القضية السورية من الألف إلى الياء - د. محمود السيد الدغيم
خريطة مرسومة بدماء الضحايا السوريين ، بلقنة الخريطة السورية المنتظرة جراء تآمر النظام المتآمر والمعارضة اللا وطنية المتسلقة، الثورة السورية ولعبة الأمم والدول المتصارعة، سوريا بين البلقنة واللبننة والصوملة
 القضية السورية من الألف إلى الياء - د. محمود السيد الدغيم
خريطة مرسومة بدماء الضحايا السوريين
بلقنة الخريطة السورية المنتظرة جراء تآمر النظام المتآمر والمعارضة اللا وطنية المتسلقة
الثورة السورية ولعبة الأمم والدول المتصارعة

سوريا بين البلقنة واللبننة والصوملة
 
* محمود السيد الدغيم
* باحث أكاديمي عربي سوري مقيم في لندن
 

بلغت حصيلة ما قتله (الجيش السوري العلوي النصيري والشبيحة) من المواطنين السوريين الموثقين بالأسماء ( 4201 ) قتيل، في شهر أذار/ مارس سنة 2013: من بينهم : 391 طفلاً، و273 امرأة، و141 قضوا تحت التعذيب، و5 من ذوي الإحتياجات الخاصة، و2 تعرضوا لسلاح فيه مادة كيميائية.


و توزعت أعداد الشهداء جغرافياً : 1556 في دمشق وريفها، و757 في حلب، و484 في حمص، و399 في درعا، و303 في ادلب، و226 في حماة، و187 في دير الزور، و162 في الرقة، و58 في الحسكة، و36 في القنيطرة، و30 في اللاذقية، و2 في السويداء، و1 في طرطوس.


وإيراد هذه الإحصائية ضروري لكشف هول المأساة التي تحيط بسوريا أرضاً وشعباً. وما يحصل حاليا في سوريا هو تطبيق لخريطة ما بعد سايكس بيكو، التي أبرمت بين فرنسا وبريطنيا سنة 1916م، ونصّت على تقسيم المنطقة، ثُمَّ تَمَّ تطبيقُها منذ الحرب العالمية الأولى، وما تلاها بشكل مباشر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية،

 ثم رحلت دول الاحتلال شكلياً، واستمرَّ نفوذُها على أيدي أولئك الذين زرعتهم في مرافق الدول المنتقصة السيادة، وكانت الكارثة بقيام دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين سنة 1948م.


ولم تتوقف الدول الأجنبية على التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، وتجاوزت خريطة سايكس بيكو، وطرحت مشروع الشرق الأوسط الكبير المستباح، ومشروع الفوضى الخلاقة الرامية إلى هدم حدود سايكس بيكو، وتفتيت ما تضمّنته من حدود الدول العربية والإسلامية، والأمثلة واضحة في فلسطين، وانفصال باكستان وبنغلاش، وتقسيم السودان، وتمزيق العراق، وترك سوريا تنحدر نحو الدمار والتقسيم. بينما يتمّ توحيدُ الدول غير العربية وغير الإسلامية، ودليل ذلك قيام الاتحاد الأوروبي.

ورعتْ تلك المخططات الجهنمية الولايات المتحدة الأميركية بعدما أصبحت القطب العالمي الوحيد الذي يتحكم بالعالم، وقد فرضت ما تريد في البلقان إذ قامت بتقسيم البوسنة والهرسك إلى دولة مركزية تتبعها دويلة لصرب البوسنة، ودويلة لكروات البوسنة، ودويلة للبوشناق، وتركت منطقة السنجق تابعة لصربية، بينما فصلت إقليم كوسوفو الأرنؤوطي. دون مراعاة مطالب السكان المحليين.


