تقارير وحوارات: د. محمود السيد الدغيم / 2-3
جريدة الوطن القطرية: العدد: 6669 / يوم الجمعة 3 صفر 1435 هـ/ 6-12-2013م
أجرت الحوار: إلهام الكواري
خريطة تقسيم سوريا حسب مؤامرات أعداء العروبة والإسلام
«الناتو» لا يريد سوريا موحّدة

تقارير وحوارات: د. محمود السيد الدغيم / 2-3
جريدة الوطن القطرية: العدد: 6669 / يوم الجمعة 3 صفر 1435 هـ/ 6-12-2013م
أجرت الحوار: إلهام الكواري
خريطة تقسيم سوريا حسب مؤامرات أعداء العروبة والإسلام
«الناتو» لا يريد سوريا موحّدة

في الحلقة الثانية من الحوار مع الدكتور محمود السيد الدغيم أمين عام التجمع الوطني السوري الحر المعارض وعضو المكتب التنفيذي لمؤتمر الإنقاذ السوري المعارض، وعضو المكتب التنفيذي لمجلس أمناء الثورة السورية قال إنَّ المؤامرة على سوريا وتقسيمها هي جُزءٌ من تقسيم بلدان العرب والمسلمين السُّنَّة حصراً، ويقول إنَّ دولَ «حِلْف الناتو الأطلسي» لا تريد انتصارَ الثورة السورية لأن الانتصارَ يعني المحافظةَ على وحدةِ سوريا، كما يقول إن دول الناتو تُحاولُ إخضاعَ الثوار السوريين باستخدام خططها المخابراتية البديلة التي تعتمد على تدريب الموالين لها؛ من لصوص وقطاع طرق ومرتزقة، ومن ثّمَّ خَرْطِهِمْ في كتائب عسكرية تدّعي أنها مِن الجيش الحرّ وفي ما يلي تفاصيل الجزء الثاني من الحوار معه: 

يظهرُ من كلامك أنكَ تؤكِّدُ وجُودَ مُؤامرة عالمية من أجل تقسيم سوريا. فما تفاصيلُ المؤامرة الهادفة إلى تقسيم سوريا حسْب رأيكَ؟

- إنَّ المؤامرة على سوريا وتقسيمها هي جُزءٌ من تقسيم بلدان العرب والمسلمين السُّنَّة حصراً، فَعَلى صَعيدِ سوريا نُؤكّد أنَّ هدفَ التهجير مُخَطَّطٌ له وِفْقَ خُطّةٍ مُمَنْهجةٍ تستندُ على خريطةِ تقسيم سوريا التي رَسَمَتْها فرنسا أثناءَ الانتدابِ الفرنسي، مع بعضِ التعديلات، وتنحصِرُ خريطةُ التقسيم الْمُنْتَظر في خَمْسِ دُويلاتٍ هزيلةٍ تتكَوَّنُ من زواريب وزُعماءِ حروبٍ وتُجَّارِ دمّ، وهي التالية:

1 - الدويلة العلوية: وتضمُّ الساحل السوري بما فيه من محافظتي طرطوس واللاذقية، بالإضافة إلى محافظة حمص، وبعض أجزاء محافظة حماة، واعتبار نَهْر العاصي حُدوداً طبيعيةً لأراضي هذه الدويلة المكوّنة من الأكثرية العلوية، والأقلية المسيحية، ثم الإسماعيلية، والمسلمين السُّنَّة تحت الاحتلال.

والاحتفاظُ بمحافظة حمص ضروري لهذا المخطّط لأنه سيفْصِلُ جنوبَ سوريا عن شمالِها، وسَيُؤَمِّنُ مَمَراً للتواصُلِ الطائفي الذي يَصِلُ ما بين شيعةِ جنوبِ العراق المحتلّ، والعلويين في منطقة الساحل السوري، وشيعة منطقة البقاع اللبنانية، وهذا الممرُّ يُحقِّقُ حِمايةَ خطوطِ ضَخّ النفط ما بين العراق ومصافي حمص وبانياس وطرابلس الشام. ويُشكِّلُ جبهةً ساخنةً لِحُروبٍ تستنزفُ قوى المسلمين السُّنَّة في الجنوب والشمال.

