة عرفية خاصة للبروفيسور اربكان وبقية أعضاء قيادة حزب السلامة .

ومثل اربكان أمام المحكمة في 24/4/ 1980م، واتهمته المحكمة مع ٣٣ من زملائه بالآتي:العمل على استبدال الحكم العلماني بحكم اسلامي، دعم الحزب للعديد من المنظمات المرتبطة به من أجل تطبيق الشريعة الاسلامية، التركيز على ان التضحيات التركية التاريخية قُدِّمت من أجل الاسلام لا من أجل أي شيء آخر، واصراره على افتتاح المدارس الشرعية الإسلامية في كل مكان، وكذلك فتح جامع أياصوفيا للصلاة، وتحريضه على الدولة العلمانية في الكلمة التي ألقاها في الحجاج الأتراك في مكة المكرمة سنة 1977، والتحريض على التطرف في المعسكر الذي اقامته ندوة الشباب الإسلامي العالمية في جنق قلعة، واتهام الماسونية باسقاط السلطان عبدالحميد الثاني، والاشارة الى ان أول محفل ماسوني أقيم في مدينة سلانيك اليونانية ، وغيرها وغيرها من الاتهامات . وفنّد أربكان التُّهم، وأثبت بطلانها دستورياً وقانونياً لأنها قائمة على الافتراء.

واستمرت المحاكمات حتى شباط /فبراير سنة 1983م، ورغم عدم كفاية الأدلة فقد صدر الحكم بحبس اربكان مدة أربع سنوات، وحُكم على ٢٢ عضواً من أعضاء حزب السلامة بالحبس لمدة تصل الى ٣ سنوات و٥ أشهر.

 وعزز الانقلابيون دستورهم بقانون الاحزاب السياسية الصادر في 22/4/ 1983 الذي سمح باعادة تأسيس الأحزاب . فانتقل نجم الدين اربكان من النشاط السياسي العلني إلى العمل السري، وتقدم أنصاره بطلب ترخيص لحزب الرفاه في 9/8/ 1983م، برئاسة المحامي علي توركان، فاعترض عليه العسكر، فتخلى عن رئاسة الحزب، وحلّ محله أحمد تكدال، وأصبح سكرتيره العام جهاد ايهان، وكان يوجهه نجم الدين اربكان بشكل غير مباشر.

وبدأ نمو الحزب وانضم اليه برلمانيون سابقون قبل الانتخابات المحلية سنة 1983 . وأعلن حزب الرفاه معارضة انضمام تركيا الى السوق الأوروبية المشتركة، وندد بسياسة الحلف الاطلسي، وطالب بطرد القوات الاميركية من البلاد .  وأُعلن عن الانتخابات في تشرين الأول / اكتوبر، سنة 1983 . وأصدرت القيادة العسكرية أوامرها القاضية بحرمان حزب الرفاه من المشاركة فيها .

وخرق حزب الرفاه الحظر وشارك في الانتخابات ونال 5 في المئة من الأصوات، وانتصر حزب الوطن الأم بقيادة تورغوت اوزال الذي حصل على 211 مقعداً في المجلس الوطني التركي وتقلّد أوزال رئاسة الحكومة.

وجاءت الانتخابات المحلية في 25/3/ 1984، وشارك فيها حزب الرفاه فنال مايقرب من خمسة في المئة من أصوات الناخبين والناخبات، ومكّنه ذلك من الفوز برئاسة بلديات ولايتين وخمس مدن . وعندما جرت الانتخابات النيابية في تشرين الأول / اكتوبر، 1987 م نال حزب الرفاه أكثر من سبعة في المئة من الأصوات، ووصل حزب الوطن الأم الى السلطة. وانتصرت الاحزاب على العسكر، وانتهت مدة فترة رئاسة الجنرال كنعان افرين، وانتخب البرلمان أوزال رئيساً للجمهورية التركية.

واستمر حزب الرفاه في النضال الدؤوب حتى نال في الانتخابات البلدية سنة 1991م نسبة 16.90 في المئة، وتابع اربكان نضاله، وجرت الانتخابات البلدية التركية يومي الأحد 27 والإثنين 28 نيسان/ أبريل سنة 1994م، وتنافس 13 حزباً ما عدا المستقلين، فحملت أوراق الانتخاب 14 حقلاً، فحقق حزب الرفاه انتصاراً غير مسبوق، إذ حصل على رئاسة 6 بلديات كبرى من أصل 15 بلدية.