ما يهمّنا من هذا العرض هو استخلاص العبرة، فتقسيم البوسنة تمّ على أُسُسٍ عرقية قومية: بوشناق أرنؤوط صرب كروات. وأُسُسٍ دينية: إسلامية مسيحية أرثوذكسية وكاثوليكية. ونموذج البوسنة هو النموذج المطروح للتطبيق في سوريا؛ بسبب وجود التنوع القومي والديني،

 والدليل على ما نقول هو التشابه بين القضية البوسنوية والقضية السورية، فإن العالم قد ترك المسلمين البوشناق تحت القتل من سنة 1990 حتى سنة 1995م، مما أجبرهم على القبول بالحلول المجحفة التي أدّت إلى تقسيم دولتهم إلى كانتونات طائفية وقومية، وهذا ما يحصل في سوريا منذ آذار سنة 2011م، وحتى الآن.
 

أكملت الثورة السورية السنتين من عمرها، ودخلت في السُّنَّة الثالثة منذ آذار 2013م، وأسفرت عن أكثر من مئتيّ ألفِ شهيد، وتدمير أكثر من مليونين من المنازل. وهروب أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ في دول الجوار وغيرها من دول الشتات، وهنالك أكثر من عشرة ملايين نازح داخل سوريا قد تركو بيوتهم المعرضة لنيران النظام وسيطرة شبيحته، ورغم هول الكارثة، فإن النظام مازال مستمراً بقتل المدنيين المسلمين العرب السُّنَّة خاصّةً بكافة أنواع الأسلحة بما فيها تلك المحظورة التي لم يستخدمها ضد إسرائيل، ورغم أن ما يحصل هو جرائم ضد الإنسانية، وهو جرائم حرب، ولكن الأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي؛ قد اكتفت بتصريحات الاستنكار والشجب والإدانة الشفوية عبر وسائل الإعلام، وفي المهرجانات الخطابية.

وقامت دول الجوار السوري بتسهيل تقسيم سوريا، وذلك بفتح الحدود أمام اللاجئين للخروج من سورية، ولكنها أغلقت تلك الحدود بوجه الاحتياجات العسكرية النوعية التي يحتاجها الثوار السوريون لحسم المعركة، وإسقاط النظام، وإفشال مشروع التقسيم التآمري.


منذ بداية الثورة وحتى الآن، والدوائر العربية والعالمية، ووسائل الإعلام لا تتحدث إلا عن حقوق الأقليات في سوريا بعد سقوط النظام، ولكنها تتجاهل حقوق الأكثرية المسلمة السنية رغم أنها تتعرض للإبادة والتهجير يومياًّ، وقبل الثورة هيأ النظام عوامل تقسيم سوريا، وذلك من خلال تبني الطائفية، وزرع الأحقاد بين مكونات المجتمع السوري، والقضاء على عوامل العيش المشترك، والعمل على تهجير المسلمين السُّنَّة من سوريا؛ وذلك بالتخويف جراء توجيه تهمة الانتساب إلى حزب الإخوان المسلمين المحظور الذي يجوز في سوريا إعدام منتسبيه بموجب القانون: 49 لعام 1980م، 

وقد دأب اللا نظام قبل الثورة على نشر إحصائيات وهمية توحي بِقِلَّةِ عددِ المسلمين السُّنَّة في سوريا، وتضخيم أعداد بقية الطوائف، حتى ادّعى بأن المسلمين السُّنَّة العرب في سوريا هم أقلية تقلُّ عن خمسين في المائة من عدد السكان،

وبعد قيام الثورة اتّبعَ النظامُ أساليبَ الإبادة الممنهجةِ الوحشيةِ مصحوبةً بكلِّ ما يؤدِّي إلى النزوح واللجوء، وترك المنازل والفرار من مناطق سيطرة النظام، وأسوأ تلك الأساليب كان ومازال يتمثل: بالاغتصاب للبنات والأطفال والرجال أيضاً، وذبح الأطفال والنساء، مثلما حصل في مجازر: القبير والتريمسة والحولة وبابا عمرو وتل كلخ والبيضاء التابعة لبانياس وجسر الشغور.


لقد كان الهدف من القتل والاعتقال والتعذيب والاغتصاب وهدم المنازل؛ هو دفع السكان إلى الهجرة، وقد أسفر إرهاب النظام عن لجوء أكثر من نصف مليون مسلم سني عربي من حوران إلى الأردن، ولجوء أكثر من نصف مليون مسلم سني إلى لبنان من الساحل السوري ومحافظتي حمص وحماة، ولجوء أكثر من 400 ألف إلى تركيا من عموم المحافظات، ولا سيما حماة وحلب وإدلب والرقة ودير الزور، وهؤلاء من اللاجئين المسجلين رسميا في المخيمات،

 وهنالك أكثر من مليون ونصف من السوريين الذين غادروا سوريا إلى بلدان الشتات، وهم من ميسوري الحال غير المحتاجين إلى اللجوء في مخيمات تمتهن إنسانية الإنسان.

 وهدف التهجير مخطّطٌ له وِفْقَ خطّة مُمَنْهجةٍ تستند على خريطة تقسيم سوريا التي رسمتها فرنسا أثناء الانتداب، مع بعض التعديلات، وتنحصر خريطة التقسيم المنتظر في خمس دويلات هزيلة تتكون من زواريب وزعماء حروب وتجار دمّ، وهي التالية:


1- الدويلة العلوية: وتضمُّ الساحل السوري بما فيه من محافظتي طرطوس واللاذقية، ومحافظة حمص، وبعض أجزاء محافظة حماة، واعتبار نهر العاصي حدوداً طبيعية لأراضي هذه الدويلة المكوّنة من الأكثرية العلوية، والأقلية المسيحية، ثم الإسماعيلية، والسُّنَّة تحت الاحتلال.
والاحتفاظ بمحافظة حمص ضروري لهذا المخطّط لأنه سيفصل جنوب سوريا عن شمالها، وسيؤمِّن ممراً للتواصل الطائفي يصل مابين شيعة العراق، والعلويين في منطقة الساحل السوري، وشيعة منطقة البقاع اللبنانية، وهذا الممر يُحقِّقُ حِماية خطوط ضَخّ النفط ما بين العراق ومصافي حمص وبانياس وطرابلس. ويشكل جبهة ساخنة لحروب تستنزف قوى المسلمين السُّنَّة في الجنوب والشمال.
وستكون رئاسة هذه الدويلة للعلويين فيرأسها منذر ماخوس سفير الإئتلاف المعارض في باريس، ورئاسة الوزراء للنصارى ميشيل كيلو عضو الإتلاف الداعم لرئيس الإئتلاف أحمد عاصي الجربا، وتكون رئاسة مجلس النواب للسني مصطفى الصباغ أو جمال الورد المصري المدعوم أمريكياً.

2 - الدويلة الدرزية: وتمتد من محافظة السويداء إلى جبل الشيخ لتتصل مع دروز إسرائيل ودروز لبنان لاحقاً، وقد اقتضى ذلك حتى الآن تهجيرَ نصفِ مليون مُسْلِمٍ سُنِّيٍّ من محافظة الجولان ودمشق وحوران إلى الأردن، ومازل اللجوء مستمراً بشكل يومي.

ويقتضي تنفيذ المخطط تهجير الدروز المقيمين في دمشق بمخيم جرمانا وأشرفية صحنايا إلى حوران لإملاء الفراغ السكاني الذي يُخَلِّفُهُ لُجُوءُ المسلمين السُّنَّة إلى الأردن.
  
وقد حصلت خطوات على طريق تنفيذ المخطط إذْ تواطأ بعض الدروز في سوريا ولبنان وإسرائيل في هذه اللعبة، وقام النظام بتشكيل "اللجان الشعبية الدرزية المسلحة" الموالية للنظام في محافظة السويداء، وجبل الشيخ، ومخيم جرمانا في دمشق؛ بالتعاون مع الجبهة الشعبية الفلسطينية بقيادة أحمد جبريل، وحزب وئام وهاب في لبنان، وآل طريف في فلسطين المحتلة.

وقام شبيحة النظام الدروز باغتيال بعض الدروز الوطنيين غير الموالين للنظام، واتهموا المتشددين الإسلاميين بقتلهم، (ومثال ذلك اغتيال الشيخ الدرزي غسان صالح زيدان في بلدة حَضَرَ) واستنفر النظام أبواقه لزرع الفتنة الطائفية بين المسلمين السُّنَّة والدروز، بتشويه الحقائق عبر وسائل الإعلام مثل ما صرَّح به الدرزي اللبناني الموالي للنظام المدعو "وئام وهاب"، والدرزي الإسرائيلي الشيخ موفق طريف الذي أعلن وقوف دروز إسرائيل إلى جانب دروز سوريا، ولكنهما فشلا إذْ تصدى لهما البطل السوري قائد كتيبة ثوار حضر الثائر: فرحان صالح زيدان؛ شقيق الشيخ الدرزي الشهيد، وفنّد دعواهما ، وأعلن أن القتلة هم دروز من اللجان الشعبية المسلحة الموالية للنظام.

وأصدرت الطائفة الدرزية بياناً يعلن براءة الطائفة الدرزية من الشبيحة واللجان الشعبية الدرزية الموالية.
وفي محافظة إدلب تمت أصابة المواطن محمد زيدان من أهالي قرية معرة الأخوان الدرزية علي ايدي شبيحة كفريا والفوعة الشيعة، وهذه الاعتداءات ترمي إلى تهجير أهالي القرى الدرزية من محافظة إدلب.


3- دويلة كردستان الغربية: دأب الأكراد خلال السنوات الماضية على تضخيم أعدادهم في سوريا، وحصلوا على دعم أميركي أوروبي مطلق بالاضافة إلى دعم النظام، والتسلق على أكتاف المعارضة بالتعاون مع الإخوان المسلمين الذين تحالفوا معهم سابقاً في إعلان دمشق، ثم جبهة الخلاص الوطني، ثم المجلس الوطني السوري الإسطنبولي، الذي ترأسه سابقا المعارض برهان غليون ثم الكردي عبد الباسط سيدا، ثم جورج صبرة،

 ثم تعاونوا مع الكردي الدمشقي رياض سيف في مبادرته الباريسية التي أسفرت عن تشكيل الإئتلاف، الذي تمخض عن تكليف الكردي غسان هيتو بتشكيل وزارة المعارضة المنتظرة، وذلك بتعاون ثنائي إخونجي - كردي، ورعاية أميركية بإشراف روبرت فورد شخصياً، وبِصَّتْ ٍمشبوه من الأنظمة العربية، وبتعاون النظام من طرف آخر إذْ قامت قواته بتسليم صوامع الحبوب، وبعض آبار النفط والمخافر والحواجز لميليشيات الأكراد في محافظة الحسكة، ومحافظة الرقة، ومحافظة حلب إذ يتواجد الأكراد العلويون في حي الشيخ مقصود وناحية المعبطلي التابعة لمنطقة عفرين.

وجاءت أطروحات عبد أوجلان التصالحية مع تركيا لتسفر عن الاتفاق على مغادرة ميليشيات حزب العمال الكردستاني الأراضي التركية إلى شمال العراق، هذا ظاهريا، أما الحقيقة فهي: إنهم يغادرون تركيا إلى العراق، ومن هنالك يصلون إلى منطقة الجزيرة السورية بالتواطؤ مع بعض خونة شيوخ القبائل الذين زاروا كردستان وقبضوا ثمن خيانتهم سلفاً، وباعوا دماء شهداء القبائل العربية في تلك المنطقة.

ولتمرير هذه المؤآمرة فقد تمّ لجوء المدنيين الأكراد إلى كردستان العراق، وحلّ محلّهم المقاتلون الأكراد العراقيين والأتراك والإيرانيين، ومعهم بعض المقاتلين الأرمن أيضاً، واستلموا السلاح من جهات خارجية، وقاموا بافتعال معارك محدودة في عين العرب وغيرها مع الثوار المسلمين بدعوى محاربة الإرهاب الإسلامي المتطرف.

وقد حَضَّرَ الأكراد كل ما يلزم لدويلتهم، فقد شكَّلوا مجلس نواب كردستان الغربية، والمجلس الوطني الكردي السوري، وهذا معلوم لكل من يتابع هذه القضية، وهم يفكرون بتطبيق النموذج العراقي بالاستيلاء على رئاسة وزارة المعارضة: غسان هيتو حاليا، ثم رئاسة الجمهورية لاحقا: رياض سيف. هذا إذا بقيت خريطة سوريا المستقبل كما هي عليه اليوم.
وإذا تقسّمت فسوف يتلقون الدعم التام من كردستان العراق والولايات المتحدة وأوروبا، وربما جامعة الدول العربية، وتوكل لهم مهمة فتح الحروب مع دويلة حلب لإضعافها خدمةً لأمن الدويلة العلوية.


4 - دويلة دمشق: وتضمُّ هذه الدويلة العاصمة دمشق وريفها الغربي حتى قطنا، وجنوبا حتى الكسوة فقط، والغوطة الشرقية والغربية والقلمون حتى النبك، وتمتدُّ حتى الحدود الأردنية جنوباً، والعراقية شرقاً؛ بما في ذلك منطقة "المثلث" التي تضمُّ المهربين وتجار الممنوعات من الدول الثلاث سوريا والأردن والعراق.
وهذه الدويلة ستتكوّن من المسلمين السُّنَّة والمسيحيين ، وقد تكون على النمط اللبناني المصغّر، ولكن برئيس مسلم سُني (رئيس الإئتلاف معاذ الخطيب أو رياض سيف الكردي)، ورئيس وزراء مسيحي (نائب رئيس الإئتلاف جورج صبرة).


5 - دويلة حلب: وتضمُّ ريف محافظة حماة الواقع شرق العاصي، وما يقع من محافظة إدلب إلى الشرق من العاصي أيضا، وجنوب محافظة الرقة، ومحافظة دير الزور، وتتوزع السلطة فيها دينياًّ: بين المسيحيين والمسلمين السُّنَّة، وقومياًّ: بين العرب والسريان والتركمان، وفي هذا الإطار حَصَلَ لجوء تركمان الجولان ومحافظة حمص وحلب إلى تركيا بأعداد كثيرة، والتواجد التركماني في محافظة حلب بارز مشهور، وكذلك في شمال محافظة اللاذقية من رأس البسيط حتى الحدود التركية حيث جبل التركمان المشرف على محافظة إدلب من الناحية الغربية الشمالية، وهذه المنطقة شبه منفصلة حاليا عن محافظة اللاذقية، وتحريرها الكامل ممكن إذا تَمَّ تقديم السلاح النوعي عبر الحدود التركية وهذا مُمكن، ولكنه لم يحصل.

ومن غير المستبعد أيضاً أن يثور العلويون في ولاية أنطاكية التركية مُستقبلاً مما سيُجبرُ تركيا على التصدي لهم عسكرياً؛ مما سيؤدّي إلى هجرة علوية عربية من تركيا نحو الساحل السوري، وهذا سيفسح المجال لتوطينهم مكان الْمُهجَّرين المسلمين السُّنّة، ولتوطين التركمان مكانهم بعدما هجرهم النظام الأسدي من مناطق حمص الغربية ومناطق حلب الشمالية، ومن منطقة كسب المتاخمة لتركيا، وربما سيتمكن التركمان من أخذ المنطقة السورية من رأس البسيط جنوبا حتى الحدود التركية إذا توفر لهم الدعم العسكري التركي النوعي.
 
إن دول حلف الناتو لا تريد انتصار الثورة السورية لأن الانتصار يعني المحافظة على وحدة سوريا، وبقاء وحدة سوريا لا يلبي طلبات مشروع الفوضى الخلاقة، ولذلك فقد حالت دول الناتو دون وصول ما يحتاجه الثوار من الأسلحة النوعية التي تساعدهم على إسقاط النظام.

وساهمت دول الناتو وتوابعها بتشرذم المعارضة السورية، وذلك بمحاربة المعارضين الوطنيين، وتسويق معارضين مرتبطين بمشاريع خارجية، وتسخير وسائل الإعلام لتلميعهم، مما أعطى انطباعا سيئاً عن المعارضة السورية الخارجية التي تدّعي الوصاية على الثورة دون أي تفويض شعبي ثوري، مما أثار حفيظة ثوار الداخل، وأحدث شرخاً بين الطرفين، ومما ساهم بتسخيف صورة المعارضة الخارجية عَجْزُها عن دعم ثوار الداخل الذين استطاعوا الاستغناء عن دعم الخارج بما يغتنمونه من أسلحة الجيش النظامي والشبيحة، بشكل خلط الأوراق، وكان هذا مفاجئاً لدول الناتو التي فرضت حظرا على تزويد الثوار بالأسلحة النوعية لابتزازهم،
ولذلك تحاول دول الناتو استخدام خططها المخابراتية البديلة التي تعتمد على تدريب الموالين لها من لصوص وقطاع طرق ومرتزقة لتحقيق مصالح هذه الدول ؛ قبل وبعد إسقاط النظام، ولو تطلب ذلك تنفيذ عمليات اغتيال تطال الثوار الشرفاء، والمعارضين الوطنيين المخلصين، لأن الوطنيين السوريين يشكلون عائقاً يُعيقُ تنفيذ مشروع تقسيم سوريا الذي يهدف إلى خدمة الأمن الإسرائيلي.

وهنالك قوى معارضة خارجية لا تعبأ بمطالب الثوار، وَهَمُّهَا تأمينُ المصالح الفردية للقوى العنصرية، وأصحاب الطائفية السياسية، وهذه القوى مزروعة في النظام من جهة، كما أنها مدسوسةٌ في مكونات الإئتلاف المعارض، والمجلس الوطني السوري، والمجلس الوطني الكردي، والمنبر التركماني، ومؤتمر معارضة الطائفة العلوية، الذي يقوده: منذر ماخوس وتوفيق دنيا وعلي ديوب، ووحيد صقر، ويدعمه من خارج الطائفة: ميشيل كيلو، وبرهان غليون، وسقراط البعاج، ولؤي الزعبي، وجمانة رياض سيف، وريما فليحان.

وفي النهاية ستلتقي مصالح هؤلاء مع مصالح (المعارضة الموالية للنظام) التي تمثلها هيئة التنسيق، والمنبر الديموقراطي، والمتوقع أنْ يَتَحِدّ جميع هؤلاء بإشرافٍ مُخابراتِيٍّ خارجيٍّ ضِدَّ ثوار الداخل، وأنْ يقوموا بزرع الفتنة بين الثوار المدنيين، والجيش الحر بعد اغتيال الضباط الشرفاء (محاولة اغتيال رياض الأسعد مثالاً)، لتنفيذ مخطّط تقسيم سوريا قَبْلَ إسقاطِ النظام أو بعده.

والقوى الثورية الإسلامية المرشحة للتصفية هي: جبهة النصرة، وأحرار الشام، والطليعة الإسلامية، ولواء الإسلام، وحركة الفجر الإسلامية، ولواء الحق، ولواء صقور الشام، ولواء الحبيب المصطفى، ولواء أحفاد الرسول، ولواء أحفاد عائشة، ولواء الأمة. وغير ذلك من الألوية غير المرتبطة بأجهزة المخابرات العربية والعالمية.

لقد تفجأت مؤسسات المخابرات الغربية بقدرة الثوار المسلمين السُّنّة الذين اخترقوا جبهة جبال العلويين في ريف اللاذقية. ولذلك قرروا التدخل المباشر لحماية الأقليات وتنفيذ التقسيم، وليس من أجل إسقاط النظام العلوي، ومناصرة الثورة

وتفاجأ الشبيحة بانتصارات الثوار في غوطة دمشق فاستخدم أسلحة التدمير الشامل الكيميائية لإرهاب الثوار، واتخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها من هذه الجريمة وسيلة لتحقيق غاياتها بقصف سوريا بشكل يطال قوات النظام، ويبيد الثوار، ثم يتم دفع قوات المعارضة العميلة لكي تنفذ الأوامر الخارجية الرامية إلى تقسيم سوريا مما يتطلب استمرار الثورة للدفاع عن سوريا الموحّدة أرضاً وشعباً.


وإذا استطاعت القوى الخارجية تنفيذ مخططاتها في سوريا، فلن يتوقف أذى هذا المخطط عند الحدود السورية، وإنما ستكون له إرتدادات جانبية تتجاوز الحدود السورية، وتلحق الأذى بدول الجوار في الأردن، وتركيا، والعراق، ولبنان ، وفلسطين.