وسيكونُ منصبُ رئاسة هذه الدويلة للعلويين، ويمكن أن يرأسها «منذر ماخوس» سفير الائتلاف المعارض في باريس، وستكون رئاسة الوزراء للنصارى وممثلهم «ميشيل كيلو» عضو الائتلاف الداعم لرئيس الائتلاف الحالي «أحمد عوينان عاصي الجربا»، وتكون رئاسة مجلس النواب للسني «مصطفى الصباغ» أو «جمال الورد المصري» المدعوم أميركياً. ودورُ جميعُ هؤلاء يشبهون كدورِ «قرضاي الأفغاني» لناحية الإصغاء للأوامرِ الأميركية، وتنفيذِها مُقابِلَ الحصولِ على منصبٍ حكوميٍّ للتسَلُّطِ.

2 - الدويلة الدرزية: وتمتدُّ من محافظة السويداء إلى جبل الشيخ؛ لتتصلَ مع «دروز إسرائيل ودروز لبنان» لاحقاً حتى بلدة «الدامور اللبنانية» على ساحل البحر الأبيض المتوسط حيث آبار النفط الموعود، وقد اقتضى ذلك حتى الآن تهجيرَ مليون مُسْلِمٍ سُنِّيٍّ من محافظة الجولان ودمشق وحوران إلى الأردن، ومازال اللجوء مستمراً بشكل يومي، على أمل تفريغ هذا الشريط لتسهيل إقامة الكيان الدرزي المنتظر ليشكّل حِزامَ أمانٍ لإسرائيل.

ويقتضي تنفيذُ هذا المخطط ترحيلَ الدروزِ المقيمين في دمشق «مخيم جرمانا» و«أشرفية صحنايا» وغيرها، و«دروز محافظة إدلب من معرة إخوان وكفتين» وباقي القرى الدرزية من هنالك إلى حوران لإملاء الفراغ السكاني الذي يُخَلِّفُهُ لُجُوءُ المسلمين السُّنَّة إلى الأردن.

وفي هذا الإطار تَمَّتْ أصابة المواطن الدرزي محمد زيدان في محافظة إدلب وهو من أهالي قرية معرة الأخوان الدرزية، تَمَّت إصابتُهُ علي ايدي شبيحة بلدة «كفريا والفوعة» الشيعة، وهذه الاعتداءات ترمي إلى تهجير أهالي القرى الدرزية من محافظة إدلب إلى جنوب سوريا.

وقد حصلتْ خطواتٌ أخرى على طريق تنفيذ هذا المخطط إذْ تَوَاْطَأَ بعضُ الدروز في سوريا ولبنان وإسرائيل في هذه اللعبة، وقام النظام بتشكيلِ «اللجان الشعبية الدرزية المسلحة» الموالية للنظام في محافظةِ السويداء، وجبلِ الشيخِ، ومُخيمِ «جَرَمَاْنَا» في دمشق؛ بالتعاون مع «الجبهة الشعبية الفلسطينية» بقيادة أحمد جبريل، و«حزب التوحيد العربي الدرزي» بزعامة عميل النظام الأسدي: «وئام وهاب» في لبنان، و«آل طريف» في فلسطين المحتلة.

وقام شبيحةُ النظام الدروز باغتيال بعض الدروز الوطنيين غير الموالين للنظام، واتَّهموا المتشددين الإسلاميين بقتلهم، (ومثال ذلك اغتيال الشيخ الدرزي غسان صالح زيدان في بلدة حَضَرَ)، وحينذاك استنفرَ النظامُ أبواقَهُ لزرعِ الفِتنة الطائفية بين المسلمين السُّنَّة والدروز، بتشويه الحقائق عَبْرَ وسائل الإعلام مثلما صرَّح به الدرزي اللبناني الموالي للنظام المدعو «وئام وهاب»، والدرزي الإسرائيلي «الشيخ موفق طريف» اللذان أعلنا وُقُوْفَ دروز لبنان وإسرائيل إلى جانب دروز سوريا، ولكنهما فَشِلا إذْ تصدى لهما البطلُ السوريُّ الدرزيُّ قائدُ كتيبةِ ثوار «دروز حَضَر»؛ الثائر: «فرحان صالح زيدان»؛ شقيق الشيخ الدرزي الشهيد، وفنّد دعواهما، وأعلن أنَّ القتلة هم دروز من اللجان الشعبية المسلحة الموالية للنظام الأسدي.

وأصدرت الطائفةُ الدرزية بياناً يُعلنُ براءَةَ الطائفة الدرزية من الشبيحة واللجان الشعبية الدرزية الموالية للنظام. لكن رُموز الطائفة الدرزية المعارضين للنظام يلتزمون الأوامر الأميركية في نهاية المطاف، وذلك واضحٌ من خلال أعمالِهم في الائتلاف؛ والمجلس الوطني، وعلى رأسهم «جبر الشوفي، و«ريما فليحان» و«زياد أبوحمدان» وغيرهم.

3 - دويلة كردستان الغربية: دأب الأكرادُ خلال السنوات الماضية على تضخيم أعدادِهم في سوريا، وحصَلوا على دَعْمٍ أميركي أوروبي مُطلق بالإضافة إلى دعم النظام، والتسلُّق على أكتاف المعارضة بالتعاون مع الإخوان المسلمين الذين تحالفوا معهم سابقاً في «إعلان دمشق»، ثم في «جبهة الخلاص الوطني؛ والتي كنتُ عُضوا في مجلسها الوطني المكون من 21 عضواً»، ثم «المجلس الوطني السوري» الإسطنبولي، الذي ترأسه سابقًا المعارض العلماني «برهان غليون» ثم الكردي «عبد الباسط سيدا»، ثم «جورج صبرة»، ثم تعاونوا مع الكردي الدمشقي «رياض سيف» في مبادرته الباريسية التي أسفرت عن تشكيل «ائتلاف المعارضة الخارجية»، الذي تمخض عن تكليف الكردي «غسان هيتو» بتشكيل وزارة المعارضة سابقاً، ثم فَشِلَ، وانتقلَ التكليف إلى «أحمد الطعمة» الذي أعلن وزارته في اسطنبول بتاريخ: 7 محرم 1435 هـ/ 10/ 11/ 2013م، وذلك بتعاون ثنائي إخونجي- كردي، ورعاية أميركية بإشراف «روبرت فورد» شخصياً، وبِصَمْتٍ مشبوهٍ من بعض الأنظمة العربية المغلوبة على أمرها، وبتعاون النظام من طرفٍ آخر إذْ قامتْ ميليشاتُه المسلحة وشبّيحتُه بتسليمِ صوامع الحبوب، وبعضِ آبار النفطِ والمخافر والحواجز لميليشيات الأكراد في محافظة الحسكة ودير الزور، ومحافظة الرقة، ومحافظة حلب إذ يتواجدُ الأكرادُ العلويون في حي الشيخ مقصود وناحية المعبطلي التابعة لمنطقة عفرين، وقد حصلتْ معارك طاحنةٌ بين الثوار السوريين والأكراد، وشاركتْ بها ميليشياتُ أكراد سوريا، وقواتُ كردستان العراق، وميليشياتُ أكراد تركيا وإيران. 

وجاءت أطروحات عبد الله أوغلان التصالحية مع تركيا لِتُسْفِر عن الاتفاق على مغادرة ميليشيات (حزب العمال الكردستاني PKK) الأراضي التركية إلى شمال العراق، هذا ظاهريًا، أما الحقيقةُ فهي: إنهم غادروا تركيا إلى العراق، ومن هنالك وصلوا إلى منطقة الجزيرة السورية واشتركوا بالمعارك ضد الثوار السوريين؛ بالتواطؤ مع بعض (خَوَنة شيوخِ القبائل العربية) الذين زاروا كردستان العراق، وقبضوا ثَمَنَ خيانتهم سَلفاً، وباعوا دماءَ شهداء القبائل العربية في تلك المنطقة.

ولتمرير هذه المؤامرة فقد تمّ لُجُوءُ المدنيين الأكراد إلى كردستان العراق، وحلّ محلّهم المقاتلون الأكراد العراقيين وأكراد تركيا وإيران، ومعهم بعض المقاتلين الأرمن أيضاً، واستلموا السلاح من جهات خارجية، وقاموا بافتعال معارك محدودة في عين العرب وغيرها مع الثوار المسلمين بدعوى محاربة الإرهاب الإسلامي المتطرف، ثم امتدّتْ جرائمُهم إلى ريف محافظة حلب الشمالي إذْ تعاونوا مع الميليشيات الشيعية في بلدتي «نُبُّل والزهراء» الشيعيتين. وهذا معلوم لجميع الثوار الميدانيين.

وقد حَضَّرَ الأكرادُ كُلَّ ما يلزمُ لدويلتهم، فقد شكَّلوا «مجلس نواب كردستان الغربية»، و«المجلس الوطني الكردي السوري»، وهذا معلوم لكل مَنْ يتابعُ هذه القضية، وقد حاولوا تطبيق النموذج العراقي بالاستيلاء على رئاسة وزارة المعارضة حينما استطاعوا تكليف: «غسان هيتو» ولكنهم فشلوا، وهم يُخطِّطون حالياً إلى الاستيلاء على رئاسة الجمهورية العربية السورية لاحقاً بترشيح الكردي «رياض سيف» الموثوق مِن سدَنة الملف السوري في الخارجية الأميركية، ولاسيما صديقه السفير «روبرت فورد». هذا إذا بقيتْ خريطةُ سوريا المستقبل موحَّدَةً على كامل التراب السوري كما هي عليه اليوم.

وإذا تقسّمتْ سوريا فسوف يتلقى الأكرادُ الدعمَ التام من كردستان العراق والولايات المتحدة وأوروبا، ورُبّما من بعضِ دولِ الجامعة العربية، وفي حال التقسيم سوف تُوْكَلُ إلى الأكراد مُهمَّةُ فَتْحِ الحروب مع دويلةِ حلب لإضعافِها خدمةً لأمْنِ الدُّويلةِ العلوية.

4 - دويلةُ دمشق: وتضمُّ هذه الدويلة العاصمة دمشق وريفَها الغربي حتى قطنا، وجنوباً حتى «الكسوة» فقط ولا تتجاوزها، والغوطة الشرقية والغربية و«القلمون حتى النبك»، وتمتدُّ حتى الحدود الأردنية جنوباً، والعراقية شرقاً؛ بما في ذلك منطقة «المثلث» التي تضُمُّ الْمُهربين وتُجَّار الممنوعات من الدول الثلاث سوريا والأردن والعراق.

وهذه الدُّويلةُ ستتكوّن من المسلمين السُّنَّة والمسيحيين، وقد تكون على النمط اللبناني المصغّر، ولكن برئيس مُسلم سُني (رئيس الائتلاف السابق معاذ الخطيب أو رياض سيف الكردي)، ورئيس وزراء مسيحي مثل (نائب رئيس الائتلاف؛ رئيس المجلس الوطني المعارض جورج صبرة).

5 - دُويلةُ حلب: وتضمُّ ريفَ محافظة حماة الشمالي الشرقي الواقع شرق العاصي، وما يقع من محافظة إدلب إلى الشرق من العاصي أيضًا، وجنوب محافظة الرقة، ومحافظة دير الزور، وتتوزع السلطة فيها دينياًّ: بين المسيحيين والمسلمين السُّنَّة، وقومياًّ: بين العرب والسريان والتركمان، وفي هذا الإطار حَصَلَ تَهجيرُ أعداد غفيرةٍ من «تُركمان الجولان» ومحافظة حمص وحلب إلى تركيا لإعادة توطينهم في دُويلةِ حلب، والتواجُدُ التركماني في محافظة حلب بارزٌ مشهورٌ، وكذلك في شمال محافظة اللاذقية من «رأس البسيط» حتى الحدود التركية؛ حيث «جبل التركمان» الْمُشرْف شَرْقُهُ على شمالِ غربِ مُحافظة إدلب، وهذه المنطقة شِبْهُ مُنفصلةٍ حاليًا عن محافظة اللاذقية، وتحريرُها الكاملُ مُمْكِنٌ إذا تَمَّ تقديمُ السلاح النوعي عَبْرَ الحدود التركية وهذا مُمكن، ولكنَّه لم يَحْصَلْ حتى الآن.

ومِنْ غَيْرِ الْمُستبعَدِ أيضاً أن يثورَ العلويون الذين شكَّلوا ميليشياتهم العسكرية السرية في «ولاية هاطاي» التركية من أجل الثورة مُستقبلاً مما سيُجبرُ تركيا على التصدي لهم عسكرياً؛ وإذا حَصَلَ ذلك فسيؤدّي إلى هجرةٍ علوية عربية من تركيا نحو الساحل السوري، وهذا سَيُفْسِحُ المجالَ لتوطينهم مكان الْمُهجَّرين من المسلمين السُّنَّة في منطقة بانياس وغيرها، وسيؤدي إلى توطين التركمان مكانَهم، ورُبَّما سَيتمكَّنُ التركمانُ من أخْذِ المنطقةِ السورية مِن «رأسِ البسيط» جنوباً حتى الحدود التركية شمالاً؛ إذا توفَّرَ لهم الدَّعْمُ العسكريُّ التركيُّ النوعِيُّ.