وهي: بلدية اسطنبول الكبرى التي فاز برئاستها رجب الطيب أردوغان رئيس الوزراء الحالي، وبلدية أنقرة الكبرى التي فاز برئاستها مليح كوكجيك وهو رئيسها الحالي من حزب العدالة والتنمية، وبلدية ديار بكر الكبرى فاز برئاستها احمد بلكين، وبلدية أرضروم الكبرى فاز برئاستها عرسان جمالماز، وبلدية قيسارية الكبرى فاز برئاستها شكري قره تبة، وفاز برئاسة بلدية قونية الكبرى خليل أُرُن . وحصل حزب الرفاه على رئاسة ٢٢، بلدية في مراكز الولايات من أصل: 61 بلدية مركز، وفاز برئاسة 92 بلدية من بلديات الأقضية من أصل: 842 بلدية . وعلى مستوى بلديات البلدات فاز الرفاه بـ: 203 ، بلديات من أصل: 1792 بلدية.

وهكذا ربح حزب الرفاه أصوات 60 في المائة من أصوات الناخبين في تركيا، وهكذا نرى أن حزب الرفاه فاز في: 6 بلديات كبرى، وفازت أقوى ثلاثة أحزاب أخرى في: 8 ولايات كبرى .

وإن البلديات التي فاز فيها حزب الرفاه تضم أكبر ثلاث ولايات في تركيا وهي: اسطنبول وأنقرة وقونيا، وهي تمثل قلب تركيا وعصبها الحيوي .

وعلى مستوى مراكز الولايات فازت الاحزاب القوية الثلاث في: 27 بلدية، بينما فاز حزب الرفاه في: 22 بلدية من بلديات مراكز الولايات، ودخلت تركيا مرحلة جديدة من الصراع، وبدأت بمطالبة المدعي العام برفع الحصانة البرلمانية عن اربكان تمهيداً لمثوله أمام القضاء بتهمة الإدلاء بتصريحات تحريضية .

وقد مهدت تلك النتائج الطريق أمام حزب الرفاه، فحصل على المرتبة الأولى في انتخابات مجلس الشعب التي جرت في 24/12/ 1995م، وجاء حزب الطريق الصحيح في المرتبة الثانية، وتم تكليف نجم الدين اربكان بتشكيل الوزارة التركية الثانية والخمسين بتاريخ 10/1/ 1996م، وتشكلت وزارة إئتلافية برئاسة نجم الدين اربكان رئيس حزب الرفاه، ونائبته طانسو تشيلر رئيسة حزب الطريق الصحيح.

ولكن العسكر مارسوا ضغوطاً أدّت إلى انسحاب حزب الطريق الصحيح مما أدى إلى إسقاط الوزارة، ثمَّ تَمَّ حظر حزب الرفاه الإسلامي بحكم جائر من المحكمة الدستورية التركية في 16 كانون الثاني/ يناير سنة 1998م، وحظر العمل السياسي على البروفسور نجم الدين أربكان مدة خمس سنوات، وانتهت المدة في نهاية العام 2002م، وقامت الدولة بالاستيلاء على مقرات حزب الرفاه وممتلكاته، وادعى القادة العسكريون أن نشاط حزب الرفاه مناهض للعلمانية.

وبعد حظر العمل السياسي على نجم الدين أربكان، شكل أعضاء حزب الرفاه حزبا جديداً هو حزب الفضيلة بزعامة رجائي قوطان، وحصلت انتخابات سنة 1999م، فحصل حزب الفضيلة على 115 مقعداً في البرلمان من أصل 550 مقعد، وفي سنة 2001م أصدرت المحكمة الدستورية في تركيا قراراً بحظر حزب الفضيلة الذي يتزعمه رجائي قوطان، بدعوى أنه امتداد لحزب الرفاه المحظور، وجاء ترتيب حزب الفضيلة: الثالث والتسعون بعد المائة ضمن سلسلة الأحزاب السياسية التي دخلت الحياة السياسية التركية ؛ ثم حُلّتْ بأحكام عرفية، أو بسبب إفلاسها.

تشكيل حزب السعادة، وحزب العدالة والتنمية

انتسب أعضاء حزب الفضيلة إلى حزبين جديدين فتشكل حزب السعادة، وحزب العدالة والتنمية (AKP) بتاريخ 14 آب/أغسطس/ سنة 2001 م، وخاضا الإنتخابات التي أجريت في يوم الأحد 03/11/2002 م، ففشل حزب السعادة في الانتخابات، ونجح حزب العدالة والتنمية إذ حصل على 363 مقعداً من مقاعد البرلمان، ونالت المعارضة 187 مقعداً، مما مكنه منفرداً من تشكيل الوزارة التركية الخامسة والخمسين برئاسة عبد الله كُول، ثم رُفع الحظر عن رجب الطيب أردوغان، ونجم الدين أربكان بقرار من مجلس الشعب، فالتحق أربكان بحزب السعادة، واستقالت الوزراة وحلت محلها الوزارة السادسة والخمسين برئاسة أردوغان، ومازال اردوغان رئيسا للوزارة ، وعبد كول رئيسا للجمهورية، وهما من نُجباء تلاميذ الأستاذ الراحل نجم الدين اربكان يرحمه الله.

رابط المقال في موقع جريدة الحياة اضغط هنا


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16405946
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة