حنين من لندن إلى جرجناز، شعر: د. محمود السيد الدغيم
لندن: 1990م
تَكَاْثَرَ هَمِّيْ، فَافْتَقَدْتُ لَيَاْلِيَاْ
بِهَا الْحُبُّ يُحْيِيْ بِالْحَبِيْبِ عِظَاْمِيَاْ

jarjanazi7.JPG

 

 

اضغط على الصورة لتكبيرها

******************************

 

 

حنين من لندن إلى جرجناز

لندن: 1990م

تَكَاْثَرَ هَمِّيْ، فَافْتَقَدْتُ لَيَاْلِيَاْ
بِهَا الْحُبُّ يُحْيِيْ بِالْحَبِيْبِ عِظَاْمِيَاْ

وَيَقْصِدُ فِيْ أَرْضِ الِمَعَرَّةِ مَوْطِناً
عَزِيْزاً قَرِيْباً كَاْنَ؛ أَمْ كَاْنَ نَاْئِيَاْ

أَحِنُّ إِلَىْ لُقْيَاْهُ فِيْ كُلِّ لَحْظَةٍ
وَأَرْعَىْ لَهُ الآمَاْلَ مُذْ كُنْتُ رَاْعِيَاْ

شُمُوْخٌ وَتَأْصِيْلٌ وَمَجْدٌ مُؤَثَّلٌ
وَعُرْفٌ عَرِيْقٌ يَحْلُبُ الْوِدَّ صَاْفِيَاْ

هُنَاْلِكَ أَتْرَاْبُ الطُّفُوْلَةِ وَالصِّبَاْ
وَذِكْرَىْ غَرَاْمٍ يَسْتَدِيْمُ اجْتِذَاْبِيَاْ

فَيَاْ رُبَّ يَوْمٍ أَوْرَقَ الْحَقْلُ وَاكْتَسَىْ
بِأَبْدَعِ أَثْوَاْبٍ تَلُفُّ النَّوَاْحِيَاْ

تَطُوْفُ جُمُوْعُ النَّحْلِ مَاْ بَيْنَ رَاْئِحٍ
وَغَاْدٍ سِرَاعاً لاْ تَمَلُّ الأَقَاْحِيَاْ

فَمَاْ مِثْلَهَاْ فِي الْبَرِّ لِلْعَزْفِ "جَوْقَةٌ"
تُجِيْدُ ابْتِدَاْعَ اللَّحْنِ وَالرَّقْصَ شَاْدِيَاْ

تَمُرُّ عَلَى الْمَهْمُوْمِ فِيْ عُقْرِ هَمِّهِ
فَيَنْسَىْ إِذَاْ مَرَّتْ هُمُوْماً رَوَاْسِيَاْ

أَلاْ إِنَّ شَأْنَ النَّحْلِ لِلنَّاْسِ عِبْرَةٌ
إِلَىْ ذُرُوَاْتِ الْمَجْدِ وَالْفَضْلِ دَاْعِيَاْ

يُنِيْرُ لَنَاْ دَرْباً سَوِياً وَمَسْلَكاً
قَوِيْماً مُفِيْداً عَاْدِلَ الْحُكْمِ وَاْفِيَاْ

وَيَكْشِفُ طَرْدُ النَّحْلِ لِلنَّاْسِ خُطَّةً
إِذَاْ طُبِّقَتْ أَحْيَتْ عُصُوْراً خَوَاْلِيَاْ

تُنِيْرُ دَيَاْجِيْرَ الضَّلاْلَةِ بِالْهُدَىْ
وَتَنْشُرُ شَلاْلاً مُضِيْئاً وَرَاْقِيَاْ

وَتَبْعَثُ فِي الأَوْطَاْنِ عِطْراً أَرِيْجَهَاْ
وَفِيْ عَتَبَاْتِ الشَّاْمِ تُرْسِي الْمَرَاْسِيَاْ

فَيَذْكُرُ سُكََّاْنُ الْمَعَرَةِ مَنْ غَدَاْ
غَرِيْباً بَعِيْدَ الدَّاْرِ يَهْوَى التَّلاْقِيَاْ

يَمُوْجُ كَمَوْجِ الْحُبِّ إِنْ هَبَّتِ الصَّبَاْ
وَيَأْمُلُ يَوْماً أَنْ يَجُوْبَ الْفَيَاْفِيَاْ

وَيَسْعَدَ بِالأَحْبَاْبِ فِي السَّهْلِ وَالرُّبَاْ
وَفِيْ شَاْطِئٍ ذِكْرَاْهُ تُحْيِي الأَمَاْنِيَاْ

هُنَاْلِكَ أَزْهَاْرٌ، وَيَنْبُوْعُ حِكْمَةٍ
تُزَيِّنُ أَنْجَاْداً، وَتُنْجِدُ وَاْدِيَاْ

تَشَرَّبَ حُبَّ الشَّاْمِ قَلْبِيْ، فَحُبُّهَاْ
أُغَنِيْهِ؛ أَعْوَاْمَ الْغِيَاْبِ؛ أَغَاْنِيَاْ

فَفِي الشَّاِم أَحْبَاْبٌ كِرَاْمٌ أُحِبُّهُمْ
وَأَسْعَىْ لِمَاْ يَرْضَوْنَ إِنْ كُنْتُ سَاْعِيَاْ

أَلاْ إِنَّهُمْ قَوْمٌ سُرَاْةٌ خَبِرْتُهُمْ
سِرَاْعٌ إِلَى الْمَظْلُوْمِ إِنْ لَجَّ دَاْعِيَاْ

فَلاْ يُخْطِئُ الْمُحْتَاْجُ سَمْتَ رُبُوْعِهِمْ
وَهَلْ يُخْطِئُ الأَنْوَاْرَ مَنْ كَاْنَ سَاْرِيَاْ؟

يَبَشُوْنَ لِلزُّوَّاْرِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَىْ
وَيُعْطُوْنَ مَاْ يُرْجَىْ لِمَنْ كَاْنَ رَاْجِيَاْ

وَإِنْ كَاْنَ مِنْ بَطْشِ الْبُغَاْةِ مُحَاْذِرًا
وَمِنْ خَلْفِهِ جَمْعٌ يَجُوْبُ الرَّوَاْبِيَاْ

فَمَاْ حِصْنُهُ إِلاّ الْعَلاْةُ[1] مِنَ الْعِدَاْ
إِذَاْ رَاْمَ مِنْ قَلْبِ الْعُرُوْبَةِ حَاْمِيَاْ

هُنَاْلِكَ قَوْمٌ قَاْوَمُوْا كُلَّ طَاْمِعٍ
أُبَاْةٌ دُهَاْةٌ؛ لَمْ يَهَاْبُوا الأَعَاْدِيَاْ

وَفِيْهَاْ أَنَاْخَتْ مِنْ تَنُوْخٍ عَشِيْرَةٌ
لَهَاْ صَوْلَةٌ لاْ تُطْلِقُ الضِّدَ نَاْجِيَاْ

إِذَاْ مَاْ غَزَاْهَاْ حَاْئِنٌ[2] حَاْنَ حَيْنُهُ
وَحَبَذَ أَيَّاماً تُشِيْبُ النَّوَاْصِيَاْ

وَبَاْءَ بِرُزْءٍ[3] دُوْنَهُ كُلُّ مِحْنَةٍ
يَرُوْعُ كَمَاْ رَاْعَ الْوَبَاْءُ الأَقَاْصِيَاْ

فَيَاْ قَاْصِداً بَرَّ الْعَلاْةِ، وَصِيَتِيْ
إِذَاْ كُنْتَ ذَاْ وِدٍّ فَبَلِّغْ سَلاْمِيَاْ

لِكُلِّ كَرِيْمِ الأَصْلِ؛ مَاْ أَبْرَقَ النَّدَىْ
وَصَوَّتَ صَوْتٌ مِنْ صَدَى الشَّوْقِ دَاْعِيَاْ

أَرُوْحُ وَأَغْدُوْ؛ وَالْمَعَرَّةُ فِيْ دَمِيْ
تَرُوْحُ وَتَغْدُوْ تَسْتَحِثُّ إِيَاْبِيَاْ

وَفِيْ جَرْجَنَاْزَ الْحُبُّ حُبٌّ مُؤَبَّدٌ
وَقَفْتُ لَهُ رُوْحِيْ؛ وَجِسْمِيْ؛ وَمَاْلِيَاْ

لِذَلِكَ أَحْيَاْ مَاْ حَيِيْتُ بِذِكْرِهَاْ
هَوَاْءً وَمَاْءً؛ إِنَّنِيْ لَسْتُ نَاْسِيَاْ

أَحِنُّ كَمَاْ حَنَّ الْمَعَرِّيُّ حِيْنَمَاْ
تَنَاْءَتْ بِهِ دَاْرٌ وَأَصْبَحَ نَاْئِيَاْ