ما هو دَوْرُ أصدقاءِ سوريا كأميركا ومَن معها مِن الدول الأوروبية التي تشكِّل حِلْفَ الناتو؟ 

- إنَّ دولَ «حِلْف الناتو الأطلسي» لا تريد انتصارَ الثورة السورية لأن الانتصارَ يعني المحافظةَ على وحدةِ سوريا، وبقاءُ وحدةِ سوريا لا يُلبي طلبات مشروعِ «الفوضى الخلاقة»، ولذلك فقد حالتْ دُولُ الناتو دونَ وُصول ما يحتاجُهُ الثوارُ من الأسلحة النوعية التي تُساعِدُُهم على إسقاط النظام.

وقد ساهَمَتْ دُولُ الناتو وتوابعُها بتشرذُمِ المعارضةِ السورية، وذلك بِمُحاربةِ المعارضين الوطنيين، وتسويقِ معارضين مرتبطين بالمشاريعِ الخارجية، وتسخير وسائل الإعلام لتلمِيْعِهم، مما أعطى انطباعاً سَيئاً عن المعارضة السورية الخارجية التي تَدّعِي الوصايةَ على الثورة دونَ أيِّ تفويضٍ شعبي ثوري، مما أثار حفيظةَ ثوارِ الداخل، وأحدثَ شَرْخاً بين الطرفين، ومِما ساهم بتسخيفِ صورةِ المعارضة الخارجية عَجْزُها عن دعم ثوار الداخل الذين استطاعوا الاستغناءَ عن دعمِ الخارج بما يغتنمونه من أسلحةِ الجيشِ النظامي والشبيحة، بشكلٍ خَلَطَ الأوراقَ، وكان هذا مُفاجئاً لدول الناتو التي فرضتْ حظراً على تزويد الثوار بالأسلحة النوعية لابتزازهم، ولكن حصولَ الثوار على الغنائم أَفْقَدَ حَظْرَ توريدِ السلاح إلى الثوارِ مَفعُوْلَهُ، بَلْ كَشَفَ عورةَ هذه الدول التي تدّعي الصداقة للثورة جهراً، وتُقدّمُ الخدمات الكثيرة لنظامِ شبيحة الأسد سراًّ.

ما هي الطُّرُقُ التي تستخدمُها الدولُ الأجنبية لتنفيذ ما تريده من مخططات تهدف إلى تقسيم سوريا حسب ادعائك؟

- بعدما فشلت خططُ حَظْرِ توريدِ السلاح إلى الثوار، وقَصْرِ توريدِهِ إلى النظام من إيران وروسيا، بَعْدَ فشَلِ الحظرِ؛ تُحاولُ دُولُ الناتو إخضاعَ الثوار السوريين باستخدام خططها المخابراتية البديلة التي تعتمد على تدريب الموالين لها؛ من لصوص وقطاع طرق ومرتزقة، ومن ثّمَّ خَرْطِهِمْ في كتائب عسكرية تدّعي أنها مِن الجيش الحرّ، ولكنها لا تُحاربُ النظامَ بل تعمل لتحقيق مصالح الدول الخارجية الْمُمَوِّلَةِ؛ قَبْلَ وَبَعْدَ إسقاطِ النظام، ولو تطلَّبِ ذلك تنفيذَ عملياتِ اغتيالٍ تطالُ الثوارَ الشرفاءَ، والمعارضين الوطنيين المخلصين، لأن الوطنيين السوريين يُشكِّلون عَائِقاً يُعيقُ تنفيذَ مشروعِ تقسيم سوريا الذي يهدف إلى خدمة الأمن الإسرائيلي.

هل تجد القوى الخارجين معارضين يتقبّلون تنفيذَ الأوامر الأجنبية دون مراعاةٍ لمصلحةِ الوطن والثورة؟

- لقد تَمَّ اختراقُ المعارضة الخارجية، وأصبحت ثلاث مُعارضات:

1 – معارضة وطنية تلتزمُ بمبادئ الثورة وثوابتِها التزاماً تاماًّ مهما كانت النتائجُ، ولا تقبل أوامرَ النظام، أو القوى الأجنبية؛ مهما كانت الضغوطُ المادية والمعنوية، وهؤلاء مَشاريعُ شهادةٍ داخِلَ سوريا وخارجَها. وهؤلاء يتعرضون للتعتيم الإعلامي، وهو حصارٌ مجحفٌ.

2 – معارضة موالية للنظام، وقد زَرَعَتْها المخابراتُ السوريةُ داخل المعارضة الخارجية، وهي لا تعبأُ بمطالب الثوار، وَهَمُّهَا تأمينُ المصالح الفردية للقوى العنصرية، وأصحاب الطائفية السياسية، وهذه القوى مدسوسةٌ في مكونات الائتلافِ المعارض، والمجلس الوطني السوري، والمجلس الوطني الكردي، ومؤتمر معارضة الطائفة العلوية، الذي يقوده: (منذر ماخوس وتوفيق دنيا وعلي ديوب، ووحيد صقر الذي يقدم التقارير اليومية، ورفعت الأسد، وتُضافُ إلى هؤلاء هيئةُ التنسيق مُمثَّلة بهيثم مناع ورجاء الناصر، وقدري جميل، كما يلتقي معهم المنبر الديمقراطي بزعامة «حازم نهار وميشيل كيلو المسيحي، وسمير عيطة، وزكريا السقال».

ومَنْ معهم مِن الموالين، وهؤلاء يؤيدون النظام، ويُعادون الثوار؟

-: معارضة موالية للقوى الدولية الأجنبية كالولايات المتحدة وغيرها، وهؤلاء يتلقَّوْنَ المساعدات المادية والمعنوية من أولياء نِعمتهم، الذين عَيَّنُوهُم في كِياناتِ المعارضة مثل «المجلس الوطني والائتلاف، والأركان العسكرية»، وهؤلاء يجتمعون في الفنادق الراقية، ويدلون بالتصريحات الإعلامية بإيعازٍ خارجيّ، ويُعلنون الالتزامَ بمبادئ الثورة ظاهراً، ثم يتراجعون بمجرد إصدار الأوامر من الجهات الخارجية، وهؤلاء يشبهون «قرضاي الأفغاني»، والدليلُ على ما أقول، «مؤتمر جنيف 2»، فمقررات «جنيف: 1»، لم تتحقّق رغم مرور سنة ونصف، ولذلك رفض ثوار الخنادق مؤتمر «جنيف: 2»، واشترطوا إنجاز مقررات «جنيف: 1»، أولاً. وكرَّرت مُعارضةُ المجلس الوطني والائتلاف ما قاله الثوار، ولكنَّ حُضورَ السفيرِ الأميركي «روبرت فورد» إلى اسطنبول قَلَبَ تصريحاتهم رأساً على عَقْبٍ، وقرروا حُضور «جنيف: 2»، وتجاهلوا مَطالِبَ الثوار، وتصريحاتهم السابقة، واللاءات التي اجتروها في اجتماع وزراء الخارجية العرب مؤخراً في القاهرة، فهذا النوع الثالث من المعارضة لا يَقِلُّ خطراً عن النوع الثاني الموالي للنظام لأن النوعين لا يخدمان الثورة السورية.

وفي النهاية ستلتقي مصالِحُ (المعارضة الخارجية الموالية للخارج) مع مصالح (المعارضة الموالية للنظام) التي تُمثِّلُها هيئةُ التنسيق، والمنبرُ الديمقراطي، والأحزاب الكردية، والمتوقع أنْ يَتَحِدّ جميعُ هؤلاء بإشرافٍ مُخابراتِيٍّ خارجيٍّ ضِدَّ ثوار الداخل، وأنْ يقوموا بِزَرْعِ الفِتنة بين الثوار المدنيين، والجيش الْحُرِّ بعد اغتيالِ بعضِ الضباطِ الشرفاء (ومثال ذلك: محاولة اغتيال العقيد رياض الأسعد، واستقالة العقيد عبد الجبار العقيدي)، لتنفيذ مخطّط تقسيم سوريا قَبْلَ إسقاطِ النظام أو بَعْدَهُ.

************************

تقارير وحوارات: د. محمود السيد الدغيم / جريدة الوطن القطرية 6/12/2013م
     
«الناتو» لا يريد سوريا موحّدة

رابط المقال المنشور في جريدة الوطن

http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?cat=report&d=20131206


رابط بي دي اف ص : 
http://watanepaper.com/data/20131206/pdf/a_alwatan.pdf

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=248464108652288&id=214880202010679&substory_index=0