لَقَدْ حَنَّ مِنْ بَغْدَاْدَ وَالأَهْلُ أَهْلُهُ
وَرَجَّحَ فِي مَنْفَاْهُ مَاْ كَاْنَ سَاْلِيَاْ

وَأَحْيَاْ أَنَاْ فِيْ عُزْبَةٍ ضِمْنَ غُرْبَةٍ
عَزِيْباً[4] بِأَرْضٍ لاْ تَوَدُّ انْتِمَاْئِيَاْ

غَرِيْبُ لِسَاْنٍ؛ بَلْ غَرِيْبُ عَوَاْطِفٍ
غَرِيْبُ اعْتِقَاْدٍ؛ قَدْ مَلَلْتُ اغْتِرَاْبِيَاْ

أُأَمِلُ نَفْسِيْ بِالإِيَاْبِ لِبَلْدَتِيْ
وَأَرْجُوْ ثَرَاْهَاْ أَنْ يَضُمَّ رُفَاْتِيَاْ

وَأَرْجُوْ رَجَاْءً أَنْ أَعُوْدَ لِتُرْبَةٍ
دَفَنْتُ بِهَا عَماًّ وَأُماًّ وَخَاْلِيَاْ

لِيَحْمِلَ نَعْشاً ضَمَّنِيْ كُلُّ صَاْحِبٍ
وَتَبْكِيَ حَوْلِيْ مَنْ تَنِيْحُ الْبَوَاْكِيَاْ

سَلاْمٌ عَلَى الشَّاْمِ الْحَبِيْبَةِ كُلَّمَاْ
تَغَرَّبَ مَظْلُوْمٌ؛ وَلَجَّ مُنَاْدِيَاْ

سَلاْمٌ عَلَى الأَصْحَاْبِ وَالأَهْلِ حَيْثُمَاْ
أَقَاْمُوْا جَمِيْعاً نَدْوَةً وَنَوَاْدِيَاْ

سَلاْمٌ سَلِيْمٌ نَاْبِعٌ مِنْ مَحَبَّةٍ
يَرُوْحُ لأَهْلِيْ؛ بَلْ يَعُمُ بِلاْدِيَاْ

سَلاْمٌ مِنَ الْمَنْفِيْ عَنِ الدَّاْرِ عَنْوَةً
يُعَطِّرُ مِنْ شِعْرِ الْحَنِيْنِ الْقَوَاْفِيَاْ



[1]  : قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: العلاة كورة كبيرة من عمل معرة النعمان من جهة البر (أي: من الشرق حيث توجد جرجناز ومناطق عشائر الموالي والحديديين) تشتمل على قرى كثيرة ويطؤها القاصد من حلب إلى حماة. العلاتان بلفظ تثنية العلاة وهي السندان وتشبه بها الناقة الصلبة وكورة العلاتين بنواحي حمص بالشام

و علاة حلب بالشام.

 

[2]  : (الحَائِنةُ): مؤَنَّث الحائن. و- النازلةُ المهلكةُ ذاتُ الحَيْنِ. (ج) حَوائِنُ. (حان) الأَمرُ -ِ حَينًا، وحَيْنُونةً: قرُب وقتُه. (الحَيْنُ): الهلاكُ. و- المِحْنَةُ. يقال: "إِذا حان الحَيْنُ حارت العينُ ".

 

[3]  : الرُّزْءُ : مصـدر: المصيبةُ والنّازلة الشَّديدة؛ نزل بالرجل رُزْءُ- جسيمٌ أثقله بالهمِّ ج أَرْزَاءٌ.

 

[4]  : العَزِيبُ العازبُ عن الـحَيّ . و العَزيبُ من الإِبل والشاءِ : التي تَعْزُبُ عن أَهلها في الـمَرْعَى. وإِبل عَزِيبٌ لا تَرُوحُ على الـحَيِّ , وهو جمع عازب , مثل غازٍ وغَزِيٍّ . وقد عَزَبَ يَعْزُبُ عُزوبةً فهو عازِبٌ وجمعه عُزّابٌ والاسم العُزْبة و العُزُوبة ولا يُقال : رجل أَعْزَبُ وأَجازه بعضهم . ويُقال : إِنه لَعَزَبٌ لَزَبٌ , وإِنها لَعَزَبة لَزَبة . و العَزَبُ اسم للجمع , كخادمٍ وخَدَمٍ , ورائِحٍ ورَوَحٍ ؛ وكذلك العَزيبُ اسم للجمع كالغَزِيِّ.

اضغط على الخريطة لتكبيرها

jarjanaz77.JPG  اضغط غلى الصورة لتكبيرها